مازال اعلان البرلمان التركي موافقته على ارسال قوات تركية الى ليبيا،يلقي بظلاله على الأوضاع في البلاد التي تشهد صراعا عنيفا منذ أشهر في العاصمة طرابلس.وتحاول أنقرة دخول هذا الصراع لدعم حلفائها ومد نفوذها في المنطقة بهدف تحقيق أطماع وأحلام أردوغان التي كشف عنها صراحة،وهو ما ينذر بمزيد من التصعيد تحويل البلاد الى ساحة حرب دولية.
وأعلن البرلمان التركي،الخميس الماضي،موافقته على مشروع قانون يسمح بنشر قوات في ليبيا،على الرغم من انتقادات نواب المعارضة، الذين رفضوا التصويت جميعا.وجاءت موافقة البرلمان التركي بعد طلب رسمي من حكومة الوفاق للتدخل العسكري التركي في ليبيا وذلك استنادا لاتفاقين منفصلين الشهر الماضي بين السراج وأردوغان، أحدهما بشأن التعاون الأمني والعسكري والآخر يتعلق بالحدود البحرية شرق البحر المتوسط.
ومثل قرار البرلمان التركي فرصة لأردوغان لتحقيق أطماعه وأحلامه خاصة بعد فشل مشروعه في تحقيق الهيمنة الإخوانية في مصر وسوريا وتونس والسودان،وباتت ليبيا البديل الأبر لنظام أردوغان التي يسعى من خلالها وبدعم من "اخوان" ليبيا المسيرين على السلطة في طرابلس لتنفيذ مخططاته القائمة على ميد نهب ثروات البلد الغني وتحقيق طموحاته التوسعية ، ومحاولات الهيمنة العسكرية.
وفي ظل هذه الأطماع الخطيرة التي تهدد ليبيا والمنطقة،تصاعدت وتيرة الرفض محليا ودوليا لمخططات أردوغان ومساعيه للتدخل العسكري في البلاد.وأعلن قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر،في كلمة متلفزة الجمعة "النفير" و"الجهاد" لصدّ أيّ تدخّل عسكري تركي في بلاده.وقال حفتر في كلمة توجه بها إلى الليبيين "نعلن المواجهة وقبول التحدّي ورصّ الصفوف ونبذ خلافاتنا في ما بيننا، ونعلن الجهاد والنفير والتعبئة الشاملة، وعلى كلّ ليبي حرّ حمل السلاح، رجالاً ونساء، عسكريين ومدنيين، لندافع عن أرضنا وعرضنا وشرفنا".
وأضاف أنّ "العدوّ يحشد قواته اليوم لغزو ليبيا واستعباد شعبنا من جديد، وقد وجد من الخونة من يوقّع معه اتفاقية الخنوع والذلّ والعار بلا سند شعبي أو دستوري أو أخلاقي لاستباحة أرضنا وسمائنا".وأكد إن" تحرير طرابلس لم يعد محل شك لدى الليبيين والعالم مؤكدا أن المعركة في طرابلس تشرف على نهايتها".
وشهدت الساعات الماضية صدور ردود فعل واسعة من أبرز القبائل والقوى الليبية، إذ صدرت عدة بيانات رسمية كان قاسمها المشترك الرفض الكامل للتدخل العسكري التركي، وتجديد الدعم للقوات المسلحة الليبية واعلان القتال ضد الغزو التركي القادم، والدعوة لتوحيد الصف الليبي ونبذ الخلافات
وأعلن أكثر من 1000 شيخ قبيلة ليبي، اليوم السبت، في اجتماع عقد في مدينة برقة الليبية، الدفع بأبناء قبائلهم للجهاد ضد "الغزو التركي".وكان أعيان قبائل برقة قد استقبلوا أعيان ومشايخ قبائل المنطقة الجنوبية والغربية في اجتماع لتأكيد رفض التدخل التركي العسكري في ليبيا ودعم القوات المسلحة العربية الليبية.
