يجمع الليبيون أنهم منذ العام 2011، يجدون صعوبة كبرى في توفير حاجياتهم اليومية خاصة الغذائية منها، بسبب نقص المواد وتضاعف أسعارها، إضافة إلى المشاكل التي تعانيها المصارف التي أثر عليها النزاع السياسي وجعلها تشكو نقصا كبيرا في السيولة وفي توفير الاحتياجات المالية ما زاد في معناة المواطنين.

وفي ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها ليبيا،تعود من جديد قضايا التعويضات الى واجهة الاحداث بعد المطالب الاسرائيلية الأخيرة بتعويض اليهود الليبيين إضافة إلى مشروع قانون تعويض ضحايا الجيش الايرلندي من الاموال الليبية.ونرصد أبرز الجهات التي طالبت ليبيا بتعويضات مالية بعد أحداث "17 فبراير 2011":

مطالب اليهود

من بين مستوطني فلسطين الذين يربو عددهم على ثمانية ملايين نسمة؛ يستوطن فلسطين خمسة آلاف يهودي من أصول ليبية، وفقا لبيانات الجهاز المركزي الإسرائيلي للإحصاء في 2015.وتسوق الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لفكرة حصول هؤلاء اليهود على ما تسميه بـ"تعويضات" من الحكومات العربية.وفي هذاالسياق،طالب الباحث والناشط الإسرائيلي إيدي كوهين مؤخرا،بإسترجاع ما أسماه بـ"أموال اليهود من الدول العربية المنهوبة" خاصة من مصر والعراق وليبيا. وقال الناشط الصهيوني الذي يرأس قسم الدراسات الشرق أوسطية في جامعة بار ايلان الإسرائيلية في تدوينة له على صفحته الشخصية بالفايسبوك: " نحن اليهود من الدول العربية سنسترجع اموالنا المنهوبة عاجلا او اجلا".

وليست المحاولات اليهودية والإسرائيلية هذه الأولى من نوعها للحصول على تعويضات من ليبيا،اذ تسعى إسرائيل إلى استغلال التحول السياسي الدائر في ليبيا، بشكل أو بآخر لصالح اليهود ذوي الأصول الليبية، الذين يستوطنون إسرائيل منذ عشرات السنين.وكانت إدارة الأملاك بوزارة الخارجية الإسرائيلية قامت بإعداد مشروع قانون وطرحته على الكنيست الإسرائيلي في مارس آذار عام 2012 يطالب دول من بينها ليبيا بتعويضات عن أملاك 850 ألف يهودي قيمتها 300 مليار دولار أمريكي مقسمة فيما بينهم طبقا للتعداد السكاني الأخير لليهود عام 1948.

ضحايا الجيش الجمهوري الأيرلندي

تتهم الحكومة البريطانية ليبيا بإمداد الجيش الجمهوري الأيرلندي بالأسلحة، سعيا لدعمه في إنهاء الحكم البريطاني في أيرلندا الشمالية في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي.وفي العام 2009، سيف القذافي ،ان ليبيا سترفض دفع تعويضات لعائلات قتلى بريطانيين اثر تفجيرات نفذها الجيش الجمهوري الايرلندي بدعوى أن تلك الهجمات نفذت بأسلحة قدمتها ليبيا.وقال سيف حينها بأن طرابلس ستواجه أي مزاعم في ساحات المحاكم مثيرا بذلك خلافا مع رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون، الذي قال انه سيؤيد مطالب التعويض.

وفى 23 يناير 2016، أدلى عضو المجلس الرئاسي أحمد معيتيق،بتصريحات لصحيفة "ذا أبزيرفر" البريطانية،قال فيها إن حكومة الوفاق ستدرس مطالب أهالي ضحايا جرائم الجيش الجمهوري الأيرلندي الذين يطالبون بتعويضات من الحكومة الليبية. وقد أثارت هذه التصريحات موجة غضب عارمة في ليبيا التي تعاني من مشاكل إقتصادية وأمنية.فيما ذكرت صحيفة بلفاست تليغراف الإيرلندية يوم 23 مارس 2016، أن وزير الخارجية الإيرلندي توبيانا ايلوود وعدد من النواب اعتبروا وعود أحمد امعتيق في هذا الصدد بأنها "جديرة بالترحيب وبأنه أصبح لديهم محاور يرغب في بحث الموضوع" بحسب الصحيفة.

