دخلت المعارك في العاصمة الليبية طرابلس التي تعاني الفوضى وغياب الاستقرار منذ سنوات،مراحلها الأخيرة بعد أن بسطت قوات الجيش الوطني الليبي سيطرتها على تخوم المدينة وتوغلت في عدة مناطق استراتيجية، بعد أشهر حوالي  أشهر من المعارك ضد القوات الموالية لحكومة الوفاق المدعومة من أطراف خارجية تسعى لاباء الفوضى في البلاد.

وفي تطور جديد وجه القائد العام للجيش الليبي خليفة حفتر، كلمة إلى جنود وضباط صف وضباط الجيش الليبي المرابطين على تخوم العاصمة، يحثهم فيها على الاستعداد للتقدم نحو العاصمة لتحريرها من الإرهاب.وقال حفتر، في كلمته التي بثتها قناة ليبيا الحدث، "موعدنا مع النصر اقترب، وهدفنا تحرير بلادنا من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها من الإرهاب لنستعيد ليبيا بلد آمن مستقلا، وقريبا سنرفع راية النصر في العاصمة طرابلس".

وحث حفتر قواته و"القوات المساندة لها" بـ"الحفاظ على مدينة طرابلس وأهلها كحرصكم على والديكم وأبنائكم وبيوتكم، ولا تأخذكم رأفة أو شفقة بمن ضل السبيل، وأغواه الشيطان، وأخذته العزة بالإثم، ورفع السلاح ليصدكم عن تحرير طرابلس درة ليبيا وعاصمتها الجريحة، وحافظوا على مرافقها ومنشآتها".

وكانت مصادر عسكرية مطلعة توقعت في وقت سابق بحسب صحيفة "الشرق الأوسط" أن يوجه المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني، كلمة إلى قواته العسكرية المرابطة على تخوم العاصمة طرابلس تتضمن صدور تعليماته الأخيرة بشأن اقتحام المدينة خلال الأيام القليلة المقبلة، مشيرةً إلى اكتمال الاستعدادات اللازمة لتطهير المدينة من كل العناصر الإرهابية والمتطرفة، والقضاء عليها.

وتاتي كلمة المشير،بعد يوم من استئناف المعارك الغنيفة،بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة، بين قوات الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر، والقوات الموالية لحكومة الوفاق برئاسة فائز السراج وذلك بعد ساعات من الهدوء الحذر، الذي ساد مختلف محاور القتال في العاصمة الليبية طرابلس وتركزت بحسب تقارير اعلامية في محور طريق المطار جنوب طرابلس.

وقالت شعبة الإعلام الحربي، التابعة للجيش الوطني، إن "وحداته العسكرية تقدمت بخطى ثابتة في جميع محاور المدينة، وسيطرت على مواقع وتمركزات جديدة، وكبّدت العدو خسائر كبيرة"، لافتة إلى أن "المعنويات والهمم عالية، وساعة النصر قريبة".فيما أعلن المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة أن "مقاتلات سلاح الجو التابعة للجيش استهدفت آليات للعصابات الميليشياوية بالقرب من مسجد فطرة في محور عين زارة، ودمرتها"، وسط ما وصفه بـ"تقدم كبير في المحور".

وطبقا للمركز، فقد شنت قوات الجيش الوطني هجوما واسعا بعدة مناطق ونجحت في التقدم لنقاط جديدة كانت تمركزات للحشد الميليشياوي،موضحا أن "التقدم مستمر لكل الوحدات حسب المهام، التي كلفت بها من غرفة العمليات المتقدمة، بإمرة اللواء صالح عبودة، بعد صدور التعليمات من المستوى الأعلى بذلك". كما أعلن الجيش أنه "غنم عدة آليات، بالإضافة إلى خسائر كبيرة بالأرواح في صفوف الحشد الميليشياوي، وتقهقر العدو بالرجوع إلى النقاط الخلفية داخل العاصمة".

وقال الجيش الليبي، الأربعاء، إن قواته تتقدم بجميع محاور القتال بالعاصمة طرابلس، رغم محاولات الطيران التركي الداعم لقوات حكومة الوفاق عرقله تقدمه نحو أهدافه.وأضاف، في بيان، أن وحداته المسلحة سيطرت على مواقع جديدة بعد اشتباكات عنيفة بدأت منذ فجر الثلاثاء، حيث تمكنت وحدات اللواء 73 مشاة والكتيبة 127 مشاة من تضييق الخناق أكثر على تمركزات قوات حكومة الوفاق خلف معسكر النقلية وبالقرب من طريق الأصفاح التابع لبلدية قصر بن غشير، مشيراً إلى أنّ الطيران التركي المسيّر الذي وفر غطاء جوياً لقوات الوفاق، فشل في منع تقدّم الجيش لتحرير العاصمة طرابلس من المليشيات المسلّحة والجماعات الإرهابية.

والثلاثاء، تمكنت قوات الجيش الليبي، من تحرير مناطق جديدة بمحوري الرملة والكازيرما، القريبين من محيط مطار طرابلس العالمي المطلّ على وسط العاصمة طرابلس، عقب معارك عنيفة مع المليشيات المسلحة، التي تقاتل ضمن قوات حكومة الوفاق، بعد يوم واحد من تحقيقها تقدما ميدانيا في محوري عين زارة ووادي الربيع.

