عندما أصدر مجلس الأمن الدولي القرارين 1970 و1973  في مارس 2011، كان الغرض المرجح من وراء القرارين لا يتجاوز إحالة الوضع في ليبيا إلي المحكمة الجنائية الدولية، وحظر الأسلحة والسفر، وتجميد الأصول الليبية في الدول الغربية، وإقامة منطقة حظر طيران جوي في الأجواء الليبية، على أبعد تقدير وذلك مقارنة بحالات مماثلة، على الرغم من أن استصدار القرارين أعتمد من الأساس على معطيات لا تستوجب مثل هكذا إجراءات إذ تم الاعتماد على تقارير إعلامية دون تكليف لجان تقصي حقائق للوقوف على المعطيات الحقيقية على الأرض.

وقد أكد أمين عام حلف الناتو السابق أندرس فوغ راسموسن، أن الحلف "تحرك ضد النظام الليبي كان بمقتضى تفويض قوي من مجلس الأمن، ودعم واضح من دول المنطقة، وهو مزيج نادر لم نشهده في مواقف أخرى"، وهو ما يعني أن ما أقدمت عليه الدول التي شاركت في الهجوم على ليبيا لم يكن مبنيا على ما أعلن عنه بل كان لتنفيذ مخطط متكامل للإطاحة بنظام شرعي، وهو ما ينافي كل القوانين والشرايع والتقاليد والأعراف الدولية.

ويتفق المختصون في القانون أن القوى المتمثلة في الدول الكبرى وجهت قرارات مجلس الأمن لخدمة أهدافها في تدمير ليبيا كبلد وإسقاط نظامها السياسي باستهداف الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي بشكل خاص، وهو ما يتضح من خلال مجريات الأحداث التي أظهرتها الضربات التي نفذها الناتو والقوى المشاركة معه في ضرب ليبيا، ومن المفارقات التي شكلها التدخل العسكري، تتمثل في أن قرارات مجلس الأمن لم تشر إلى الأطراف المنوطة بالعمليات في ليبيا سوى بالقول "يؤذن للدول الأعضاء التي أخطرت الأمين العام -وهي تتصرف علي الصعيد الوطني أو عن طريق منظمات أو ترتيبات إقليمية وبالتعاون مع الأمين العام- أن تتخذ جميع التدابير اللازمة لحماية المدنيين وإبلاغ الأمين العام بها"، وهي الصيغة المفتوحة التي سمحت بتجاوز الخلل القانوني.

كما أنه وعلى الرغم من أن مضمون القرارات هو فرض منطقة حظر جوي على حركة الطيران العسكري الليبي كإجراء وقائي لتوفير "الحماية للمدنيين"، وتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة، إلا أن مهمة الناتو قد تجاوزت ذلك من خلال قصف مواقع مدنية خاصة وعامة ومقرات الدولة بما في ذلك المؤسسات المدنية حيث لم تسلم حتى المستشفيات من القصف.

في التاسع عشر من شهر مارس 2011 (وهو نفس التاريخ الذي بدأ الهجوم على العراق 2003) قادت فرنسا هجوما على القوات المسلحة العربية الليبية، بالتحالف مع عدد من الدول فيما عرف بعملية "فجر الأوديسا" استمرت 10 أيام استلم بعدها حلف الناتو مهامه في 31 مارس 2011 فيما عرف بعملية "الحامي الأوحد"، ففي 19 مارس حشدت دول التحالف قواتها لشن غارات جوية، وقصف صاروخي، بقيادة الاميرال الامريكي "سامويل لوكير" واستمرت لمدة عشرة أيام أُطلق خلالها 110 صاروخ توماهوك استهدفت الدفاعات الجوية ومراكز قيادة ومعسكرات في المدن الليبية التي لم تقع تحت سيطرة المجموعات المسلحة، واستهدفت القوات العسكرية التي كانت تتمركز على مشارف مدينة بنغازي، وشاركت في تنفيذ العملية طائرات هجومية وقاذفات صواريخ بعضها على حاملات طائرات أمريكية، وفرنسية متمركزة في عرض البحر المتوسط، وأخرى في قواعد عسكرية في إيطاليا وبعض الجزر في البحر المتوسط كما  انطلقت الطائرات من القاعدة الاميركية في مدينة شتوتغارت الالمانية، وغيرها من المنصات التي استخدمت في أشبه ما يكون بحرب عالمية.

