يبدو أن الخناق بدأ يضيق تدريجيا حول جماعة "الإخوان" في ليبيا،والتي تساهم بحسب الكثيرين في إطالة أمد الأزمة في البلاد عبر تمكين الملشيات المسلحة والجماعات الارهابية وتأجيج الصراعات ومحاولة إجهاض مبادرات تحقيق الإستقرار ناهيك عن ارتباطها بأجندات خارجية بعيدا عن مصلحة البلاد.

ففي مؤشر جديد على المأزق الذي باتت تعيشه،صوّت مجلس النواب الليبي مساء الاثنين على تجريم جماعة "الإخوان المسلمين" في البلاد واعتبارها "جماعة إرهابية".وصرح عضو البرلمان الليبي زايد هدية، لوكالة "سبوتنيك" الروسية، الثلاثاء، بأن الأغلبية صوتت بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية في جلسة البرلمان التي عقدت الاثنين.

وقال المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، عبد الله بليحق، إن المجلس انعقد في مقره بمدينة طبرق شرقي ليبيا، بحضور رئيسه، عقليه صالح وأكثر من 70 نائبا، موضحا أن النواب صوتوا على حظر تنظيم الإخوان وتجريمه، وتصنيفه جماعة إرهابية.

وكانت المساعي الأولى لتصنيف جماعة الإخوان جماعة إرهابية محظورة، انطلقت في يناير/كانون الثاني الماضي، عندما وقع 20 نائباً ليبياً على عريضة تطالب مجلس النواب بتصنيفها كذلك.وأوضح النواب العشرون في بيان حينذاك أن "دعم جماعة الإخوان المسلمين للإرهاب واضح منذ البداية سواء في بنغازي أو درنة مادياً وسياسياً وإعلامياً. كما أنها تعارض أي حل سياسي ينهي حالة الانقسام الحاصل وعرقلة مسيرة بناء الدولة ومؤسساتها".

وسبقت تلك المبادرة، محاولةٌ في يوليو/تموز عام 2018، قام بها عدد من النواب قدموا إلى رئاسة مجلس النواب بنداً مستعجلاً بضرورة إعلان جماعة الإخوان المسلمين تنظيماً إرهابياً خطيراً ثم ملاحقتهم بدعاوى جنائية قضائية وتطبيق قانون مكافحة الإرهاب، وفق ما صرح به عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب طارق الجروشي.

وأوضح الجروشي أن "الأدلة والوقائع التي يملكها الجيش الليبي تؤكد أن أغلب قادة التنظيمات الإرهابية التي هُزمت في ليبيا هي الآن بين مدينتي اسطنبول والدوحة، والتقارير تشير إلى أن هناك محاولات مستميتة للعودة إلى ليبيا".

وساهم "الإخوان" في ليبيا وفق تقارير صحفية، على تشكيل ما يسمى بـ"الدروع"، وهي ميليشيات مسلحة تنتشر في أرجاء ليبيا.بالإضافة إلى إنكار وجود الإرهاب والعنف في البلاد، على الرغم من كل الأدلة الظاهرة، وعرقلوا كل التحقيقات في الجرائم التي ترتكبها،وسارعوا لاضفاء غطاء شرعي على التنظيمات الإرهابية مثل "القاعدة" وغيرها في محاولة لطمس جرائمها في حق الليبيين.

ويعتبر "الاخوان" في ليبيا الذراع السياسي لتركيا،التي تتهمها عدة أطراف ليبية بمحاولات نشر الفوضى في البلاد.وأبرز الأدلة على هذا الدعم شحنات السلاح المختلفة التي تتدفق إلى الجماعات الإرهابية في ليبيا قادمة من تركيا وبأموال قطرية بهدف استمرار الفوضى في ليبيا، وتمكين الجماعات الإرهابية وثيقة الصلة بالتنظيم الدولي لجماعة "الإخوان" من السيطرة على البلاد.

وكشفت معركة طرابلس الأخيرة التي أطلقها الجيش الوطني الليبي بهدف تحرير العاصمة الليبية من سطوة المليشيات المسلحة،عن تحالف جماعة "الاخوان" مع التنظيمات الارهابية والجماعات المسلحة في محاولة لعرقلة تقدم الجيش الليبي أسوة بما فعلته خلال السنوات الماضية في شرق وجنوب البلاد.

وحاولت الجماعة الاستقواء بالخارج ضد الجيش الليبي حيث سعى رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري،القيادي الاخواني خلال اجتماع مع المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة،لاستصدار قرار دولي ضدّ العملية العسكرية في العاصمة الليبية طرابلس.في محاولة اعتبرها مراقبون دعوة جديدة للتدخل الدولي في ليبيا وهو ما يعكس خسائر المليشيات المسلحة الموالية لتيار الاسلام السياسي.