كما حقق الجيش الوطني الليبي تقدمًا كبيرًا في محوري وادي الربيع وعين زارة النقطة الأقرب إلى قلب العاصمة طرابلس (أقل من 9 كم)،خلال المعارك التي جرت أمس الثلاثاء.ونقل موقع "ارم نيوز" الاخباري عن مصدر عسكري في رئاسة أركان القوات المسلحة،قوله إن "الوحدات العسكرية سيطرت على أماكن جديدة في محوري وادي الربيع وعين زارة بعد اشتباكات شرسة مع الحشد المليشاوي وشددت الخناق على المليشيات.

وأشار المصدر إلى "تدمير العديد من آليات المليشيات وقتل وجرح وأسر العشرات من مقاتليهم وإجبارهم على التراجع والفرار تحت نيران مركزة".وأضاف أن "وضع المعركة ممتاز وكل شيء يسير وفق الخطة الموضوعة، والجيش في تقدم وفق مقتضيات الوضع الميداني والخطة الرئيسية".لافتا إلى إن "طيران الجيش قصف الحشد المليشياوي في الجبهة وفي العمق، وكبدهم خسائر جسيمة".

وبالتزامن مع ذلك،تواصل سقوط قيادات المليشيات المسلحة،حيث قالت الكتيبة 127 مجحفلة التابعة للجيش الليبي في منشور لها على صفحتها بموقع "فيسبوك"، إنها نفذت عملية نوعية بجوار جامع صلاح الدين على طريق المطار ضد تمركزات الميليشيات التابعة لحكومة الوفاق، وسيطرت سيطرة تامة على الموقع، وأسرت آمر المحور التابع لميليشيات الزاوية المدعو مصباح الهنقاري والملقب بـ "المهندس".

وأشارت الكتيبة إلى أنها قتلت أحد عناصر الميليشيا وأسرت الباقين، وغنمت سيارتين من نوع تويوتا إحداهما مصفحة، فضلًا عن غنم أسلحة وذخائر.وعرضت الصفحة فيديو لمصباح الهنقاري بعد إلقاء القبض عليه،قالت فيه أن مهمة الميليشيا التي يقودها هي الرصد، في حين واجهه المحققون بأنهم كانوا يتابعون تحركاتهم، وأنه كان يحضر لشن هجوم ضد قوات الجيش الليبي. كما أقر الهنقاري ضمنًا بأن شقيقه يتبع لميليشيات الإخوان، ويشارك في محاولة عرقلة تقدم الجيش لتحرير العاصمة طرابلس، ضمن العملية العسكرية القائمة حاليًا.

ومنذ اندلاع المعارك على تخوم العاصمة الليبية،نجح الجيش الليبي في السيطرة على عدة مواقع استراتيجية سعيا منه للتوجه نحو قلب المدينة.وبالتزامن مع تقدمه تمكن الجيش من توجيه ضربات موجعة للمليشيات المسلحة وذلك عبر استهداف أبرز قياداتها التي تواصل السقوط خلال المعارك الضارية.

وفي ظل هذه التطورات تتواصل التأكيدات من القيادات العسكرية على اقتراب حسم معركة طرابلس،وآخر هذه التأكيدات جاء على لسان آمر المنطقة العسكرية الغربية التابعة للجيش الليبي، اللواء إدريس مادي،الذي قال في تصريح خاص لـ "بوابة أفريقيا الإخبارية"،أن معركة طرابلس وصلت إلى مراحلها النهائية مع اقتراب ساعة الحسم.

وأضاف مادي، "إن معركة طرابلس هي للقضاء على المجموعات المسلحة والعصابات والمجموعات الإرهابية، وهي تحتاج للصبر والتحضير الجيد ودراسة الصفحات السابقة للاستفادة منها، ونحن في المراحل الأخيرة، كما إن أبطال القوات المسلحة الذين لا يهزمون الآن في طرابلس لا يفصلهم عن وسطها الا كيلومترات والخط الرفيع للمقاومين، واتوقع انهيارهم في أي لحظة ولكن هم الآن في معقلهم الأخير، منهم من يستميت إلى النهاية لأنها نهايتهم على كل حال".

ومنذ العام 2011،ترسخ وجود الميليشيات في ليبيا،والذي نتج عنه صراعات متواصلة على النفوذ والسيطرة،وهو ما أدخل البلاد في دوامة من العنف والفوضى.وبالرغم من الجهود المتواصلة لحلحلة الازمة وانهاء الانقسامات فان تجدد الاقتتال وصراعات المصالح بين الميليشيات المسلحة كانت تجهض كل محاولات بناء الدولة وذلك بهدف اطالة أمد الأزمة وتواصل الفوضى التي تمثل بيئة خصبة لبقاء المليشيات ونهبها لثروات البلاد.

وتدور بالعاصمة الليبية طرابلس ومحيطها، منذ الرابع من نيسان/ أبريل الماضي، معارك متواصلة بين قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير حفتر، وقوات تابعة لحكومة الوفاق، برئاسة فائز السراج.وتزايدت في الايام الأخيرة مؤشرات قرب حسم المعركة لصالح الجيش الليبي بالرغم من الدعم الكبير الذي تحضى به المليشيات من طرف قطر وتركيا الراعي الرسمي للمتطرفين في المنطقة.ويرى مراقبون أن تحرير طرابلس يمثل نقطة الانطلاق نحو تحقيق الاستقرار في ليبيا بعد سنوات من فوضى المليشيات والمتطرفين.