دعا رئيس المنظمة العالمية لخريجي الأزهر فرع ليبيا الشيخ أكرم الجراري، كل أطراف الشعب الليبي إلى اليقظة والحذر من المخططات الأجنبية ومن الأفكار التي تبث عبر الإعلام الممول والمدعوم من الخارج بهدف تعميق الانقسام في البلاد.

وقال الجراري في حوار مع "بوابة إفريقيا الإخبارية"، إن "ليبيا دولة مستهدفة دينيا وعقائديا وفكريا، وهناك مخططات لطمس الهوية الليبية العربية، من خلال نشر الأفكار الأجنبية والغزو والثقافي الفكري الذي يروجه أو يدعمه الإعلام الممول من الخارج بهدف تدمير النسيج الوطني الليبي"... وإلى نص الحوار:


- مصر لها دور مهم في الساحة العربية والمحيط الإقليمي.

- ليبيا دولة مستهدفة دينيا وعقائديا وفكريا.

- ليبيا أصبحت مسرحا للتيارات الدينية المختلفة.

- نحذر من مخططات أجنبية لتقسيم ليبيا وطمس هويتها.

- ندعو الشعب الليبي كافة إلى تغليب مصلحة الوطن فوق كل اعتبار.


بداية .. كيف تأسست المنظمة العالمية لخريجي الأزهر فرع ليبيا؟  

المنظمة الأم تأسست في عام 2007 بقرار من فضيلة الأمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب وهو رئيس مجلس إدارة المنظمة، وكانت في البداية تحمل اسم "الرابطة العالمية لخريجي الأزهر"،  وفكرتها هي الجمع بين طلبة وخريجي الأزهر في كل دول العالم الإسلامي لتكون لهم بمثابة رابطة أو كيان يجمعهم، تحقق لهم التواصل مع بعضهم البعض، لمناقشة الأحداث والقضايا كقناة تواصل بين الخريجين وجامعة الأزهر.

بعد 2012 قرر المجلس الاقتصادى والاجتماعى (الإيكوسوك) ـ التابع لهيئة الأمم المتحدة ـ منح منظمة الرابطة العالمية لخريجي الأزهر الصفة الاستشارية الخاصة، وأصبح مقرها الرئيس بالقاهرة.

ثم في عام 2015، ونظراً لما مرت به ليبيا من أحداث وانقسامات وتحول البلاد إلى مسرح للتجاذبات الفكرية والدينية المتطرفة، ومع الغزو الفكري الخارجي على ليبيا، قابلت فضيلة الأمام بصفتي أحد أعضاء الجالية الليبية الموجودة في جمهورية مصر العربية، وتم مناقشة عدة رسائل منها إمكانية دراسة الليبيين المهجرين من ليبيا بالأزهر الشريف مجانا -نظرا لارتفاع تكلفة أو أجر المدرسة الليبية داخل جمهورية مصر العربية- وفعلا تم الموافقة، وتم مناقشة مقترح بفتح فرع للرابطة العالمية لخريجي الأزهر في ليبيا، وتم تكليفي بقرار من فضيلة الأمام الأكبر شيخ الأزهر بأن أكون رئيس الفرع، وبالفعل استلمنا القرار وبدأنا بتشكيل الرابطة من داخل ليبيا وأنشأنا المكتب الرئيس بمدينة زليتن بزاوية الشيخ عبدالسلام الأسمر الفيتوري على بعد حوالي 140 كيلو متر شرق العاصمة الليبية طرابلس، وبلغ عدد مكاتب المنظمة داخل ليبيا حتى الآن إلى ما يقارب 15 مكتبا موزعًا بين مدن الغرب والشرق والجنوب.


ما مهمة المنظمة العالمية لخريجي الأزهر؟

مهمة المنظمة أو الرابطة هي ثقل خبرات ومواهب الخطباء والأئمة الليبيين على يد هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، والمتخصصين من دار الإفتاء المصرية، ومجمع البحوث الإسلامية، بالتنسيق مع المنظمة العالمية لخريجي الأزهر بالقاهرة، ليتمكنوا عقب عودتهم إلى ليبيا مزاولة (الخطابة، والوعظ، وتدريس القرآن الكريم)  وتمكينه من المنابر والمساجد والكتاتيب لتدريس القرآن الكريم، حيث يمنح المتدرب عضوية من المنظمة مدتها عام واحد فقط وهي عضوية قابلة للتجديد بشروط.

وتحمل المنظمة رؤية رئيسة تهدف إلى تعضيد التواصل بين الأزهر وأبنائه، وإحياء الدور العالمي للأزهر ومنهجيته الوسطية، والحفاظ على هوية الأمة وتراثها والدفاع عن قيم الإسلام والوقوف في وجه حملات التشكيك والتشويه المغرضة التي يتعرض لها، والتأكيد على أن الدين الإسلامي ليس دين عنف أو تطرف أو إرهاب وإنما نحن كخريجي أزهر ندعو لسماحة الدين الوسطي والفكر الوسطي بعيدا عن كل أفكار التشدد والتطرف التي أدت إلى سفك الدماء وهتك الأعراض وسلب المال العام والخاص الذي جاء نتيجة لغياب المؤسسات الدينية داخل ليبيا لفترة طويلة. 

وتقدم المنظمة العديد من الأنشطة مثل الندوات وورش العمل الموجهة لجميع الفئات حيث نظمنا حديثا ورش عمل داخل ليبيا بعنوان (طفل وطني)، بهدف تعزيز انتماء الأطفال لبلدهم، ونظمنا دورة تدريبية ما يقارب عن 40 واعظة ليبية بالأزهر الشريف وبصدد تنظيم دورة ثانية للسيدات، ونظمنا ورشة عمل بعنوان (ليبيا بلا إرهاب) وغيرها من الندوات وورش العمل المختلفة. 