ومن جهته،لم يتردد الصادق الغرياني مفتي ليبيا المعزول،والمقرّب من جماعة الإخوان والتيارات الإسلامية، والمدرج على قائمة الإرهاب في عدد من الدول العربية،في دعوة حكومة السراج إلى رصد الأموال، وإبرام الاتفاقيات مع تركيا لأنها لن تجد إلا من وصفه بـ"الصديق" في وقت الشدة.وجاء ذلك في أعقاب اعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان  دعمه الكامل للميليشيات بقوة وحزم بالذخيرة والسلاح النوعي.

وأصدر الغرياني فتاوى عديدة تحرض على القتل في البلد المنقسم منذ العام 2011. وكانت فتاويه داعمة للجماعات المتطرفة، حيث أباح اقتحام تنظيمي "القاعدة" و"داعش" للمدن الليبية، الأمر الذي جعله يوصف بـ"مفتي الإرهاب"، وتسبب في خلعه من منصبه ليستقر في تركيا أين ظل يحرض على الفتنة والقتل.

وتحتضن تركيا عدة قنوات ومواقع إلكترونية، تعمل على التحريض ضد الجيش الليبي والدعوة للاقتتال على غرار قناة "التناصح" الليبية التي تأسست عام 2014، وهي إحدى أبرز الأذرع الإعلامية للتنظيمات والجماعات المتطرفة المنتشرة في البلاد ومنها جماعة الإخوان والجماعة الإسلامية المقاتلة الليبية، والميليشيات المسلحة المرتبطة بتنظيم القاعدة أو القريبة منه مثل مجلس شورى الثوار، وسرايا الدفاع عن بنغازي، وجماعة فجر ليبيا.

وتعودت جماعة "الإخوان"،على طلب التدخل الخارجي وذلك كلما تراجعت الميليشيات المسلحة عسكريًا أمام الجيش الليبي،وسبق أن طالب عضو المؤتمر الليبي المنتهية ولايته، القيادي في جماعة الإخوان المسلمين فرع ليبيا، محمد مرغم،في يوليو الماضي،عبر قناة "التناصح"،التي يديرها مفتي الإخوان في ليبيا، الصادق الغرياني،  بتدخل تركيا ضد الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر.وهو ما أثار جدلا كبيرا في ليبيا واعتبره كثيرون خيانة للوطن.

وكشف عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، طارق الجروشي،حينها أن لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب الليبي ستتخذ إجراءات قانونية ضد عضو جماعة الإخوان، مرغم، بعد الحصول على نسخة مسجلة من تصريحه، والذي سيحال إلى مكتب المدعي العام العسكري بتهمة المساس بالأمن القومي وتهديد سلامة الدولة بدعوة دولة أجنبية للتدخل بقوة السلاح وخرق أمنها.

وألقت تركيا بكل ثقلها في معركة طرابلس في محاولة لانقاذ المليشيات الموالية لها،وبعد شحنات السلاح والمرتزقة،كشف المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي اللواء أحمد المسماري،في لقاء مع  قناة سكاي نيوز عربية،عن استخدام مليشيات طرابلس طائرات بدون طيار تركية".

ولفت المسماري إلى أن "استخدام التقنيات يحتاج إلى وقت كبير من الإعداد والتدريب والتجهيز، لكن دخول الطائرات المسيرة في غضون 48 ساعة يدل على أن هناك أجانب يشرفون على تسيير هذه الطائرات."وأضاف قائلا :" تركيا تدخل في المعركة بشكل كبير جدا".

كما أشار المسماري إلى وصول أسلحة إيرانية إلى ميليشيات طرابلس، قائلا إن " ظهور صواريخ 302 الإيرانية في المعارك يدل على وجود دعم إيراني".وأردف بالقول:" هناك أسلحة إيرانية وصلت، وهناك باخرة إيرانية وصلت".

وتلقى هذه التطورات الضوء على ارتباط المليشيات وتيار الاسلام السياسي الداعم لها بأجندات خارجية تهدف لاطالة أمد الصراع في ليبيا بما يخدم مصالحها.ويرى مراقبون أن الهزائم المتتالية للمليشيات في عدة مناطق وتضييق الخناق عليها في آخر معاقلها في طرابلس دفع أردوغان لاظهار وجهه القبيح والمجاهرة صراحة بدعم الجماعات المسلحة التي تخدم مصالحه في نهب ثروات الليبيين.