مع بدء رئيس الحكومة الليبية الجديدة، عبد الحميد دبيبة مشاوراته لتحديد وزراء حكومته المرتقبة، وفي انتظار نيلها الثقة من مجلس النواب الليبي، يجمع الرأي العام الليبي أن أمام السلطة الجديدة تحديات كبيرة، لعل أبرزها إنجاز الانتخابات في موعدها المحدد نهاية العام الجاري،إرساء الإستقرار الأمني و القضاء على الفوضى المستشرية فضلا عن تحسين الأوضاع الإقتصادية التي خلفت واقعا صعبا على الليبيين.

من ذلك،يرى متابعون أن التحدي الحقيقي الذي يواجه الحكومة الانتقالية هو توحيد الجيش والمؤسسات الأمنية في البلاد. لكن آخرين يشددون على أهمية دور الأمم المتحدة والقوى الكبرى في رعاية الحكومة الجديدة ، واستقرار وقف إطلاق النار ، وإخراج المليشيات والمرتزقة.

تعتبر أهم التحديات المطروحة على السلطة التنفيذية الجديدة العمل على إخراج كافة المقاتلين الأجانب والمرتزقة وإرساء حالة الأمن والاستقرار، بالإضافة للعمل على حل التشكيلات المسلحة وتسليم أسلحتها بالكامل وحصر السلاح في يد الدولة، ووقف كافة التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي الليبي وخاصة الانخراط العسكري.

وتواجه السلطة التنفيذية الجديدة في ليبيا عدد من التحديات، أبرزها مكافحة الإرهاب، وتفكيك الميليشيات المسلحة، وإعادة دمج عناصرها فى المؤسسة العسكرية الليبية والمؤسسات الأمنية والشرطية، بالإضافة إلى اخراج المرتزقة الأجانب من ليبيا.

في ذات الصدد،سلم رئيس الحكومة الليبية الجديد، عبدالحميد الدبيبة، الخميس، التشكيلة الجديدة لرئاسة مجلس النواب بالأسماء المقترحة.

وقال بيان لمكتبه الإعلامي "التزاما بخارطة الطريق المحددة في الاتفاق السياسي، وبالإجراءات المحددة لتسليم تشكيلة الحكومة قبل عقد جلسة منح الثقة المزمع انعقادها بتاريخ 8 مارس 2021 بمدينة سرت، قام عبدالحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية المسمى اليوم الخميس، بتسليم تشكيلة حكومة الوحدة الوطنية مرفقة بالأسماء المقترحة لتولي الحقائب الوزارية لرئاسة مجلس النواب".

من جانبه، أكد مجلس النواب الليبي في تصريحات صحفية، أن رئيس الحكومة الجديد انتهى من أسماء حكومته ورفعها لرئيس المجلس.

وقال إنه لا تغيير حتى الآن في عقد جلسة منح الثقة للحكومة يوم الإثنين، و إن دعوة رئيس المجلس لجلسة منح الثقة للحكومة لا تزال قائمة، مشيراً إلى أن نواب دعوا لتأجيل الجلسة للتحقيق بمزاعم الرشوة.

وقبل يومين، طالب كل من المجلس الرئاسي الليبي والحكومة الليبية لجنة خبراء الأمم المتحدة بسرعة الكشف عن نتائج التحقيق بشأن مزاعم رشاوى اتهمت بها شخصيات ليبية كانت شاركت في ملتقى الحوار السياسي الليبي.

كما توعد المجلس الرئاسي والحكومة كل من يثبتُ تورطه بعدم تولي أي مسؤولية في مؤسسات الدولة.

من جانب آخر،فإن الوضع الراهن في ليبيا فيما يتعلق بالميزانية مقلق، والبلاد تقف على حافة الإفلاس وسيناريو وضعها تحت الوصاية المالية غير مستبعد الحدوث .

ورغم تقيد السلطة التنفيذية الجديدة بخريطة الطريق إلا أنها ستجد نفسها أمام كم هائل من المتطلبات الحياتية اليومية، إذ تتطلع شرائح ليبية واسعة إلى هذه الحكومة لتقوم بحل الأزمات المتراكمة مثل أزمة الكهرباء وتحسين البنية التحتية، والصحة، والتعليم، والتأمين، وصيانة المنشآءات النفطية دون نسيان ابتزاز المجموعات المسلحة وكذلك أجور الموظفين وتوفير ميزانية الانتخابات العامة، والاستفتاء على الدستور.

