في الوقت الذي يسعى فيه الفرقاء الليبيون والمجتمع الدولي إلى التوصل إلى حل للأزمة الليبية،تواصل تركيا ارسال دفعات جديدة من المرتزقة إلى ليبيا،في محاولة لتأجيج الصراع واطالة أمد الأزمة بما يضمن استمرار الفوضى والعنف.وتمثل هذه التحركات التركية خطرا يتجاوز الداخل الليبي في ظل تحذيرات من توجه مرتزقة أردوغان نحو أوروبا.

ومنذ اندلاع المعارك في العاصمة الليبية طرابلس بين قوات الجيش الوطني الليبي والقوات الموالية لحكومة الوفاق،في أعقاب اطلاق الأول لعملية عسكرية بهدف تحرير المدينة من سطوة المليشيات المسلحة،ألقت تركيا بكل ثقلها في الصراع الليبي حيث تسارعت تحركاتها لاشعال الصراع لتبدأ من ارسال شحنات الأسلحة مرورا بالطائرات بدون طيار وصولا الى نقل المرتزقة والارهابيين الى الأراضي الليبية.





وبالرغم من مصادقة البرلمان التركي الذي يسيطر عليه حزب أردوغان على ارسال قوات تركية الى ليبيا،فان الرئيس التركي اتجه للتعويل على المرتزقة لاغراق ليبيا في الفوضى ونشر العنف.وتصاعدت التقارير الاعلامية التي تتحدث عن عمليات نقل لمقاتلين موالين لأنقرة من سوريا الى ليبيا لدعم حكومة السراج في مواجهة الجيش الوطني الليبي.

نقل المرتزقة أكده مؤخرا رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج،الذي برر ذلك قائلا "نحن لا نتردد في التعامل مع أي طرف في مساعدتنا لدحر هذا الاعتداء بأي طريقة كانت"،في اجابة عن سؤال حول الاستعانة بمرتزقة سوريين للقتال في صفوف قواته، خلال مقابلة أجراها مع تلفزيون "بي بي سي" البريطاني.

اعتراف السراج يأتي بعد ايام من اقرار المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة في مقابلة مع رويترز بوجود مقاتلين سوريين في طرابلس.هذه الاعترافات الأخيرة تأتي لتؤكد بما لا يدع مجالا للشك صحة التقارير التي أكدت خلال الفترة الماضية تدفق مرتزقة أردوغان الى ليبيا وترافقت مع صور ومقاطع فيديو تثبت ذلك وهو ما حاولت حكومة الوفاق نفيه في أول الأمر لكن اعتراف السراج حسم الأمور.

 التطور الجديد في قضية مرتقة أردوغان في ليبيا،جاء مع تصاعد التحذيرات من خطر هذه العناصر الذي يتجاوز ليبيا ليصل الى أروبا.وتحدثت تقارير اعلامية عن انشقاق عدد من المقاتلين السوريين الذين جندتهم تركيا في ليبيا، حيث ألقوا أسلحتهم عند وصولهم الأراضي الليبية، وقاموا بتقديم طلب اللجوء في إيطاليا.

وأكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن،إن المرصد علم"أن قسم من المقاتلين المنضوين ضمن الفصائل الموالية لتركيا ممن توجهوا إلى ليبيا في إطار عملية نقل المرتزقة إلى هناك من قبل تركيا، بدأوا رحلة الخروج من الأراضي الليبية باتجاه إيطاليا"،مشيرا الى أن ما لا يقل عن 17 منهم وصلوا إلى إيطاليا بالفعل،وأضاف "وفقاً لذويهم ومقربين منهم فإن الذين خرجوا، عمدوا منذ البداية إلى اتخاذ هذا الطريق جسراً للعبور إلى إيطاليا، فما أن وصلوا إلى هناك حتى تخلوا عن سلاحهم وتوجهوا إلى إيطاليا، كما أن قسماً منهم توجه إلى الجزائر على أن تكون بوابة الخروج إلى أوروبا".

من جهتها،أعلنت الغرفة الأمنية بمدينة صبراتة الليبية (غربي طرابلس)،الإثنين عن القبض على خمسة سوريين من المرتزقة المستجلبين للقتال ضد الجيش الليبي كانوا في طريقهم الى الهجرة السرية نحو سواحل إيطاليا.وقالت الغرفة التابعة لوزارة الداخلية بالحكومة المؤقتة ، أن المقبوض عليهم إعترفوا بأنهم سجلوا أسماءهم ضمن المرتزقة الذين تتولى تركيا نقلهم الى ليبيا ، بهدف التسلل الى أوروبا.





وكان الجيش الوطني الليبي، قد كشف في وقت سابق أن عناصر من المرتزقة السوريين المستجلبين إلى طرابلس، اتجهوا إلى الضفة الشمالية للمتوسط، عبر المراكب الخاصة بالهجرة غير الشرعية، وقال اللواء أحمد المسماري، المتحدث باسم القيادة العامة للقوات المسلّحة، إن 41 مرتزقاً تسللوا يومي الجمعة والسبت الماضيين إلى إيطاليا، منوهاً بأن هناك أعداداً أخرى من المرتزقة تستعد للهجرة غير الشرعية عبر ليبيا إلى إيطاليا، بدعم من الحكومة التركية.

