كان يمكن تجنيب ليبيا الحرب واستغلال ظروفها المحدثة للنهوض بليبيا لوكان هناك أحاسيس وطنية ولو كان هناك عقول مدبرة وهو ماتفتقده ليبيا فعليا والتى تتميز بثراء مالي وفقر عقلي،  كان الأولى بالمجلس الرئاسي كحكومة شرعية أن يحتضن جيش الكرامة ويقبله تحت سلطاته ويظل المجلس الرئاسي حاكما ويصبح جيش الكرامة قوة عسكرية تحت سيطرة المجلس الرئاسي  خصوصا أن المجلس الرئاسي خاضع تحت سلطة عصابات مسلحة هى المتحكمة بطرابلس ويمكن بذلك استخدام جيش الكرامة لتحرير نفسه وتحرير ليبيا من هذه العصابات بدلا من هذه المواجهة التعيسة غير المبررة حقيقة والتى ادخلت ليبيا في المزيد من التعقيدات التي منها طول الحرب والتدخلات الدولية المتعددة التى ستجعل من ليبيا ساحة لحرب دولية إلا أن الامر على مايبدو ليس أمر المجلس الرئاسي بل أمر قوى أخرى في داخل ليبيا مستفيدة من وضع الفوضى في ليبيا وتهدف إلى استمرار الفوضى استمرارا لفوائدها فما كانت إلا حربا يديرها ويدفع بها ساسة ليبيا من وراء جدران مكاتبهم وفنادقهم وقصورهم ويهدرون لها أموال الشعب الليبي ويدفع ثمنها أجيال من شباب ليبيا تساقطوا فيها قتلى وجرحى أغروهم بالأموال وغرروا بهم إعلاميا عبر قنوات فضائية خسيسة .

مع تقدم جيش الكرامة نحو طرابلس رفع جيش الكرامة شعارات وطنية خلاصة هذه الشعارات هو إنقاذ ليبيا التى بالفعل تحتاج إلى إنقاذ من مستنقع غرقت فيه ليبيا بعد سنة 2011 م ويتخبط فيه شعبها في أسوأ حياة معيشية على وجه الأرض إلا أن جيش الكرامة ورط نفسه بإشراك بعض العصابات المسلحة من بعض المناطق  وعصابات مسلحة تنتمي إلى تيار ديني معين هو التيار السلفي مما لوث نقائه العسكري وأتخذ من مناطق جنوب طرابلس مواقع لمعسكراته وقسمها إلى عدة محاور وهى طرقا رئيسية تؤدي إلى داخل طرابلس واكتفى بالتمركز فيها، في هذه الأثناء ساد الأرتباك المجلس الرئاسي الذي لايملك قوة فعلية تضاهي جيش الكرامة وهى فترة فراغ حقيقية لم يستغلها جيش الكرامة لدخول طرابلس بل ظل منتظرا معسكرا في مواقعه بجنوب طرابلس وكانت فرصة سانحة ضيعها جيش الكرامة لعدم وجود قوة عسكرية فاعلة في بدايات  تقدمه وبدأ المجلس الرئاسي يحشد شيئا فشيئا عصابات مسلحة من عدة مناطق ويضخ لها الأموال العامة ويصرف لها الإمكانيات  وبدأ يهدر الأموال العامة على مجموعة من الثرثارين في القنوات الاعلامية لتأجيج الناس ضد جيش الكرامة واستطاع التحشيد ضد جيش الكرامة ماليا وإعلاميا فحشد عصابات مسلحة مناطقية وعصابات مسلحة عرقية وعصابات مسلحة سياسية وحدث الصدام بين جيش الكرامة وجيش السراج وداومت الحرب نيرانها لشهور كانت نتائجها قتلى وجرحى من الطرفين وأغلبهم من شريحة الشباب في ليبيا ومنهم أطفالا في مراحل الطفولة الأخيرة زجوا بهم في الحرب ولم تكتف هذه الحرب بهذه النتائج بل امتدت نتائجها إلى السكان المدنيين الذين قتل بعضهم وجرح بعضهم ودمرت بيوت بعضهم .

