في شهر أبريل 1966، ابتعث الضابط الشاب معمر القذافي  إلى المملكة المتحدة للمزيد من التدريب، ومكث ما يزيد على تسعة أشهر بما فيها دورة في اللغة الإنجليزية في بيكونزفيلد، باكينجهامشير، ودورة للإتصالات في سلاح الجو الملكي في بوفينجتون كامب، في مقاطعة دورست ودورة تدريب المشاة في هايث، كينت.

كتب مدير الدورة بوفينجتون كامب، تقريراً مشيراً إلى أن القذافي نجح في تعلم اللغة الإنجليزية، وكانت القراءة وكرة القدم هواياته المفضلة، وكان مرحاً دائماً، يعمل بجد، وبضمير، إلا أن القذافي كره فترة مكوثه في إنكلترا، ولم يفقد  هويته العربية في لندن، حيث حرص على ارتداء اللباس الليبي التقليدي أثناء تنقله في شوارع بيكاديللي، وعاد إلى الوطن أكثر ثقة من ذي قبل، وأعطت فترة الدراسة في بريطانيا للشاب معمر القذافي صورة أوضح عن الغرب ، لم تزده إلا تمسكا بهويته العربية الإسلامية الليبية، وإيمانا بقضايا شعبة وأمته.

كان القذافي، قرر  دراسة التاريخ في الجامعة الليبية في بنغازي، لكنه سرعان ما ترك الجامعة لينضم إلى الجيش، وفي سنة 1963 بدأ التدريب في الأكاديمية العسكرية الملكية، في بنغازي، مع العديد من الأصدقاء من عدة مدن ليبية، من الذين شاركوه آراءه السياسية.

كانت القوات المسلحة تمثل الفرصة الجيدة للحراك الاجتماعي الصاعد لليبيين بما فيهم معمر القذافي، وكانت مجالا للتغيير السياسي، ولإمكانية إسقاط النظام الملكي المطلق للملك إدريس.

مع مجموعة من كوادر موالية له، أسس القذافي عام 1964 اللجنة المركزية لحركة الضباط الأحرار، التي سميت بهذا الاسم تَيَمُناً بالمجموعة المصرية التي تأسست في 1949 من قبل الزعيم جمال عبد الناصر، وتكريس أنفسهم لقضية الثورة  التقوا بقيادة القذافي، سراً، وقدموا رواتبهم في صندوق واحد لتمويل الحركة. 

سافر القذافي حول ليبيا قدر إمكانه لجمع المعلومات الإستخبارية وتطوير الاتصالات مع المتعاطفين مع قضيته، وتخرج القذافي في أغسطس 1965، وعين ضابطاً في وحدة الاتصالات في الجيش الليبي.

تمكن الملازم معمر القذافي من الإطاحة بالحكم السنوسي ذي الملكية الدستورية في ليبيا في الأول من سبتمبر  1969 ، وكان حينها في السابعة والعشرين من عمره، وحمل  لقب قائد الثورة وشغل منصب رئيس مجلس قيادة الثورة حتى عام 1977 حين أعلن ليبيا أول جماهيرية في العالم، وقدم نظام الحكم الجماهيري الجديد. كما كان يشغل منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة منذ سنة 1969، وحتى استشهاده في أرض المعركة في مدينة سرت 20 أكتوبر 2011.

كانت حكومة الملك إدريس لا تحظى بشعبية مع أواخر الستينات، بل كان النظام الاتحادي مركزيا في ليبيا للإستفادة من الثروة النفطية في البلاد، ما أدى إلى تفاقم الإنقسامات الإقليمية والقبلية التقليدية.

تزايدت شعبية القومية العربية في البلدان المحيطة بمصر، واندلعت احتجاجات في أعقاب النكسة 1967 في حرب الستة أيام ضد إسرائيل؛ متحالفة مع القوى الغربية، كان ينظر إلى إدارة إدريس أنها موالية للولايات المتحدة الداعمة الأولى لإسرائيل ،   اندلعت أعمال الشغب المناهضة للغرب في طرابلس وبنغازي، في حين عمل العمال الليبييون على إغلاق محطات النفط تضامناً مع مصر.

في منتصف عام 1969، سافر إدريس السنوسي إلى الخارج لقضاء الصيف في تركيا واليونان، ورأى الضباط الأحرار في ذلك فرصتهم لإسقاط النظام الملكي، وقرروا بدء عملية إتخذوا   القدس كلمة سر لها . في 1 سبتمبر، احتلوا المطارات ومستودعات الشرطة، ومحطات الإذاعة والمكاتب الحكومية في طرابلس وبنغازي، وحاصروا القواعد العسكرية الأجنبية. وسيطر القذافي على ثكنة البركة في بنغازي، ومنها سيطر أيضا على الإذاعة، في حين سيطر البقية في طرابلس الثكنات العسكرية والوزارات وغيرها.

تم إرسال الخويلدي الحميدي لاعتقال ولي العهد حسن الرضا المهدي السنوسي الذي تخلى  عن دعواه إلى وراثة العرش. حيث أنه لم يُبد أية مقاومة.

بعد إلغاء النظام الملكي ، أعلن القذافي الجمهورية العربية الليبية مخاطباً الجماهير عن طريق الإذاعة، وقال أن  نظام الرجعية الفاسدة ، إنتهى  ونظراً لطبيعة الحراك  غير الدموي ، وصفت ثورة الفاتح بالثورة البيضاء.