من فجر الأوديسا إلى الحامي الوحيد

وبعد عشرة أيام تم تسليم المهمة لحلف شمال الأطلسي "ناتو" الذي بدأ عملية عسكرية واسعة أطلق عليها عملية "الحامي الأوحد" شاركت فيها عدة دول تجاوز عددها 40 دولة من بينها دول عربية شاركت بشكل مباشر إضافة إلى دول أخرى ساهمت بشكل غير مباشر، وقاد العملية 

الجنرال الكندي "تشارلز بوشارد" واستمرت العملية حتى يوم 20/10/2011 انتهت باستشهاد الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي بمدينة سرت عندما قصفت الطائرات الفرنسية موكبه الذي خرج به لفك الطوق والحصار الذي كان فرض على المدينة.

وقد شاركت في عمليات الناتو ضد ليبيا أضخم ترسانة حربية كانت معدة لمواجهة حلف وارسو "المعسكر الشرقي" الذي تتزعمه روسيا التي تنافس الولايات المتحدة في زعامة العالم عسكريا، وجاءت أهم الأسلحة التي أستخدمت كالتالي:

شاركت امريكا بطائراتها [ B2, B52, F22, F16, F18, Awacs3] وغواصة يو اس اس فرجينيا بجانب الدعم اللوجستي الكبير.

فيما شاركت فرنسا بطائراتها الرافال والميراج وحاملة الطائرت شارل ديغول والتي ضلت في عرض البحر المتوسط طيلة اشهر القصف، حاملة مروحيات تونير، إلى جانب قواتها البرية على الأرض وغرف العمليات التي كانت تقود العمليات الميدانية وتخطط للمجموعات المسلحة.

أما بريطانيا فقد شاركت بطائراتها التايفون والتورنادو، حاملة المروحيات إتش إم إس أوشين، وغواصة وسفينتين حربيتين.

وساهمت كندا بطائراتها هورنت وقدمت طائرات بولاريس للتزويد بالوقود في الجو، فيما ساهمت في العمليات العسكرية بمختلف الطرق دول أخرى منها ايطاليا، والدنمارك، واسبانيا، وبلجيكا ، وتركيا، وهولندا، وبلغاريا، ورومانيا، والسويد، واليونان، بالاضافة إلى عدد من الدول العربية.

وأظهرت القوات المسلحة العربية الليبية قدرة عالية في التعامل مع معطيات المعارك على الرغم من خسارتها للغطاء الجوي، والدفاعات الجوية منذ بدء المعركة، وهو ما جعل عدة دول تتردد في الاستمرار في العملية العسكرية التي كانت التوقعات تؤكد أنها لن تستمر إلا أيام، إلا أنها طالت لعدة أشهر وهو ما دعا كل من فرنسا وبريطانيا أن يدخلا العملية في مرحلة جديدة بداية من يونيو 2011 بمشاركة مروحيات الأباتشي.

وعلى الرغم من تضارب المعلومات عن عدد القوات المشاركة في العمليات ضد ليبيا خلال الأشهر الثمانية، إلا أن الإحصائية التي قدمها قائد العملية "تشارلز بوشارد" إلى السكرتير العام لحلف شمال الاطلسي "ناتو" أندرس فوغ راسموسن بعد انتهاء العمليات، أظهرت أن 

 12.909 هو عدد القوات المشاركة على الأرض، وكان للولايات المتحدة نصيب الأسد من هذا العدد والتي شاركت ب 8.507 ، جاءت بعدها بريطانيا بـ 1.300 ، ثم فرنسا بـ 800، وكندا 560 ، وأسبانيا بـ 500،  ورومانيا 205 ، وهولندا 200 ، وبلغاريا 160 ، وبلجيكا 170 ، النرويج 140 ، والدول العربية 125 ، السويد 122 ، والدنمارك 120.

