من بين الملفات التي طرحها التدخل التركي السافر في ليبيا ، ملف المرتزقة الذي بات جزءا من التكوين العقائدي والتنظيمي واللوجيستي لنظام رجب الطيب أودوغان ، والذي يتجسد بالخصوص في شركة صادات للاستشارات الدفاعية الدولية ، التي تعتبر ،«بلاك ووتر » التركية  لتأجير المسلحين والخبراء ، أو، « الحرس الثوري لنظام أردوغان » المكلف بالمهمات القذرة في الخارج والداخل ، وفق المعارضة المحلية ، أو ميلشيا حزب العدالة والتنمية الإخواني لإختراق الدول والمجتمعات
وتحدثت التقارير  التركية عن تكليف أردوغان لشركة « صادات » التي تعتبر جناحا ميلشياويا لنظامه ، بالتدخل المباشر في ليبيا ، لدعم حكومة فائز السراج المعزولة في طرابلس في مواجهة تقدم الجيش الوطني الليبي ، وأن عملية نقل المرتزقة متعددي الجنسيات من الشمل السوري الى الغرب الليبي تتم عبر تلك الشركة التي توفر كذلك الضباط الميدانيين والمستشارين ،
تقدم  شركة «صادات » المساهمة نفسها على أنها  الأولى والوحيدة  من نوعها في تركيا التي توفر الخدمات الاستشارية والتدريبات العسكرية في مجال الدفاع الدولي ، تأسست  من قبل 23 من ضباط وصف ضباط متقاعدين من  مختلف وحدات القوات المسلحة التركية، برئاسة العميد المتقاعد عدنان تانري فردي،  و«بدعم 64 ضابط وضابط صف قاموا بالخدمة بنجاح في مراحل متنوعة في القوات المسلحة التركية يقومون بإحترام المشاعر الدينية للدول الإسلامية وذلك بهدف الخدمة في المجالات اللازمة، والمساهمة في تكوين وسط تعاون دفاعي وتعاون في الصناعات الدفاعية بين الدول الإسلامية، وخدمة التحالف الإسلامي ومنع الحاجة للدول الإستعمارية ذات الفكر الصليبي » وفق تعريفها لنفسها
ويعتبر  تانري فردي من رموز حزب العدالة والتنمية الاخواني التركي ، وهو من مواليد 8 نوفمبر 1944 في أكشهير ،درس  في 1963 و 1964 علم الحيوان في جامعة اسطنبول ، وانتقل إلى أكاديمية الجيش في عام 1964 ، وتخرج من الأكاديمية العسكرية كضابط مدفعي في عام 1966 وخدم في القوات المسلحة التركية من عام 1966 ، وأصبح في عام 1980 ضابط الأركان العامة ، وعمل في إدارة الحرب الخاصة وإدارة الدفاع المدني لجمهورية شمال قبرص  ،وفي عام 1992 تم تعيينه العميد ،وكلف بقيادة لواء في اسطنبول وترأس قسم صحة الجيش ، قبل أ٫ يتقاعد في عام 1996 ، ليشاغل في الإعلام من خلال  منصب كبير في محطة اذاعية ، وينشط في جمعية بناء المساجد ، ويرأس جمعية من ضباط الجيش المفصولين التي كانت لاحقا منطلق تأسيس شركة صادات للتدريب على الحروب غير التقليدية ، وعلى الخطف والإغتيال وإدارة الكمائن الوهمية ،
بدأت الشركة ت عملها بعد أن تم الإعلان عنها في الجريدة الرسمية التي نشرت بتاريخ 28 شباط 2012 ذات الرقم 8015، أي بعد أشهر من بداية الحرب الأهلية السورية ، وفي ظل إتساع أطماع قوى الإسلام السياسي للسيطرة على الحكم في دول ما سمي بالربيع العربي آنذاك ، والتي إتجه النظام التركي لتجييرها لمصلحة طموحاته التوسعية في المنطقة
وتعرف « صادات » مهامها بأنها « تنظيم القوات وقوى الأمن الداخلي على الصعيد الدولي، وتقديم الاستشارات الاستراتيجية في الأمن الداخلي والدفاع و تقديم الخدمات في مجال التدريبات والتجهيزات العسكرية والأمن الداخلي، وخلق بيئة تعاون بين الدول الإسلامية في مجال الدفاع والصناعات الدفاعية، ومساعدة العالم الإسلامي على أن يصبح قوة عسكرية مكتفية ذاتياً ليأخذ مكانه بين الدول العظمى في العالم»
