تتجه الأنظار الى برلين،التي تستضيف نهاية هذا الأسبوع قمة مخصصة لبحث حل للأزمة الليبية،حيث تزايدت التحركات في محاولة لضمان نجاح المؤتمر الذي يأتي في وقت مازالت فيه الأجواء متوترة في العاصمة الليبية خاصة بعد انهيار المشاورات في ليبيا بسبب التدخلات التركية التي باتت تمثل عائقا كبيرا أمام أي توافق بين الفرقاء الليبيين.
وكثفت ألمانيا من مساعيها لتامين حضور الأطراف الليبية المتنازعة لمؤتمر برلين،حيث توجه وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، اليوم الخميس 16 يناير 2020، إلى ليبيا للقاء القائد العام للجيش الليبي خليفة حفتر، في محاولة لدعم الجهود الرامية لضمان وقف إطلاق النار في ليبيا، وذلك بحسب وكالة الأناضول التركية.
 وذكرت وزارة الخارجية الألمانية على حسابها على "تويتر" أن وزير الخارجية هايكو ماس قال إن خليفة حفتر، ملتزم بوقف إطلاق النار الحالي في البلاد، وسيشارك في المؤتمر الدولي.ونقلت الوزارة عن ماس قوله بعد اجتماعات في بنغازي "حفتر أبدى استعداده للمساهمة في إنجاح مؤتمر ليبيا في برلين، كما كرر التزامه بوقف إطلاق النار الحالي.


وكان وزير الدفاع الإيطالي، لورينزو جويرينى،الأربعاء، قد تحدث عن "قيمة إيجابية" لمشاركة قائد الجيش الوطنى الليبى، الجنرال خليفة حفتر فى مؤتمر برلين يوم الأحد المقبل،  وقال جويرينى مخاطباً جلسة مشتركة للجنتى الدفاع بمجلسى النواب الشيوخ فى إيطاليا ، إن "صمود وقف إطلاق النار لأجل غير محدود يبقى الهدف الأساسى لتطوير حوار سياسى بين الليبيين يقود فى نهاية المطاف إلى وقف نهائى للأعمال العدائية وإلى حل الأزمة الإنسانية الجارية هناك، متابعا : "فى هذا السياق، فإن خبر مشاركة الجنرال حفتر فى مؤتمر برلين له بالتأكيد قيمة إيجابية".
ومن جهتها أعلنت رئاسة حكومة الوفاق الليبية الخميس أن رئيسها فايز السراج سيشارك في المؤتمر الدولي حول ليبيا المقرر عقده في برلين.وأوضحت رئاسة الحكومة أن السراج أكد مشاركته في المؤتمر خلال اجتماع ضم وزراء ومسؤولين وعسكريين.
وكانت الحكومة الألمانية، قد أعلنت الثلاثاء، عن دعوة كلا من رئيس حكومة الوفاق الوطنى الليبية، فائز السراج، و قائد الجيش الوطنى الليبى للمشاركة بمؤتمر برلين الدولى الخاص بالأزمة الليبية، كما أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل رسميا قائمة تضم 11 دولة لحضور مؤتمر برلين المزمع إقامته فى العاصمة الألمانية الأحد المقبل، ووجهت الدعوات بشكل رسمى على مستوى رؤوساء الدول والحكومات، لــ الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا والإمارات العربية المتحدة وإيطاليا والكونغو ومصر والجزائر وتركيا.
وأعلنت الحكومة البريطانية اليوم الخميس، مشاركة رئيس الوزراء بوريس جونسون في مؤتمر برلين،كما أعلنت باريس عن مشاركة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في المؤتمر.وقالت السفارة الفرنسة في ليبيا في تغريدة لها بموقع "تويتر" "سيشارك رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون في مؤتمر برلين حول ليبيا يوم الأحد".


