تشهد الساحة الليبية تطورات متسارعة،خاصة مع تحرك قوات الجيش الوطنى الليبى نحو مدن المنطقة الغربية بوتيرة متسارعة وذلك لملاحقة الجماعات الإرهابية والمرتزقة الأفارقة المنتشرين فى التراب الليبى، فضلا عن رغبة قوات الجيش فى القضاء على الميليشيات والكتائب المسلحة التى تهيمن على مؤسسات الدولة الليبية.

إلى ذلك،دخلت وحدات تابعة للجيش الوطني الليبي،الجمعة، مدينة غريان، غرب البلاد، والتي تقع جنوب العاصمة طرابلس، على بعد 75 كيلو مترًا.ونشرت شعبة الإعلام الحربي التابعة للقيادة العامة لقوات الجيش الوطني، تسجيلًا مصورًا يظهر تجول كتيبة تابعة للقوات المسلحة داخل مدينة غريان.

وأظهر الفيديو رتلًا مسلحًا كبيرًا تابعًا للقيادة العامة للقوات المسلحة يتضمن آليات ورجال الكتيبة 111 مشاة التابعة للواء 106 مجحفل، وهو يتجول في مدينة غريان في استعراض عسكري.وقال متحدث باسم الجيش الوطني الليبي في الفيديو إن هذه القوات دخلت مدينة غريان لتأمينها من العصابات الإجرامية، وفرض هيبة الدولة.

وتتواتر الأنباء مؤخرا عن قرب دخول الجيش إلى العاصمة طرابلس وتخليصها من الميليشيات المسلحة، بحسب ما يتناقل أنصار الجيش الوطني الليبي.وقال حمدي الخيالي، عميد بلدية سبها، إن دخول الجيش لمدينة غريان يمثل أهمية كبرى، خاصة أنها من أهم المناطق القريبة لطرابلس.

ونقلت وكالة "سبوتنيك"،الروسية السبت،عن الخيالي قوله أن المدينة تربط طرابلس بالجنوب الليبي، ولا يفصلها عن طرابلس سوى مدينة ورشفانة، حيث تبلغ المسافة نحو 80 كيلو مترا، وتتحكم في حركة الذهاب والإياب لمطار طرابلس.وشدد الخيالي على أن الأمر لا يقتصر على الأهمية الجغرافية، خاصة أن غريان تضم العدد الأكبر من القبائل والسكان في محيط طرابلس، مما يعني أن الجيش بات فعليا على مشارف العاصمة.

من جهته، قال مفتاح أبو خليل، عميد بلدية الكفرة، إن غريان "عاصمة الجبل"، ودخولها يضع الجيش على مقربة من دخول العاصمة.وأضاف في تصريحات خاصة لوكالة "سبوتنيك"،أنه حسب المعلومات التي تداولت في الداخل الليبي عن اتفاق أبو ظبي بين المشير خليفة حفتر، وفائر السراج، رئيس المجلس الرئاسي، سيتم توحيد المؤسسات العسكرية والسياسية بعد الملتقى الوطني الجامع، وأن تقدم الجيش قد يكون له علاقة باتفاق أبو ظبي.

  وتصاعدت مؤشرات اقتراب الجيش الليبي من دخول العاصمة،خاصة عقب تعيين اللواء عبد السلام الحاسي قائد غرفة عمليات الكرامة التابعة للجيش الوطني الليبي، قائداً لمجموعة عمليات المنطقة الغربية التي تشمل العاصمة.وبهذا القرار يكون الحاسي رسمياً هو قائد غرفة عمليات تحرير طرابلس، علماً بأنه مسؤول غرفة عمليات الكرامة بالجيش الوطني وترأس قواته لتحرير معظم المدن الليبية التي سيطر عليها الجيش مؤخراً شرقاً وجنوباً.

ونقلت صحيفة "الشرق الأوسط" عن اللواء الحاسي،قوله إن قرار تعيينه صدر منذ نحو عشرين يوماً، رافضاً الإفصاح عن مغزى القرار وطبيعة عمليات قواته، لكنه ألمح، في المقابل، إلى أن الهدف من القرار هو تحرير العاصمة من قبضة الميليشيات المسلحة التي تهيمن عليها منذ نحو خمس سنوات.

