أقرّ رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، أمس الثلاثاء، بوجود قوات من إريتريا المجاورة في منطقة تيغراي التي تشهد نزاعا بين القوات الحكومية وجبهة تحرير شعب تيغراي، مشيرا إلى احتمال تورّطها في انتهاكات بحق المدنيين.

وجاء ذلك بعد شهور من إنكار أديس أبابا وأسمرة الأمر، واتهام مجموعات حقوقية وسكان للجنود الإريتريين بارتكاب مجازر في تيغراي.

وأرسل آبي قوات إلى منطقة تيغراي (شمال) في الرابع من نوفمبر، بعدما اتهم جبهة تحرير شعب تيغراي، التي كانت الحزب الحاكم المهيمن في المنطقة، باستهداف معسكرات للجيش، وأدت الحملة العسكرية الى الإطاحة بالجبهة، فيما اندلع نزاع واسع النطاق شهد ارتكاب فظائع بحق المدنيين.

وفي خطاب أمام البرلمان تناول مسائل عديدة، قال آبي: "الشعب الإريتري والحكومة قدّما خدمة دائمة لجنودنا" خلال النزاع، دون أن يفصح عن تفاصيل إضافية.

وأضاف: "لكن بعدما عبر الجيش الإريتري الحدود ونفّذ عمليات في إثيوبيا، فإن أي أضرار تسبب بها لشعبنا غير مقبولة"، موضحا أنه ناقش التقارير حول الانتهاكات مع الحكومة الإريترية مرّات عدة.

وتابع: "لا نقبل بذلك لأنه تم على أيدي الجيش الإريتري، وما كنا لنقبل به لو كان جنودنا من قاموا به، كانت الحملة العسكرية ضد أعدائنا الذين استهدفوا بوضوح، لا ضد الشعب، ناقشنا الأمر أربع أو خمس مرات مع الحكومة الإريترية".

وذكر آبي أن الحكومة الإريترية تقول إن جنودها سيطروا على خنادق حدودية تمّ حفرها خلال حرب 1998- 2000 الحدودية بين البلدين، بعدما تركها الجنود الإثيوبيون.

وأضاف: "قالت لنا إريتريا إنها مسائل أمن قومي، وسيطرت نتيجة ذلك على مناطق عند الحدود"، لكنها تعهّدت بالمغادرة حال عودة الجنود الإثيوبيين إلى الخنادق.

وأوضح أن إريتريا شددت على أن جبهة تحرير شعب تيغراي دفعت قوات أسمرة للتدخل عبر "إطلاق صواريخ" عبر الحدود، وتابع: "دانت الحكومة الإريترية بشدة الانتهاكات المفترضة، وقالت إنها ستتخّذ إجراءات بحق أي من جنودها" في حال تبيّن تورطهم.

وكشفت منظمة العفو الدولية عن أن القوات الإريترية قتلت المئات في بلدة أكسوم، في حين تحدثت "فرانس برس" إلى سكان قرية دانغولات، حيث أحصت الكنيسة مقتل 164 شخصا، فرووا عن مجازر واعتداءات جنسية مروعة قامت بها القوات الحكومية الإثيوبية والقوات الإريترية، حسب قولهم.

واتهم آبي، في خطابه، منظمة العفو والأمم المتحدة وهيئات أخرى بأنها "جزء من عائلة جبهة تحرير شعب تيغراي"، مقرا مع ذلك بحصول انتهاكات.

وقال: "الحرب مدمرة وتؤذي كثيرا، لا شك في ذلك، هناك أضرار حدثت في منطقة تيغراي، وبصرف النظر عن الدعاية والأكاذيب تشير المعلومات إلى حصول اغتصاب لنساء ونهب للممتلكات".

واستقلت إريتريا، التي تعد إحدى أكثر دول العالم قمعا وانغلاقا، عن إثيوبيا عام 1993، لكن العلاقات سرعان ما تدهورت بين البلدين بسبب نزاعات إقليمية واقتصادية.

وبعد خمس سنوات، اندلعت حرب دامية بينهما خلفت 80 ألف قتيل، وانتهت الى توقيع اتفاق سلام عام 2000، لكن الجمود الدبلوماسي استمر، ولا تزال إريتريا العدو اللدود لجبهة تحرير شعب تيغراي، الحزب الذي سيطر على السياسة الإثيوبية لثلاثة عقود قبل أن يتم تهميشه بعد وصول آبي الى السلطة في أبريل 2018.

وأدى تعيين آبي في منصب رئيس الوزراء إلى تحوّل مذهل في العلاقات بين أديس أبابا وأسمرة اللتين أعلنتا انتهاء حالة الحرب بينهما بحلول يوليو، ولاحقا، أعيد فتح السفارات بين البلدين واستؤنفت حركة الطيران والاتصالات الهاتفية للمرة الأولى منذ عقود.

وأسهم هذا التقارب في حصول آبي على جائزة نوبل للسلام عام 2019، لكن لم يحصل أي تقدم يذكر في حل القضايا الحدودية، بينما تبددت الآمال في أن يشجع الاتفاق إريتريا على الانفتاح.

من جهة أخرى، استبعد آبي اندلاع نزاع وشيك مع السودان، حيث يتصاعد التوتر بشأن منطقة حدودية متنازع عليها، قائلا إن بلاده استخلصت الدروس من حربها مع إريتريا.

وأضاف: "السودان حاليا ليس في وضع يسمح له بمحاربة بلد مجاور، ولديه الكثير من المشاكل، إثيوبيا أيضا لديها الكثير من المشاكل، ولسنا بحاجة إلى الحرب، من الأفضل تسوية الأمور بطريقة سلمية".

ويتنازع البلدان على منطقة الفشقة الزراعية الخصبة التي يدعي كلاهما السيادة عليها، وأعلنت الحكومة السودانية، الثلاثاء، موافقتها على مبادرة من الإمارات العربية المتحدة للتوسط بينها وبين إثيوبيا لحل خلافاتهما الحدودية ومشكلة سد النهضة الإثيوبي المثير للجدل.