بالرغم من الدعوات الاقليمية والدولية لانهاء التدخلات الخارجية في ليبيا،فان الرئيس التركي طيب أردوغان مازال مصرا على نكث تعهداته مواصلة محاولات تأجيج الصراع في هذا البلد الممزق عبر اغراقه بالمرتزقة والارهابيين الموالين لأنقرة وذلك في سبيل خدمة أطماع وطموحات الرئيس التركي التي لم تعد خفية على أحد.
لم يجف حبر البيان الختامي لاجتماع برلين الذي جاء بمشاركة القوى الكبرى ودول عربية وبحضور تركيا التي تدعم حكومة الوفاق،والذي جرى خلاله الاتفاق على الدفع باتجاه وقف دائم لإطلاق النار في ليبيا، والالتزام بحظر الأسلحة،ووقف التدخلات في الشأن الليبي،حتى عاد الحديث مجددا عن استمرار العبث التركي بأمن ليبيا من خلال الدفع بالمزيد من المرتزقة والارهابيين لقتال الجيش الليبي.

آخر هذه التأكيدات جاءت على لسان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف،الثلاثاء،أشار فيها الى إن عددا كبيرا من المسلحين في إدلب بسوريا يتوجه إلى ليبيا، في خرق للقرارات الدولية.وأضاف لافروف في مؤتمر صحفي مع وزيرة خارجية جنوب السودان "عدد كبير من المسلحين يسافرون إلى ليبيا، خلافا لقرارات مجلس الأمن، للتدخل في الشؤون الداخلية الليبية (..) ولذلك تواصلنا مع وزير الخارجية التركي" في هذا الشأن.
وتأتي تصريحات المسؤول الروسي لتؤكد ما أشار اليه المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي أحمد المسماري، في وقت سابق من أن تركيا مستمرة في نقل الإرهابيين من سوريا للقتال في ليبيا، وبصورة متسارعة. وقال المسماري في مؤتمر صحفي، الأحد: "حتى اللحظة تواصل تركيا إرسال الإرهابيين والمرتزقة دعما لحكومة الوفاق"، مبينا، أن إرسال تركيا للإرهابيين خرق للقانون الدولي ومؤتمر برلين، مشيرا إلى أن مخطط الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لإرسال آلاف المرتزقة إلى ليبيا معلن، وفق قوله.
وبالرغم من مصادقة البرلمان التركي الذي يسيطر عليه حزب أردوغان على ارسال قوات تركية الى ليبيا،فان الرئيس التركي اتجه للتعويل على المرتزقة لاغراق ليبيا في الفوضى ونشر العنف.وتصاعدت التقارير الاعلامية التي تتحدث عن عمليات نقل لمقاتلين موالين لأنقرة من سوريا الى ليبيا لدعم حكومة السراج في مواجهة الجيش الوطني الليبي..

وقامت تركيا بإرسال الآلاف من المرتزقة السوريين للقتال في ليبيا، وهي خطوة يؤكد كثيرون أن تبعاتها خطيرة، ليست فقط على ليبيا ومساعي وقف إطلاق النار والحل السياسي فيها، لكن على كل المنطقة، بالنظر إلى التجربة السورية.وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان في وقت سابق إن أكثر من 3600 مقاتل انتقلوا من سوريا إلى ليبيا في الآونة الأخيرة.
  وأشارت تقارير اعلامية الى اغراءات مالية تقدمها تركيا للمرتزقة نظير القتال في ليبيا،وآخر هذه التقارير ما أوردته صحيفة "إنفستيغاتيف جورنال" البريطانية التي أجرت مقابلة مع أحد المرتزقة السوريين الذين جلبتهم تركيا لمساندة الميليشيات الليبية المتمركزة في طرابلس،حيث كشف فيها سبب قبوله القدوم إلى هذا البلد، والظروف المحيطة بإقامته هناك.
التقرير حمل اعترافات مسلح من سوريا أكد فيها أن قادة أحد الفصائل من الموالين لأنقرة بمحافظة عفرين السورية هو من يقود عمليات تجنيد المرتزقة.وأشار إلى تقاضيه مائة دولار نظير القتال في سوريا، بينما يحصل على ألفين في طرابلس، مما يجعل من الانتقال إلى طرابلس هو الخيار الأفضل له، على حسب تعبيره.
وأكد القائد أن حوالي 3000 مقاتل من المرتزقة وصلوا فعلا إلى ليبيا، موضحا أن تركيا تعمل على تجنيد مدنيين فقراء مستعدون للذهاب إلى ليبيا لتغيير واقعهم.قال المقاتل "لقد سمعنا..حفتر حفتر حفتر لكننا لا نعرف من هو ولم نره قط في الأخبار.. ذكر الأتراك اسمه لنا في سوريا، وأخبرونا أننا ذاهبون لمحاربته، لكن لم يهتم أحد حتى قالوا إنه كان هناك 2000 دولار في الشهر للذهاب".
وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلا مصورا يظهر مرتزقة أردوغان وهم يحتفلون ويعربون عن سعادتهم بعد الحصول على أموال نظير قتالهم في ليبيا.ويظهر التسجيل المصور المرتزقة وهم يتحدثون عن تقاضيهم أموالا بالدينار الليبي والدولار الأمريكي مؤكدين أنهم سعداء بالحصول على هذه الأموال.


