لا تزال قطر تناور في ما يتعلق بالرد على طلب جيرانها الخليجيين بغلق قناة « الجزيرة » ،وتعمل على إظهار هذا الطلب وكأنه يمثل تعديا على حرية الإعلام والتعبير ، في حين بات واضحا أن القناة تأسست في العام 1996 للقيام بدور تخريبي في المنطقة العربية ، وقد نجحت في ذللك الى حد كبير ، عندما دشنت حملات التحريض المباشر على التطرف والإرهاب وبث الفوضى ، وساهمت في بلورة مشروع الدمار الذي أصاب عددا من الدول والمجتمعات في  العالم العربي ، وتحولت الى أداة في أيدي أجهزة المخابرات الأجنبية تمتد بالسوء والعداء الى الجار  والشقيق

وكان موقع ويكيليكس كشف منذ العام 2009  عن استخدام قطر لقناة الجزيرة الفضائية كأداة مساومة وضغط في مفاوضاتها مع بعض الدول والحكومات ، ورأى  دبلوماسي اميركي في احدى المذكرات السرية المسربة انه بالرغم من تشديد القناة على استقلاليتها الا انها "من اهم الادوات السياسية والدبلوماسية التي تملكها قطر".

وجاء في الوثائق المسربة على نطاق واسع  ان قطر تتدخل لتعديل تغطية الجزيرة لارضاء بعض القادة الاجانب ،كما اوحت المذكرة بان قطر عرضت الغاء بعض التقارير والبرامج التي تتضمن انتقادات لقاء تنازلات معينة.

وفي 19 سبتمبر 2011 أعلن مدير عام شبكة قنوات ''الجزيرة'' القطرية، الإخواني  وضاح خنفر، عن استقالته من منصبه بعد 8 سنوات قضاها بالمنصب. وقال خنفر في صفحته الشخصية على موقع شبكة التواصل الإجتماعية ''تويتر'': ''بعد 8 سنوات من العمل الرائد في شبكة الجزيرة، أعلن الآن تركي للجزيرة''. وأكدت وكالة الأنباء الفرنسية في وقت لاحق خبر استقالة خنفر من الإدارة العامة لـ''الجزيرة''، 

وجاءت إستقالة خنفر بعد تورطه في التعامل مع المخابرات الأمريكية، عندما أمر فريق "الجزيرة" بتسليم صور المقابلة الحصرية التي أجرتها القناة مع الملا داد الله أحد أهم الرموز الأفغانية  في العام 2007 ما قاد عناصر السي إي إيه في 2007  إلى تحديد مكان إقامته وتنقله، وتنفيذ عملية استخباراتية ضده، انتهت باغتياله، وكذلك قال القيادي في «منظمة التحرير الفسطينية» صائب عريقات إن "خنفر يتعاون مع جواسيس أمريكيين تحت غطاء صحفي»،

وفي 2011 وفي ظل عاصفة الربيع العربي ، كشف "ويكيليكس" أن المخابرات العسكرية الأمريكية كانت تقدم ت لخنفر تقريرا شهريا  عن رؤيتها لأدائها وأداء القناة ،  ونشر الموقع برقية تكشف تفاصيل لقاء خنفر بمسؤول الشؤون العامة في المخابرات العسكرية في السفارة الأمريكية في الدوحة يوم 19 اكتوبر 2005، لمناقشة أحدث تقرير المخابرات عن « الجزيرة » وعن المواضيع المقلقة للإدارة الأمريكية  المنشورة في موقعها الإلكتروني، ووعد خنفر في رد مكتوب على نقاط التقرير بأن المواضيع المقلقة في موقع القناة "تم تهذيبها وتهدئة لهجتها وأنه سوف يزيلها من الموقع في خلال يومين أو ثلاثة"، وأن خنفر أبلغ العاملين على الموقع أنه فى المستقبل حين يريدون إضافة مادة إلى قسم "تغطية خاصة" ينبغى أن يرسلوا مسودة الفكرة إلى مكتبه أولًا، 

وجاء فى البرقية، التى تحمل رقم "05DOHA1765، أن مسئول الشئون العامة في المخابرات العسكرية الأمريكية  التقى مع مدير شبكة الجزيرة "وضاح خنفر" يوم 19 أكتوبر، لمناقشة أحدث تقرير لوكالة الاستخبارات العسكري والمواضيع المقلقة فى موقع الجزيرة على الإنترنت، مشيرة إلى خنفر أحضر رداً مكتوباً على نقاط وكالة الاستخبارات العسكرية فى تقاريرها لأشهر يوليو وأغسطس وسبتمبر من عام 2005، قائلا، "إن أحدث المواضيع التى تثير قلق الحكومة الأمريكية فى موقع القناة قد تم تهذيبه وتهدئة لهجته وأنه سوف يزيله فى خلال يومين أو ثلاثة".

وأبلغ المسؤول الامريكي خنفر بأنه رغم انخفاض التغطية السلبية بشكل عام منذ فبراير فى العام نفسه، فقد ظهر فى شهر سبتمبر زيادة مزعجة فى مثل هذه البرامج، ولخصت آخر تقرير للحكومة الأمريكية عن الجزيرة بالإشارة إلى أنه مازالت هناك مشاكل فيما يتعلق بازدواجية المصادر فى العراق وتحديد المصادر واللغة المحرضة والفشل فى إحداث توازن مع وجهات النظر المتطرفة واستخدام الأشرطة الإرهابية.

