لعبة جديدة يديرها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هذه الأيام لاختراق المشهد السياسي الليبي بعد أن تأكد من عجز جماعة الإخوان على استقطاب الشارع ، وعزلتها داخل المجتمع المحلي ، وذلك من خلال الوقوف وراء تأسيس تيار سياسي جديد يحمل اسم « يا بلادي » بقيادة نوري  آبوسهمين رئيس المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته ، والمعروف بأنه كان وراء دعم الميلشيات المسلحة في الفترة 2013 و2014

ويبدو  أن النـظام التركي قرر تشكيل التيار السياسي الجديد في محاولة لاختراق الساحة السياسية وخاصة في منطقتي الشرق والجنوب ، الخاضعتين لسيطرة الجيش الوطني ، خلال أية انتخابات منتظرة سواء كانت برلمانية أو رئاسية ، واستعدادا للاستفاء المرتقب حول مشروع الدستور

وقالت مصادر من داخل العاصمة طرابلس أن الأتراك يدركون جيدا أن جماعة الإخوان منبوذة شعبيا ، ومرفوضة سياسيا ، لذلك اتجهوا للدفع بأبوسهمين لتشكيل تيار سياسي جديد يتكون في مستوى القيادة من بقايا الجماعة المقاتلة وبعض القيادات الإخوانية المنشقة عن حزب العدالة والبناء ، ومن أمراء الحرب وفلول الجماعات المتشددة الفارة من المنطقة الشرقية ،

وتابعت المصادر أن الجانب التركي يعول على أن يجد بوسهمين دعما من الأقلية الأمازيغية التي ينتمي إليها ، ومن الأقليات الأخرى ، وكذلك من بعض القوي الفيديرالية وأنصار الملكية في شرق البلاد ، الأمر الذي يفسره الاسم المختار للتيار الجديد وهو « يا بلادي » عنوان النشيد الرسمي في العهد الملكي

كما أشارت المصادر الى أن المخابرات التركية والقطرية تعمل منذ فترة على استقطاب عدد من رموز النظام السابق ودمجهم في مشروع سياسي مناوئ للجيش الوطني ، للاستفادة من تأثيرهم القبلي والاجتماعي ، وأن عدة اجتماعات عقدت لهذا الغرض في تركيا وإيطاليا وسويسرا تحت غطاء منظمان للمجتمع المدني ، بهدف إقناع الأزلام بالالتحاق بتيار أبوسهمين

وفي بيانه التأسيسي ، حاول  أبوسهمين  استمالة أنصار القذافي بالقول “أعي جيدًا أن عددًا منكم قد عانى لوعة الهجرة ومعاناة الغربة، وحديثي هنا ليس للقيادات التي تستغل معانتكم، بل لكم أنتم أيها الكادحون، تعالوا مدوا أيديكم نلتقي على قيم جامعة ووطن واحد، فلا إقصاء بعد اليوم، وليبيا للجميع طالما التزمنا بالقانون وانطلقنا للأمام فلا عودة إلى الوراء”.

كما حاول أبوسهمين كسب تعاطف سكان إقليم برقة ( شرق ) قائلا : “تخرجت من إحدى جامعاتها وتعرفت على عز الرجال فيها، أعرف كم هُمشتم وكم تأذيتم كما تأذى غيركم، من مساوئ النظام المركزي المقيت، الذي كان لابد منه في دولة الاستبداد وحكم الفرد، واليوم أدعوكم من كل قلبي، مدوا أيديكم لأبناء شعبكم طالبوا بحقوقكم، لا تتركوها رهينة للمتاجرين والمقامرين، ممن يعيشون بينكم، لكنهم يقتاتون على معاناتكم واحتياجاتكم، وليبيا لا يمكن أن تكون إلا بتوزيع عادل للثروة، وسلطة محلية قادرة على تحقيق الهوية المحلية التي تشكل ركنًا من الهوية الوطنية العامة للبلد، فلا أحادية ولا مركزية، بل هي العدالة والتعددية بشتى أشكالها، تيارنا يمد يده لكم شركاء على قيم وثوابت تجمعنا في وطن واحد”.