وأكد رئيس مجلس حكماء وأعيان ترهونة الشيخ صالح الفاندي أن جميع القبائل الليبية على قلب رجل واحد لمواجهة التدخلات الخارجية في البلاد.وقال الفاندي في كلمته خلال اجتماع قبائل برقة في مدينة بنغازي اليوم السبت أن كل القبائل الليبية متحدة على موقف واحد وهو رفض الاستعمار مشددا على أن الوطن فوق كل شيء وليست الكراسي ولا السلطة ولا المصالح فجميع الليبيين متحدين لمواجهة العدو.
وشدد الفاندي على أن الوطن فوق الجميع داعيا لنسيان تصنيفات "فبراير وسبتمبر" لمواجهة الاستعمار مطالبا قيادة الجيش بفتح مراكز التدريب على السلاح لمواجهة التدخل الخارجي موضحا أن الجميع سيلتحق بهذه المراكز رجالا ونساء للدفاع عن ليبيا. ودعا الفاندي قبائل الشرق والغرب والجنوب لتكوين جسم قوي يمثل الليبيين مؤكدا أن كل المسميات المتعلقة بالشرق والغرب والجنوب ذابت فليبيا واحدة لمواجهة الخطر الخارجي ويستحيل تقسيمها.
ومن جانبه،وصف رئيس المجلس الاجتماعي الأعلى لقبائل ومدن وقرى فزان، علي مصباح أبوسبيحة، تصريحات الرئيس التركي رجب أردوغان وتصويت البرلمان التركي على إرسال قوات إلى ليبيا بأنه "استفزازية ومهينة للشعب الليبي".وناشد أبوسبيحة،في تصريح لـ "بوابة إفريقيا الإخبارية"، الشعب الليبي بأن يترك الخلافات السياسية جانبا، قائلا "الوطن في خطر ومن يتصارعون على السلطة سيصحون ويجدون أنفسهم بلا وطن".
وكان مجلس قبائل ترهونة في ليبيا قد دعا القبائل العربية الليبية للوقوف صفًا واحدًا ضد العدو التاريخي الذي قتل وأباد الكثير من القبائل وهم الأتراك، مؤكدين أن تركيا كانت سببًا رئيسًا في تبادل الأدوار الاستعمارية على ليبيا، ودعا المجلس في بيان صحفي له، الخميس، إلى ضرورة استنهاض الهمم والاصطفاف بقوة مع القوات المسلحة الليبية، تفعيل المربعات الأمنية المحلية التي تساعد بفاعلية على تقدم الجيش نحو العاصمة طرابلس، لافتين إلى أن الحرب اليوم لم تعد من أجل المال والسلطة إنما هي حرب من أجل الوجود العربي الليبي الحقيقي في ليبيا.
وتتالت بيانات التنديد بالتدخل التركي من القبائل الليبية على غرار المجلس الاجتماعي لقبائل الكوارغلية بالزاوية والذي أكد أن موافقة "البرلمان التركي على إرسال قواته إلى ليبيا هو إعلان حرب ضد الشعب الليبي".فيما علنت قبيلة "الجوازي" جاهزيتها لتشكيل لواء "الكرامة" لمواجهة العدوان، وأن القبيلة بكل إمكانياتها من رجال وعتاد رهن القيادة العامة للجيش الليبي، وتوعدت القبيلة "الغزاة" بالقتال والموت في أي شبر من الأراضي الليبية.
وبدوره أعلن المجلس الأعلى لقبائل ورشفانة رفضه التهديدات التركية معلنا استعداده للدفاع عن ليبيا.وقال المجلسفي بيان له، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يخطط لنهب ثروات ليبيا واعادة استعمارها واذلال شعبها، ويسعى لتحقيق حلمه بإعادة زمن الدولة العثمانية، وهو الزمن الملئ بالفقر والجهل وسرقة أزراق الشعوب وذبح أبناء قبيلة الجوازي بحسب البيان..
كما أعلن المجلس الأعلى لقبائل "العجيلات" القتال بكل الطرق المتاحة،فيما أصدر المجلس الأعلى لقبيلة أولاد سليمان، بياناً أعلن فيه رفض واستنكار القبيلة لمذكرة التفاهم بين حكومة الوفاق وتركيا معتبراً إياها تمهيداً لاحتلال ليبيا من قبل تركيا،وأعلن البيان وقوف القبيلة بجانب القوات المسلحة للقضاء على الإرهاب وافشال المؤمرات الخارجية.
