في مثل هذا اليوم 6 مارس من العام 2014، أعلنت السلطات الليبية بطرابلس عن تسلمها الساعدي القذافي، نجل الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، من النيجر .

وقالت إن الساعدي "قد وصل إلى ليبيا"، مشيرة إلى أنه "موجود لدى الشرطة القضائية الليبية وسيصدر بيان من الحكومة بالخصوص في وقت لاحق

وأصدرت الحكومة اللّيبية المؤقتة، في اليوم ذاته، بيانا رسميّا بشأن استلام الساعدي القذافي أكّدت فيه أنّه موجود لدى الشرطة القضائية، وأنّها “ستلتزم بمعاملة المتّهم وفق أسس العدالة والمعايير الدولية في التعامل مع السجناء”.

وقد أودعت السلطات الليبيّة، الساعدي، سجن الهضبة في العاصمة طرابلس، إلى جانب كبار المسؤولين والقياديّين السابقين، تمهيدا للتحقيق معه ومحاكمته بعد أن أُخضع فور وصوله إلى فحص طبيّ شامل.

وعرف سجن الهضبة آنذاك بوقوعه تحت سيطرة ميلشيات الجماعة المقاتلة، وتحت إدارة الإرهابي خالد الشريف، الذي مارس كل أشكال التعذيب ضد الأسرى والموقوفين. 

واتهمت السلطات الليبية الساعدي “بالاستيلاء على أملاك بالقوة حين كان يدير جامعة كرة القدم الليبية”. وقد أصدرت “الإنتربول” بحقه “مذكرة حمراء” لتطلب من أعضائها الـ 188 إيقافه.وأكّد رئيس قسم التحقيقات بمكتب النائب العام الليبي، الصديق الصور، “أنّ الساعدي القذافي متهم في عدة قضايا تصل عقوبة بعضها إلى الإعدام، موضّحا أنّه يعتبر من أبرز المطلوبين للعدالة، باعتباره متّهما بالتورط في قمع ثورة 17 فبراير، والعمل على زعزعة الأمن من والاستقرار في ليبيا، إلى جانب قيامه بقتل اللاعب الليبي المشهور بشير الغرياني”.وفق زعمه.

وقالت حكومة رئيس الوزراء علي زيدان في بيان ”تسلمت الحكومة الليبية اليوم الساعدي القذافي ووصل إلى طرابلس“. وشكرت الحكومة النيجر على تعاونها في هذه القضية، وإن الساعدي (40 عاما) سيعامل طبقا للقانون الدولي.

وفي غضون ساعة من أنباء وصوله نشرت ميليشيا تدعى"غرفة عمليات ثوار ليبيا" التي أسسها الإرهابي أبوعبيدة الزاوي بدعم من رئيس المؤتمر الوطني العام السابق نوري بوسهمين، صورا للساعدي بملابس السجن الزرقاء وقد بدا عليه التوتر وهو يجثو على ركبتيه بينما يقوم حارس بقص شعر رأسه ولحيته بماكينة كهربائية.

وقالت وكالة الأنباء الليبية الرسمية إن الساعدي يخضع لتحقيقات في جرائم تتعلق بقمع الانتفاضة التي استمرت ثمانية أشهر ضد والده.

وقالت مصادر في النيجر إن الساعدي اقتيد إلى مطار نيامي في وقت متأخر مع آخرين يعيشون في المنفى، حيث نقلوا الى طائرة ليبية يرافقهم عدد من رجال الأمن.

ورفضت النيجر على مدى شهور مطالب ليبيا بتسليم الساعدي، وقالت إنه قد يقتل، لكن متحدثا باسم الحكومة قال إن نيامي غيرت موقفها بعد معاملة المسؤول الكبير السابق في المخابرات الليبية عبد الله منصور بشكل لائق إثر تسليمه  قبل شهر

وقالت مصادر مطلعة من طرابلس أن حكومة النيجر قبضت 200 مليون دولار لتسليم الساعدي بعد إتهامه بالإعداد لتحرك عسكري وشعبي ضد السلطات الجديدة في البلاد 

لكن وزير العدل النيجري  أمادو مارو قال في مؤتمر صحفي ”سلمنا الساعدي لتعزيز التفاهم بين بلدينا وهما بلدان صديقان وشقيقان.“

وأضاف أن الساعدي وليبيين آخرين انتهكوا شروط إقامتهم بالمنفى التي تنص على عدم تدخلهم في الشؤون الليبية.

وقال المحلل السياسي خالد الترجمان، إن ليبيا أقنعت النيجر بأن وجود الساعدي يمنح دعما للموالين للقذافي في جنوب ليبيا المضطرب والذين تتهمهم طرابلس بإثارة اشتباكات في مدينة سبها في يناير 2014 

وأضاف الترجمان، أن حكومة النيجر أدركت أن وجود الساعدي هو المصدر الرئيسي للتوترات في جنوب ليبيا وهو ما يؤثر أيضا على سيادة النيجر.

والساعدي، هو النّجل الثالث للعقيد معمر القذافي، خرج في شهر سبتمبر سنة 2011 إلى النيجر التي منحته سلطاتها حق اللجوء السياسيّ لأسباب إنسانية، وذلك قبل شهر على مقتل أبيه وسقوط النظام.

وفي أبريل 2018 برأت محكمة الاستئناف في طرابلس الساعدي القذافي من تهمة قتل مدرب كرة قدم عام 2005.

وقال مصدر قضائي إن "الغرفة الجنائية في محكمة الاستئناف في طرابلس أصدرت قرارها بتبرئة الساعدي معمر القذافي المتهم بالقتل العمد للمدرب بشير الغرياني  والمساس بالشرف".

ورغم تبرئته إلا أنه لم يطلق سراحه وبقي محتجزا في السجن ، وفي أغسطس 2019 قالت أسرة  الزعيم الرحل معمر القذافي  في بيان  إنها «بصدد تحريك الدعاوى ضد من تورطوا في احتجاز الساعدي وتعذيبه لعدة سنوات ظلماً، على الرغم من صدور حكم سابق ببراءته من جميع التهم المنسوبة إليه». لافتة إلى أنه «تعرض للحرمان من تلقي العلاج اللازم، من قبل محتجزيه تعسفاً، ودون أي سند قانوني، وهو ما يعرض حياته وسلامته الصحية لخطر محدق، في ظل صمت جميع الجهات القضائية والتنفيذية المعنية بتنفيذ الأحكام وقرارات الإفراج». 

وناشدت أسرة القذافي المجتمع الدولي بهيئاته كافة، وكل المعنيين بحقوق الإنسان في العالم أن يتحملوا مسؤوليتهم القانونية والأخلاقية والأدبية فيما يتعرض له الساعدي القذافي، من ظلم وتعذيب بغير ذنب أو جريمة، على يد بعض من فقدوا ضمائرهم على مرأى ومسمع من العالم كله.