في حين من هذه الحرب بدأ جيش الكرامة هو المسيطر بعد تقدمه في عدة مواقع إلا أنه بعد كل تقدم يتباطأ عن التقدم ولم يستغل تراجع جيش السراج في بعض المواقع للتقدم سريعا مع وجود انهيارات واضحة في جيش السراج  في بعض المحاور فاستغل المجلس الرئاسي هذا التباطؤ الزمني في تقدم جيش الكرامة بطلب تدخل تركيا لمساندته في حربه ضد جيش الكرامة إلا أن تركيا لا تمنح شيئا دون مقابل وهو مقابل باهظ أتى فيما بعد على سيادة ليبيا ووضع ليبيا فعليا بين أنياب الضبع التركي بتوقيع تركيا والمجلس الرئاسي على مذكرتي تعاون عسكري وأمني وتعاون اقتصادي كانتا مكسبا للأطماع التركية  وتدخلت تركيا فعليا بجيشها لمساندة جيش السراج وبدأت السيطرة في الحرب واضحة لجيش السراج وحليفه التركي واستخدمت تركيا أغلب أركان جيشها البحري والجوي والبحري والمخابراتي إلا أنها بريا استعانت بمقاتلين سوريين موالين لها من مقاتلي الحرب الدائرة في سوريا ولكن القيادة البرية كانت لقادة اتراك  فانسحب جيش الكرامة من مواقعه في جنوب طرابلس ومن أغلب مواقعه في غرب ليبيا وبسط المجلس الرئاسي سلطته الافتراضية على غرب ليبيا وتكشف انسحاب جيش الكرامة من المناطق التى سيطر عليها على ظهور صور من الفظاعة مالايقبله إدراك سليم وغير سليم حيث ظهرت مفخخات خبيثة في بيوت هجرها سكانها المدنيين وفي شوارع بعض الأحياء السكنية مما يعني أن من سيحصد لاحقا ظلم هذه المفخخات هم السكان المدنيون ولايعلم من زرعها على وجه اليقين ولجلاء حقيقة من زرعها يجب أن توكل للجنة تحقيق دولية محايدة وظهرت مقابر جماعية في منطقة ترهونة كانت تحت سيطرة عصابة مسلحة ساندت جيش الكرامة في حربه وكانت هذه العصابة المسلحة في فترة من الفترات تتبع المجلس الرئاسي وهى قضية لم تحدد فيها مسؤولية المقابر الجماعية  ويجب أن تخضع هى الأخرى للجنة تحقيق دولية محايدة لتحديد الجناة . 

انسحب جيش الكرامة إلى منطقة سرت واحتفظ بالمنطقة الشرقية ومناطق من الجنوب الليبي تحت سيطرته وتمركز محتشدا في منطقة سرت وأمتد المجلس الرئاسي وحليفه التركي إلى حدود مدينة سرت بعد سيطرتهما على كامل غرب ليبيا وتمركز جيشهما في حدود سرت وذلك بانتظار الصدام الذي جمدته ضغوط دولية من دول السيادة الدولية  وقد جعل هذا الوضع ليبيا بين قوتين متعارضتين قطعتها إلى نصفين ومرجحات التداعي لذلك هو تقسيم ليبيا، مع عزم جيش السراج المسنود تركياً للتقدم نحو المنطقة الشرقية من ليبيا للصدام مع جيش الكرامة بهدف بسط سلطته الافتراضية على الحقول والموانئ النفطية وبعدها المنطقة الشرقية من ليبيا ومع وضوح الأطماع التركية المعلنة في ليبيا ، بدأت الأمور تستدعي أطرافا دولية للتدخل لوجود انقسام دولي في تحالفاته بين دول متحالفة مع جيش الكرامة ودول متحالفة مع جيش السراج المسنود تركياً فقد أثار التوغل التركي غضب فرنسا وغضب مصر واليونان وهى دول متحالفة مع جيش الكرامة ولوحت مصر صراحة بالتدخل عسكريا في ليبيا اذا ماتوغلت تركيا نحو سرت ومنطقة الجفرة وتنتظر روسيا الفرصة والمبرر للتدخل عسكريا لمساندة جيش الكرامة وتترقب الولايات المتحدة بحذر الوضع في ليبيا خوفا من التدخل العسكري الروسي في ليبيا مما قد يدفع الولايات المتحدة للتحالف مع تركيا وجيش السراج ضد تدخل روسيا أو يدفعها لدعم تركيا لتكون يدها في ليبيا ضد روسيا لذلك فإن هناك تحالف دولي منقسم في تحالفه بين طرفي الحرب مما يعني أن الصدام واندلاع الحرب بين الطرفين هو تحول ليبيا إلى ساحة حرب دولية بين دول فكل تحالف دولي لن يقبل أن يخسر حليفه ماقد يشجع لتدخل هذه الدول بجيوشها لدعم هذا الطرف أو ذاك ، ولا خاسر ولاحاصد لفظائع هذه الحرب إلا أبناء الشعب الليبي وأغلب ساسة ليبيا ومتصدري مشهدها العام هم من فئة الفاسدين وأرصدتهم في خارج ليبيا متخمة بأموال الشعب الليبي المنهوبة وسيلجأون إلى خارج ليبيا حيث أموال ليبيا التى نهبوها إذا ما مستهم مخاطر الحرب .  

محمد علي المبروك خلف الله

[email protected] 

الآراء المنشورة ملزمة للكاتب و لا تعبر عن سياسة البوابة