لقد حاولت القول في الجزء الاول من تحت هذا العنوان . بان الهيئة الاممية ليس من واجبها الحياد . انتا تعاطيها مع حالتنا الليبية هذه . بل هى منحازة بالضرورة الى رؤيتها . التى يفّترض ان شكلتها وصاغتها عبر تفاعلها وتعاطيها مع الشأن الليبيى . بهدف تفكيك تأزمه بالاستناد والاتكاء على روياها هذه . والتى افترضنا بارتكازها على ثوابت يصعب التشكيك والطعن فيها . واجّملنا هذه المرتكزات في الواقع والموقع الجغرافى لليبيا والمدعوم والمسنود  بمواثيق الهيئة الاممية وتوجهاتها الانسانية . وقد فصلنا ذلك وبتركيز في الجزء الاول . من هذا التناول .  

    وحتى عندما تتراجع الرؤية الاممية عن الدولي والإقليمي الحيوي لليبيا . للمرور الى  الداخل المحلّى الليبيى . ستضل تتكئ على ذات المرّتكز الجغرافى . المسّترشد بميثاق وتوجهات الهيئة الاممية . وسيدفعها لذلك . ويدعم ويعزز هذا التوجّه المسّئول للهيئة . ما لاحظته الهيئة الاممية . اتنا معايشتها للواقع الليبيى وتفاعلها مع نُخبه وعامته .  من غياب للجغرافية الليبية للتراب الليبيى في بُعّده المعنوي . عن الحضور اتنا تداول التأزم الليبيى والتفاعل معه . مع وعند جُل المستويات الليبية . التى تتصدر المشّهد على مدار سنين الانتفاضة وحتى اللحظة . اذا ما ستثنينا شرق البلاد . 

      والشاهد على ذلك . ما جاء في احد مطالعات الهيئة . عن النهب الذى يتعرض له المال العام  . ويرفد هذا الاستشهاد ويسنده . سلوك وعبث المليشيات بأكبر مدن ليبيا طرابلس على مدار السنين الماضية . واستسلام واستكانت أهالي المدينة لذلك .  في حين نُشاهد عاصمة* ليست بالبعيدة عنا . استطاعت ومن خلال ضغط احتجاجات شعبية عارمة . غصت بها ميادينها وشوارعا وساحاتها . من ارغام مؤسسة رائسيه عاجزة وقعيدة . على اعادة النظر  في آلية ادارة البلاد .  وانتهى ذلك الى اسقاط مؤسسة الرئاسة . بفعل الاحتجاج والضغط الشعبي السلمى . ويرجع ذلك في تقديرى . الى حضور البُعد المعنوى للجغرافية الجزائرية .  في ثقافة الجزائريين . 

     كنت احاول ان اقول . بان كل الملاحظات السلبية . التى قد تكون الهيئة الاممية قد انتبهت لها اتنا تفاعلها مع المعّضل الليبيى . وترى بان لها مردود سلبى على آلية ادارة الدولة الليبية المأمولة .  يكون على الهيئة النظر اليها بعين الاعتبار . والسعي   نحو معالجتها . اتنا مساعدة ومشاركة الليبيين في تأسيس ووضع قواعد دولة المواطنة المأمولة  . 

  ومن هنا . في تقديرى . يكون هذا الجغرافي المحلّى . المسّترشد بالميثاق الأممي . هو الاداة والوسيلة الناجعة . بل والوحيدة .  التى عبرها ومن خلالها   تتمكن الهيئة . من تمهيد البيئة الليبية لتكون صالحة لاحتضان الاسس المتينة . لدولة ليبية لا غياب فيها لتغليب مصلحة الوطن ومواطنيه على ما سواه  . ولا تعارض في توجهاتها الاساسية مع مواثيق الهيئة الاممية . 

   وبقول اخر . ان الهيئة الاممية وبحكم مواثيقها لا تستطيع المشاركة في التأسيس لدولة تكون بعيدا . عن نهج المسار الديمقراطى . لأنه الوحيد وحتى اللحظة . الذى يمّتلك الآلية . التى تتيح استشارة الناس ومشاورتهم في من يُدير ويسّير ادارة بلادهم . وذلك عبر صندوق الانتخاب . وهو ايضا من يقف في وجه ممن يتبنى مقولة فرعون ( ما اُريكم الا ما ارى . وما اُهديكم الا سبيل الرشاد ) من خلال القبول بتعدد الآراء . وحرية التعبير الخ . وهذا جيد للحالة الليبية . ولكنّه ليس بكافي . بل يحتاج الى ربطه    بالجغرافية الليبية  بالتراب الليبيى   . لنتمكن عبر هذا الرابط وتفاعله مع الزمن . من تخّليق وبعث وتحّميل الجغرافية الليبية والتراب الليبيى  بُعدْ معنوى في نفوس الناس  . وبقول اخر لنجعل الجغرافية والتراب الليبي ذات بُعد معنوي  في ثقافة اللبيبين . عندها سنشاهد العاصمة الليبية . تحاكى الجزائر العاصمة في تعاطيها مع الشأن الوطنى . 

   ومن هنا تظهر الحاجة الى استدعاء والتعاطي مع مفردة الاقليم وتفّعيلها . وليس الادارة المحلية . ادارة الاقليم . كوسيلة وليست غاية . كوسيله لربط الانسان بجغرافية بلاده . وبغرض تحّميل الجغرافية بُعد معنوى في ثقافة الناس . لان في ذلك منّفعة ومصلحه لهم . وشاهِدنا على ذلك ومن داخل الجغرافية الليبية . يظهر ساطع وبوضوح في اختلاف تفاعل وتعاطى شرق ليبيا مع الاحداث بالبلاد . عن غيره في جنوبها او غربها . ويرجع هذا الاختلاف - في تقديرى - الى البعد المعنوى . التى تَحَّمِله جغرافية شرق البلاد عند قاطنيها . فبرقة ليس مسمّى اجوف . بل مُسمى مُحمّل بمضامين معنوية  . اعطت اقليم شرق البلاد خُطوات مُتقدمة في اتجاه الوطن . على غيره من الجنوبى والغربى   . وذلك لغِياب وضمور هذا البُعد المعنوى عن جغرافية غرب البلاد .  و تغّيبه بمحاولات وأده في جنوبها . خلال العقود الاربعة المنصرمة  . ولهذا يرجع عدم حضور مفردة  فزان في حاضر المشهد الليبيى الحالي .   

  وفى الخاتمة اقول . بان تفعيل هذا التوجه وفى المجّمل يتأتى  . من خلال افساح هامش واسع من طرف الهيئة الاممية  . لمفردة الاقليم  في داخل المشّهد على غيره من المفردات الاخر . واعتمادها كركيزة اساسية . اتنا تفاعل الهيئة مع الداخل المحلى الليبيى  . بهدف جَسّرْ الهوّة ما بين مرحلة اللادولة ومرحلة التأسيس لدولة .  فاستدعاء مفردة الاقاليم بمفرداته ومكوناته المتجذّرة في جغرافيته . وليست الطارئة . المظمخة والمعجونة بأديم ثقافته . وليست الوافدة . هى المدماك الاساسى الذى يجب ان تنّحاز وتعول عليه الهيئة . في كنس هذا العبث الذى عصف ويعصف بالبلاد مند عقود طويلة .  

كاتب ليبي 

الآراء المنشورة ملزمة للكاتب و لا تعبر عن سياسة البوابة