أثارت محاولة اغتيال وزير الداخلية، فتحي باشاغا جدلا كبيرا في الأوساط السياسية الليبية حيث تنقسم آراء الطبقة السياسية حول ملابسات ما حدث يوم الأحد 21 فبراير لوزير الداخلية فتحي باشاغا، إلى عدة آراء مختلفة فمنها ما يرى أنها "محاولة اغتيال معدة جيدا وليس من قبيل الصدفة" بينما يقول العديد من المسؤولين في طرابلس أنها "نتيجة الخلافات بين الميليشيات المتناحرة". ومن جهة أخرى أثارت مخاوف كثيرة من تجدّد العنف وسط الجهود الحثيثة للانتقال السياسي.

تعاني ليبيا منذ بداية التدخلات الخارجية من تنامي أعداد المرتزقة والمليشيات الذين يقع تدجيج البلاد بهم في خرق واضح لكل المواثيق الدولية، و تعتبر الحليفة تركيا، الداعمة لحكومة الوفاق الوطني من أكثر المتدخلين الأجانب خرقا لكل الاتفاقات الدولية القاضية بإخراج المرتزقة والمليشيات "فورا" من ليبيا، وقد كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان، حسب وسائل إعلامية، في بيان له أمس، عن استمرار تركيا في عمليات تجنيد المرتزقة داخل الأراضي السورية، تمهيدًا لنقلهم إلى الأراضي الليبية!

 وأكد المرصد أن الدفعة الجديدة من المرتزقة السوريين تضم العشرات، وسيتم نقلهم إلى تركيا ومنها إلى ليبيا. وذكر المرصد، حسب ذات المصادر أن المقاتلين الذين كانوا على أهبة العودة عددهم حوالي 140 مقاتلًا، وكانت هذه الدفعة من المقرر عودتها في يوم 25 من شهر يناير الماضي وتم إيقاف العملية في وقتها. تم إبلاغهم بأن عملية العودة تم إيقافها. وتؤكد تركيا أن قواتها المنتشرة في ليبيا ستظل هناك ما دام الاتفاق الثنائي العسكري قائما بين أنقرة وطرابلس، وما دامت حكومة الوفاق ترغب في ذلك. في الوقت ذاته تواصل الأمم المتحدة دعوتها الملحة والمتكررة لإخراج المرتزقة من ليبيا تنفيذا لاتفاق برلين.

وإلى جانب معاناة البلاد من ثقل الميليشيات وصراعها على النفوذ، هناك أكثر من 29 مليون سلاح متداول في ليبيا، حسب الإحصائيات الرسمية. وحسب عديد المصادر الإعلامية فإن منطقة غرب ليبيا تشهد تصعيدا وتوترا بين المليشيات المتناحرة واقتحام لمنازل شخصيات بارزة، وفق ذات المصادر. فحوادث الصدام والصراع وترهيب بعض الشخصيات والسياسيين من قبل المليشيات متكررة وهو ما يُظهر هذا مدى هشاشة الوضع الأمني ويسلط الضوء على نفوذ الميليشيات القوية في غرب ليبيا.

من جهتها تراقب السلطة الجديدة لعبد الحميد الدبيبة، المنتخب في 5 فبراير، عن كثب تحركات الميليشيات، وتدين الحادثة التي طالت وزير الداخلية، والتي يمكن أن يواجهها أعضاء السلطة التنفيذية الجديدة، خاصة إذا حاولت احتواء نفوذ الميليشيات، وهو ما يجعل مستقبل العملية السياسية مهددا.

هذه القوى المتمركزة بشكل كبير في مفاصل المشهد والصراع الليبي، التي لم ينجح أي اتفاق سياسي في حلها منذ عشر سنوات، ما زالت تستفيد من غياب الدولة المنظمة. حيث أن الميليشيات مسؤولة عن الكثير من الفوضى في ليبيا وهي على استعداد لفعل كل ما في وسعها للدفاع عن مصالحها والتأكد من عدم استبعادها.

وللإشارة فإنه من المتوقع أن يعلن رئيس الوزراء الجديد عبد الحميد الدبيبة تشكيل حكومته نهاية الأسبوع وسط انتظارات كبيرة وتطلعات أكبر لنجاح مرحلة انتقالية تنهي معاناة البلاد وتنقذ المواطن الليبي من براثن الفوضى والنزاعات.