وفي حديث سابق لأحد المقاتلين المهجرين إلى إدلب والراغبين بالتوجه إلى ليبيا، لنشطاء المرصد السوري قال: "أريد الذهاب إلى ليبيا طمعا بالمغريات التي تقدمها تركيا، فليس لدي ما أخسره وأنا أعيش في خيمة وراتبي 300 ليرة تركية، لا يكفيني ثمن طعام لذلك الخروج إلى ليبيا وتفاضي 2000 دولار أميركي على الأقل أفضل من القتال شرق الفرات".
وأشار المرصد السوري إلى أن معظم الذين تطوعوا أو يرغبون في التطوع هم بالغالب "من المهجرين من وسط سوريا وريف دمشق إلى عفرين وإدلب، بالإضافة لأشخاص من الريف الحلبي، فالواقع المعيشي وترديه هو العامل الرئيسي لقبول هؤلاء بالذهاب إلى ليبيا في ظل المغريات التركية وخاصة المادية".
وتتصاعد التساؤلات حول الجهة التي تدفع الأموال للمرتزقة للقتال في ليبيا،حيث تتجه أصابع الاتهام الى حكومة الوفاق التي تحولت الى بوابة لدخول المتزقة والارهابيين تحت غطاء تركي وبدعم من جماعة "الاخوان" التي تسيطر على مقاليد السلطة في طرابلس والتي تمثل الذراع الرئيسي لنظام أردوغان في ليبيا.
وسبق أن أعلن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، في تصريحات إعلامية إن السوريين الذين يقاتلون في ليبيا مرتزقة قاتلوا تحت العباءة التركية في سوريا ولم يكن ولائهم يوماً للشعب السوري، مبينا أن المقاتلين وعدوا بالجنسية التركية ومبالغ مالية كبيرة، ستدفعها حكومة الوفاق وليس تركيا لأن الميزانية التركية لا تسمح بدفع 2500 دولار امريكي لقرابة 1000 مقاتل.

واتفقت القوى الأجنبية في برلين على تعزيز الهدف بين الأطراف المتصارعة في طرابلس ومنع التدخلات الخارجية التي تزيد من تأجيج الأوضاع.لكن أردوغان يسعى بحسب المراقبين التف على تعهداته ويصر على المضي نحو التصعيد وهو ما أكدته تصريحاته العدائية تجاه الجيش الليبي وتهديداته المستمرة التي تزامنت مع استمرار تدفق مرتزقته الى ليبيا.
وعبّرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، السبت الماضي، عن "أسفها الشديد وإدانتها للانتهاكات الصارخة المستمرة لحظر التسليح في ليبيا، حتى بعد الالتزامات التي تعهدت بها البلدان المعنية في هذا الصدد" خلال مؤتمر برلين الذي عقد في 19 يناير الجاري.وقالت البعثة الأممية في بيان لها، إن الهدنة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير الجاري، بموافقة حكومة الوفاق والقيادة العامة أفضت إلى انخفاض ملحوظ في الأعمال القتالية في طرابلس، وأعطت مهلة للمدنيين في العاصمة هم بأمسّ الحاجة إليها.
وأكدت البعثة الأممية أن "هذه الهدنة الهشة مهددة الآن بسبب استمرار نقل المقاتلين الأجانب والأسلحة والذخيرة والمنظومات المتقدمة إلى الأطراف من قبل بعض الدول بينها دول شاركت في مؤتمر برلين".ودعت البعثة الأممية الدول المعنية إلى الوفاء بالتزاماتها واحترام حظر التسليح في ليبيا الذي يفرضه قرار مجلس الأمن رقم 1970 لسنة 2011 والقرارات اللاحقة احتراماً تاماً وتنفيذه بشكلٍ لا لبس فيه.
وكان مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا غسان سلامة، قد أكد في تصريحات صحافية عقب مؤتمر برلين، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تعهد في البند الخامس من بيان مؤتمر برلين مثل غيره، بعدم إرسال قوات أو مرتزقة إلى ليبيا.وقال في هذا السياق: "أنا لدي ورقة ولدي ما أحاسبه عليه وقبل ذلك هذا الأمر لم يكن متوفرا.. ولدي الآن تعهد منه".
وتتناقض دعوات أردوغان لوقف اطلاق النار وحديثه عن السلام مع تحركاته المتواصلة لارسال المرتزقة والارهابيين الى ليبيا.ويرى البعض أن الرئيس التركي يحاول جاهدا انقاذ حلفائه في طرابلس خدمة لمخططاته التي تقوم على مزيد تثبيت أذرعه في البلاد بما يدعم مد نفوذه واستمرار نهبه لثروات الليبيين.وباتت ألاعيب أردوغان مفضوحة للشعب الليبي الذي عبر مرار وتكرار عن رفضه الغزو التركي واستعداده لمواجهته.ويأمل الليبيون في انهاء سطوة المليشيات المسلحة بما يضمن التوجه نحو ارساء سلطة موحدة في البلاد قادرة على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.