دعوني اقول ابتدأ .   لقد ارتكز حديثي في الجز الاول من تحت هذا العنوان . على نشاط تلك الدولة العتيدة . التى ظهرت وعلى نحو مكشوف  . كظهير دولى نشط داخل اروقة مجلس الامن . في مساندة صريحة لمليشيات مدينة طرابلس .  عندما زحفت الحرب واقتربت من ابواب المدينة . وكان ذلك النشاط يسعى في ظاهره نحو المحافظة على استمرار قبضة وكلمة تلك المليشيات . لتضلْ هي العلي على ما تضم طرابلس المدينة . وبقول موجز . لتضل طرابلس حاضنة مليشياوية وفقط . ولكن ما الذى تجّنيه تلك الدولة العتيدة   من خلال المحافظة على طرابلس كحاضنة مليشياوية . ومركز لإدارة هذا العبث الذى يعصف بحياة ليبيا والليبيين  . ولم يتوقف حتى اللحظة وعلى مدار السنين الماضية  .  

     هنا قد نستعين بصفحات التاريخ . التى تتناول بدايات العلاقات الجادة ما بين الجغرافية الليبية وهذه الدولة العتيدة . فقد نصل من خلال المرور عبّر هذه الصفحات. الى استنتاجات تساعدنا على فهم . هذا التشبّث الملفت من طرف هذه الدولة العتيدة . على الاطالة في عمر واستمرار مدينة طرابلس كحاضنة مليشياوية . وما يترتب عليه من ضرر بليبيا ومحيطها الإقليمي والدولي . 

     صفحات التاريخ . تشير بان البدايات الاولى  . لاحتكاك هذه الدولة العتيدة  وتماسها المؤثر مع الجغرافية الليبية  .  ظهر للعالم بوضوح تام  .  مع ظهور مصطلح سياسي عُرف حينها( بمشروع بفن- سيفورزا) . بل كان هذا التماس والاحتكاك مع الجغرافية الليبية . هو الارهاصات التى جاءت بهذا المصطلح. الى دنيا التداول مع النصف الاخير لأربعينات القرن الماضي . وكان مضمونه ينحصر . في مشروع مقدم للهيئة الاممية . يُطالب بتخّول تلك الدولة العتيدة . بوضع يد وصايتها على الجغرافية الليبية . وعندما لم يلاقى طلبها الموافقة في داخل اروقة الهيئة الاممية  , ذهبت تلك العتيدة . نحو الاتفاف على الرفض الأممي . عبر زرع ارض ليبيا بمعسكرات وقواعد مساندة . واردفت كل هذا بغطاء واسع من المستشارين .  فصارت ليبيا  وبفعل هذا الواقع والحضور العسكري الخشن تحت يد الوصاية الفعّلية  لتلك الدولة العتيدة  . 

      فهي وادن . كانت تضع عيّنها مند ذلك الامد , على الجغرافية الليبية . وهذه وشبيهتها من الدول ذات الارث الاستعماري الثقيل . ومن واقع قراءة هذه الصفحات التاريخية . لا تُتّبع طموحها بالأماني . بل بخطوات جادة . تُرسّم درب مسعاها . بكل ما يساعد ويسهّل ويضمن تحقّق طموحها على دنيا الواقع .  

     فمثلا . وفى حالتنا الليبية . نسّتدل بجانب واحد منه و فقط  . قد سعت واجتهدت هذه الدولة العتيدة . للوصول الى المام تام . بكل ما يتعلّق بالجغرافية الليبية . كَبُر الامر منه او صغر . فصارت به . تعرف عن ليبيا والليبيين اكثر بكثير مما يعرفه الليبيون عن انفسهم وبلادهم . 

