حقق الصومال الذي لم يعرف سلامًا منذ عام 1991، تقدما ملموسا على الصعيدين العسكري والاقتصادي في 2014، في الوقت الذي تراجعت قوى حركة "الشباب المجاهدين" المسلحة، في العام ذاته.

وكان الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، قد تعهد بأن يشهد عام 2014 نهاية حركة "الشباب"، معلنا عن خطة حكومية جديدة تهدف للقضاء نهائيا على الجماعة المتمردة المرتبطة بتنظيم القاعدة، وتقاتل الحكومات المتعاقبة منذ سنوات.

وقوبل هذا الإعلان بتشاؤم كبير، حيث ألقيت المهمة بشكل مباشر على عاتق جيش وطني سيء التدريب، وبعثة اتحاد أفريقي (أميصوم) تفتقر للتمويل.

غير أن شهر يناير/ كانون الثاني، شهد تعزيزا قويا للبعثة، عندما انضمت إثيوبيا رسميا إلى قوة حفظ السلام الأفريقية، فزاد عدد جنودها من 17731 إلى أكثر من 22 ألفا.

واعتبر انضمام إثيوبيا، مؤشرا على بداية لهجوم عسكري، يهدف إلى القضاء على حركة "الشباب".

ونجح الجيش الوطني الصومالي بمساعدة القوات الإثيوبية في طرد مسلحي الحركة من معظم معاقلهم في إقليم شبيلي السفلى جنوبي البلاد، واستعاد السيطرة على أكثر من 12 مدينة في الفترة بين شهري فبراير/ شباط، ومايو/ آيار.

وفي وقت لاحق، تمكنت قوات حفظ السلام الإثيوبية والجيبوتية، بمساعدة الجيش الصومالي ومسلحين محليين، من السيطرة على معظم المدن في إقليم هيران، (وسط)، وجوبالاند، (جنوب غرب).

وفي شهر أغسطس/ آب، شنت القوات الصومالية والأفريقية هجومًا كبيرًا ضد بلدة "براوي" الساحلية، المعقل الرئيسي لحركة "الشباب".

ثم استعادت القوات الأوغندية والصومالية، تحت دعم وغطاء جوي كيني، أكثر من 8 مدن من براثن مسلحي الجماعة.

وشنت كينيا 5 غارات جوية على الأقل في عام 2014، أشارت تقارير إلى أنها قتلت أكثر من 350 من عناصر الحركة.

وبحلول 3 أكتوبر/ تشرين الأول، سقطت مدينة براوي -وهي مدينة وميناء سواحيلية عربية كانت تمثل مصدر الدخل الرئيسي لحركة الشباب- في يد قوات التحالف الأفريقي.

وشكل مقتل زعيم حركة "الشباب" أحمد غودان في هجوم طائرة أمريكية بدون طيار في إقليم شبيلي السفلى الحدث الأبرز خلال عام 2014.

لكن على الرغم من هذه الضربات المتتالية، واصلت حركة "الشباب" شن هجمات جريئة.

في فبراير/ شباط الماضي، تمكن 10 مسلحين من اقتحام مقر إقامة الرئيس المحصن في العاصمة مقديشو، ما أسفر عن مقتل 5 من أفراد حرس الرئاسة، وقتل 9 من المهاجمين.

واغتالت حركة "الشباب" نائبي البرلمان إسحق محمد، عبدالعزيز إسحاق في أبريل/ نيسان الماضي.

وفي 24 مايو/ آيار الماضي، هاجم مسلحون من الحركة مبنى البرلمان في مقديشو، أثناء انعقاد أحد الجلسات، حيث قتل جميع المهاجمين بعد تبادل لإطلاق النار استمر خمس ساعات، في حين أصيب العديد من النواب بجروح طفيفة.

ومجددا تعرض مقر الرئاسة للهجوم في يوليو/ تموز الماضي.

وانتهت العام بشن مسلحي حركة "الشباب المجاهدين" هجوم في ليلة الكريسماس 25 ديسمبر/ كانون الأول على أكبر على قاعدة حلني (أكبر قاعدة عسكرية للقوات الأفريقية في الصومال)، ما أدى إلى مقتل 5 من القوات الأفريقية وعامل مدني و8 من المهاجمين.

وكانت حركة "الشباب"، قالت إن الهجوم الذين شنته على القاعدة الأفريقية، جاء انتقاما لمقتل زعيم الحركة أحمد غوداني، الذي قتل في غارة أمريكية في سبتبمر/ أيلول الماضي.

وواصلت العمليات العسكرية تحقيق مكاسب، وتغيرت الأمور أيضا على الأرض.

وشهد العام عودة عدد كبير من صوماليي الشتات إلى البلاد بعد عقود في الخارج، ومن المتوقع أن يكون لهذا تأثير كبير على نمو العاصمة مقديشو.

والآونة الأخيرة، شهد قطاع البناء طفرة وشيدت المزيد من المباني التجارية والسكنية التي تظهر في أفق مقديشو.

وتغير وجه البلاد بشكل كامل، حيث انتشرت الشواطئ الرملية، ومباريات كرة القدم، والمصارف الجديدة وأجهزة الصراف الآلي، والمطاعم الراقية والحياة الليلية النابضة بالحياة على نحو متزايد.

ومن المنتظر أن يعزز قطاع الصحة بقوة افتتاح المستشفى التركي، الذي سيكون أحد أكبر المرافق الطبية في شرق أفريقيا.

وستواصل تركيا، بحسب تصريحات مسؤوليها، لعب دور كبير في تنمية البلد الذي مزقته الحرب، حيث تخطط لإعادة تجديد مطار آدم عدي (مقديشو) الدولي، وميناء مقديشو حتى ترقى إلى المعايير الدولية.

ومهد استعادة إقليم شبيلي السفلي، الذي يعتمد على الزراعة أيضا الطريق لزراعة الموز، ليس فقط للاستهلاك المحلي، ولكن للتصدير أيضا.

وعلى الرغم من المكاسب العسكرية والاقتصادية لهذا العام، لا تزال الصومال تتعافى من آثار التوترات والخلافات السياسية، بين رئيس الوزراء عبد الولي شيخ أحمد، والرئيس محمود.

وفي منتصف الشهر الجاري، عين الرئيس الصومالي، سفيره لدى الولايات المتحدة، عمر عبد الرشيد علي شرماركي، (54 عاماً) رئيساً للوزراء، خلفاً لعبد الولي شيخ محمد الذي فقد ثقة البرلمان بعد الخلاف مع رئيس البلاد.