في تحدي سافر للقوانين والأعراف الدولية،تستمر تركيا في دعمها للجماعات الإرهابية المسلحة في ليبيا،وذلك عبر إرسال شحنات الأسلحة إلى هذا البلد،الذي يعاني أساسا من إنتشار السلاح الذي كرس الفوضى والعنف وتسبب في إطالة أمد الأزمة الخانقة منذ سنوات.

وفي خرق آخر لقرار مجلس الأمن لبيع ونقل الأسلحة إلى ليبيا،أحبطت السلطات الليبية إدخال شحنة جديدة من الأسلحة التركية إلى ليبيا.حيث أعلنت مصلحة الجمارك في ليبيا عن ضبط أكثر من 20 ألف مسدس داخل حاوية بضائع قادمة من تركيا، في ميناء مصراتة البحري، على بعد نحو 200 كيلومتر شرق العاصمة طرابلس.

وقال فرع مصلحة الجمارك بمصراتة، في بيان، إن الحاوية المستوفاة للإجراءات الجمركية كانت تحتوي على بعض المواد المنزلية وألعاب الأطفال في مقدمتها للتمويه، مشيرة إلى أنه بعد فرز البضاعة وجردها كانت الكمية 556 علبة، بواقع 36 مسدساً في كل علبة.

وتكررت في الآونة الأخيرة عمليات ضبط أسلحة قادمة من تركيا عبر الموانئ البحرية إلى ليبيا؛ حيث ضبطت الأجهزة الأمنية قبل حوالي 3 أسابيع شحنة أسلحة وذخائر بميناء الخمس البحري شرقي طرابلس على متن سفينة قادمة من تركيا، ورغم أن بيانات الحمولة كانت تشير إلى مواد بناء، إلا أنه تبيّن من خلال تفتيش حمولة السفينة، وجود حاويتين معبأتين بأطنان من الأسلحة والذخائر القادمة من تركيا.

سارعت تركيا في محاولة منها لتحسين صورتها بإرسال وزير خارجيتها مولود جاويش أوغلو إلى ليبيا لتدارك الأزمة والحد من تداعياتها،فيما توعدت سلطات طرابلس آنذاك بالتحقيق في الحادثة،غير أن  ضابط التحقيق في شحنة الأسلحة التركية التي تم ضبطها بميناء الخمس،تعرض لمحاولة اغتيال إثر هجوم مسلح من قِبَل مجهولين، أثناء توجهه إلى مقر عمله.

وإتهم الجيش الوطني الليبي،على لسان الناطق الرسمي باسم القيادة العامة،العميد أحمد المسماري،أنقرة بالوقوف وراء محاولة الاغتيال التي تعرض لها ضابط التحقيق في شحنة الأسلحة التركية في محاولة منها لإخفاء معالم القضية ووقف التحقيقات، وذلك عبر عملائها في ليبيا من الميليشيات والعصابات المسلحة، وعلى رأسهم الجماعة الليبية المقاتلة".

وقال المسماري في تصريح لـ"العربية.نت"،أن الشحنتين الأخيرتين من الأسلحة التركية اللتين تم ضبطهما في كل من ميناءي الخمس ومصراتة، أظهرتا أن "النظام التركي بصدد اتباع سيناريو جديد لزعزعة استقرار ليبيا يعتمد على عمليات الاغتيال، إذ تحتوي هذه الشحنات على ذخائر وأسلحة وكاتمات صوت تستخدم في عمليات الاغتيال، وذلك بعد أن كانت ترسل متفجرات وقنابل أسلحة قتالية عثر عليها الجيش الليبي لدى الجماعات الإرهابية في بنغازي ودرنة".

وأكد المسماري، أن الشحنات الضخمة والكميات الكبيرة للأسلحة التي ترسلها تركيا،"تتجاوز تخريب ليبيا وإطالة أزمتها، لتستهدف بها أمن دول الجوار على غرار تونس والجزائر"، مضيفا إن "مخطط النظام التركي الخطير الذي يقوم على دعم الحركات المتطرفة يمتد إلى كل دول المنطقة العربية".

وجدّد المسماري طلب القيادة العامة للجيش من مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة وبعثتها في ليبيا بإدانة تركيا وفتح تحقيق مباشر بشأن مخالفة تركيا للقانون الدولي الذي يقضي بمنع تمويل الأشخاص والمنظمات الإرهابية، القرار الذي من المفترض أن تلتزم به كل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة..

إتهامات دعمها وزير الخارجية المصري، سامح شكري،بقوله إن القاهرة ترصد "كل المحاولات لزعزعة استقرار ليبيا والعمل على تزكية مركز الميليشيات والمنظمات المتطرفة، وتأثير ذلك على المشهد الليبي وتأثيره المباشر على المواطن الليبي، زعزعة الاستقرار وإيجاد وسائل لاستمرار هذه التنظيمات والعمل لإعاقة جهود التسوية السياسية في الأراضي الليبية وتهديد الدول المجاورة، ومنها مصر".

وأضاف شكري،في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير خارجية المغرب ناصر بوريطة بالقاهرة الثلاثاء،"هناك، ليس فقط مصر، ولكن دول شريكة أوروبية أيضاً، رصدوا واستطاعوا أن يوقفوا شحنات من الأسلحة قادمة من تركيا، ونجد أن هذه السياسية تؤثر على استقرار وأمن دول المنطقة وتزكية التوجهات المتطرفة والميليشيات".

واختتم بالقول:"بالإضافة إلى أطراف أخرى، مثل قطر، تنتهج نفس السياسة، وهذا ما نحذر منه، ونجد أهمية بأن يكون واضحاً أمام المجتمع الدولي أنه لا بد من مواجهة كل من يوفر أي قدر من الدعم لهذه التنظيمات أو يحاول توظيفها لأغراض سياسية".

وخلال السنوات التي أعقبت إندلاع الأزمة في ليبيا في العام 2011،تم الكشف عن أكثر من باخرة محملة بالأسلحة التركية كانت متوجة إلى ليبيا، تلك البواخر عمدت تركيا في العديد منها لرفع أعلام بلدان أخرى بغرض تشتيت الانتباه،وحوت الحمولات على أسلحة وذخيرة وصف بعضها بأنها تكفي لقتل ما يقرب من 80% من الشعب الليبي.

وتحذر أصوات عديدة من الأهداف المشبوهة لسفن الأسلحة التركية والتي من شأنها تأجيج الصراع في البلاد.وكشف تقرير لمجلة أورينت 21 الفرنسية،في وقت سابق، مخاطر تدخل قطر وتركيا في الشأن الليبي الداخلي والقيام بأعمال تعزز الانقسام فيها، مشيرا إلى أنهما تعملان علي تمزيق ليبيا.ولفت التقرير النظر إلى النفوذ التركي القطري في العاصمة طرابلس، من خلال وجود جماعة الإخوان الموالية للدوحة وأنقرة، فضلا عن الميليشيات المنضوية تحت فجر ليبيا.

وفي الوقت الذي تتوالى فيه محاولات تركيا إغراق ليبيا بالمزيد من السلاح،لم يتعدَّ موقف السلطات المحلية في طرابلس والمجتمع الدولي بيانات التنديد والتهديد بتحقيق لم تظهر نتائجه.ويرى مراقبون أن هذا الصمت الدولي المتواصل هو بمثابة الضوء الأخضر لتركيا لمواصلة جرائمها بحق الشعب الليبي