مازالت حقيقة الأوضاع الأمنية المتردية في المنطقة الغربية تتكشف يوما بعد يوم لتنفي مزاعم الاستقرار التي يسوق لها حلفاء حكومة الوفاق المدعومة من تركياحيث تسيطر المليشيات المسلحة على العاصمة ومدن الغرب الليبي وتمارس الانتهاكات والعربدة على أكثر من صعيد وتهدد بافشال أي جهود لارساء سلطة موحدة تنهي الفوضي في البلاد.

في مشهد جديد لعربدة المليشيات المسلحة واستمرار نفوذها في غرب ليبيا،قام مسلحون، مساء الجمعة،بالاعتداء على شركة محطة كهرباء شرقي العاصمة طرابلس،حيث أجبروا الموظفين المناوبين على ترجيع الخطوط المطروحة يدويا، وفقا لبرنامج طرح الأحمال، وطردوهم خارج المحطة.وفقا لما أكدته الإدارة العامة للتحكم بالشركة العامة للكهرباء في طرابلس.

لكن الشركة عادت بعد ساعة واحدة فقط من إطلاق بيانها المقتضب لتعلن أنه تم بفضل تدخل القوة المشتركة إعادة تشغيل طرح الأحمال اليدوي لهذه المحطة، ورجوع العمل، دون أن تكشف عن هوية المسلحين والجهة التابعين لها.

وتعاني العاصمة طرابلس من انقطاع يومي للكهرباء، تحول مؤخراً إلى كابوس بالنسبة لسكان المدينة، حيث يصل العجز إلى 2500 ميغاوات يومياً، بينما لا يتخطى الإنتاج الحالي آلاف ميغاوات يومياً.ونقلت صحيفة "الشرق الأوسطعن أحد سكان العاصمة أمس ،قوله إن معدل انقطاع الكهرباء "تضاعفت وتيرته بشكل غير مسبوق، حيث انقطع التيار الكهربائي على مدى ساعات اليوم تقريباً خلال الأيام الثلاثة الماضية".

وتلقي هذه الحادثة الضوء على استمرار مسلسل الانتهاكات وسطوة المليشيات المسلحة في العاصمة الليبية،ومؤشرا واضحا على مدى الفوضى الأمنية التي تعيشها المدينة، خاصة أن هذه الحادثة تكررت بشكل كبير خلال الفترة الماضية، حيث تعرضت محطات وأنابيب ضخ مياه النهر الصناعي ،شريان الحياة للعاصمة، لعدة اعتداءات من مسلحين اضافة الى الاعتداءات على مؤسسات عمومية وخاصة دون حسيب أو رقيب.

وتأتي هذه التطورات بالتزامن مع تصاعد حدة الصراعات بين المليشيات المسلحة حول النفوذ،وآخرها بين وزير الداخلية في حكومة الوفاق فتحي باشاغا والمرتزقة التابعين لقائد الجبهة الغربية أسامة الجويلي، التابع لرئاسة أركان في حكومة السراج،حيث ألقت وزارة الداخلية، القبض على عدد من "مرتزقة الجويلي"، في منطقة ورشفانة جنوب غرب طرابلسوفق ما أورد موقع "ارم نيوزالاخباري.

ونقل الموقع عن مصادر أمنية قولها، إن "المداهمة والاعتقال العنيف لعناصر مرتزقة الجويلي جاء إثر تضخم الصراعات الداخلية بين باشاغا والجويلي".وأضافت المصادر أن "باشاغا، أمر بتفيذ المداهمة بعد ازدياد الشكاوى من قبل المواطنين نتيجة انتشار الجريمة وحالات الابتزاز والنهب والحرابة التي يمارسها أولئك المرتزقة بذريعة عدم سداد مستحقاتهم".وتابعت أن أولئك المرتزقة "يرفضون استلام الأوامر إلا من الجويلي، بعيدا عن الحكومة ودون أي اعتبار لها.بحسب "ارم نيوز".