وعلى الصعيد الشعبي،انطلقت احتجاجات في مدن ليبية عدة من بينها بنغازي، درنة، طبرق، وبني وليد، تنديدا بالتدخل التركي الذي وصفوه بـ"الاحتلال"، مؤكدين دعمهم الكامل للجيش الليبي. وخرج الآلاف في مدينة بنغازي ينددون بموافقة البرلمان التركي على قرار الرئيس رجب طيب أردوغان إرسال قوات عسكرية لدعم المليشيات في مواجهة الجيش الليبي في العاصمة طرابلس.
وحمل المحتجون لافتات مكتوبا عليها عبارات من بينها "نرفض الغزو التركي"، وعلت أصوات المتظاهرين رفضا لطلب حكومة السراج من أنقرة إرسال قوات تركية لدخول ليبيا، ومواجهة الجيش الليبي الذي أطلق عملية عسكرية لتطهير العاصمة من المليشيات.وشاركت في الاحتجاجات الجالية السورية في ليبيا التي أعلنت دعمها للجيش الليبي.
وفي بني وليد، خرج الآلاف في مظاهرة حاشدة تنديدا ورفضا للتدخل التركي في ليبيا،وندد مشائخ واعيان بني وليد المشاركين خلال كلماتهم في التظاهرة باشد العبارات التدخل التركي في ليبيا وأعلنوا فتح باب التطوع للجهاد ضد الأتراك.وشارك في هذه التظاهرة جنود السرية الثانية بالكتيبة 166 مشاة وقوة حماية مطار بني وليد.
كما خرج المئات في أجدابيا منددين بالتدخل التركي في ليبيا، ورفع المحتجون لافتات داعمة للجيش الليبي، مؤكدين رفضهم الاحتلال العثماني، ورددوا هتافات من بينها "ليبيا مقبرة العثمانيين". وأعلنت بلدية أجدابيا في بيان دعمها الكامل للجيش الليبي، وقالت: "إننا جنود أوفياء لأوطاننا ونرفض الاحتلال، ومستعدون لصد العدوان العثماني الغاشم على ليبيا.
وفي طبرق، اندلعت الاحتجاجات الرافضة للتدخل التركي السافر في شؤون ليبيا، ورفع المحتجون لافتات تحذر تركيا من المساس بليبيا، كما رددوا هتافات "ستطردون كما طردنا أجدادكم والتاريخ يشهد"، و"لا للتدخل التركي".فيما تجمهر مئات المحتجين في درنة رفضا وتنديدا بقرار البرلمان التركي تمرير مذكرة إرسال قوات تركية عسكرية إلى طرابلس، بطلب من حكومة فائز السراج.
المظاهرات تحددت حدود ليبيا لتصل الى مالطا حيث نظمت الجالية الليبية في مالطا وقفة احتجاجية، الجمعة، أمام السفارة التركية بمنطقة فلوريانا بالعاصمة فاليتا.وندد المعتصمون، بحسب بيان للجالية الليبية في مالطا، بالتدخل الليبي في ليبيا.وشدد المحتجون على أنه مهما كانت شدة النزاع في ليبيا فلن يسمحوا بقوات عسكرية للقيام بإنزال رسمي "احتلال" على الأراضي الليبية مسبوقة بخطاب احتلالي يمس الهوية الليبية.
ويشير مراقبون الى أن الاصطفاف الليبي الكبير ضد التدخل التركي يعكس مدى وعي الليبيين بالخطر الذي تمثله أطماع أردوغان الاستعمارية التي عانى ويلاتها الشعب الليبي ابان الاحتلال العثماني والذي تلاه الاحتلال الايطالي.ويشير هؤلاء الى أن أبناء ليبيا لن يسمحوا باحتلال أرضهم وأن أطماع أردوغان وحلفائه ستتحطم على صخرة الصمود الليبي.