وفي مايو 2017،حث وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون،السلطات الليبية، خلال الزيارة التي أجراها إلى العاصمة طرابلس،على تعويض أسر ضحايا ومصابي هجمات الجيش الجمهوري الأيرلندي.ونقلت صحيفة "ذا صن" عن وزير الخارجية بوريس جونسون، إنه أخبر قادة ليبيا أن التوصل إلى اتفاق دبلوماسي حول قضية التعويضات أولوية قصوى بالنسبة للندن.وقالت الصحيفة، إنه على الرغم من تعويض أسر ضحايا هجمات الجيش الأيرلندي الأمريكيين والفرنسيين والألمان، فإن أسر الضحايا والمصابين البريطانيين، المقدر عدده بـ 300 شخص، لم يحصلوا على أي تعويضات وتم إنكار حقهم فيها. وقد اتهم نواب بريطانيون الحكومات السابقة والحالية بالفشل في إجبار ليبيا على الدفع. وقال محامي الضحايا ماثيو جوري: " يحب أن تكون الأولوية القصوى لحكوماتنا هي ضمان العدالة لهؤلاء الضحايا.

ومؤخرا عاد مشروع قانون تعويضات الجيش الجمهوري الأيرلندي أو مشروع الاستيلاء على الأموال الليبية المجمدة في بريطانيا إلى الواجهة مجددا حيث خضع المشروع لقراءة أولى في مجلس اللوردات يوم الاثنين 26 يونيو 2017، وهي الخطوة الأولى قبل أن يصبح قانونا محتملا.ويحمل مشروع القانون الجديد اسم مشروع قانون تجميد الأصول (التعويض)،وهدفه هو منح وزارة الخزانة البريطانية حق الوصول إلى مبلغ يقدر بنحو 9.5 مليار جنيه استرليني، من أصول الزعيم الليبي السابق معمر القذافي. والمال قيد الحجز به في المملكة المتحدة، وخاضع للتجميد.

السودانيون العائدون

في يونيو 2014،طالب الآف من السودانيون العائدون من دولة ليبيا، بعد أحداث "17 فبراير"، الحكومة الليبية بدفع تعويضات مالية لهم جراء الأضرار التي لحقت بهم. وقال علي عبد الله أحد العائدين من ليبيا لـ"الميدان" إن أكثر من مليون سوداني عائد من ليبيا في انتظار تعويضات تدفع لهم، و أضاف أن: بعد وصول العائدين قامت السلطات في مطار الخرطوم، بتسجيل اسماءهم، تمهيداُ لانشاء ملفات لدفع التعويضات لهم، خاصة و ان عمليات الترحيل و الاجلاء تمت في ظروف سيئة لن يستطيع أحد منهم حمل شيء معه، وأوضح أن العديد من العائدين أمضوا سنين عمرهم في ليبيا وخرجوا منها بلا شيء، و طالبوا الجهات المختصة بالتدخل لحل أزمة العائدين وحذروا من التماطل في حل القضية، خشية أن تلحق بقضية تعويضات العائدين من العراق.

مطالب صينية

في العام 2012،طالبت الصين ليبيا بتعويض عن خسائر الشركات الصينية التي تضررت جراء الأحداث التي عرفتها ليبيا في العام 2011. وقال وزير التجارة الصيني، تشن ده مينغ، في مؤتمر صحفي على هامش الدورة البرلمانية السنوية،في 07 مارس 2012، إنه وفقا للقانون والممارسات الدولية، فقد طلبت الصين من السلطات الليبية التعامل على نحو مناسب مع مسألة الخسائر الفادحة للشركات الصينية التي تكبدتها خلال فترة الحرب الأخيرة في ليبيا ودفع تعويضات لتلك للشركات. وأضاف ده مينغ: ''الصين ليست لديها استثمارات في ليبيا، بل مشاريع إنشائية فقط، من بينها مشاريع سكنية تقدر قيمتها بأكثر من 10 ملايير دولار أمريكي.

