من سبقوه من عرب وعجم لم يفلحوا في حل الأزمة الليبية, ربما لعدم  الخبرة والاطلاع على الشأن الليبي, ربما  لبعض العراقيل التي وضعتها القوى الخارجية, لأنها مستفيدة من استمرار الأزمة,أيا يكن الأمر,فإن السيد باثيلي ابن القارة السمراء التي رزحت تحت المستعمر الغربي لعقود, يدرك فداحة ما وصلت  إليه الأمور في ليبيا, وعدم جدية متصدري المشهد من برلمان ومجلس دولة وحكومة في إنهاء الأزمة المستفحلة لأكثر من عقد من  الزمن، لتحقيق مصالحهم الشخصية أو لتنفيذ أوامر الداعمين لهم خلف الحدود.

أعلن باثيلي نيته في إنهاء الفترة الانتقالية التي طالت كثيرا من خلال لجنة تقوم بإعداد دستور مؤقت يتم بموجبه عقد انتخابات تشريعية ورئاسية قبل موفى العام الحالي 2023، إلا أن السلطة التشريعية بغرفتيها البرلمان والدولة أعلنا أن ذلك يعتبر تدخلا سافرا في الشأن الليبي، وهذان الجسمان ومنذ نشوئهما لم يتفقا على النقاط الرئيسية لحلحلة الأمور وبالتالي يعتبران من المعرقلين الأساسيين، فالتعديل الثالث عشر الذي صاغه البرلمان ووافق عليه مجلس الدولة غير كاف لإجراء الانتخابات ولكنها محاولة منهما لتعطيل خطة المبعوث الأممي، أما رئيس الحكومة المنتهية الولاية فإنه يطالب بأن يكون هناك استفتاء شعبي على الدستور المؤقت ليصبح قابلا للعيش لفترة، يحقق وجماعته من خلالها ما يطمحون إليه من إهدار للمال العام من خلال شراء ذمم بعض النواب والشخصيات الفاعلة والانفاق على الميليشيات الجهوية لتثبيته في السلطة أطول مدة ممكنة.

 الإخوان ومن معهم لا يريدون  انتخابات رئاسية بل يطالبون بإجراء انتخابات تشريعية وأن لزم الأمر انتخاب رئيس الدولة من البرلمان المنتخب، لأنه بإمكانهم شراء أصوات النفوس الضعيفة لتنصيب رئيس محدود الصلاحيات، كما حدث عند انتخاب المجلس الرئاسي وحكومته وذلك بشراء ذمم بعض أعضاء لجنة ال75 فهي ورغم عمرها القصير نسبيا إلا أنها الحكومة الأكثر فسادا على مدى 12 الماضية. 

يستطيع باثيلي الخروج بالبلاد إلى بر الأمان متى توافرت الإرادة الدولية التي يمثلها في حل الأزمة الليبية، وفي ظل الأزمة الأكرانية يحاول الامريكان تحجيم الدور الروسي في ليبيا وهذا لن يتأتى إلا بإجراء انتخابات حرة ونزيهة ينتج عنها انتخاب رئيس ذو صلاحيات تسمح له باتخاذ قرارات مصيرية يثبت من خلالها حيادية الدولة  وعدم إنجرارها خلف أطراف الصراع الدولي في اكرانيا، ومن ثم الطلب من كافة القوى الأجنبية المتواجدة على الأرض الليبية بالخروج وفق مدد زمنية محددة .

نكرر بأن الدساتير تكتب في حالة السلم وليس في حالة الفوضى، البلد يعاني أزمات عدة ومنها المطالب الجهوية بشرق الوطن المطالبة ظاهريا بالفدرالية بينما في حقيقة الأمر تدعو إلى الانفصال، كذلك الإخوة الأمازيغ الساعين منذ 12 عاما إلى جعل لهجتهم التي يعتبرونها لغة، لغة رسمية في البلاد ويرفعون علمهم في مناطق نفوذهم، وهو ما يؤدي مع مرور الزمن إلى انفصالهم   وتكوين جسم سياسي جديد. أي أن الانفصاليين في شرق الوطن والمتشددين الأمازيغ يسعون إلى تشرذم البلد وتكوين أجسام قزمية، وهذا ما يسعى إليه الغرب الاستعماري وتنفذه أيادٍ محلية للآسف.

نتمنى للسيد باثيلي النجاح في مهمته، ليفوت الفرصة على الساعين لحصد المزيد من الأموال، والآخرين الراغبين في تقسيم الوطن، سيظل الوطن موحدا بفعل الشرفاء من أبنائه.

ميلاد عمر المزوغي