رأى أستاذ العلوم السياسية جامعة بنغازي البروفيسور ميلاد الحراثي، أن الوضع الراهن ينذر بأسوأ الاحتمالات والمخاطر، واصفا ليبيا بأنها تعاني من جرح كبير عمره عشر سنوات من الزمن.

وقال الحراثي في ورقة تحليلة بعنوان (الحلم الليبي.. وحقوق السائل والمحروم)، :"في نهاية حقبة التسعينات وفي مطلع القرن الحالي، اشتهرت أغنية  عربية اسمها “الحلم ” لما تضمّنته من معانٍ تؤكّد على الأمل في مستقبل أفضل، مستقبل يستند إلى الهُوية المشتركة ويقوم على التضامن والتكامل بين أبناء الوطن الواحد اينما كانوا. لكن ما حدث في ليبيا منذ الحملة الأطلسية الأوروبية العالمية سنة ٢٠١١ وما بعده من حروب بالوكالة في ليبيا، وما تلاها من فوضى وتداعيات والتدخّل الأجنبي، وظهور جماعات  إسلاماوية، ذلك كلّه حوّل “الحلم الليبي” إلى كابوس بغيض ما تزال الساكنة الليبية تعيشه حتّى الآن"، بحسب قوله.

وتابع الحراثي، :"نعم، هناك تردٍّ كبير جارٍ حالياً في الوطن، وهذا الواقع الراهن ينذر بأسوأ الاحتمالات والمخاطر، وكأنّ ساكنة ليبيا قد اختارت الانتحار البطيء عوضاً عن مداواة جسدها العليل، ففي ليبيا اليوم جرحٌ كبير عمره عشر سنوات  من الزمن، لكن من يقود المشهدية الليبية اختارت التصارع فيما بينها عوضاً عن التوحّد في مواجهة التدخل العسكري والمال السياسي، وفيه من الكوابيس أكثر ما فيه من الأحلام، بينما نزفُ الدّم مستمرّ بفعل جراح الحروب بالوكالة والتدخّل الخارجي معاً، يضاف إلى هذه اللوحة الليبية الرمادية وهواجس الإرهاب، والمشاكل الأمنية التي تأتي من الجوار الليبي، والمعاناة من أزماتٍ اقتصادية متراكمة، أو من تصارعٍ أحياناً مع النفس أو مع الخصوم في الداخل"، بحسب تعبيره.

وأضاف الحراثي، :"نحسب أنّ المسؤولية عن تردّي هذا الواقع، شاملة شمولية الليبيين بكلّ ما فيه من حكّام ومحكومين، من رسميين وشعبيين، من سلطات ومعارضات، من مثقّفين وغير مثقّفين، وحتّى تتحدّد المسؤولية أكثر، فإنّ الأمر ليس فقط التدخل الاقليمي والدولي  أو “مخطّطات أجنبية” فقط، رغم خطورة هذه المخطّطات وتأثيراتها السلبية المتواصلة. لكن موقع العطب الأساس هو في الداخل الليبي وفي عمقه الذي أباح ويبيح استباحة الخارج  لكلّ شؤون الليبيين وأرضهم ومقدّراتهم. فقد يختلف الليبيون في تحديد طبيعة مشكلتهم وجذورها، وقد يختلفون في صورة الحل المنشود، لكنّهم يجمعون في الحدّ الأدنى، على المخاطر المحدِقة بمصير مستقبل ليبيا المجهول. فهل يمكن أن تكون العشرية القادمة سنوات خير على الليبيين وأرضهم؟ وهل يمكن تحقيق مستقبلٍ يكون لليبيين العرب فيه أفضل حالاً ممّا هم عليه الآن، إنّ التحدّيات الخطيرة التي تواجه ليبيا الآن، تتطلّب في الحدّ الأدنى من المسؤولية الوطنية وحد أدنى من التضامن الوطني على أسس جديدة، تٌحترَم فيه حدود وسيادة الوطن وحقّ كل الليبيين باختيار نظامهم السياسي الملائم لهم، إنّ مأساة ليبيا تكبر يوماً بعد يوم، ليس فقط بسبب ما يحدث فيها، بل أيضاً نتيجة ما يخرج منها من كفاءات وأموال وأدمغة، فما أحوج هذه الأرض إلى عمل قيادي نهضوي  شامل وإلى من يتمسّكون بحقّهم في الحلم بمستقبل ليبي أفضل ويقومون بواجبهم في تحويل هذا الحلم إلى حقيقةٍ وواقع، بعدما يتم المثول أمام حقوق السائل والمحروم"، على حد وصفه.