كنت احاول ان اصل بالقول في الجزء الاول من تحت هذا العنوان . بان التأزم الليبيى . الذى نُعايشه . ويعصف بجميع جنبات حياتنا . سوى منها المعنوية او المادية . لا تثم معالجته على نحو حاسم . وبمردود إيجابي يطال البلاد وساكنيه . الا باستدعاء مفردة الوطن المغيبّة . مند عقود طويلة عن المشّهد الليبيى . الى التداول داخل المشهد وحاضره . والاجتهاد في العمل على تفّعيلها باعتمادها ركيزة اساسية . من خلال حضور مفردة الاقليم في منّدوبية . اتنا التفاعل والاقتراب والتعاطي  مع هذا التأزم العابث  . وغير هذا السبيل . هو نهج سينتهى بنا . لا محالة الى اعادة انتاج المركزية المقيتة . ولا غير ذلك   . 

       ولا يتم استدراج مفردة الوطن - في تقديرى - الا بالابتعاد عن المرّكزية الادارية . الى حيث الادارة المحلّية والولوج الي هذه . عبر ادارة الاقليم . وليس من خلال تشظّيات تتخذ هيئة إدارات محلية ضيقة . لا رابط بينها يشدّ بعضها الى بعض . سوى مركز المرّكزية  .  فبهذه التشظّيات الادارية . يتوفر قناع جيد . تتخفى من ورائه . اسواء انواع  المركزية الادارية  واشنعها . 

      ولقد بينّا في تناولنا السابق . كيّفية استدعاء مفردة الوطن الى حاضر المشهد الليبيى  . وقلنا بإمكانية استدراجه من خلال بوابة ادارة الاقليم . واوضحنا . لماذا . وكيف . ولكن هل ثمت شواهد على ارض الواقع تُدعم ما ذهبنا اليه ؟ . وتكوّن بذلك (ما صَدقْ) لتناولنا هذا . الذى يقول . بان تفعيل مفردة الاقليم . تسّتبطن في ذاتها . تفّعيل الرابط المعنوي الذى نحتاجه . لدمّج الديمغرافي الليبي بجغرافية ليبيا . والذى نستطيع من خلاله بعثْ مفردة الوطن الى الوجود . واوضحنا بان تفّعيل مفردة الاقليم . هى القدّاحة . التى بها تُشْعل وتُفعّيل مفردة الوطن  . ومن ثم تحتل هذه . مكان لها وعلى نحو تلقائي داخل المشهد وتحّتكره   . 

    اعتقد بان الشواهد على ذلك . في متناول اليد . ولا تحتاج منا الابتعاد الى خارج الجغرافية الليبية . التى دَرَجَ الليبيون على  اختزالها في اجسام  ثلاث . شرق البلاد . جنوب البلاد . غرب البلاد . فشرق البلاد هو شاهدنا الساطع  . على كل ما تناولناه عن مفردة الاقليم .  فهو من انضج واجترح مفردة الاقليم في الفضاء الليبيى . ربما كان ذلك على يد السنوسيين . فصار بذلك اقليم برقة . وصارت برقة مدّ ذلك الحين ذات روح متميّزة . مكّنتّها من التعاطي وحتى اللحظة مع احداث البلاد . بحس وطني ذو بُعد إنساني . وليس كما يظهر و يُوحى به مُسمى الاقليم . بانطباع خاطي جهوى . 

     فلو استدعينا من التاريخ الليبيى . مرحلة الغزو الإيطالي للبلاد . واستقرئنا من خلاله كيف تعاطى الاقليم . مع هذا الحدث انتا تلك المرحلة . نجد الاقليم قد تفاعل مع الحدث . بروح جهادية ذات صبّغة وطنيّة وببُعد إنساني   .  يُبعده ويبّتعد به عن الانحدار  . بهذا الفعل النبيل  الى مدارج طلب الغنائم وملاحقة الاسلاب . التي سادت حينها . واصطبغت بها جل باقي الانحاء   .  فما اشبه الليلة بالبارحة  . 

   وحتى اذا دهبنا . الى مرحلة ما بعد الاستقلال  . والتي اُبّعدتْ وشُطبت فيها مفردة الاقليم عن التداول في الدواوين الرسمية . استمرت هذه الروح النبيلة تُغّدى  شرق البلاد . في تعاطيه مع الاحداث  بليبيا . والتى كانت كما اوضحنا . نتاج الرابط المعنوي . الذى يشد ديمغرافي شرق البلاد الى جغرافيته   . وربما احداث يناير 64 م . تدعم ما دهبنا اليه .  

     ولو اقتربنا من صفحات الوطن وما وثّقته ودوّنته . بين دفّتيها خلال هذه العقود الاخيرة . وانّتقينا منها حدث . انشغل به كل الليبيين . كحدث سجن ابى سليم العتيد . الذى طال بضرره كل البلاد  . من خلال الانتماء المكاني . الذى كان يُغطى به  هؤلاء السجناء . اغلب الرقعة الجغرافية لليبيا  .  نجد ان اقليم برقة  دون غيره . فى انحاء البلاد   . قد تعاطى وتفاعل مع هذا الحدث المأساوي . بحراك احتجاجي  ذو بُعد وطني أنساني .  

      وفي المقابل لم تأتى من شركاء الاقليم في الوطن . وقتها .  ما قد نُدرجه من صور الدعم والمساندة للإقليم . في تفاعله الوطني الإنساني الاحتجاجي . الرافض للعبث بأدمية الانسان وحرّمته بداخل البلاد . وبهذا صار الاقليم وبتفاعله الإيجابي مع كل ما يلامس حياة الناس بليبيا . ضمير لليبيا الوطن   .  وثمت الكثير من الشواهد الاخرى  . تصبْ وتغلّب فرضّية . تفعيل ادارة الاقليم . كأداة ووسيلة فاعلة . للاتكاء عليها لاستدعاء مفردة الوطن . الى حاضر المشهد الليبي  . 

       فاندفاع اقليم برقة التلقائي . نحو السلوك الوطني الإنساني . انبعث وجاء الى الوُجود ودنيا الواقع . بفعّل الرابط المعنوي . الذى يشدّ الديمغرافي الى الجغرافي  بشرق البلاد  . والناتج  - في تقديري – عن تفعّيل ادارة الاقليم . والتي دامت بما يكّفى من الزمن . لتخّليق وتفّعيل وإنضاج هذا الرابط المعنوي . الذى به ومن خلاله اندمج وتماها الديمغرافي الجغرافي  . فتشكّلت وانّبثقت من خلالهما حالة وطنية ذات بُعد انساني   .  وصارت سِمه من سيمات إقليم شرق البلاد . ظهرت في سلوك نبيل . يرفع صاحبه درجه عن من سواه .  ويَبزْ به غيره ومحيطه . ويُخلّدْ به نفسه في دفتر الزمن . بترّميزه من ترميزاته .  وتضل ايقونة (المختار) شاهد على ذلك . 

      واقول مؤكدا . بانه وبتفعيل ادارة الاقليم . ننتهى الى استدعاء مفردة الوطن المغيّبة الى الحاضر الليبيى . وبتفعيل ادارة الاقليم . ننتهج السبيل الذى نصل به . الى توظيف موارد البلاد لصاح  البلاد . وبتفعيل ادارة الاقليم . نبتعد بما فيه الكفاية . عن المركزية التى عبثت بالبلاد خلال العقود الماضية . واوصلته الى هذا الانحدار المُريع . . 

كاتب ليبي 

الآراء المنشورة ملزمة للكاتب  و لا تعبر عن سياسة البوابة