وكانت الأمم المتحدة،اعلنت أن أمينها العام أنطونيو جوتيريس، سيشارك فى أعمال المؤتمر الدولى حول ليبيا، الذى سينعقد فى العاصمة الألمانية برلين يوم الأحد المقبل.وقال المتحدث باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك - فى موجز صحفى بمقر الأمم المتحدة أوردته قناة "روسيا اليوم" الإخبارية،الأربعاء - إن جوتيريس سيتوجه إلى برلين للمشاركة فى المؤتمر، برفقة كل من مبعوثه الخاص إلى ليبيا غسان سلامة، ونائبته للشؤون السياسية روزمارى ديكارلو.
وتحاول ألمانيا التوفيق بين مواقف الدول الحاضرة في الساحة الليبية،حيث يرى مراقبون أن مفتاح نجاح مؤتمر برلين القادم مرتبط بالاضافة الى تحقيق التوافق بين الأطراف الليبية بمدى نجاح ألمانيا في لم شمل الرأي الدولي وإقناع الخصوم بصياغة رؤية موحدة بشأن مصالحها المتضاربة في ليبيا وانهاء التدخلات الخارجية التي تزيد من تأجيج الاوضاع في البلاد.
وفي وقت سابق، حذر الرئيس الأميركي في اتصال هاتفي مع الرئيس التركي من أن أي "تدخل أجنبي سيعقد الوضع في ليبيا"، مؤكدا أن التدخل الأجنبي يعقد الوضع في ليبيا".بدورها، أكدت وزارة الخارجية الأميركية سابقا في بيان على ضرورة "أن تتوقف الجهات الفاعلة الخارجية عن تأجيج الصراع" في ليبيا.وقالت: "يجب على جميع البلدان الامتناع عن مفاقمة الصراع الأهلي ودعم العودة إلى العملية السياسية التي تيسرها الأمم المتحدة".
وفي اطار دعم مؤتمر برلين ناشد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأربعاء الأسرة الدولية تقديم "دعم قوي" لمؤتمر، مطالباً كذلك طرفي النزاع بالالتزام بوقف الأعمال العدائية بينهما.وقال غوتيريش في تقرير إلى مجلس الأمن الدولي "أحضّ جميع الأطراف المتحاربة على الإسراع في تعزيز الوقف غير المشروط للأعمال العدائية الذي تم التوصّل إليه برعاية رئيسي روسيا وتركيا والانخراط بصورة بنّاءة في تحقيق هذه الغاية، بما في ذلك في إطار عملية برلين".
ورحّب الأمين العام بانعقاد مؤتمر برلين الذي سيشارك فيه،مشدّدا على أنّ هذا المؤتمر الدولي يرمي إلى "توحيد المجتمع الدولي من أجل إنهاء النزاع والعودة إلى عملية سياسية من خلال توفير الشروط اللازمة لحوار ليبي ليبي".وأضاف غوتيريش "أحضّ جميع الدول الأعضاء والمنظمات الإقليمية على أن تدعم بقوة قمّة برلين".
وجدّد غوتيرش التحذير من أنّ "أيّ دعم خارجي للأطراف المتحاربة لن يؤدّي إلا إلى تعزيز الصراع المستمر وتعقيد الجهود الرامية لإتاحة التزام دولي واضح بحلّ سلمي للأزمة في البلاد".لافتا إلى أنّ مشروع البيان الذي سيصدر عن مؤتمر برلين يتمحور حول "ستة محاور" هي "وقف الأعمال القتالية ووقف دائم لإطلاق النار، تطبيق حظر الأسلحة، إصلاح قطاع الأمن، العودة إلى عملية سياسية، إصلاح اقتصادي، احترام القانون الإنساني وقانون حقوق الإنسان".
ويهدف مؤتمر برلين إلى الحدّ من التدخّلات الخارجية التي تؤجّج النزاع،وخاصة في ظل التدخل التركي العلني والمباشر في الملف الليبي بعد أعلان  توقيع مذكرة تفاهم أمنية وعسكرية بين تركيا وحكومة الوفاق برئاسة السراج، بشأن الحدود البحرية أواخر نوفمبر الماضي والتي أثارت غضب دول المنطقة.
