اجتمع 11 مبعوثًا خاصًا في باريس أواخر الشهر الماضي لمناقشة الأزمة في ليبيا، وأصدروا بيانًا ختاميًا يحمل توصيات متوقعة للجميع: دعم الحكومة الرسمية، واقتراحات لجعلها أكثر شمولية، ودعوة الميليشيات للاستسلام، ومقترح بأن تترأس الأمم المتحدة حوارا شاملا بين الأطراف المتحاربة.
لكن ما تحتاجه ليبيا بدلاً من ذلك هو وجود قوة حفظ سلام أوروبية لحماية الحكومة المتألفة من الجماعات المسلحة المتنوعة التي تتنافس حاليا لإبراز قوتها، والسماح لها بإعادة بناء مؤسسات الدولة.
بهذه العبارات استهلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية مقالها تحت عنوان "إنقاذ ليبيا مجددًا"، مشيرة إلى تدهور الأوضاع الأمنية في ليبيا بسرعة منذ الإطاحة بالرئيس معمر القذافي في عام 2011.
ونوهت الصحيفة بأن الأمل أحاط بانتخاب أول برلمان في يوليو 2012 – يُدعى المؤتمر الوطني العام – الذي دفع بعض الأحزاب الليبرالية إلى السلطة تحت قيادة محمود جبريل، أحد قادة انتفاضة 2011، لكن سرعان ما تفاقمت التوترات بين الأحزاب الليبرالية وبين تحالف الأحزاب الإسلامية، بما فيها حزب العدالة والبناء، والميليشيات التابعة لها، مثل فجر ليبيا.
وبسبب ضعف أداء الأحزاب الإسلامية في انتخابات يونيو لاختيار مجلس النواب لخلافة المؤتمر الوطني العام، اندلع الاقتتال في الجانب الغربي للبلاد، وتجرأت الميليشيات الإسلامية بالعديد من التقدمات العسكرية التي حققتها، والتي شملت السيطرة على مطار طرابلس الدولي في أغسطس، معلنة أن المؤتمر الوطني العام سيظل المجلس التشريعي الحقيقي في ليبيا.
وذكرت الصحيفة أن ليبيا أصبحت منقسمة الآن بين حكومتين متنافستين: واحدة في طرابلس، وأخرى جديدة في طبرق شرق البلاد، وكل جانب لديه رئيس وزراء وحكومة ومجلس تشريعي وميليشياته الخاصة، ما يعني أن البلاد تقف الآن على حافة الحرب الأهلية، وتُخاطر بأن تتسبب الفوضى في زعزعة استقرار الإقليم بأكمله، من خلال دخول الدول الأخرى في حرب بالوكالة داخل ليبيا.
وأضافت أن الحوار في ليبيا بات صعب المنال، ولن يستطع أي قدر من التملق الدبلوماسي في إحيائه، فقد بذلت دول غربية عديدة، بما فيها الولايات المتحدة وأيضًا بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، جهودًا مضنية لجلب الفصائل المتحاربة على طاولة الحوار، غير أن جميعها فشلت بسبب عدم جاهزية أي طرف لدفع الميليشيات المدججة بالسلاح والمال إلى التعاون.
وبناء عليه فإن الطريقة الوحيدة لتحقيق التغيير في ليبيا حاليًا هو وجود قوة حفظ سلام دولية، فلا تعتبر بعثة الأمم المتحدة للدعم، قوة لحفظ السلام، نظرًا لأنها مخصصة للمساعدة في بناء مؤسسات الحكم، بحسب الصحيفة.
وتقع مسؤولية إنشاء قوة حفظ سلام في ليبيا بشكل مباشر على عاتق الدول الأوروبية، نظرًا لمصالحها الاقتصادية والسياسية القائمة في شمال أفريقيا، وقلقها من الهجرة، فهي أكثر الخاسرين من سقوط ليبيا، على حد قول الصحيفة.