على مدار ستة   أعوام وأكثر وجدت ليبيا نفسها في خضم حرب   في أشرس صورها، حرب معقدة مركبة للغاية أسقطت فيها كل المعايير الانسانية، آلاف من الارهابيين العابرين للقارات ، وملايين الأطنان من الأسلحة سلحوا بها ودمروا بها مدن ليبية بأكملها وقتلوا اهلها وضربوا بها مقومات حياة المواطن الليبي ، وحاربوه حتى في لقمة عيشه اليومية.

فغزو حلف الناتو الغربي – العربي لليبيا قبل ستة اعوام عكس بالضرورة حجم الأهداف والرهانات المتعلقة بكل ما جري في ليبيا ، وهي أهداف تتداخل فيها الحسابات الدولية مع الحسابات الإقليمية، كما تتداخل فيها ملفات المنطقة العربية والثروات الطبيعية فيها وموقعها الجيو سياسي إلى أقصى الحدود.

علماء يحسمون الجدل 

 في هذا السياق ،كشف تقرير قدمه مجموعة من العلماء النوويين الليبيين إلى حكومة الوفاق في طرابلس أن حلف الناتو استخدم أثناء قصف ليبيا في عام 2011 ذخيرة مع يورانيوم مستنفد. أخصائي القياسات الإشعاعية والباحث في مركز البحوث النووية في ليبيا نوري الدروقي أكد وفقاً لصحيفة سبوتنيك الروسية للانباء على أنه تم إرسال تقرير رسمي يثبت استخدام قوات التحالف (الناتو) للذخيرة مع اليورانيوم المنضب

وتابع قائلاً: أجرينا دراسة في أحد مقرات الجيش الذي قصفه حلف الناتو حيث وجدت أماكن فيها زيادة للنشاط الإشعاعي وبعد إجراء قياسات دقيقة وجدنا أن هذا النشاط الإشعاعي ناتج عن استخدام الناتو لصواريخ اليورانيوم المنضب.

وقال الدروقي رداً على سؤال فيما إذا كانت نسبة ازدياد حالات الإصابة بالسرطان في كل ليبيا أو في المناطق التي قصفت بالصورايخ فقط: حتى الآن في الأماكن والمدن التي تم استهدافها نعم وطبعاً النسبة الأكبر، كانت أثناء التفجيرات واليورانيوم أثناء التفجيرات يصدر انبعاثات غازية أو مشعة وغبار ومواد كيماوية التي تطايرت في مدينة طرابلس وتم استنشاقها من العديد من سكان أهل المدينة وهذا ممكن أن يعزى إليه نسبة ازدياد الأمراض السرطانية الحالية.

الدروقي أشار إلى أنه بعد أخذ عينات من المعسكر الكبير الذي استهدف من قبل قوات الناتو في ليبيا تم إثبات بالبحث العلمي وجود ما يسمى بالأماكن الساخنة الإشعاعية، مؤكداً على أن أثر اليورانيوم وجد حتى الآن في مدينة طرابلس أما عن بقية المدن فلا يزال هناك العديد من المدن والمناطق الأخرى خارج طرابلس التي سيتم إرسال فرق علمية للتأكيد ولأخذ عينات وتحديد ما إذا كانت يوجد فيها يورانيوم.

وأضاف:نحن بصدد التعامل مع المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق للسماح لنا بزيارة كل المناطق المستهدفة في 2011 ولكن بدأنا نحن في طرابلس من المعسكر ولدينا أبحاث علمية ونحن بصدد مخاطبة الوكالة الدولية الطاقة الذرية للتأكد من ذلك والمطالبة في مساعدتنا لوجستياً وفنياً وطبياً لأن نسبة كبيرة من الأمراض السرطانية أصبحت في ليبيا شائعة.

وأرجع سبب التأخير في العمل إلى أن الحكومات خائفة من مخاطبة الوكالات الدولية والناتو، مشيراً إلى أنه تم مخاطبة العديد من الجهات الرسمية مثل هيئة الطاقة الذرية الليبية والهيئة العامة للبيئة وزارة الداخلية والهيئة العامة للسلامة.

تدويل القضية

و في وقت سابق،اعلن المحامي الدولي جون فيرمون، الذي يتولى الإشراف على فريق الدفاع في القضية التي يرفعها المهندس خالد الخويلدي الحميدي، للمطالبة بحقوق ضحايا ومتضرري حلف الناتو، عن امتلاك أدلة قاطعة تؤكد تورط الحلف في ارتكاب جرائم حرب في ليبيا سنة 2011.

وأوضح فيرمون في بيان أصدره، عن عزمه عقد مؤتمر صحفي  في العاصمة البلجيكية بروكسل، حدد له موعد التاسع والعشرين من شهر يناير الجاري، لكشف تفاصيل مهمة عن القضية المرفوعة ضد الناتو، مؤكدا استمرار الخويلدي في معركته القانونية.

وأضاف المحامي الدولي، أنه في مواجهة قانونية للتفسير القضائي لمحكمة استئناف بروكسل، وتبيان أنه تفسير انتقائي للقانون الدولي، مشددا على أهمية وضرورة التأكيد على أن ميثاق الأمم المتحدة هو جوهر القانون العام الدولي المعاصر.

وأوضح فيرمون، أنه ينطلق أيضا من اتفاقية روما 2002 التي تنص على عدم التحجج بأية حصانات من أي نوع للإفلات من العقاب، وتوسيع المواجهة القانونية لتشمل شخصيات أخرى بمحكمة حقوق الإنسان الأوروبية.

كتاب توثيقي

وكان اهتمام الدول الغربية بليبيا على المدى القريب موثقاً في كتاب بعنوان «الناتو العالمي والفشل الكارثي في ليبيا» الذي ألّفه البروفيسور هوراس كامبل من مركز الدراسات الأميركية الافريقية والعلوم السياسية في جامعة سيراكيوز. 

ويظهر فحص كامبل لبرقيات «ويكيليكس» أن شركات النفط الغربية، مثل شركة أوكسيدنتال الأميركية، قد أُجبرت في عام 2007 ــ 2008 على توقيع صفقات جديدة مع شركة النفط الوطنية الليبية، بشروط مواتية بدرجة أكبر مما كانت تتمتع به سابقاً.

وفي عام 2010 أظهرت البرقيات الدبلوماسية التي كشف عنها موقع ويكيليكس أن شركات النفط والحكومة الأميركية، كانتا متخوفتين من توجهات لحكومة القذافي في عام 2009 تهدف إلى تأميم قطاع النفط. 

وخلال المرحلة الأخيرة من تدخل «الناتو»، قالت وزارة الدفاع البريطانية إنه يتعين على رجال الاعمال البريطانيين تجهيز حقائبهم للانطلاق الى ليبيا، وقال السفير الأميركي في طرابلس أن ليبيا بحاجة إلى الشركات الأميركية بصورة كبيرة.