أربعة سياسيين تونسيين فارقوا الحياة اثر سكتة قلبية في ظرف سنة وبعض الأشهر بعد أن لهجت أصواتهم منددة بالفساد ومهددة بكشف المستور ، وفاة رأى الكثيرون ، داخل أسرهم و خارجها إنها مسترابة وقد تخفي اغتيالا مدروسا نفذ بطريقة جديدة، وهو اتهام ظل معلقا ولم يستطع أحد تأكيده .أول الراحلين الأستاذ عبد الفتاح عمر ، فقيه القانون الدستوري ورئيس لجنة تقصي الحقائق حول الفساد و الرشوة ، التي تكونت ابان الثورة ،لكشف ملفات الفساد في كل القطاعات ومحاسبة المتجاوزين في النظام السابق.

الأستاذ عمر وفريقه قدموا عملا كبيرا وفتحوا ملفات خطيرة وكشفوا عصابات تبييض الأموال والاتجار في الممنوعات وبارونات الفساد من أقرباء الرئيس السابق وأيضا التجاوزات في الإدارة ، وهي ملفات أحيلت على القضاء وكانت منطلقا لمحاسبة الفاسدين والمرتشين ، ويكفي أن نذكر أن عائلة الرئيس السابق ووزرائه تعلقت بهم أكثر من 600 قضية كان منطلق أغلبها من تقرير لجنة تقصي الحقائق .وقبل أن ينهي الأستاذ عمر البحث في كل الملفات و التدقيق فيها وفضح ناهبي أموال الشعب التونسي كان الموت في انتظاره صباح 31 ديسمبر 2012 بسكتة قلبية فجئية ،استغرب لها كل من يعرف الرجل ، الذي عاش بعيدا عن التشنج ، وكان هادئا ورياضيا بعيدا عن استهلاك السجائر و الكحول ....وطالب الكثيرون من أصدقائه وزملائه بفتح تحقيق في وفاته بعد أن شككوا في أن تكون طبيعية لكن لا شيء من ذلك تحقق ودفن الرجل و معه السر.

ولم تمض غير أيام قليلة حتى نعى السياسيون رجلا " مشاكسا" و معارضا شديدا لا يتأخر في التعبير عن رأيه بكل حرية ، وهو طارق المكي ، الذي عرف بنقده الشديد للرئيس بن علي و نظام حكمه ، ونشر فيديوهات على الفايسبوك بصفة دورية حركت التونسيين وهيأتهم لإعلان الثورة ، قبل أن يعود الى تونس ليؤسس حزب الجمهورية الثانية ويواصل نقده لحكومة الترويكا ويتنبأ بفشلهم وبسقوطهم في أزمة .طارق المكي وجد صباح أول أيام سنة 2013 ميتا في مسكنه بمدينة الحمامات وليؤكد طبيبه انه فارق الحياة نتيجة سكتة قلبية .

 ولم تمض غير أربعة أشهر حتى ترجل فارس آخر من فرسان الكلمة الحرة وسكت قلب المحامي فوزي بن مراد ، رئيس لجنة الدفاع عن الشهيد شكري بلعيد ،يوم6 أفريل 2013 ، أياما بعد تهديده بكشف من يقف وراء مقتل الشهيد ، ومن خطط وحرّض على ذلك ، وهو ما آثار ضجة واتهامات رغم أن الرجل كان يعاني من مرض القلب وعرف بتشنجه الدائم وتدخينه بشراهة .

آخر الذين سكتت قلوبهم وتم دفنه اليوم ، أمين عام حزب الخيار الثالث ، النائب محمد العلوش ، الذي عرف بدفاعه الشرس عن حقوق المضطهدين و الفقراء وقضى أكثر من ثلاثة عقود في النضال الحقوقي والسياسي والنقابي و رفض الاستبداد و الديكتاتورية.مات العروش ليلة الإمضاء على الدستور بعد صراعات انتهت بتوافق عسير، وتم مواراته الثرى قبل ختمه ، رغم مساهمته في حصول التوافق ومنع عودة الديكتاتورية .