التفاصيل وفقا لرواية الناتو

ووفقا لتقرير نشره موقع الحوار المتمدن في شهر أغسطس سنة 2013 فأن عمليات الناتو في ليبيا، قد بدأت التظئة لها قبل صدور القرار 1973، حيث قـام حلف شمال الأطلسي منذ يوم 9 مارس 2011، بمراقبة جوية للبحر المتوسط، بواسطة طائرات المراقبة الجوية بوينغ Boing E 3 ، وطائرات من نوع مقاتلات رافال القاذفة بجراب الاستطلاع، حلقت من حاملة الطائرات شارل دي غول Charles Degaulle (R91)

ويوم 19 مارس 2011، بدأت عمليات التحليق الجوي بدورية مكونة من 8 طائرات رافال Rafal ، حيث دامت العملية بالنسبة للمقاتلات التي خرجت من فرنسا 6 ساعات ونصف، نفذت دورية فوق ليبيا مدتها ساعتين ونصف، وبعدها في الحين التحقت أمريكا بطائرات F-18 على متن الحاملة يو أس أس l’USS Entreprise .

وعن تفاصيل الهجوم على ليبيا، فقد فصل التقرير مجريات الأحداث على النحو التالي:

يـوم 24 مارس 2011، رصدت طائرة أواكس رادار للتحالف طائرات خرقت الحظر الجوي، بجهة مصراته على بعد 200 كلم شرق طرابلس، فقامت دورية من طائرات ميراج 2000 ورافال بتدمير طائرة مقاتلة غالب سوكو Soko G2 Galeb ، تابعة للقوات الجوية الليبية كانت تحط في مطار مصراتة وفي عين المكان يوم 26 مارس دمر ما لا يقل عن 5 طائرات من نوع غالب 2 و Mi35 .

أولا: الهجوم من الجو

شكلت المرحلة الأولى من الهجوم تدمير الدفاعات الجوية الليبية، من خلال قصفها في الأرض بما فيها من مسارات ورادارات، باستخدام صواريخ مضادة للرادار Messiles Anti Radar، وقنابل موجهة بالليزر .

ويوم 19 مارس 2011، قال ساركوزي إن الطائرات الفرنسية منعـت هجمات جوية على مدينة بنغازي (على حد زعمه)، وفي نفس اليوم ستلتحق كـل من أمريكا والمملكـة المتحـدة بالعمليات، حيث أن 20 هدفا متكونة مـن مراكز للاتصالات الاستراتيجيـة وأنظمـة الدفـاعات ومضـادات الصواريخ ضربـت ب 124 صـاروخ توماهوك Missiles de croisière BGM-109 Tomahawk، أطلقت منSSGN - SNA ومدمراتClasse Arleigh Burke الامريكية و SNA بريطانية.

وقـد قامت طائرات تورنادو البريطانيةTornado GR4 ، آتية من قاعدة سلاح الجو الملكي البريطاني، القاعدة الجوية Raf Marham ، بقصف مناطق بجهة طرابلس، أما قاذفات القنابل الأمريكية B2 أطلقت حوالي 45 قنبلة JDAM على مطار القرضابية، 15 كلم جنوب سرت .

ونفـذ الجيش الفرنسي غارة جوية على مواقع صواريخ مضادة للطائرات تقع على بعد 100 كلم جنوب طرابلس يوم 29 مارس، وفي اليوم الموالي نفذت نفس العملية على بعد 20 كلم جنوب سرت، وحسب التقديرات فإنه بتاريخ 4 أبريل 2011، جميع البطاريات من نوع S-200 Doubna, S-125 Neva, Missiles Sol-Air S-75 dvina و2k12kub قـد دمرت، باستثناء نوع 9K33OSA باعتبارها محمولة على مركبات متنقلة .