        فمن اطلع على بعض دراسات او مؤلفات بعض من مستشاريها في تلك الفترة  التاريخية . ومنهم على سبيل المثال . الدكتور نيقولا زيادة . صاحب كتاب (الدولة العربية الثامنة) يتأكد له صحة ما ذهبنا اليه . وهذا الدكتور  - في تقديرى – كان احد الروافد الهامة في مؤلفاته . لقاعدة المعلومات الجغرافية . السكانية . الثقافية . . التى اتكأت عليها هذه العتيدة . زمن الانتداب على ليبيا  . فالكتاب المشار اليه سلفا . يتناول بالدراسة الميدانية , الجغرافيات الليبية . طبوغرافية . سكانية . ثقافية .  ويقول عنه مقدم الكتاب . بانه نتاج تجّميع  مراسلات . قد ثمت بين الدكتور وزوجته . 

     وهنا يجب ان اقول  . باني لم اجد العلاقة والرابط بين مضمون الكتاب وهذا التراسل . فالكتاب لا يصلح . مادة مناسبة للتواصل بين زوجين  . وبقول اخر . ماذا سيفيد الزوجة , إن عرفت من خلال قراءة الكتاب . بان قبائل برقة بليبيا  في عمومها . تنقسم الى قسمين . القسم الاهم يُعّرف بقبائل (السعادى) والاخر (بالمرابطين) . وهذه السعادى تضم تسع قبائل . اربعة منها يضمها مُسمّى الجبارنه . والخمسة الباقيات  مُسمّى الحرابه  . الخ .  

     واتكأ على ما فات . مُضاف الى المامي بعموم الواقع الليبي وبيئته بحكم التفاعل الحياتي معه . ولو على نحو ضيق . عبر العقود الخمسة الماضية . استطيع القول . بان تلك الدولة العتيدة . قد تمكنت مند تلك العقود البعيدة وحتى اللحظة . من وضع يد وصايتها الحفيّة على كل الجغرافية الليبية . بل ووظّفت كل ما تحتويه هذه الجغرافيا من موارد بشرية كانت ام طبيعية . في خدمة ومصلحة بلادها . 

      وهنا نصل الى تساؤلاتنا . التى لا تكف ولا تتوقف عن التناسل . فأقول . فهل رأت تلك العتيدة . فى انتفاضة الليبيين مع نهاية شتاء 2011 م . فرّصة لإعادة انتاج يد وصايتها بوجه جديد . يتناسب مع المرحلة والعصر . فسعت لانتهازها .  وايضا كخطر يتهدد يد وصايتها على الجغرافية الليبية . فسعت لإفشاله ؟ . وهل كانت اداتها الاساسية . للوصول الى كِلا الامرين معا . هى في الابقاء والحفاظ على طرابلس كحاضنة مليشياوية ؟ . ولهذا شهدنها . تتخلى عن برودها المعهود . و تنتفض وعلى نحو محّموم . عندما اقتربت الحرب من ابواب طرابلس . كاشفة عن نفسها  كظهير دولى داخل مجلس الامن . لتلك الحاضنة المليشياوية . 

       ولكن الا ترو معنا . بان اصرار هذا الظهير الدولي . على الاطالة في عمر مدينة طرابلس كحاضنة مليشياوية . يَشى بانه كان ليس ببعيد . عن استدراج انتفاضة الليبيين الى خارج حاضنتها الطبيعية بنغازي . وجرها الى هذه الحاضنة المليشياوية . بغرض دفن امل وآمال الليبيين ووأدها فيها ؟ . لأنها ترى  في ذلك الخطوة الاساسية . نحو اعادة يد وصايتها على جغرافية ليبيا . بوجه جديد وثوب جديد يتوافق مع المرحلة والعصر  . وهنا نصل وبالاستناد على كل ما فات . الى استدعاء التساؤل الحاضر الغائب . الذى يقول . هل هذا الظهير الدولي الذى ظهر علينا ومن داخل قاعة مجلس الامن . كداعم لطرابلس كحاضنة   مليشياوية . هو العرّاب الفعلي لكل هذا العبث الذى يعصف بليبيا وحياة الليبيين ؟ . .  

الآراء المنشورة ملزمة للكاتب و لا تعبر عن سياسة البوابة