ورد خنفر قائلا، "إنه بشكل عام، فإن نقاط التقارير تقع فى ثلاثة تصنيفات، "بعضها أخطاء بسيطة نقبلها ونعالجها"، أما التصنيف الثانى فيتعلق بالنقاط المقتبسة فى تقارير الحكومة الأمريكية منفصلة عن سياقها، مشيرا إلى أنه فى بعض الأمثلة خلال يوم البث فى الجزيرة قد تتم موازنة تعليق أو موقف صدر عن شخص واحد بتعليق أو موقف مختلف فيما بعد فى نفس البرنامج أو خلال نفس اليوم، وبما أن الجزيرة تبث بثاً حياً 24 ساعة على مدار الأسبوع فليس من الممكن تقديم التوازن المطلوب فى نفس اللحظة ،وأضاف  أن التقرير يفشل فى ذكر التوازن الذى حدث فى ساعة الأخبار التالية مثلا أو فيما بعد فى نفس اليوم، مضيفا "هناك نقاط لا يبدو معها الحل سهلا، مثل استخدام أشرطة إرهابية، "ولقد قلنا دائما إننا سوف نذيع هذه الشرائط، وسوف نستمر فى ذلك، ولكن المسألة هى كيفية إذاعتها، مؤكدا: لم نستخدم أى شريط كما هو "قاصدا أن الأشرطة دائما تحلل للقيمة الخبرية ويجرى تعديل عليها أيضا".

أما فيما يتعلق باستخدام اللغة التحريضية قال خنفر، وفقا للوثيقة، "إن اهتمام المحطة هو مع اللغة التى يستخدمها المراسلون والمذيعون، لا يسمح لأى موظف فى الجزيرة باستخدام لغة مشحونة، وتركيز التقرير ينصب على اللغة المحرضة التى يستخدمها الضيوف فى المقابلات، "كيف أستطيع السيطرة على ما يقوله الناس؟ أستطيع أن أسيطر فقط على العاملين فى الجزيرة.

الى ذلك ، أشارت برقية دبلوماسية  صادرة في نوفمبر 2009 الى امكانية استخدام القناة "كوسيلة مساومة لتحسين العلاقات مع بعض الدول وعلى الاخص الدول المستاءة من تقارير الجزيرة، بما فيها الولايات المتحدة" ، وأكد دبلوماسيون أمريكيون ان سيطرة حكومة قطر على الخط التحريري للقناة  حتى ان برامج الجزيرة اصبحت "جزءا من محادثاتنا الثنائية".وفق البرقية .

وفي فبراير من العام ذاته كتبت السفارة الاميركية في الدوحة لواشنطن ان "العلاقات (بين قطر والسعودية) تتحسن بصورة عامة بعدما لطفت قطر من الانتقادات للاسرة المالكة السعودية على الجزيرة".

وفي دليل أخر على استخدام القناة لاهداف سياسية، لفتت السفارة في الدوحة الى ان رئيس وزراء قطر أنذاك الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني عرض صفقة على الرئيس المصري حسني مبارك ، حيث أن  بن جاسم  قال للسناتور الاميركي جون كيري انه عرض على الرئيس المصري صفقة تتضمن وقف البرامج  المعادية لمصر على قناة  الجزيرة بشرط ان تبدل القاهرة موقفها من المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية ، وأشار السفير الى ان "مبارك لم يرد بحسب رئيس الوزراء القطري ".

وجاء في برقية بتاريخ 30 نوفمبر 2009 انه "بحسب الادلة ووفق ما اكده عاملون سابقون في الجزيرة، فان صورة الولايات المتحدة باتت اكثر ايجابية (على الجزيرة) منذ تولي ادارة اوباما السلطة".

وتحدثت الوثيقة رقم 432 بتاريخ الأول من يوليو 2009 عن اللقاء الذي استغرق 50 دقيقة بين الشيخ حمد بن جاسم وفريق قناة «الجزيرة» والذي أسهب فيه بن جاسم  في الحديث عن السياسة الخارجية القطرية في عدد من الملفات  بما فيها المصالحة الفلسطينية وعملية السلام، ولم يدّخر جهدًا في شن هجوم شرس على مصر وسياساتها بشكل مباشر وغير مباشر ،وقد قام  السفير الأمريكي لاحقا بتحليل اللقاء ليستنتج أن  «الجزيرة» أداة في يد القطريين يستخدمونها كيفما يشاءون لخدمة مصالحهم على حساب قوى أخرى بطبيعة الحال.

 وبحسب الوثيقة رقم 677 بتاريخ 19 نوفمبر 2009 تم التأكيد على جزئية تكليف بن جاسم،لقناة « الجزيرة » بعد اجتماعه بعدد من المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين ، ببث كل ما يذكي نار الفتنة في الشارع المصري ، وليس الأهم هو ما بين الشعب والنظام، لكن ما بين المصريين أنفسهم كشعب.

وقبل الحرب الأهلية الدامية التي شهدتها دول عربية في ظل الربيع العربي منذ العام  2011  نقلت وثيقة سرية أميركية عن مسؤول في جهاز الموساد الإسرائيلي قوله أن « الجزيرة قد تكون سببا في حرب جديدة بالشرق الأوسط ».

وكشفت وثيقة أخرى مسربة من "ويكليكس" أنه في نهاية العام 2007 التقى رئيس الموساد السابق مائير داغان مع مساعد رئيس الوكالة الأميركية للأمن الداخلي ومحاربة الإرهاب فرانسيس تاوسند ،ونسبت  الوثيقة لداغان قوله إن "قطر تشكل مشكلة إذ أن أمير قطر الشيخ حمد يثير غضب الجميع" واضاف باسما أن "الجزيرة ستكون السبب للحرب المقبلة في الشرق الأوسط".