وتضيف أنها «تقوم بتقييم التهديدات ضد الدول التي تقدم لها خدماتها. ووفقا لهذه التقييمات تحدد إمكانية الدفاع بشكل منفرد أو بشكل مشترك مع الدول الصديقة بالنسبة للدولة التي تقدم لها الخدمات. وتقوم بتنظيم القوات المسلحة بما يتناسب مع التهديدات« كما تقوم « بتحديد مدى جاهزية القوات المسلحة للحرب في الدول التي تقدم لها الخدمات وذلك عن طريق تدقيقها، وتنتج الحلول لتدارك النواقص التي تم تحديدها» و«بتقديم الاستشارات في الحرب الإلكترونية بالدفاع وبرمجيات الهجوم»
ووصفت صحيفة «الزمان التركية» هذه الشركة، بأنها تشكل الحرس الثوري الخفي لنظام رجب طيب أردوغان، وحزب العدالة والتنمية، مؤكدةً أن «اسم شركة سادات، التي تصفها المعارضة بالميليشيا المسلحة التي يديرها حزب العدالة والتنمية الحاكم، برز عقب صدور مرسوم العفو عن غير العسكريين المتورطين في قتل الجنود الأتراك ليلة المحاولة الانقلابية من الملاحقة القضائية».
 تقدم شركة صادات المساهمة التدريب العسكري النظامي للقوات البرية والبحرية والجوية للدول الطالبة للخدمة ابتداء من فرد واحد وسلاح واحد حتى أعلى وحدة في الجيش، أي يتم تدريب كافة العناصر حتى آخر مستخدم.
ووفق موقعها الرسمي «تنظم شركة صادات المساهمة تشكيلات القوات المسلحة للدول التي تقدم لها الخدمة للحرب الغير نظامية وذلك لظهور حاجة لتنظيمها جميعاً بقصد الدفاع، وتقوم بتدريب عناصر هذه التشكيلات على أنشطة الكمائن والإغارة وإغلاق الطرق والتدمير والتخريب وعمليات الإنقاذ والإختطاف وعلى العمليات المضادة لكل ذلك» وتقدم «خدمات التدريب لموظفي الدول التي تقدم لها الخدمات الذين سيؤدون مهامهم في العمليات البرية والبحرية والجوية والذين سيشاركون في العمليات النظامية والغير النظامية والخاصة وأية عملية أخرى بقصد إكسابهم مهارات عالية»
وهي « تُقدم الخدمات التدريبية من قبل مدربيين أكفاء متخصصين وهذه النخبة الممتازة متكونة من الجنرالات المتقاعدين والضباط ذوي الرتب  المختلفة ومن صف الضباط إبتداء من رتبة العريف الى رتبة المساعد أول الذين خدموا في القوات السلحة فترة طويلة حتى تقاعدوا من الخدمة، وفي أثناء خدمتهم العسكرية في القوات المسلحة التركية أخذوا الإنضباط العسكري من القوات المسلحة التركية وجعلوها تقليداً يوماً، والحائزين على كفاءات ولياقات عالية بعد خدماتهم الناجحة وبعد اكتسابهم خبرة واسعة في القطاعات والوحدات النظامية التابعة للقوات البرية والبحرية والجوية والقيادة العامة لقوات الدرك، وفي مجالات اللياقة البدنية الحربية والكومندوز، والمظلات، والحرب الغير نظامية، والتدمير تحت الماء والدفاع تحت الماء، الغطس والرجل السمك، وبالإضافة الى هذه الدورات التدريبية التي إكتسبوا خلالها كفاءات إضافية وأيضا وحدات رجال الأمن الداخلي الذين اشتركوا اشتراكا فعليا وفعّالا فى العمليات ضد الإرهاب، وقاموا بتبني خدمات تنشئة مجموعة مختارة من الموظفين المعلمين »
وتمتلك الشركة فرع القوات الخاصة المكون من  وحدات التدمير ووحدات الدفاع تحت الماء ،ووحدات العمليات ضد «الإرهاب»
وأكد موقع « تركيا الآن س المعارض » أن الشركة تولت  مهمة إعادة هيكلة الجيش التركي، بعدها تم تقليص عدد أفراده بنحو 200 ألف عسكري من مختلف الأسلحة والرتب العسكرية، لينخفض العدد من نحو 561 ألفًا إلى 351 ألفًا، حسب بيان صادر عن هيئة الأركان التركية في 2017، تحت مظلة قانون الطوارئ. ويقول هاقان توره رئيس جمعية «أتاتورك القلعة الأخيرة والخطوة الأخيرة» إن «أردوغان ساعد في تأسيس شركة (صادات)، لتكون بديلة للاستخبارات والجيش بتولي حمايته الشخصية في قصره».