بما أننا نتحدث من داخل القاهرة.. إذا كيف تصف الدور المصري؟

لمصر دور مهم في الساحة العربية والمحيط الإقليمي سواء العربي أو غير العربي، فمصر وقفت مع ليبيا وقفة جادة في كل المحن ابتداءا من الغزو الإيطالي لليبيا، ودعم حركة جهاد الليبيين لطرد المستعمر، وتشكيل المملكة الليبية، وأثناء ثورة الفاتح، حتى عقب أحداث 2011 لجأ إليها الليبيون فوجدوها حضن دافيء لهم ووجدوا فيها كل الخير، ولم يشعروا بالغربة داخل مصر، فالشعب الليبي والمصري كيان واحد ونسيج مترابط، ومصر هي أم الحضاراتِ وحبها أمر فطري، وعلى الصعيد الشخصي أود أن انتهز هذا المنبر لأحيي القيادة المصرية برئاسة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وأحيي مصر حكومة وشعبا، ومشيخة الأزهر الشريف على وقوفهم إلى جانب الليبيين، ونشكر من خلال هذا المنبر فضيلة الأمام شيخ الأزهر الشريف والمنظمة العالمية لخريجي الأزهر في القاهرة على وقوفهم الجاد مع ليبيا، ونثني على دور شيخ الأزهر الذي قدم ما يقارب من 400 منحة دراسية لليبيين تقدر بحوالي 32 مليون دينار ليبي، إضافة إلى تدريب عدد من الأئمة والخطباء والوعاظ ومدرسين القرآن الكريم وعددهم 500 إمام وخطيب وواعظ من كافة المناطق الليبية، جهد الأزهر جهد مشرف ونسأل الله العلي القدير أن يبارك لعلماء الأزهر الشريف ويبارك لفضيلة الأمام الأكبر وفي جهود المنظمة العالمية لخريجي الأزهر بالقاهرة.

ماذا عن دور المنظمة في تحقيق المصالحة الوطنية في ظل الأزمة الحالية؟

رؤية المنظمة ورؤيتي أنا كرئيس فرع المنظمة العالمية لخريجي الأزهر فرع ليبيا هي أن "وحدة ليبيا دونها الموت" فنحن دائما ندعو من خلال الدورات والندوات وورش العمل إلى وحدة ليبيا دون تقسيم، أو تفرقة، أو فتنة، وندعو دائما لوحدة الصف، وحقن الدماء، والحفاظ على النسيج الاجتماعي، وهذا يندرج ضمن أهداف المنظمة الرئيسة، ونحن دائما نشدد أيضا على ضرورة الحفاظ على كيان الدولة الواحدة والنسيج الاجتماعي بين القبائل، وتدعيم الوحدة الوطنية بين جميع أبناء الوطن الواحد، وطي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة في ليبيا.


ما خطتكم التوعوية فيما يتعلق بنشر السلام ونبذ العنف والقتال؟

ليبيا دولة مستهدفة دينيا وعقائديا وفكريا، وهناك مخططات لطمس الهوية الليبية العربية، من خلال نشر الأفكار الأجنبية والغزو والثقافي الفكري الذي يروجه أو يدعمه ويساعده في ذلك الإعلام الممول من الخارج بهدف تدمير النسيج الوطني الليبي، ونحن خلال السنوات الأخيرة رصدنا الكثير والكثير من الظواهر الغريبة التي لا تمت للمجتمع الليبي بصلة. 

وكما ذكرت سابقا، ليبيا الآن أصبحت مسرحا للتيارات الدينية المختلفة ما أدى لانتشار ظاهرة عدم تقبل الآخر وعدم تقبل الاختلاف بشكل عام، بمعنى -إذا كنت لست معي فأنت كافر- وهي ظاهرة بدأت تنتشر في ليبيا خلال العشرة أعوام الأخيرة حيث بدأ الليبيون في تكفير بعضهم البعض لمجرد الاختلاف. 

وفي دراسة أجرتها الرابطة بعنوان (دراسة الموقف الديني داخل ليبيا) وهي -دراسة علمية واقعية قدمنا بها مقترح إلى الأزهر الشريف- توصلنا من خلالها إلى إمكانية تقسيم مراحل التكفير إلى خمس مراحل وبمجرد البدء في المرحلة الأولى تصل إلى المرحلة الأخيرة وهي (مرحلة التفسيق، مرحلة التبديع، مرحلة الهجر، مرحلة التكفير، وآخر مرحلة وأخطرهم هي سفك الدماء واستحلال الدم)، وهذا أمر خطير ونستشهد في ذلك بالنص القرآني: (وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا)، ونشير إلى أن ظاهرة التكفير من أخطر الظواهر التي بدأت الانتشار في المجتمع الليبي.


كلمة أخيرة.. 

في الختام أود أن أوجه مناشدة إلى كل أطراف الشعب الليبي أدعوهم خلالها إلى ضرورة تغليب مصلحة الوطن ومصلحة ليبيا ووضعها فوق كل اعتبار وفوق كل المصالح الشخصية، وأن يحافظوا على وحدة ليبيا نسيجها الاجتماعي، والتمسك بمبادئ التعايش السلمي دون حمل السلاح أوالقتال أواللجوء إلى العنف.

كما ندعو كل أطراف الشعب الليبي إلى اليقظة والحذر من المخططات الأجنبية ومن الأفكار التي تبث عبر الإعلام الممول والمدعوم من الخارج التي تهدف إلى تعميق الانقسام في البلاد وتسعى لطمس الهوية الليبية، وإحداث تغيير ديموغرافي داخل ليبيا، واستنزاف مقدرات وثروات الشعب الليبي.