وبدوره،كشف مدير إدارة التوجيه المعنوي بالقوات المسلحة الليبية، العميد خالد المحجوب، لبوابة افريقيا الاخبارية عن بد عمليات التنسيق لرحلات هجرة غير شرعية  نحو الشواطئ الاوروبية  لعناصر من داعش والمرتزقة السوريين  الذين وصلوا  الى ليبيا.واوضح المحجوب ان القوات المسلحة الليبية رصدت من خلال مصادرها عمليات تنسيق تجري في المنطقة الغربية  لتجميع مرتزقة  وارهابيين سوريين  وصلوا مؤخرا ونقلهم الى اوروبا عبر وضعهم في مجموعات الهجرة غير الشرعية  لانخفاض تكلفة النقل ودرجة الامان عبر هذه الطريق وانعدام الضوابط.

 واضاف المحجوب ان خطر الارهابيين بات الان اقرب الى اوروبا عبر الهجرة غير الشرعية  من خلال تجمعهم في مناطق تسيطر عليها مليشيات الارهابيين و تتواجد بها عصابات المتاجرة بالبشر.وحذر المحجوب من أن  مجموعات تمتهن  العمل في تهريب البشر وسوقها رائج ومتمكنة،اذ يستغل وجود المهاجرين غير الشرعيين الافارقة ويتم العمل على تهريب الارهابيين والمرتزقة السوريين ضمن هذه الهجرات،وقد بدأ بالفعل تجميعهم في عدد من الاماكن غرب ليبيا.

كل هذه المؤشرات على الأرض زاد في تأكيدها التهديدات التي أطلقها الرئيس التركي رجب أردوغان عشية انعقاد مؤتمر برلين حول الأزمة الليبية.حيث وجه أردوغان في مقال له في صحيفة بوليتيكو الأوروبية، نشرته السبت الماضي،تهديدا واضحا للأوروبيين، قائلا إنه في حال سقوط حكومة فائز السراج التي يدعمها في طرابلس، فإن القارة العجوز ستواجه مشكلات ضخمة مثل الهجرة والإرهاب.وأضاف "ستجد منظمات إرهابية على غرار تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة، اللذان تعرّضا لهزائم عسكرية في سوريا والعراق، أرضًا خصبة للوقوف مجدداً على قدميهما".

ويبدو أن محاولات أردوغان لابتزاز أوروبا قد نجحت حيث اعتبر المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة، إن سبب حضور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مؤتمر برلين حول ليبيا هو تهديده الصريح بإرسال مرتزقة يقاتلون ضد الجيش الليبي.وأضاف سلامة في تصريحات تلفزيونية له أن القادة المشاركين في المؤتمر أجبرو أردوغان التوقيع على بيان المؤتمر الذي يحوي بندا يلزمه بعدم إرسال قوات أو مرتزقة إلى ليبيا.

وقال في هذا السياق: "أنا لدي ورقة ولدي ما أحاسبه عليه وقبل ذلك هذا الأمر لم يكن متوفرا... ولدي الآن تعهد منه".وكشف عن مشروع سيتقدم به إلى لجنة 5+5 من أجل سحب جميع المقاتلين والمرتزقة غير الليبيين من الأراضي، معترفا بوجود أكثر من 2000 من المرتزقة في الأراضي الليبية.

وعن مذكرتي التفاهم بين تركيا وحكومة الوفاق، أوضح سلامة، أن "مذكرة التفاهم الأمنية عقدت بعض الأمور في ليبيا وزادت من التصعيد، بينما تمس مذكرة التفاهم البحرية مصالح دول أوروبية لاسيما قبرص واليونان"، مؤكدا أن المذكرة الأمنية قد تتأكد أو تلغى من قبل دولة ليبية موحدة، في حين مصير مذكرة التفاهم البحرية تحدده محكمة العدل الدولية لأن ليبيا وتركيا لم توقعا على معاهدة اتفاق البحار.







وانعقد مؤتمر برلين، يوم الأحد الماضي، برعاية الأمم المتحدة بعد أن أعلن كل من الجيش الوطني الليبي، وحكومة "الوفاق" التزامهما بوقف إطلاق النار اعتبارا من منتصف ليل 12 يناير/كانون الثاني الجاري.ودعا البيان الختامي لمؤتمر برلين جميع الأطراف إلى الامتناع عن أي أنشطة تؤدي إلى تفاقم النزاع أو تتعارض مع حظر الأسلحة الأممي أو وقف إطلاق النار، بما في ذلك تمويل القدرات العسكرية أو تجنيد المرتزقة.