 كما قصفت الطائرات الفرنسية يوم 19 مارس دبابات حربية بالقرب من مدينة بنغازي، بقنابل موجهة من نوع GBU 12 وBombes guidées laser GBU 12 AASM.
 واعتبارا من 20 مارس شاركت الى جانب الطائرات الفرنسية 15 طائرة أمريكية من السلاح الجوي الامريكي باستثناء طائرات B2 التي شاركت في الهجوم على القاعدة الجوية، هذه الطائرات من نوع F15E، وطائرات ويلد ويسلF16GG، 4 طائرات من نوع AV-8B Harrier II لسلاح البحرية الأمريكية، مهمتها تدمير مجموعة من السيارات والمركبات المدنية والعسكرية التابعة للنظام (على حد وصف التقرير).

ويـوم 23 و24 مارس نفذت عملية جوية 7 صواريخ من نـوع missiles de croisière SCLAP ، من طائرات رافال وميغ 2000، لتدمر مستودعات الذخيرة ومراكز الصيانة وقاعدة جوية بالجفرة، وفي الليلة الموالية دمرت الطائرات الفرنسية بقنابل GBU12، بطاريات مدفعية بعد تدمير 7 دبابات من نوع T-72 بواسطة طائرات تورنادو GR4 مسلحة بصواريخ مضادة للدبابات وطائرات ميراج 2000. 

وما بين يوم الخميس 31 مارس و 7 أبريل 2011، قامت طائرات القوات الجوية والقوات البحرية الفرنسية بما يقارب من 900 ساعة طيران، 120 طلعة جوية، 24 طلعة للاستطرع، 13 للكشف والمراقبة، 22 طلعة لتزويد الوقود، 28 طلعة لتزويد الوقود من نوع خاص، 22 خرجة للدفاع الجوي من الجنوب، وقد قامت الطائرات الفرنسية منذ أول أبريل بتدمير دبابة غرب مصراتة وفي اليوم الموالي دمرت 5 مركبات مدرعة في منطقة سرت، وخلال يوم 3 أبريل 2011، دمرت 3 ناقلات للدبابات بمنطقة رأس لانوف، ويوم 5 أبريل دمرت سيارة جنوب البريقة، وفي اليوم الموالي دمر موقعين لاطلاق مضادات الطائرات في جنوب زليطن و100 كلم جنوب سرت، وفي يوم 10 أبريل تدخلت قوات الناتو بضربات للقوات الليبية في محيط كل من اجدابيا ومصراتة.

وفي يوم 27 أبريل 2011 قامت طائرات ميغ 2000 الفرنسية بقصف العديد من المركبات وخلال فاتح يونيو واليوم الثالث والرابع من نفس الشهر، تم قصف طرابلس بشكل مكثف وقامت طائرات الهيلكوبتر الحربية الفرنسية من نوع تيغر والهيليكوبتر البريطانية، بتدمير 20 هدف منها 15 مركبة ومركزين للقيادة، وفي اليوم السابع قصفت مواقع بوسط العاصمة طرابلس ب 60 قنبلة أدت إلى 32 قتيل و 150 جريح .

وقامت مروحيات ما بين يوم 9 و16 يونيو بأكثر من 250 طلعة جوية بزيادة 30 طلعة مقارنة مع الاسبوع الذي سبق، حيث أن 146 منها كانت هجومية على الارض، فدمرت 60 هدف مقسمة على 20 مبنى وأكثر من 40 آلية عسكرية، في منطقة مصراتة، طرابلس والبريقة، ويوم 13 يونيو قامت مروحيات تيغر وغازيل المنطلقة من حاملة المروحيات BPC tonner، بتدمير الدفاعات المضادة للطائرات والآليات العسكرية ومركبات وسفن ليبية في منطقة زليطن. 

