قضت إحدى الدوائر الجناحية بمحكمة الاستئناف بتونس بإقرار الحكم الابتدائي القاضي بسجن عراف مدة 18شهرا من اجل التحيل حيث ادعى قدرات فائقة على ازالة السحر واقنع حريفته بذلك غير ان وصفاته تسببت لها في حالة تسمم كادت تودي بحياتها. 

تفاصيل هذه القضية كان منطلقها شهر أغسطس  2013عندما تقدمت امرأة الى السلط الامنية بشكاية افادت ضمنها انها توجهت الى عراف من اجل علاج مرض نفسي ألمّ بها استعصى على الاطباء علاجها منه وبعد أن أعلمتها احدى صديقاتها ان حالتها قد تكون وليدة السحر خاصة أنّ الاشعة الدقيقة والتخطيط على الرأس أثبتا انها لا تعاني من علة واضحة.

وبحكم رغبتها في التخلص من ألمها لم تمانع وتوجهت الى منزل العراف الذي رحب بها واعلمها ان حالة الاكتئاب التي تعاني منها هي وليدة السحر وان كبير الجن سيساعده على تخليصها من الورطة التي تعاني منها وان الامر يستدعي بعض الوقت والعلاج المكثف ووعدها مقابل ذلك بالشفاء وطلب منها تمكينه من ألف دينار كتسبقة حتى يتسنى له اعداد الذبائح والوليمة للفقراء والمساكين ويتذلل على اعتاب كبير الجن لمساعدته على تخليصها من الورطة فاستجابت لطلبه ومكنته من شيك في الغرض يمكنه ان يصرفه متى شاء وغادرت المكان بعد أن أخذ رقمها الهاتفي للاتصال بها بعد أن يوفر كل الوصفات التي تحتاجها للعلاج. وبعد اسبوع اتصل بها وطلب منها القدوم وعندما ذهبت إليه طلب منها الاستلقاء على الاريكة وشرع في قراءة بعض الآيات القرآنية ثم تمتم ببعض الكلمات غير المفهومة وأمدّها بسائل لونه بني وطلب منها ان تتناول ملعقة كل صباح على مدار اسبوعين ثم يلتقي معها مجددا لمعاينة ان كانت حالتها قد تحسنت وطلب منها الخروج وتغيير الاجواء والتوجه الى البحر لأنّ ذلك يريح الاعصاب.

وفعلا تحسنت حالتها الصحية وعادت الى عيادته بعد أسبوعين وكانت علامات التحسن بادية عليها وكالمعتاد قرأ عليها بعض الآيات القرآنية ثم مكنها من بعض البخور ووصف لها طريقة استعماله وطلب منها تمكينه من ألفي دينار لأنه سيقيم وليمة للفقراء امتنانا لشفائها فلم تمانع ومكنته من المال دون تردد.

لكن بعد ما يناهز اسبوع تدهورت حالتها الصحية وتعقدت اكثرت اذ اصبحت تعاني من حالات إغماء مفاجئ فتوجهت اليه واعلمته بالأمر فمكنها من محلول طلب منها ان تشربه كل صباح قبل الاكل فطبقت نصيحته غير انه بعد اربعة ايام تدهورت حالتها الصحية وتم نقلها من طرف أفراد أسرتها إلى المستشفى فتبين أنها تعاني من حالة تسمّم وخضعت فورا الى غسيل معدة واحتفظ بها تحت العناية الطبية على مدار يومين فقررت اثر تماثلها للشفاء تقديم شكاية ضد المظنون فيه لأنه تحيل عليها وسلبها اموالها وألحق بها أضرارا بدنية فادحة كادت أن تهلك جراءها وتمسكت بتتبعه عدليا من اجل ما نسب اليه. وعلى ضوء هذه الشكاية ألقي القبض على المظنون فيه وباستنطاقه انكر ما نسب اليه وافاد انه لم يتحيل على المتضررة بل انه سعى جاهدا الى مد يد العون لها وأنه نجح في مهمته وأن حالتها الصحيّة تحسّنت ثم عرفت انتكاسة فجئية جراء تعرضها الى صدمة عاطفية عنيفة بعد ان تعرفت على شاب

وعندما اصبح قاب قوسين او ادنى من الزواج تنكر لها مما اثر على نفسيتها وأضاف المتهم أنه عندما قدمت اليه حاول مساعدتها على تخطي ازمتها ومكنها من العلاج وهو نفس المحلول الأول مشيرا إلى أنه يبدو أنها لم تحفظه في مكان بارد كما اوصاها بذلك مما جعل صلوحية السائل تنتهي وأنه بالتالي غير مسؤول عن الضرر الذي ألم بها وقد طلب من الشاكية ان تصرح بالحقيقة وتقر انه اوصاها بحفظ السائل جيدا. وبمواجهته بالمال الذي اخذه صرح ان نوعية الاعشاب التي يستعملها باهضة الثمن وأنّ بعض المكونات غير موجودة بتونس مضيفا أنّ الشاكية مكنته من الأموال بمحض إرادتها ودون أن يغرّر بها, وباستشارة النيابة العمومية أذنت بالاحتفاظ بالمظنون فيه من أجل ما نسب إليه.

وبعد ختم الابحاث وجهت له تهمة التحيل واحيل على انظار احدى الدوائر الجناحية بالمحكمة الابتدائية بتونس لمقاضاته من اجل ما نسب اليه. وقد طلب الدفاع من هيئة المحكمة التخفيف عن موكله قدر الامكان على اعتبار ان اركان جريمة التحيل غير متوفرة في وقائع قضية الحال فضلا عن انه بشهادة المتضررة نفسها فإن وضعها عرف تحسنا غير انه بصفة فجئية تدهورت حالتها بسبب عامل خارجي لا دخل لموكله فيه وهو ازمة عاطفية. المحكمة بعد المفاوضة قضت بالحكم المضمن اعلاه وقد ايدت محكمة الاستئناف الحكم الابتدائي . 

 *عن  صحيفة « التونسية»