وقالت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، في ختام مؤتمر برلين: "توافقنا على احترام هذا الحظر على الأسلحة، وعلى مراقبة هذا الحظر بشكل أكثر حزما من السابق".وأكدت ميركل أن طرفي الصراع في ليبيا والداعمين الدوليين لهما اتفقوا، خلال قمة في برلين بشأن ليبيا، على ضرورة احترام حظر السلاح، وتعزيزه من أجل التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار على الأرض.

وطالب الرئيس الفرنسي خلال مؤتمر برلين بـ"الكف" عن إرسال مقاتلين سوريين موالين لتركيا إلى طرابلس دعما لحكومة السراج. وقال "يجب أن أقول لكم إن ما يقلقني بشدة هو وصول مقاتلين سوريين وأجانب إلى مدينة طرابلس، يجب أن يتوقف ذلك". وأضاف الرئيس الفرنسي "من يعتقدون أنهم يحققون مكاسب من ذلك لا يدركون المجازفات التي يعرضون أنفسهم ونحن جميعا لها".

وبالرغم من توصل الأطراف الدولية التي شاركت في مؤتمر برلين بشأن ليبيا، من بينهم تركيا، إلى اتفاق على احترام حظر إرسال الأسلحة إلى هناك وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، عاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ليخرق التزاماته الدولية، بإرساله المزيد من المرتزقة إلى الأراضي الليبية، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وكشف المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن تركيا تواصل إرسال مرتزقة إلى ليبيا، ليصل عدد من وصلوا إلى طرابلس حتى الآن إلى نحو 2600.وأكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن في تصريح خص بوابة إفريقيا الإخبارية بنسخة منه أن المرصد السوري رصد ارتفاع أعداد المجندين الذين وصلوا إلى العاصمة طرابلس حتى الآن إلى نحو 2600 مرتزق.

 وأضاف عبدالرحمان أن عدد المجندين الذي وصلوا المعسكرات التركية لتلقي التدريب بلغ نحو 1790 مجند، وسط استمرار عمليات التجنيد بشكل كبير سواء في عفرين أو مناطق درع الفرات ومنطقة شمال شرق سورية مؤكدا أن المتطوعين من فصائل لواء المعتصم وفرقة السلطان مراد ولواء صقور الشمال والحمزات وفيلق الشام وسليمان شاه ولواء السمرقند.

كما وثق المرصد السوري مزيدا من القتلى في صفوف الفصائل المسلحة الموالية لتركيا في معارك طرابلس، ليرتفع عدد القتلى هناك إلى 28 مسلحا من فصائل "لواء المعتصم وفرقة السلطان مراد ولواء صقور الشمال والحمزات وسليمان شاه".وقُتل المسلحون في اشتباكات على محاور حي صلاح الدين جنوبي طرابلس، ومحور الرملة قرب مطار طرابلس، بالإضافة لمحور مشروع الهضبة، فيما يتم إسعاف الجرحى في 3 نقاط طبية، تعرف باسم "مصحة المشتل" و"مصحة قدور" و"مصحة غوط الشعال"، بحسب المرصد.





وكان المرصد قد ذكر، الأحد، أن تركيا تريد ارسال نحو 6 آلاف مسلح سوري في ليبيا، "لذا ستعمل على تعديل المغريات التي قدمتها مع وصول المسلحين إلى ذلك العدد المرغوب، حيث ستخفض المخصصات المالية، وستضع شروط معينة لعملية تطوع المقاتلين حينها".ونقل المرصد عن أحد المسلحين المهجرين إلى إدلب،قوله: "أريد الذهاب إلى ليبيا طمعا بالمغريات التي تقدمها تركيا، فليس لدي ما أخسره إذ أعيش في خيمة وراتبي 300 ليرة تركية، لا يكفيني لشراء الطعام".

وتعتبر ليبيا منذ القدم أهم نقاط العبور بين القارة الإفريقية و دول أوروبا فيما ازدادت موجات المهاجرين عبرها بعد الأزمة التي شهدتها قبل اعوام والانفلات الأمني المصاحب لها.وتشتكي ليبيا من عدم قدرتها علي احتواء الأزمة التي باتت تؤرق أوروبا لا سيما في ظل أزمتها الاقتصادية والأمنية، ويتواجد ألاف المهاجرين في مراكز إيواء يحتاجون قدر كبير من الاهتمام،في وقت مازال فيه هذا البلد من دون سلطة موحدة في ظل تواصل حالة الانقسام التي تعصف بالأوساط السياسية.

ويثير الرئيس التركي قضية المهاجرين كلما ضيق عليه الأوروبيون حين ينتقدون سياساته،حيث يدرك  حجم المخاوف الأوروبية من موجات هجرة جديدة فيما تعيش أوروبا على وقع انقسامات حادة على خلفية هذه القضية.ويرى مراقبون أن أردوغان يسعى الى استغلال مسألة الهجرة غير الشرعية لابتزاز أوروبا ومنعها من انتقاد مخططاته في ليبيا التي تقوم على تثبيت حلفائه في السلطة ومد نفوذه في البلاد لاستمرار نهب ثرواته وتنفيذ أحلامه التوسعية في المنطقة ككل.