 ثانيا: الهجوم من البحر

لقد ساهمت سفن الناتو بالعديد من العمليات العسكرية من بينها، قيام الفرقاطة الفرنسية مونتكلم Montcalm بسواحل البريقة بقصف بطاريات مدفعية تابعة للقوات المسلحة العربية الليبية في يوم 2 مايو 2011، وفي يوم 7 مايو قامت الفرقاطة الفرنسية كوربيتcourbet بتدمير بطارية إطلاق صواريخ متعددة الرؤوس بالقرب من مصراتة، وخلال يوم 12 مايو قامت الفرقاطة الكندية MCSM charlottetown (FFH 339) والفرنسية والبريطانية HMS liverpool (D92)، بضرب زورقين سريعين قرب  ميناء مصراتة، فتم قصفهم برشاش الفرقاطة charlottetown ومروحية من الفرقاطة liverpool ، وبعد يومين تم تدمير 8 بارجات بميناء طرابلس إضافة لبعض السفن التجارية بقصف الرصيف التجاري بميناء طرابلس.

ووفقا للتقرير فقد انتهت عملية "الحامي الوحيد" التي قام بها الناتو في ليبيا يوم 31 أكتوبر 2011 على الساعة 23.59 بالتوقيت المحلي لليبيا.

ووفقا لإحصائيات حلف  الناتو التي أعلنها بتاريخ 2 نوفمبر 2011 وصلت المشاركة إلى :


 • القوات العسكرية:

أكثر من 260 طائرة (طائرات مقاتلة، طائرات المراقبة والاستطلاع، طائرات بدون طيار ومروحيات هجومية، طائرات التزود بالوقود).


 21 قطعة بحرية (سفن الإمدادات، فرقاطات ومدمرات وغواصات وسفن هجومية برمائية وحاملات الطائرات).

وما يناهز 8.000 جندي من عدة دول.


 • العمليات الجوية:

أكثر من 26.500 طلعة جوية، منها 9700 طلعة قصف جوي، بالإضافة إلى طلعات ضرب لتحديد الأهداف ولم يستعمل السلاح في كل مرة.

• الاستهداف:

دمرت أكثر من 5900 هدف بما فيها الأهداف العسكرية والمدنية، وأكثر من 400 مدفعية وقاذفات صواريخ، وأكثر من 600 دبابة أو عربة ومدرعة.

• حظر الأسلحة:

تغطية منطقة المراقبة البحرية لحوالي 61000 ميل بحري مربع، حيث تم رصد أكثر من 3100 سفينة وصعد ما يقارب 300 سفينة وحرم 11 سفينة عابرة من وإلى الموانئ الليبية بما في ذلك السفن التجارية وناقلات النفط والوقود.

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=375376&r=0

شجب ورفض بعد فوات الآوان

وبعد انتهاء العمليات على ليبيا بدأت موجة الإعتراف من قبل معظم الدول التي شاركت في العدوان بخطأ ضرب ليبيا لا سيما بعد النتائج التي آلت إليها البلاد بعد إسقاط النظام وسيطرة الجماعات المتطرفة على البلاد، وتحقق كل ما كان الزعيم الراحل معمر القذافي قد حذر منه في خطابه الشهير يوم 22 فبراير 2011 وخطاب نجله سيف الإسلام قبله يوم 20 فبراير اللذين حذرا من الانفلات الأمني وتحول ليبيا إلى بؤرة إرهاب أقليمي عقب تمكين جماعات تيار الإسلام السياسي منها بسبب التدخل الخارجي.

وكانت الاعترافات توالت من رؤساء الدول الكبرى بما في ذلك أمريكا عندما أقر الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بخطأ التدخل الخارجي في ليبيا، كما أقر بذلك الرئيس الفرنسي أولاند الذي حمل سلفه ساركوزي مسؤولية إقحام فرنسا في الهجوم على ليبيا، وكذلك عبرت العديد من الدول وساستها عن خطأ التدخل في ليبيا، وسؤ تقدير العمليات العسكرية في ليبيا.

وفي بريطانيا خلال جلسة لمجلس العموم البريطاني يوم الجمعة 6 يناير 2017، أعربت لجنة الشؤون الخارجية فى مجلس العموم البريطانى، عن ادانتها الشديدة تجاه التدخل العسكرى فى ليبيا، الذى قامت به كل من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية فى عام 2011 بدعم من حلف الناتو، وبتأييد العديد من دول العالم.