العمالة المصرية

في أكتوبر 2016،طالبت القوى العاملة المصرية بتعويض 307 آلاف عامل مصرى،وقال محمد سعفان، وزير القوى العاملة،إنه "في إطار دور الوزارة للحفاظ على حقوق العمالة العائدة من ليبيا عقب الأحداث التي مرت بها من 2011 حتى عام 2015 تم حصر تلك العمالة وتسجيلها بالحاسب الآلي بالوزارة وقد وصل إجماليها 307 آلاف و217 عاملاً، عملوا في ليبيا وعادوا اضطرارًا نتيجة هذه الأحداث".وكشف سعفان،بحسب بيان للوزارة، عن أنه أرسل حصرا بهذه الأعداد إلى نظيره الليبي لاتخاذ الإجراءات اللازمة نحو تعويض هذه العمالة عما لحق بهم من أضرار جراء هذه الأحداث.

وأشار إلى أن الوزارة على استعداد لاستضافة وفد من وزارة العمل والتأهيل الليبية لاستكمال أي بيانات أو مستندات خاصة بهذه العمالة لإتمام إجراءات صرف التعويضات المطلوبة وذلك في إطار التعاون والتواصل المستمر بين وزارتي العمل بالبلدين في أوجه العمل المختلفة، مؤكدًا أن الوزارة سوف تطالب بحقوق عمالها مهما طال الوقت.

قضية الايدز

في أكتوبر 2012،ذكرت شبكة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، أن محكمة هولندية قامت بالحكم لطبيب فلسطيني بتعويض قدره مليون يورو، بعد سجنه ثماني سنوات في ليبيا باتهامات تتعلق بنقل عدوى الإيدز للأطفال.كما أعلنت محاميته أنها ستطالب الاتحاد الأوروبي بالضغط على ليبيا لتعويض الأضرار التي تعرض لها موكلها.وكان الطبيب الفلسطيني قد اعتُقل في ليبيا لمدة تجاوزت الثماني سنوات مع خمس ممرضات بلغاريات بعد اتهامهم بإصابة أكثر من 400 طفل ليبي بشكل متعمد بفيروس نقص المناعة المكتسبة "الإيدز" في أحد المستشفيات بالعاصمة الليبية عام 2000وأدى تدخل العديد من الدول الأوروبية وعلى رأسها فرنسا إلى الإفراج عن الطبيب الفلسطيني والممرضات البلغاريات الخمس عام 2007، ليتم بعد ذلك منح الطبيب الفلسطيني الجنسية البلغارية.

وفي نوفمبر 2016، وفي تقرير بعنوان:"الممرضات البلغاريات يطالبن بتعويض من ليبيا"، ذكر موقع مجلة ليكسبريس الفرنسية، أن خمس ممرضات أمضين ثماني سنوات في السجون الليبية، بعد اتهامهن بنقل فيروس الإيدز في مستشفى للأطفال،رحبن بأنباء عن اتهام مسؤولين سابقين في نظام معمر القذافي بنشر الفيروس بين الأطفال، فيما طالبت بعضهن بتعويضات مالية.وقالت الممرضة فاليا شيرفينياشكا لـ"فرانس برس: "شعرت بالحرية بعد هذه الأنباء، لقد ظهرت الحقيقة بعد نحو عشر سنوات من الإفراج عنا"، في حين ذكرت الممرضة كريستيانا فالشيفا أن "ليبيا لديها أصول أموال في الخارج يجب أن نعوض منها عن سنوات سجننا".

أسرة سودانية

في أبريل 2015،طالبت أسرة الضابط السوداني الراحل فاروق عثمان حمد الله، الحكومة الليبية بتعويض لا يقل عما دفعته في قضية طائرة لوكربي الشهيرة، حسب موقع ارم.ونفذ حكم بالإعدام على الرائد فاروق حمد الله إبان عهد الرئيس السوداني الأسبق، جعفر محمد نميري في العام 1971، بعد فشل محاولة انقلابية عرفت بـ"الثورة التصحيحية"، قادها الرائد هاشم العطاء المنتسب للحزب الشيوعي السودان.

وكانت السلطات الليبية قد اختطفت الطائرة التي كان على متنها اثنين من قادة الانقلاب، هم فاروق حمد الله وبابكر النور، في طريقهما من لندن إلى الخرطوم، وسلمتهما للسلطات السودانية، لينفذ بحقهما أحكام بالإعدام، بعد محاكمة صورية لم تستمر لأكثر من بضع دقائق.وقالت ابنة الراحل حمد الله، أماني، في تصريحات صحفية، إن والدها لم يشارك في انقلاب"الحركة التصحيحية"، نافية انتمائه للحزب الشيوعي السوداني.