وفي فبراير 2018 اعترف  بوسهمين، بمسؤولية إرسال القوارب المحملة بالأسلحة من الغرب الليبي إلى مدينة بنغازي دعماً للمجموعات الإرهابية كجماعة مجلس شورى بنغازي، التي كان يقاتلها الجيش على مدى ثلاثة أعوام.

وكشف بوسهمين أن عضو المجلس الرئاسي محمد عماري زايد، المحسوب على التيار الإسلامي، كان على علم أيضاً بالدعم المقدم للجماعات الإرهابية في بنغازي، هو وعدد من زعامات تيار الإسلام السياسي في ليبيا.

وحمل بوسهمين في بيانه التأسيسي الأسبوع الماضي بقوة على الجيش الوطني وعلى الفساد الذي قال إنه ينخر مؤسسات الدولة ، لكن دون أن يشير الى سلطة الميلشيات والجماعات الإرهابية والمرتزقة والغزو التركي للبلاد

وبعتبر بوسهمين من أبرز المسؤولين على دعم الجماعات الإرهابية والميلشيات الخارجة عن القانون في البلاد ، ومن المقربين للجماعة المقاتلة التي تحظى بتقدير خاص لدى الأتراك 

ولوحظ منذ الساعات الأولى للإعلان عن تأسيس تيار « يا بلادي » أن عددا من رموز الإرهاب المقيمين في تركيا والمقربين من أجهزتها الاستخباراتية أعربوا عن دعمهم للمشروع ، فقد قال المفتي المعزول الصادق الغرياني “الذي سمعته خلال اليومين الماضيين من نوري أبوسهمين، هو بيان واضح يتطلع إليه كل إنسان حر شريف يريد نصرة وطنه، فهو لا يحتاج إلى تزكية، فهو إنسان وطني معروف بانحيازه إلى الحق والعدل، وعدم تعصبه، ونظافة يده، ولذلك طالب أن يتقدم كل من تولى مسؤولية إلى المحاسبة، على أن يبدأوا به”.

وأضاف :  “كل ما ذكره في تيار يا بلادي، هو ما ينتظره الناس من مدة طويلة، وبه كل ما يحتاج إليه الوطن في هذا الوقت، فالوطن يمر بظرف مظلم ومآسي كبيرة، وتسلط عليه الأعداء من الداخل والخارج، ويحتاج إلى واجهة سياسية تنتقل وتعبر به إلى وضع الاستقرار وبناء الدولة المدنية المؤسسة على العدل والقانون”.

وأيد آمر التسليح بالجماعة الإسلامية الليبية الإرهابية المقاتلة، خالد الشريف الذي يهيؤه النظام التركي لمنصب رئاسة المخابرات في حكومة الوفاق : “لتحقيق النجاح لتيار يا بلادي، يجب العمل على وضع آلية إدارية واضحة تستطيع توظيف الطاقات وتنسيق الجهود ووضع الخطط والبرامج الطموحة التي تفيد الوطن والمواطن”.

وأضاف : “أعلن السيد نوري ابوسهمين عن تشكيل تيار يابلادي السياسي و أحدث الاعلان جدلا واسعا بين مؤيد ومعارض ولكن مما لا شك فيه ان هذا التيار سيثرى الحياة السياسية في ليبيا وسيتجمع حوله نخبة من اهل الاختصاص في شتى المجالات” على حد قوله.

وكان إخوان ليبيا قد واجهوا فشلهم في إنتخابات 2012 بعقد تحالفات مع بعض القوى الأخرى وشراء ذمم عدد من النواب المستقلين ، وفي إنتخابات 2014 بالإنقلاب على نتائجها من خلال منظومة فجر ليبيا الإرهابية ، وأكد أحمد قذاف الدم الديبلوماسي الأسبق أن عدد الإخوان في ليبيل لا يتجاوز 750 فردا ، لكنهم يستفيدون من الميلشيات والإعلام الموجه في التغطية على فقدانه الشرعية الشعبية