ليبيا في مثل هذا اليوم 

في يوم 17 نوفمبر 2006 شهدت مدينة بنغازي مظاهرة حاشدة انتهت باقتحام القنصلية الإيطالية تنديدا بموقف وزير الإصلاح الإيطالي روبرتو كالديرولي الذي صنع قمصانا مطبوعاً عليها الرسوم المسيئة للرسول (ص) في خطوة أدت  إلى إحراج حكومة رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيوبيرلسكوني.

 وقال كالديرولي عضو حزب رابطة الشمال المعادي للمهاجرين لوكالة أنباء "انسا" الإيطالية إن على الغرب أن يقف ضد المتطرفين الإسلاميين وعرض أن يقدم القمصان لأي شخص يريدها.

ونقلت وكالة انسا قوله "لدي قميص مطبوعة عليه الرسوم التي أزعجت الإسلام وسوف ابدأ في ارتدائها اليوم". وقال إن القمصان ليس المقصود بها الاستفزاز لكنه قال انه لا يرى سببا في تملق المتطرفين.

وقال كالديرولي "علينا أن نضع حدا لهذه الرواية.. بأننا يمكن أن نتحدث مع هؤلاء الناس. إنهم يريدون فقط إذلال أشخاص. وهذا كل ما هنالك. وماذا نصبح الآن.. حضارة الزبدة المنصهرة".

وأدى نشر الرسوم المسيئة في بعض الصحف الأوروبية إلى غضب واسع النطاق في العالم الإسلامي. وكانت هناك مظاهرات عنيفة في الشرق الأوسط وآسيا.

وانبرى حزب رابطة الشمال للخوض في الجدل لترويج برنامجه اليميني المتطرف. ويعارض الحزب منذ وقت طويل الهجرة واسعة النطاق إلى إيطاليا ويقول زعماؤه إن العنف الناتج عن نشر الرسوم يوضح مخاطر السماح للمهاجرين المسلمين بالاستيطان في ايطاليا.

وقال كالديرولي للصحفيين في وقت سابق من هذا الشهر "هذا مجرد الطرف الظاهر من جبل الجليد للحرب الدينية التي أعلنها المتطرفون الإسلاميون ضدنا".

ورغم أن النظام الليبي كان آنذاك؛ سباقا في مواقفه المنددة بمحاولات الإساءة للإسلام ورموزه، وشجاعا في التصدي للدول الأوروبية المنخرطة في ذلك، إلا أن بعض القوى المتشددة حاولت استغلال مسيرات الغضب في بنغازي وتحويلها الى مواجهات مع رجال الأمن ما أدى الى اشتباكات نتج عنها سقوط عدد من القتلى والمصابين من المحتجين 

وقد أطاحت اضطرابات بنغازي التي أوقعت 11 قتيلاً، بينهم مصريون وفلسطينيون، وزير الأمن العام الليبي ناصر المبروك وعدداً من قادة أجهزة الأمن على خلفية استخدام «القوة المفرطة» في التعاطي مع المتظاهرين الذين اقتحموا القنصلية الايطالية وأحرقوا قسماً منها احتجاجاً على موقف الوزير الايطالي وأجبر رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو بيرلوسكوني، الذي اتصل هاتفياً بالزعيم الليبي معمر القذافي، وزير الإصلاحات في حكومته روبيرتو كالديرولي على الاستقالة أمس.

وأفاد بيان اصدرته رئاسة الوزراء الايطالية ان بيرلوسكوني والقذافي توافقا على ان التظاهرات المناهضة لإيطاليا في بنغازي «لن تكون لها انعكاسات على العلاقات بين البلدين». وكانت بنغازي شهدت تظاهرات عنيفة قتل فيها 11 شخصاً وجُرح 35 شخصاً.

وأعلن مؤتمر الشعب العام في ليبيا، أعلى سلطة تشريعية وتنفيذية في البلاد، اعفاء وزير الأمن العام وقادة جهاز الشرطة في بنغازي من مناصبهم واحالتهم على التحقيق، وقال ان الشرطة استخدمت «قوة غير متناسبة» لتفرقة المحتجين. ووصف القتلى بأنهم «شهداء» وأعلن الحداد ملمحاً الى «إمكان محاكمة بعض المشاركين في التظاهرة».

ونقلت تقارير إعلامية عن سيف الإسلام القذافي، ان 11 شخصاً، بينهم أربعة مصريين وفلسطينيان، قتلوا فيما أصيب 35 آخرون بجروح في التظاهرة العنيفة التي جرت امام القنصلية الايطالية في بنغازي.

ورغم إعلان الأحد 19 فبراير يوم حداد في كل أنحاء البلاد، واعتبار الذين سقطوا في المظاهرة شهداء، وإرسال النظام  ببعض الجرحى في طائرة خاصة لتلقي العلاج في أوروبا، وأخيرا بسحبه لكل أفراد الدعم المركزي من شوارع المدينة، إلا أن كل هذه الإجراءات لم تنجح في تهدئة جماعات المحتجين   التي عادت لتضرم النيران في الدور الثاني من القنصلية الايطالية، ومقر الاتحاد الأوروبي في المدينة، ثم تحولت إلى مباني الدولة، والرموز الأيديولوجية للنظام مثل اللجان الثورية، ومركز دراسات وأبحاث الكتاب الأخضر، وتمكن المتظاهرون من حرق أربعة مراكز للشرطة، ومبنى البحث الجنائي، وتمكنوا من اقتحام مديرية أمن بنغازي، وحرق مبنى الضرائب، وبنك الوحدة، ومبنى صندوق الضمان الاجتماعي، ويقدر عدد المباني الحكومة التي أضرمت فيها النيران بحوالي ثلاثين مبنى أغلبها في مركز المدينة.

كانت تلك الاحتجاجات بوادر تمرد على النظام من قبل قوى متشددة سعت الى استغلال المشاعر العفوية للمواطنين العاديين، قبل أن تتحول ذكراها في العام 2011 الى مناسبة لتدشين أحداث فبراير التي قيل في بدايتها أنها امتداد لثورات الربيع العربي قبل أن يتبين أنها مؤامرة كانت تقف وراءها قوى الإسلام السياسي التي حولت الاحتجاجات الى مواجهة مسلحة سرعان ما تلقت الدعم الخارجي لتصل بالبلاد الى ما هي عليه حاليا.