يربط طرف الحبل في السرير، ثم يلف طرفه الآخر حول عنقه، ويقفز من النافذة.. بهذه الطريقة البشعة وضع "أشرف صابر صليب" من مدينة العاشر من رمضان بمحافظة الشرقية "بدلتا النيل، شمالا"، أمس، نهاية لحياته، بعد مروره بضائقة مادية.

حالة أشرف، العامل بإحدى شركات الأجهزة الكهربائية، والتي أثارت الاهتمام لبشاعة الأسلوب المستخدم في الانتحار، كانت ثالث حالة انتحار تشهدها مصر خلال 10 أيام، لتثير مخاوف من موجة جديدة للظاهرة على غرار الموجة التي حدثت في شهر سبتمبر / أيلول من العام الماضي.

وبحسب رصد قامت به وكالة الأناضول، شهدت مصر خلال شهر سبتمبر / أيلول الماضي، 11 حالة انتحار " بينهم 3 سيدات وطفلة"؛ لأسباب متعلقة بالأوضاع المعيشية وأسباب اجتماعية أخرى، غير أن الحالات الثلاث التي وقعت خلال العشرة أيام الماضية، كان إحداها لأسباب سياسية.

أولى الحالات كانت الناشطة السياسية زينب المهدي، التي انتحرت داخل منزل أسرتها بمنطقة روض الفرج بالقاهرة يوم 13 نوفمبر / تشرين الثاني الجاري، بعد أن لفت رقبتها بحبل علقته في مروحة السقف، وقالت في رسالة تركتها أن انتحارها "يرجع إلى أحوال البلد السياسية الميؤوس منها".

وفي الـ20 من نفس الشهر، كانت ثاني الحالات هي انتحار أمين الشرطة سعيد سيد سعيد "32 سنة" بإطلاق النار على نفسه بسبب خلافات أسرية على الميراث، وبعده بيوم جاءت ثالث الحالات وهي انتحار العامل بمدينة العاشر من رمضان.

وأثارت الحالات الثلاثة شعورا بالقلق لدى شباب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أبدوا تخوفهم من تزايد الحالات أسوة بشهر سبتمبر/ أيلول الماضي.

وتتداول الشباب مقطع لأغنية رامي محمد، وهو أحد المنشدين المعارضين للسلطات الحالية، وتدعو الشباب لـ"عدم الانتحار".

ويقول مطلع الأغنية: "يا مغلق الأبواب مهلا وانتظر.. وامدد يديك إلى السحابة.. واعتصر أملاً وعش لا تنتحر.. فالكون لن يأسى عليك .. أتظن من غرس الظلام بناظريك.. سيحن من أسف إليك .. وعند قبرك يعتذر؟" .

وقال محمد جمال "25 عاما"، وهو أحد من قاموا بوضع الأغنية على صفحته الشخصية: "الاحباط بسبب المناخ السياسي السائد في المجتمع هو السبب في حالات الانتحار".

وأبدى جمال مخاوفه من تكرار موجه سبتمبر، قائلا: "كفاية من انتحر في سبتمبر، اضبطوا أعصابكم يا شباب.. إحنا كده هنخلص (سننتهي)".

واهتم وائل أبو الخير "24 عاما" بالمقارنة مع الحالات التي انتحرت في شهر سبتمبر، وقال: "في حاجة غلط ( هناك شيء خطأ ).. ربنا يستر ولا نقرأ عن حالات جديدة وكثيره كما حدث في سبتمبر".

ورغم هذه المخاوف لا يشعر عادل يونس، أخصائي الطب النفسي بالخطر، رافضا استخدام كلمة "الموجة" لوصف ما حدث في سبتمبر، والتعبير عن المخاوف مما حدث في نوفمبر.

وقال يونس: "11 حالة في سبتمبر و3 حالات في نوفمبر، هذه معدلات طبيعية، لكن الاهتمام بها يرجع لكوننا منتبهين لرصدها".

ولفت إلى أن كل الدول العالم تشهد حالات انتحار، وأن نسبة 10 % من حالات الاكتئاب يكون مصيرها النهائي الانتحار.

ورفض يونس الربط بين الانتحار والمناخ السياسي، مشيرا إلى أن الاكتئاب "شعور شخصي، وليس له علاقة بالمناخ السياسي السائد".

وأضاف: "حالة الناشطة السياسية (زينب المهدي) التي انتحرت خير دليل على ذلك، فهي أقدمت على ذلك، لأنها منخرطه في النشاط السياسي ومهتمة به، وهو ما لا ينطبق على عموم المصريين".

وتتوافق رؤية يونس مع ما ذهبت إليه منظمة الصحة العالمية في تقرير لها عن معدلات الانتحار التقديرية في إقليم شرق المتوسط"، والتي قالت إنها "أقل بكثير من الأقاليم الأخرى".

وأشارت في تقريرها، الصادر في 4 سبتمبر / أيلول الماضي ، إلى أن أكثر من 800 ألف شخص يقضون كل عام منتحرين، ما يعني أن حالة انتحار واحدة تقع كل 40 ثانية تقريبا.