ونقلت الصحيفة عن مصدر عسكري آخر،قوله إن الغرفة التي يترأسها الحاسي ستكون بمثابة غرفة عمليات لكل الوحدات العسكرية التابعة للجيش الوطني بالمنطقة الغربية، بحيث تتلقى كل الوحدات التعليمات منها مباشرةً، لافتاً إلى أن هذه الغرفة تحل محل غرفة عمليات طرابلس التي كان يقودها اللواء الصادق المزوغي، وتم الإعلان عن تغيير اسم الغرفة وقائدها قبل أيام فقط.

في المقابل، شهدت العاصمة طرابلس،الثلاثاء الماضي، تحركات وحشوداً عسكرية للميليشيات المسلحة. وقال سكان محليون إنهم شاهدوا أرتالاً عسكرية تتحرك في معظم أرجاء المدينة بشكل مفاجئ فيما تداولت وسائل إعلام وصفحات التواصل الاجتماعي وجود تحشيدات عسكرية ضخمة في طرابلس وخاصة في المنطقة الجنوبية للعاصمة.وتحدثت أنباء عن استنفار لكتائب قوة "حماية طرابلس" جنوب العاصمة.

وتصاعدت مخاوف المليشيات المسلحة خاصة في ظل الشعبية الكبيرة التي بات يحضى بها الجيش الليبي في المنطقة الغربية وتصاعد المطالب بضرورة دخوله العاصمة.وأطلق ناشطون على مواقع التواصل هاشتاغ "تأمين العاصمة" دعوا فيه أهالي طرابلس إلى التضامن مع القوات المسلحة قائلين "إن من يبقى في بيته فهو آمن".

ومطلع الشهر الجاري، خرجت مظاهرة مؤيدة للجيش الوطني الليبي أمام قاعة الشعب بطرابلس، شارك فيها العشرات، لكن سرعان ما تم تفريق المتظاهرين والاعتداء عليهم وهو ما أثار غظب وتنديد من طرف منظمات حقوقية،ووصف مراقبون هذه المظاهرة بأنها بداية ظهور الجيش في العاصمة الليبية.

  وتعيش العاصمة الليبية طرابلس على وقع انفلات أمني منذ العام 2011، في ظل غياب مؤسسات الدولة أو حكومة تقوم بدورها في تأمين المدينة،وهو ما يشكل خطراً على حياة المواطنين الذين يتعرضون لشتى أنواع المخاطر من قتل واختطاف في ظل صراع الميليشيات المسلحة التي تزخر بها العاصمة طرابلس منذ سنوات.

ورغم إقرار حكومة الوفاق لترتيبات أمنية تستهدف إرساء الأمن بقوة شرطة وأمن نظاميين، وإنهاء دور المليشيات المسلّحة، التي تسيطر على العاصمة الليبية منذ سنوات، فإن نفوذ هذه المليشيات مازال حاضرا بقوة في المدينة.ويخشى الكثيرون من تواصل عدم استقرار الأوضاع الأمنية في العاصمة طرابلس،حيث تمثل الفوضى بيئة مناسبة لتحرك العناصر الإرهابية لشن عمليات خطيرة.

ومنذ مطلع الأسبوع تواترت تحذيرات العواصم الغربية لرعاياها بضرورة مغادرة العاصمة الليبية طرابلس،بسبب ما اعتبرته أوضاع أمنية صعبة ومخاطر هجمات ارهابية محتملة على مؤسسات حكومية.وحذّرت سفارة الولايات المتحدة لدى ليبيا العاملة في تونس رعاياها في العاصمة طرابلس من هجوم إرهابي وشيك قد يستهدف مؤسسات حكومية.

وبدورها دعت الخارجية البريطانية مواطنيها الذين لا يزالون في ليبيا إلى المغادرة الفورية بسبب الوضع الأمني الذي وصفته بالهش.فيما حذرت وزارة الخارجية الألمانية رعاياها من السفر إلى ليبيا ، داعية الموجودين فيها إلى مغادرة البلاد،مشيرة الى أن الهجمات الإرهابية في ليبيا ستزداد على الأرجح، لا سيما ضد المؤسسات الحكومية، لأن السلطات الأمنية لا تستطيع حماية الأمن في ليبيا بما فيه الكفاية.

وتفرض التطورات الراهنة،بحسب الكثير من المتابعين للشأن الليبي، على الجيش الوطنى الليبى دخول العاصمة الليبية طرابلس، وذلك لاحكام قبضة الدولة الليبية على المؤسسات السيادية وتحييد الميليشيات والكتائب المسلحة عن المشهد السياسى، وذلك لانهاء المرحلة الانتقالية التى تعيشها ليبيا والانتقال إلى صناديق الاقتراع لإجراء الانتخابات العامة والتشريعية فى البلاد.