تعويضات الشركات الأجنبية

بحسب تقرير نشرته مجلة "أفريكا كونفيدنتال" الناطقة بالفرنسية والصادرة من باريس،الخميس 16 يونيو 2016.ويقول التقرير أن التهديد الأكبر يتمثل فى إجراء قانوني إتخذته مجموعة الخرافي الكويتية وقد تَحول إلى شكل حرج في الـ8 من يونيو 2016 بعد رفض محكمة النقض في فرنسا للإستئناف المقدم من قبل المؤسسة الليبية للإستثمار ودولة ليبيا بحق الحكم الصادر من محكمة باريس الذي تقدمت به المؤسسة في أواخر عام 2014 وأكد هذا الحكم تنفيذ قرار محكمة الاستثمار العربية في عام 2013 الذي يمنح الخرافي تعويضاً بقيمة 930 مليون دولار بسبب الاضرار التي تبعت إلغاء مشروع منتجع شاطئي في ضاحية جنزور غربي العاصمة طرابلس.

 وفي فرنسا لدى الخرافي الكثير من الوسائل لتحصيل هذه الأموال عبر ممتلكات ليبية موجودة  هناك  تساوي 250 مليون باوند ومجموعة واسعة من الأصول المالية الليبية التي تم تجميدها على أساس العقوبات المفروضة على ليبيا في عام 2011 ويضيف التقرير أن  القانون الفرنسي يسمح بالإستحواذ على هذه الأموال رغم إلغاء ذلك عبر محاكم مصرية.ولكن النقطة المضيئة لصالح ليبيا فى هذه القضية هي تخلي مجموعة الخرافي عن مصادرة الطائرة الرئاسية الليبية من طراز"إيرباص 340" و التى كانت تتواجد في مطار" بيربغنان" فى فرنسا و ذلك على الرغم من عدم معرفة قيمتها الفعلية حيث أعطيت الحماية القانونية بإعتبارها رمزاً لسيادة ليبيا.

ويضيف التقرير،في لندن أيد القاضي قرار من محكمة التحكيم لغرفة التجارة الدولية يلزم  الشركة الليبية العامة للنقل البحري بدفع 14 مليون دولار لشركة "أس تي أكس"  لبناء السفن في فرنسا لإلغائها طلب بناء سفينة نقل ركاب سياحية لصالح ليبيا كان قد وقٌع عقد بنائها إبان فترة حكم النظام الليبي السابق ، كما يشير التقرير لرفض القاضي مناشدات من محامين في باريس كون ليبيا كانت في حالة حرب و فى ظرف قاهر عام 2011

هناك ايضا مجموعة " جنوال داينمك " في واشنطن التي طالبت بـ26 مليون من ليبيا كجزء من إجراءات التحكيم الأخرى كما أن هناك محاولات من مجموعات رئيسية للإنشاءات مثل مجموعة" اوديربريتش"البرازيلية التى ذهبت ايضا لغرفة التجارة الدولية في عام 2015 بعد توقف حصولها على قيمة عقود إنشاء مطار طرابلس الجديد الموقع عقد بنائه إبان فترة النظام السابق كما توقع التقرير ان تليها المتحدة للمقاولات ومجموعة ممولة من اليونان وفلسطين في ذات الخطوات كما قامت بذلك شركة "سترباغ " النمساوية.

تطالب العديد من الشركات و المجموعات التجارية بعشرات الملايين كتعويضات،وفي فترة المجلس الانتقالي الليبي عام 2012،شكلت لجنة من قانونيين وخبراء ماليين، لتحديد تعويضات الشركات الأجنبية التي تضررت أعمالها في ليبيا، والتي تقوم بتنفيذ مشروعات تنموية، قيمتها 130 مليار دينار (80.6 مليار دولار)، بحسب تصريحات رسمية سابقة.ورفض المؤتمر الوطني التقرير، ووافق على دفع 70 مليون دولار فقط، لتعويض المتضررين، بعد التحقق من وثائق 800 شركة أجنبية.