وتلجأ المليشيات في كثير من الأحيان للسلاح لحل النزاعات بين بعضها البعض،وشهدت الايام القليلة الماضية اشتباكات بين المليشيات ومحاولات تصفية واغتيالات كان آخرها تعرض القيادي المليشياوي الليبي مفتاح صالح الشاذلي آمر مليشيا "سرية أبابيللمحاولة اغتيال، مساء الأربعاء الماضي، في العاصمة طرابلس.وعبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك، توعد "الشاذلىبالرد.

وتعرض عدد من قادة المليشيات لحملة اغتيالات او تصفية أو اعتقال من قبل نظرائهم في المليشيات الأخرى وسط اندلاع اشتباكات عنيفة.فمطلع يوليو/تموز الجاري قتل عدد من قادة مليشيات طرابلس، التابعين لوزارة داخلية حكومة السراج،في اشتباكات مع مليشيات أخرى تتبع نفس الوزارة في منطقة جنزور، غربي طرابلس.

وتتصارع مليشيات طرابلس على النفوذ في مناطقها خاصة مع وجود فوارق عقدية وولاءات مختلفة بين الجهوية والانتماءات لتنظيمات إرهابية مختلفة منها الموالي لتنظيم داعش أو القاعدة أو الإخوان.وانضاف الي صراع النفوذ هذا المرتزقة والارهابيين الموالين الذين دفعت بهم تركيا ومازالت نحو الاراضي الليبية لخدمة أجندات أردوغان وأطماعه.

وبات الوضع في طرابلس أكثر صعوبة مع المرتزقة السوريين الذين تحولوا الى مليشيا أخرى إلى جانب المليشيات التي تعج بها طرابلس ولا قدرة على حكومة الوفاق في السيطرة عليهم أو كبحهم ما زاد في معاناة سكان المدينة.ونقلت "سكاي نيوزعربية عن مصادر عسكرية ليبية قولها إن تظاهرات خرجت في طرابلس للمطالبة بخروج المرتزقة الأجانب وضد انفلات الميليشيات.

وبحسب مدير التوجيه المعنوي بالجيش الوطني الليبي العميد خالد المحجوب، فأن الصراعات بين الميليشيات في طرابلس نابعة من رغبة كل طرف منهم في السيطرة على عملية صنع القرار أو نتيجة الاختلافات الآيدولوجية.وأكد المحجوب،نقلا عن "سكاي نيوزعربية،نية تركيا إقامة منطقة خضراء داخل العاصمة الليبية طرابلس، وهو الأمر الذي بدأ يثير حفيظة وقلق المواطنين الليبيين في طرابلس.

واعترفت حكومة الوفاق فى عدة مناسبات بسيطرة ميليشيات مسلحة إجرامية على مفاصل العاصمة طرابلس وعدم قدرتها على مجابهتها، إلا أن تحرك الجيش الليبى إلى طرابلس دفع رئيس المجلس الرئاسى فائز السراج إلى التحالف مع تلك التشكيلات بالاضافة الى فتح الباب لتركيا التي أرسلت آلاف المرتزقة والارهابيين الى الاراضي الليبية بتواطئ من حكومة السراج.

وبالرغم من اجماع الكثير من المتابعين للشأن الليبي على ضرورة انهاء الصراع المسلح بين الليبيين وووقف التصعيد الأخير خاصة حول مدينتي سرت والجفرة، والذهاب الى طاولة الحوار أملا في الوصول الى تسوية تنهى الأزمة الشائكة،فانهم يشيرون من جهة أخرى الى أن أي استحقاق قادم في ليبيا لا يمكن تحقيقه في ظل وجود المليشيات المسلحة وسيطرتها على مؤسسات الدولة.

ويؤكد الكثيرون أن بعثة الأمم المتحدة تتحمل أسباب استمرار وجود الميليشيات المسلحة وتمركزها فى طرابلس بسبب تغاضيها عن تفعيل ملحق الترتيبات الأمنية الوارد فى اتفاق الصخيرات الذى وضع آلية واضحة للتخلص من الميليشيات، بالإضافة إلى الرؤية التى وضعها العسكريين الليبيين خلال اجتماعاتهم الست فى القاهرة للتعامل مع مشكلة الميليشيات وكيفية حلها ونزع أسلحتها.