وأصدرت اللجنة تقريرا، بعد ان شكلت فريق برلماني أثبت أن التدخل في ليبيا كان بناءاً على معلومات مضللة من المعارضة الليبية السابقة، موضحة أن الناتو استخدم التدخل العسكرى لحماية المدنيين من الناحية الظاهرية فقط، إلا أن الوجهة الحقيقية كانت تغيير النظام الليبي، والإطاحة بالزعيم الليبي الراحل معمر القذافى بدلاً من حماية المدنيين، مضيفا أن الحوار السياسى مع النظام، كان من شأنه التوصل إلى حل سلمى فى ليبيا، دون اللجوء الى التدخل العسكري في البلاد.

وخلص التقرير إلى أن التحرك العسكرى البريطاني، فى ليبيا كان جزءاً من خطة تدخل عسكري، سيئة التخطيط، فجاءت نتائجها مخيبة للآمال، واعترفت اللجنة بصحة ما ردده الزعيم الراحل معمر القذافي من وجود الجماعات المتطرفة وقادة تنظيم القاعدة ضمن المجموعات المسلحة التي كانت تواجهها القوات المسلحة العربية الليبية، ملقياً اللوم على رئيس الوزراء البريطانى السابق، ديفيد كاميرون، والرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزي.

كما أفاد تقرير حكومي نرويجي بأن أوسلو تدخلت في حرب ليبيا إلى جانب الناتو عام 2011، رغم امتلاكها معلومات قليلة ومحدودة جدا حول الوضع الليبي وعواقب قرار الناتو.

وأشار التقرير الصادر عن لجنة يترأسها وزير الخارجية السابق يان بيترسن إلى أن المسؤولين النرويجيين اتخذوا قرار المشاركة في الغارات الجوية التي نفذها الناتو على ليبيا، استنادا إلى معلومات غير مؤكدة حصلوا عليها من دول أخرى ووسائل إعلام.

وأكد التقرير غياب أي مصادر خطية تثبت أن الحكومة النرويجية، قبل اتخاذ قرار مشاركة قواتها في عملية "فجر أوديسا"، قد حددت طبيعة النزاع الذي تدخلت فيه.

من بين منتقدي المشاركة النرويجية الزعيمة السابقة لحزب الوسط ليس سيغني نافارسيتي التي علقت على التقرير بالقول: "حين تنظر إلى ما حصل لاحقا، وخاصة تحول ليبيا إلى بؤرة للإرهاب، يبدو أن القرار لم يكن خطوة يجوز الاعتداد بها".

https://goo.gl/6oWkBD

تورط الناتو في استخدام أسلحة محرمة دوليا

كشف الأكاديمي المختص في السياسات الإشعاعية والباحث فى مركز البحوث النووية فى ليبيا، نورى الدروقى، عن ارتكاب حلف الناتو لجرائم ضد الإنسانية بحق أبناء الشعب الليبى خلال تدخله العسكرى في ليبيا خلال أحداث فبراير 2011.

وأكد الدروقى فى حوار أجرته معه صحيفة "اليوم السابع" المصرية، أن القوى الغربية وتحديدا حلف شمال الأطلسى دمر البنى التحتية فى ليبيا، متهما الحلف باستهداف كافة الآليات العسكرية التى تتبع الشعب الليبى، بدعوى استهداف القذافى، ولكنها  كانت تنتقم منه باستهداف البنى التحتية والمدن الليبية.

وقال الباحث النووي في حواره مع الصحيفة المصرية، انه شارك في العمل ضد النظام، وهو لم يكن يعلم أن الأمور ستتحول للأسوأ، قائلا إننا لم ننتبه للأجندة الدولية التى أنفقت أموال ضخمة من عدد من الدول العربية، وسرعان ما ظهرت الأجندات الدولية منذ سنة 2012.

