منذ إسقاط حلف الناتو بدعم من الجامعة العربية فى 2011 لنظام العقيد معمر القذافى  شهدت ليبيا حروبا قبلية وأهلية أدت الى تقسيم البلاد الى شطرين مستقلين تسيطر عليه قوى مدعومة من أطراف دولية واقليمة تسببت فى اندلاع حرب أهلية مدعومة دوليا من اجل المصالح الاقتصادية للدول المشاركة فى اسقاط نظام القذافى 

حسابات خاطئة:

لاشك أن تدخل حلف الناتو فى ليبيا يعد أكبر فضيحة استراتيجية واليوم بعدما انهى الحلف مهمته فى اسقاط النظام ترك ليبيا لمجموعة من أمراء الحرب  ومعارضين سياسيين لم يقدموا شىء لليبيا سوى الفوضى والحرب والفساد والفقر حتى الجامعة العربية التى أعطت الشرعية لحلف الناتو وقفت عاجزة طيلة 9 سنوات عن إيجاد حل للازمة الليبية التى خلفت أكثر من 100 ألف قتيل وجريح وفساد يقدر بمليارات الدولارت واليوم بعد الهزيمة الساحقة لقوات الجيش الوطنى الليبى على ايدى حكومة الوفاق المدعومة تركياً والسيطرة على الجزء الغربى لليبيا وصولا الى حدود مدينة سرت يحاول حلفاء الجيش الليبى كالامارات وروسيا ترميم خطوط الجيش الليبى الوطنى على محاور القتال من أجل إجبار القوات التركية المدعومة من حلف الناتو والولايات الامريكية وايطاليا وقطر على وقف زحفها تجاه مدينة سرت والجفرة والتوقيع على وثيقة سلام تتعهد فيها بعدم تجاوز مدينة سرت والجفرة كل هذا كان بسبب تقيم خاطىء من الامم المتحدة وحلف الناتو والجامعة العربية للوضع فى ليبيا 

مصر تكشر عن انيابها :

خسرت مصر منذ اسقاط   حلف الناتو لنظام العقيد القذافى بدعم من الجامعة العربية ما يقارب 50 مليار دولار مابين تحويلات عاملين وصادرات مصرية الى ليبيا كانت تقدر بحوالى 2 مليار دولار سنويا ، فضلا عن تدفق كل أنواع الاسلحة المهربة من ليبيا الى الجماعات الارهابية فى سيناء و تدريب مجموعات مسلحة معادية لمصر فى معسكرات بمدينة درنة الليبية قبل تحريها من قبل الجيش الوطنى الليبي بالاضافة الى حوادث قتل مجموعة من المصريين الاقباط فى سرت وخطف طاقم السفارة المصرية فى طرابلس من قبل كتيبة ثوار 17 فبراير للضغط على مصر للافراج على أبوعبيدة الزواى التى صنفته مصر على قائمة الارهاربين وألقت القبض عليه أثناء دخوله لمصر ، لذلك كانت رسالة القيادة المصرية فى قاعدة سيدى برانى واضحة  بالاعلان الصريح بتدخل الجيش المصرى فى ليبيا إذا كسرت تركيا الخطوط الحمراء وسيطرت على الهلال النفطى فى سرت ومدينة الجفرة 

حق مشروع:

لاى دولة فى العالم الحق فى الدفاع عن أرضيها إذا رأت قيادتها العسكرية والسياسية ذلك ، والان باتت تركيا التى فى عداء مع الدولة المصرية تقف على حدودها الغربية مع ليبيا مما تعتبره مصر تهديدا لامنها القومى ، فتاريخ مصر منذ ثورة يوليو 1952 كان حافلا بدعم حركات التحرر سواء العربية والافريقية ماديا وعسكريا ضد الاستعمار أو حتى ضد المليشات المسلحة  الانفصالية المدعومة خارجيا كما حدث فى نيجيريا عندما دعت مجموعات مسلحة مدعومة خارجيا عام 1967 بانفصال اقليم بيافرا عن نيجيريا حيث استجابت مصر لطلب نيجيريا بتقديم المساعدة  فى إفشال هذا الانفصال كان هذا فى وقت يحكم العالم معسكريين اشتراكى ورأسمالى ووجود نوع من التوازن الاقتصادى والعسكرى   أم الآن فنحن فى زمن يحكمه قطب واحد ولايعرف سوى المصلحة ، وليبيا الان يوجد بها كل القوى العالمية التى حولتها الى مستنقع للفوضى والدمار وعجزت عن توفير الحرية والديموقراطية والرخاء التى وعدت به الشعب الليبى قبل تدخلها العسكرى  فهل مصر تدرك ذلك.؟

فاتورة الذهاب عسكريا الى ليبيا:

كل التقارير تؤكد ان ليبيا منذ اسقاط حلف النانو للنظام فى ليبيا بدعم من الجامعة العربية تخضع أرضيها وسواحلها  وسمائها عسكريا لمراقبة حلف شمال الناتو وقوات الافريكوم التابعة للولايات المتحدة الامريكية ورغم ذلك أصبحت ليبيا دولة فاشلة منقسمة الى شطرين وساحة للارهابين القادمين من سوريا ومنفذ لتهريب الاسلحة والمخدرات والسلع بين دول شمال افريقيا والساحل والصحراء ، ليس هذا فحسب حيث يوجد على أرضيها أكثر من 1200 مليشيا مسلحة ومعسكرات تدريب لتنظيم داعش وعرقيات متناحرة كل هذه التوليفة خلقت لتكون حقول ألغام  فى وجهة أى قوة عربية تريد عودة الدولة الليبية ومؤسساتها لذلك أى قوة  عربية سوف تغامر بالدخول الى ليبيا مستندة على دعم من بلدان عربية نفطية ستدفع فاتورة كبيرة خاصة وأن دول جوار ليبيا ليسوا على قلب رجل واحد وان أغلب الدول النفطية لايمكنها الاستمرار الطويل فى تمويل حرب مفتوحة فى بلد كبير مثل ليبيا وماحدث للتحالف العربى من انتكاسة (عاصفة الحزم) فى اليمن وعجزه عن إخضاع مليشيا الحوثى لشرعية نظام المشير عبدربه منصور هادى خير دليل على  أن الذهاب إلى ليبيا ليس نزهة

الفيدرالية هى الحل:

يخطىء من يظن أن تعود ليبيا كدولة مركزية كما كانت سابقا بعد عملية التغير العنيفة التى قام بها حلف الناتو فى ليبيا ووجود اجنبى دائم على الاراضى الليبية حيث يوجد فى غرب ليبيا الان ثلاث قواعد أجنبية لتركيا وايطاليا ، لذلك السيناريو المقترح أن تعمل دول جوار ليبيا والجامعة العربية والاتحاد الافريقى على مشروع فدرالة ليبيا وهذا المقترح الانسب للحالة الليبية فى ظل التناحر الرهيب على الثروة والمصالح لأمراء الحرب والقبائل وداعميهم الخارجين والاقلميين ولكن تبقى الخطورة فى تجاهل حلفاء طرفى الصراع فى ليبيا لمشروع فدرالة ليبيا الذى هو السيناريو الاقرب لانهاء الحرب الاهلية وفك شفرة الازمة الليبية المستعرة والارتكان على حالة لاسلم لا حرب من أجل مزيد من القتلى الابرياء ومزيد من الفوضى فى ليبيا ودول الجوار لذا أتمنى ان تنتصر الفدرالية فى ليبيا حتى تنعم ليبيا بالسلام.

Emeil:[email protected]

الآراء المنشورة ملزمة للكاتب و لا تعبر عن سياسة البوابة