كان ابنها الوحيد وعاد بعد اختفاء قسري طويل، جثة هامدة.
الحاجة عويشة الورشفاني تبكي بحرقة وهي تتذكره: "اعتقلوه عامين ونصفا من طرابلس، ونقلوه إلى مصراتة. لم نترك باباً إلا طرقناه بدون جدوى. بعت كل مصاغي وصرفته على محامين وأفراد ميليشيات وعدوني بالمساعدة. بعد عامين، سمحوا لي بزيارة واحدة بعد أن قبلت الأيادي وتوسلت وبكيت. وجدته فاقداً للبصر، تشوهت ملامحه من كثرة التعذيب. آه يا ولدي".

بعد ذلك بخمسة أشهر، وصل ابنها للبيت جثة هامدة. اعتقلوه عامين بدون محاكمة أو قضية. تقول أمه إن تهمته الوحيدة أنه "ورشفاني وابن ضابط سابق في الجيش، مات قبل عشر سنوات".

بعد استيلاء الميليشيات على مقدرات الدولة المفككة، انتشرت في ليبيا سجون ومعتقلات سرية بشكل كبير، إذ لا يكاد يخلو بيت، لم يُختطف منه أحد الأفراد على الاقل. وبالرغم من غياب إحصائيات بسبب وضع البلاد، إلا أن الواقع المعاش يعلن عن ظاهرة متنامية.

الداخل مفقود والخارج مولود

السيد عبادي من سكان منطقة السوالم بسوق الجمعة، يحكي أن ميليشيا الردع، كتيبة النواصي التابع للشهير باسم الشيخ كارة، اعتقلت أخاه الأصغر. بعثت عائلة عبادي مجموعة من المشايخ والأعيان للتوسط للإفراج عن الأخ الأصغر، فوافقت الميليشيا مقابل مبلغ قدره عشرة آلاف دينار ليبي. يقول عبادي: "حين أفرج عنه، كان في حالة يرثى لها، فقد تم تعذيبه بشكل وحشي جدّاً".

زوجي معتقل وأنا عاجزة

رفضت ذكر اسمها خوفاً على نفسها و أطفالها. قالت: "كان زوجي يملك سوبرماركت في أحد أحياء منطقة أبو سليم. اعتقلته ميليشيا عبد الغني الككلي، الشهير بغنيوة، قبل سبعة أشهر. لم يُسمح لنا بزيارته إلا بعد ثلاثة أشهر مقابل مبلغ مالي قدره ألفا دينار ليبي. كان قد تعرض لضرب مبرح وعلى جسده وأطرافه آثار حرق بالسجائر. طلبت الميليشيا مبلغ ثلاثين ألف دينار مقابل الإفراج عنه، ولكننا لا نملك هذا المبلغ، وقد جمعت لحد الآن ثلثه بمساعدة الأهل والأقارب".

*نقلا عن هنا صوتك