وأضاف الدروقي، أن أولى المؤامرات التى حيكت ضدنا هي مطالبة القوى الغربية للتدخل فى ليبيا لحماية المدنيين، وقصف حلف الناتو المدن الليبية بعنف وكانت هذه بداية المؤامرة على ليبيا، كما قصف الناتو الأهداف العسكرية والاقتصادية لليبيا، ودمرت طائرات الناتو مناطق لم نرغب فى تدميرها واستخدموا أعتى الطائرات والبوارج البحرية، واستهدفت الصواريخ التابعة للحلف المدن والمعسكرات الليبية على حد سواء.

وعن استخدام اليورانيوم المنضب قال الدروقي: "فى شهر سبتمبر 2017 تم دعوتى من المجلس الرئاسى الليبى وتكليفى للتحقق من حقيقة استخدام حلف الناتو لليورانيوم خلال قصف إحدى المناطق بالعاصمة طرابلس، وتم أخذ عينات من أحد المعسكرات والذى تعرض للقصف بأكثر من 100 قذيفة، وعملت مع المجلس الرئاسى لبحث استخدام الناتو لأسلحة محرمة دولية وتأكدنا بعد أخذ عينات من 5 دشم على استخدام حلف الناتو لليورانيوم، وقدمنا تقرير رسمى للحرس الرئاسى التابع لحكومة الوفاق، وتم تحويل التقرير بشكل رسمى إلى المجلس الرئاسى الليبى برئاسة فائز السراج فى أكتوبر 2017،  ولم يقم المجلس الرئاسى بأى تحرك سواء إقليميا أو دوليا، وأخذت على عاتقى توضيح الحقيقة الكاملة للتدمير الذى قام به حلف الناتو واستخدامه أسلحة محرما دوليا.

والمشكلة أن الغبار الناتج عن القصف باليورانيوم تشعب فى التربة بسبب الأمطار الكثيفة فى ليبيا عام 2017 وتخزن اليورانيوم فى المياه الجوفية.

وقد التقيت بالمبعوث الأممى إلى ليبيا غسان سلامة وأبلغته بالتقرير العلمى والفنى، وحصل المبعوث الأممى على نسخة من التقريرين أحداهما صادر عن الحرس الرئاسى والآخر صادر عنا كلجنة علمية ووعد غسان سلامة بالبحث فى الموضوع.

وهذا رابط لنص الحوار:

https://goo.gl/J2Dz8X

https://youtu.be/LbtNelDvw9A?t=350

https://youtu.be/jRZT624kQjs?t=74

تقارير دولية تؤكد الانتهاكات

طيلة فترة هجوم الناتو على ليبيا لم يقر بسقوط ضحايا مدنيين في قصفه المتواصل على الرغم من الأدلة الكثيرة والغارات المتعددة التي سقط فيها مئات الضحايا في عدة مدن ومناطق مختلفة في ليبيا منها العاصمة طرابلس في غرغور وسوق الجمعة وبوسليم وباب بن غشير، والتي كان من بين ضحاياها سيف العرب نجل القذافي، وعائلة كاملة في عرادة بسوق الجمعة، وفي مدينة صرمان تم الهجوم على بيت عضو مجلس قيادة الثورة الخويلدي الحميدي وراح ضحية الهجوم أثني عشر مدني من بينهم أسرة خالد الخويلدي التي أستشهدت بالكامل، وفي منطقة ماجر جنوب مدينة زليتن وقعت مجزة في 8 اغسطس 2011 راح ضحيتها 84 شخص من بينهم أطفال ونساء، ونالت كل من سرت وبني وليد نصيبهما الأوفر من الاستهداف بالغارات التي راح ضحيتها المدنيين ودمرت فيها مؤسسات الدولة المدنية بما فيها المدارس والمستشفيات، ففي شهر أغسطس قتل 13 شخص مدني في غارة واحدة في بني وليد، إضافة إلى استهداف بيت المواطن فتحي جفارة الذي قتلت عائلته بالكامل، وفي 15 سبتمبر قتل 56 شخص مدني في مدينة سرت في عملية قصف مزدوج، كما قامت طائرات الناتو باستهداف عشرات المدنيين في منطقة العرقوب جنوب مدينة البريقة (تحت سيطرة المجموعات المسلحة) وقتها.

