انطلقت في تونس أعمال ملتقى الحوار الليبي الليبي -  كما يزعم منظموه - في التاسع من نوفمبر/2020, حيث أن  في العاشر من الشهر الماضي ( أكتوبر ) زعمت البعثة الأممية للدعم في ليبيا، في بيان لها استئناف المحادثات الليبية – الليبية الشاملة عبر الاتصال المرئي في تونس مطلع الشهر الحالي. وبحسب بيانها يهدف ملتقى الحوار السياسي الليبي بشكل عام إلى تحقيق رؤية موحدة حول إطار وترتيبات الحكم، التي ستفضي إلى إجراء انتخابات وطنية في أقصر إطار زمني ممكن، من أجل استعادة سيادة ليبيا والشرعية الديمقراطية للمؤسسات الليبية. وأشار البيان إلى أن البعثة اشترطت على المدعوين للمشاركة في ملتقى الحوار السياسي الليبي الامتناع عن تولي أية مناصب سياسية أو سيادية في أي ترتيب جديد للسلطة التنفيذية. وبحسب بيان الخارجية التونسية الصادر يوم الخميس الموافق 22 أكتوبر/2020، شدد المشاركون في اجتماع وزراء خارجية الحوار 5+5، على "أهمية إشراك دول الجوار الليبي في جميع الخطوات والمبادرات الجارية، من أجل دفع التسوية السياسية في ليبيا، والاستفادة من آلية حوار 5 + 5 للمساهمة في حل الأزمة الليبية وتهدئة الأوضاع في هذا البلد العضو" . وجددت تونس، بحسب البيان، الإعراب عن "موقفها الثابت والداعم لحل سياسي شامل ودائم يحفظ سيادة ليبيا ووحدتها الوطنية وسلامة أراضيها، من خلال حوار ليبي ـ ليبي شامل، برعاية الأمم المتحدة، وفي معزل عن التدخلات الأجنبية" الجدير بالذكر أن كل منظمي و مشرفي هذه المسرحية هم دول و منظمات دولية و إقليمية.. !!!!.

وفي بيان للممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا بالإنابة، ستيفاني وليامز، أعلنت انطلاق المشاورات السياسية بين الفرقاء الليبيين من خلال ملتقى الحوار السياسي الليبي ( المسرحية الدولية ) التي عقد أولى اجتماعاته الاثنين 26 أكتوبر الماضي عبر الفيديو، كتمهيد للقاء المباشر الذي يُجرى هذه الأيام في تونس.

وبالرجوع للمشاركين  في هذا الملتقى  السياسي الليبي فإنهم "من الفئات التي يتم إعادة تدويرأغلبها لتبقى في المشهد بأشكال و أجسام سياسية مختلفة عن الحالية"، فقد تم اختيارهم بناء على مبدأ تعزيز الانقسام والتشرذم في ليبيا وليس صنع الحل.  المعيار الذي تم اعتماده في اختيار المشاركين هو معيار الاقليمية و الجهوية القبلية والتبعية الحزبية و ليس معيار الوطنية أو الكفاءة السياسية. 

قامت البعثة الاممية ( الحاكم الفعلي لليبيا ) باختيار المشاركين في هذه التمثيلية الدولية على ليبيا و شعبها,  فوجهت دعوتها لـ 75 شخص ترى فيهم الممثلين الحقيقيين لكافة أطياف المجتمع الليبي للمشاركة في هذه المسرحية السياسية, بينما الحقيقة هي أنها وجهت دعوتها لمجموعة - الجزء الأكبر منهم – هم سبب أغلب الأزمات و المشاكل السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية التي تمر بها ليبيا.

ونَمَّقَت البعثة الأممية كلامها بشأن هذه المسرحية قائلةً "الهدف الأسمى لملتقى الحوار السياسي الليبي هو إيجاد توافق حول سلطة تنفيذية موحدة وحول الترتيبات اللازمة لإجراء الانتخابات الوطنية في أقصر إطار زمني ممكن من أجل استعادة سيادة ليبيا وإعطاء الشرعية الديمقراطية للمؤسسات الليبية", متناسية بأن كل هذه الملتقيات و الحوارات الآتية من الخارج هي فاشلة و هدفها إطالة أمد الأزمات الليبية أكثر مدة ممكنة, و صناعة حرب تلد الأخرى  ( من وجهة نظر الشعب الليبي ).

 فالرأي العام الليبي أصبح على دراية بما يُحاك له من قبل بعثة الأمم المتحدة التي تريد أن تفرض نفسها كوصي على الدولة الليبية, و خصوصا بعد إصرارها على تحويل لجنة ملتقى الحوار التي تترأسها ستيفاني ويليامز إلى مجلس تشريعي يمنح الثقة للحكومة والمناصب السيادية   في الدولة الليبية بالإضافة إلى أنها تقوم باستنزاف أرصدة الدولة الليبية بعقد المؤتمرات و الملتقيات و الحوارات الوهمية في فنادق خارجية  لإغراقها في الديون و الصراعات الجهوية و القبلية و السيطرة على مراكز القرار فيها.

فالحقيقة أن ثمة أزمة دولية في ليبيا، وليست الأزمة ليبية خالصة، فهناك حالة من الاستقطاب الإقليمي والتنافس الدولي على الكعكة الليبية بين الولايات المتحدة و روسيا, إيطاليا وفرنسا , مصر وتركيا , الامارات و قطر على السيطرة على مفاصل الدولة و إدارة التسوية السياسية فيها حسب مصالحها و أطماعها،  في ظل وجود فوضى سلاح تربت وترعرعت طيلة سنوات، تمكنت من خلالها هذه الدول من وضع موطئ قدم لهم في ليبيا عن طريق عملاء تابعين لهم. 

فالأزمة الليبية بها حروب بالوكالة، وصراعات على ثروة البلاد النفطية، كصراع شركات «توتال» و«إيني» و«برتش بتروليوم»، ومطامع تركيا و مصر في الغاز الليبي. 

و بعد كل هذه الأزمات و الأحداث المفتعلة من الخارج, هل مازال المواطن الليبي سيصدق بأن صناع هذه الأزمات يريدون الخير له و لبلاده ؟! هل يتوهم هؤلاء المخربون للأوطان بأن مسرحيتهم هذه ستنطلي على الشعب الليبي ؟!

أليس حري بالمستعمرين الجدد أن يرجعوا إلى الماضي ليعرفوا من هو الشعب الليبي و ما الميراث الذي ورثه عن أجداده؟

 لن تنطلي هذه المسرحية على شعبٍ تعوَد على المواجهة و النضال منذ القدم, فهذه المسرحية الدولية ( ملتقى تونس )  ستكون الحافز لدعوة جادة للنشطاء السياسيين الوطنيين وأساتذة الجامعات ومؤسسات المجتمع المدني، إلى عقد مؤتمر ليبي ليبي جامع داخل ليبيا و بإشراف ليبي ليبي، قادر على أن يُحدث فرقاً إيجابياً وجوهرياً  يتبلور في حل سياسي ينتهي بدستور دائم لليبيا و انتخابات رئاسية و برلمانية نزيهة، بعد أن سئم الليبيون من التدخلات الخارجية و المراحل الانتقالية التي أهدرت المال والجهد من دون أن تحقق أي استقرار للمواطن و الدولة الليبية.

الآراء المنشورة ملزمة للكاتب و لا تعبر عن سياسة البوابة