وبالتالي فإن أمام السلطة التنفيذية المقبلة وبالإضافة إلى تنفيذ خريطة طريق المرحلة الانتقالية، حزمة من المطالب والتحديات التي تجد نفسها مسؤولة عن تلبيتها وإلا واجهت غضب الشارع الذي يفتح الباب على كل السيناريوهات بما في ذلك العصيان المدني. فالمواطن الليبي صبر كثيرا على تردي الخدمات العمومية وكان يتطلع إلى حصول اتفاق بين فرقائه تنبثق عنه حكومة موحدة تسارع إلى تحسين الخدمات المسداة للمواطن ولا يبدو أنه سيصبر على حكومة صبره على من سبقها.

وبسبب اعتماد الميزانية على ايرادات النفط بنسبة 95 في المئة فإن أي تعطل لتصدير هذه المادة الحيوية لمعيشة الليبيين من قبل أية جهة سواء أكانت داخلية أم خارجية، سوف ينعكس سلبا وبصفة مباشرة على إيفاء الحكومة بالتزاماتها وتعهداتها الإصلاحية باعتبار أن المحروقات تكاد تكون المصدر الوحيد للدخل.

إلى تطرح هذه الحصيلة على السلطة التنفيذية الجديدة في ليبيا تحديا  أمام وضعية معقدة، وستدفع ضريبة انتشار عقلية سادت على مدى العقود الخمسة الماضية شعارها "المال العام غنيمة"وأدت إلى انتشار التواكل وتراجع ثقافة العمل لدى عموم الليبيين.

 كما أن الحكومة الجديدة ستدفع ضريبة تراخي فريق الخبراء التابع للحكومة الليبية   في تنفيذ خطة الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في ليبيا، حيث جرى عقد 19 اجتماعا مع الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد دون انجاز يذكر وما على هذه الحكومة إلا أن تتدارك الخلل عملا بمبدأ استمرارية المرفق العام وإلزامية التعهدات التي تتخذها الحكومة السابقة للحكومة التي تليها.

لذلك وفي خضم استفحال ظاهرة الفساد في هياكل الدولة ومؤسساتها فإنه ليس أمام الحكومة الجديدة من خيار سوى اللجوء إلى الاقتراض للقيام بالإصلاحات اللازمة ولتغطية النفقات ومتطلبات المرحلة او مواجهة هزّات اجتماعية هي في غنى عنها. ومن المفارقات أن هذا الأمر يحصل في بلد غني جدا بالثروات الطاقية التي تعتبر كلفة استخراجها من الأقل انخفاضا على مستوى العالم ناهيك عن كلفة تصديره المنخفضة بدورها باعتبار قرب ليبيا المتوسطية من السواحل الأوروبية، لكن الفساد يفعل فعله ويجعل هذا الشعب قليل العدد الذي من المفروض أنه يعيش الرفاه، يعاني الأمرين على مستوى معيشته.

في نفس السياق،قال عبد الحميد دبيبة، إن الفشل في "المرحلة الحساسة" التي تعيشها ليبيا حاليا "ليست خيارًا"، وتعهد بالالتزام برفع المعاناة عن الشعب، وبخارطة الطريق، ودعم المرأة، والشفافية، ومنع الاقصاء، وتوثيق العلاقات مع دول الجوار والدول الشقيقة والصديقة في "مصالحة وطنية" شاملة.

نهاية،يرى مراقبون أن  المهام الموكولة للسلطة الانتقالية عديدة وصعبة، والوضع الداخلي المعقد يحتاج لجهد كبير للانطلاق نحو توحيد مؤسسات الدولة وإنهاء الوجود العسكري الأجنبي واستعادة الاستقرار والتغلب على كل العقبات التي تعترض طريق الحل السياسي حتى يمكن الاطمئنان إلى تنفيذ ما تم التخطيط له والوصول إلى الانتخابات الحاسمة قبل نهاية العام.