وأعقب ذلك تهديدات تركية بالتدخل العسكري في ليبيا مع موافقة البرلمان التركي على ارسال قوات للمشاركة في القتال الدائر في طرابلس.وسرعت أنقرة من عمليات نقل المرتزقة الموالين لها من سوريا باتجاه ليبيا للمشاركة في القتال ضد الجيش الوطني الليبي وهو ما من شأنه اثارة المزيد من الفوضى والعنف في بلد يعاني منذ سنوات من انعدام الأمن والاستقرار


ويثير وجود تركيا في مؤتمر برلين رفضا في الأوساط الليبية وهو ما عبرت عنه تجمعات القوى الوطنية الليبية التي وجهت بياناً إلى المشاركين في المؤتمر شددت خلاله على أن تركيا لا يمكن أن تكون وسيطاً نزيهاً في ظل انتهاكاتها لقرارات مجلس الأمن الخاصة بحظر السلاح ومكافحة الإرهاب، إلى جانب انحيازها لما يسمى حكومة الوفاق التي تمثل الواجهة السياسية للميليشيات الإجرامية والإرهابية التي تسيطر على العاصمة.
وبينت تجمعات تجمعات القوى الوطنية الليبية، أن الحل السياسي في ليبيا لا يمكن الوصول إليه في ظل وجود الميليشيات الإجرامية والإرهابية.مشيرة الى أن القوات المسلحة بقيادة المشير خليفة حفتر هو الضامن الوحيد لوحدة ليبيا واستقلالها وسيادتها ووحدة أراضيها، وأصبح من واجب المجتمع الدولي مساعدته في استعادة معسكراته من الميليشيات والإنتشار في جميع ربوع ليبيا وعلى حدودها، خدمة للأمن والسلام في ليبيا والمنطقة.
وكان رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح،طالب الأربعاء بدور عربي لمواجهة التدخلات التركية في ليبيا.وقال صالح، في كلمة أمام الجلسة الافتتاحية للبرلمان العربي: "المجتمع الدولي نصب مجلسا رئاسيا في طرابلس منح تركيا حق التدخل في ليبيا"، مؤكدا أن اتفاق الصخيرات لم يعد له وجود على الأرض.وأوضح أن حكومة الوفاق لم تؤد اليمين الدستورية أمام البرلمان كما ينص الاتفاق السياسي، مضيفا أن "استمرار المجتمع الدولي في الاعتراف بالمجلس السياسي لا يصب في صالح الشعب الليبي".

ومنذ الرابع من أبريل/نيسان 2019،تشهد العاصمة الليبية طرابلس اشتباكات عنيفة بين قوات الجيش الوطني الليبي والقوات الموالية لحكومة الوفاق بعد اطلاق الأول عملية عسكرية لانهاء سطوة المليشيات المسلحة في المدينة.وبالرغم من التوصل لاتفاق لوقف اطلاق النار مؤخرا فان المشاورات التي جرت في موسكو فشلت في الوصول الى تسوية نهائية للصراع الدائر في البلاد.
وتسعى الأطراف الدولية إلى تهيئة الأجواء للعودة إلى طاولة الحوار في محاولة لانهاء حالة الانقسامات والصراعات التي تعصف بليبيا منذ العام 2011 والتي أدت الى نشر الفوضى والعنف في البلاد وسمحت بتغلغل التنظيمات الارهابية ما شكل خطرا كبيرا على البلاد والمنطقة ككل.ويرى مراقبون أن تحقيق الاستقرار في ليبيا بات ضروريا لاغلاق الباب أمام خطر الارهاب والتدخلات الخارجية التي تقودها الأطماع في ثروات البلد الغني بالنفط.