وتصف المعارضة التركية، الشركة، بأنها تشكل الحرس الثوري الخفي لنظام أردوغان، وحزب العدالة والتنمية، أو بمثابة ميليشيات مسلحة يديرها حزب أردوغان. ويرى الكاتب والباحث التركي، بوراق بكديل، في دراسته التي نشرها المعهد الأمريكي «جيت ستون» للدراسات السياسية الدولية، إن مهمة شركة «صادات» هي تدريب قوات شبه عسكرية.
ويقول بكديل إن المقصود بعبارة «داخل تركيا» هنا، قتال المنشقين في المستقبل، بينما يُقصد بـ«الخارج» على الأرجح تدريب جهاديين على القتال في حروب أردوغان الطائفية في دول مثل سوريا، وليبيا ،مرجحت أن يلجأ أن أردوغان إلى شركة «صادات» من أجل «قتال المنشقين في المستقبل داخل تركيا، وتدريب جهاديين للقتال في حروبه الطائفية بسوريا وغيرها».
وعبر قناته  على موقع “يوتيوب” قال الكاتب التركي المضرم أركام طوفان آيتاف: إن أردوغان لا يثق في الجيش ولاجهاز الأمن الداخلي، وأضاف: “من المحتمل أن تكون هذه استعدادات لحرب داخلية. لهذا السبب تم وضع حصانة على هذه التنظيمات. سيتم استخدام (أطفال وادي الذئاب) من تنظيمات داعش والقاعدة والنصرة والجيش السوري الحر في هذا التنظيم. وهم يجهزون ويدربون عناصر ذلك الجيش في شركات الأمن الخاصة التي أسسوها” وأردف متسائلا :“لماذا يحتاج أردوغان إلى تنظيم مسلح في ظل وجود القوات المسلحة وقوات الأمن الداخلي؟ ما تكوين هذه التنظيم وممن تتكون؟ ما دور روسيا في هذا التنظيم”.
وفي عام 2017 شهدت تركيا موجة كبيرة من الجدل على خلفية ظهور شركة الاستشارات الدفاعية الدولية “صادات”، مما دفع المحللين والكُتّاب إلى إطلاق العديد من المسميات بشأنها، وتنوعت مثل “بلاك ووتر تركيا” و”ميليشيات أردوغان” و”الحرس الثوري التركي” و”الجيش السري لأردوغان”.
ويرى الكاتب والباحث التركي بوراق بكديل في دراسته بمعهد “جيت ستون” للدراسات السياسية الدولية الأمريكي، أن “جنون الارتياب” يقود أردوغان إلى الهاوية والحرب الأهلية، وأن تعيينه تانري فيردي كبيراً لمستشاريه رغم كل اللغط الذي يحيط به، يعد دليلاً على استعداده لخوض حرب شاملة داخل تركيا ضد أي عدو يواجهه.
ويقول  حزب الشعوب الديمقراطي الكردي أن شركة صادات مارست أعمال تعذيب واعتقالات غير قانونية بحق المعارضين في جنوب شرق تركيا ذي الغالبية الكردية، وأن الشركة نفذت هذه الأعمال تحت حماية حكومة أردوغان.
وكان أردوغان عين  مؤسس شركة “صادات”، بوظيفة كبير المستشارين لديه  في 16 أغسطس 2016، بالتزامن مع بدء عملية “درع الفرات” العسكرية في سوريا وبعد نحو شهر من الانقلاب العسكري الفاشل الذي شهدته تركيا في عام 2016.
وفي أكتوبر 2018 أجرى أردوغان تعيينات لشخصيات جديدة في الهيئات السياسية الرئاسية، كان أبرزهم مؤسس شركة أمنية سيئة السمعة ،حيث وبموجب القرار الرئاسي المنشور في الجريدة الرسمية تم تعيين 76 شخصية في تسع هيئات مختلفة تابعة للرئاسة، وبرز من بين التعيينات اسم عدنان تانري فردي  رئيس شركة صادات  بهيئة السياسات الأمنية والخارجية.