وقد أشار تقرير نشرته منظمة " هيومن رايتس ووتش" الحقوقية إلى إحصائية جزئية لمن سقطوا من المدنيين جراء غارات وقصف قوات الناتو من تحالف معه في ليبيا سنة 2011، حيث أكد التقرير وفاة 72 شخصاً على الأقل في غارات جوية على أهداف وصفها بغير  الواضحة، مطالبا الناتو بالتحقيق في وقائعها، وتطرق تقرير المنظمة الدولية الذي جاء في 76 صفحة نتيجة لفحص ثماني غارات جوية للناتو أسفرت عن مقتل 72 مدنياً، بينهم 20 سيدة و24 طفلاً. 

وقال كاتب التقرير الرئيسي  فريد آبراهامز، الاستشاري الخاص في هيومن رايتس ووتش :"اتخذ الناتو خطوات هامة من أجل تقليص الخسائر في صفوف المدنيين أثناء الحملة على ليبيا، لكن هناك حاجة لمعلومات وتحقيقات لفحص أسباب وفاة الـ 72 مدنياً". لا يُسمح بالهجمات إلا إذا استهدفت أهدافاً عسكرية، وما زالت هناك أسئلة بلا إجابات في بعض الوقائع عن ما الذي كانت قوات الناتو تسدد ضرباتها إليه تحديداً".

وتعرض التقرير لتفصيل عدة عمليات للناتو راح ضحيتها مدنيين من أهمها مجزرة وادي ماجر، حيث وصفحا بالحادث الأكثر جسامة، وقال إنه في 8 أغسطس 2011 ، عندما ضربت غارات جوية للناتو مجمعين سكنيين لعائلات، مما أودى بحياة 34 مدنياً وأصاب أكثر من 30 آخرين، على حد قول هيومن رايتس ووتش. كان يقيم في أحد المجمعين العشرات من الأشخاص المشردين.

تلت هذه الهجمة، غارة ثانية على مشارف أحد المجمعين، أسفرت عن مقتل وإصابة مدنيين قال الشهود إنهم كانوا يبحثون عن الضحايا. 

مردفا أن نظام التوجيه بالأشعة تحت الحمراء المستخدم في القنبلة المستخدمة في ذلك الحادث، يظهر منه أن الطيار كان يعلم بوجود أشخاص كثيرين على الأرض. إذا لم يتمكن الطيار من تحديد إن كان هؤلاء الناس مقاتلين أم لا، فكان لابد إذن أن يلغي الضربة أو يغير اتجاه المقذوف.

بموجب قوانين الحرب، فإن أطراف النزاع ليس متاحاً لهم سوى استهداف الأهداف العسكرية، ولابد أن يتخذوا جميع الاحتياطات المستطاعة لتقليص الضرر اللاحق بالمدنيين.

وقالت هيومن رايتس ووتش إنه على الناتو أن يبحث في أمر إعداد برنامج لدفع تعويضات للضحايا المدنيين جراء غارات الناتو، دون النظر في مسألة وقوع أخطاء من عدمه، كما فعل في أفغانستان.

وقال فريد آبراهامز: "الرعاية التي أولاها الناتو للمدنيين أثناء حملته يقوضها رفضه التحقيق في مقتل عشرات المدنيين" مضيفا "لابد من تعويض الضحايا على الهجمات التي تمت بالخطأ، ولابد من التعلم من الأخطاء وتقليص الخسائر في صفوف المدنيين في أية حروب مستقبلية". 

https://www.hrw.org/ar/news/2012/05/14/246262

ومن خلال تتبع مجريات الأحداث التي عاشتها ليبيا طيلة الأشهر الثمانية، يتضح جليا أن ما تم لم يكن عملا نبيلا لحماية مدنيين أو وسيلة لزرع ديمقراطية بديلة كما كانت الشعارات، بل كان عملية عسكرية مرسومة بدقة لتدمير بلد آمن عضوا في الأمم المتحدة، وإسقاط نظاما شرعيا وقف معه أعداد كبيرة من أبناء شعبه حتى آخر لحظة.