في الوقت الذي قالت فيه مؤسسات دولية أن بوادر تعافي السودان من أزمته الإقتصادية بدأت تظهر، إلا أن المؤشرات تعكس أن البلاد لا تزال تعاني من آثار الإنقسام الذي أفقدها نحو نصف إيراداتها.

وبعد انفصال جنوب السودان، فقد السودان 46% من ايرادات الخزينة العامة و80% من عائدات النقد الأجنبي، ما أثر على سعر صرف العملة المحلية، وزادت الفجوة بين سعر الصرف الرسمي للدولار الذي يحدده البنك المركزي عند 5.7 جنيه، والسوق الموازي الذي وصل فيه السعر في بعض الأوقات إلى 9.6 جنيه، ويلجأ لهذا السوق كل من يحتاج إلى العملة الأجنبية في البلاد.

وفي مارس/ آذار 2014، توصل السودان إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، يراقب بموجبه موظفو الصندوق الاقتصاد السوداني في الفترة ما بين يناير/ كانون ثان إلى ديسمبر/ كانون أول 2014، لا يتضمن تقديم المساعدة المالية أو التأييد من قبل المجلس التنفيذي للصندوق.

وقال صندوق النقد الدولي في تقرير حديث له أن الإقتصاد السوداني بدأ لتوه التعافي من صدمة انفصال جنوب السودان قبل ثلاث سنوات، دون أن يعكس التقرير الذي أصدره اليوم الأربعاء أي بوادر لهذا التعافي.

وواجهت مؤشرات الاقتصاد السوداني الكلي صعوبات تمثلت في الضعف الهيكلي الذي تمثل في تزايد عبء الديون، والعقوبات الخارجية واضطراب الأجواء السياسية المحلية والإقليمية، مما أثر بالسلب على أجواء الثقة والاستثمار.

تظهر بيانات صندوق النقد الدولي معدل النمو خلال 2014، الذي من المتوقع أن يتراجع إلى 3.1% مقارنة بمعدل نمو عام 2013 البالغ 3.3%، كما سيتراجع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي النفطي من 15.6% خلال العام الماضي إلى 6.3% خلال العام الجاري.

وأدى تخفيض الدعم على المحروقات في السودان في سبتمبر/ أيلول 2013، إلى ارتفاع الأسعار بأكثر من 60 %، ما أدى إلى اندلاع احتجاجات واسعة النطاق في أنحاء متفرقة من البلاد، أودت بحياة نحو 200 متظاهر، حسب منظمة العفو الدولية.

ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يرتفع معدل التضخم خلال العام الجاري بنسبة 38.4% مقارنة بمعدله العام الماضي البالغ 37.1%.

واقترب معدل التضخم في السودان من 50 % في بعض الفترات العام الماضي، وتراجع عند 25.6 % في الشهر الماضي مقابل نحو 28.2% في الشهر السابق عليه.

وتتوقع الحكومة السودانية معدل نمو بنسبة 3.6% وتراجع معدل التضخم إلى نحو 25.9% في 2015. ويعتزم السودان حفر نحو 250 بئرا العام المقبل، بهدف تعزيز احتياطات البلاد من الطاقة، بواقع 65.4 مليون برميل من النفط، و300 مليار قدم مكعبة من الغاز. ويأمل السودان أن يؤدي حفر الآبار الاستكشافية في العام المقبل إلى جذب استثمارات أجنبية، والمساهمة في تخفيف عبء ديون البلاد.

وأعلن السودان أنه ينوي إتاحة فرص استثمار للأجانب لاستخراج الغاز الطبيعي فضلا عن استيراده لدعم الصناعة وتوليد الكهرباء.

ويستهدف السودان تقليص العجز في الموازنة إلى 1.2 % من الناتج المحلي الإجمالي العام الجاري، مستفيدا من تراجع أسعار النفط العالمية بأكثر من 40 % منذ يونيو/ حزيران الماضي، وهو تقريبا نفس المستوى الذي يتوقعه صندوق النقد الدولي مقارنة بـ 2.3% عجزا في موازنة العام الماضي.

وهبط خام برنت لأدنى مستوياته منذ مايو/ أيار 2009 ليخسر نحو 50% من قيمته منذ أواخر يونيو/ حزيران الماضي، بسبب تزايد الانتاج في الولايات المتحدة وضعف النمو الاقتصادي وقرار أعضاء أوبك الشهر الماضي بعدم خفض الانتاج.

ووفقا لبيانات البنك الدولي، بلغ عدد سكان السودان 38.76 مليون نسمة في عام 2014 و بلغ الناتج المحلي الإجمالي 66.57 مليار دولار في عام 2013.