محمد علي المبروك

لن أنقل لكم حقائق بيانية ولامعلومات احصائية ولكن لمحات من حقائق واقعية معاشة استخلص منها الأهم وأقلم ضخامتها اختصارا حتى لا يخالجكم ملل القراءة وحتى لا أنهك نفسي بمثل ماهى منهكة مما تعيشه في ليبيا، ليعلم الجميع أن ماتعيشه ليبيا هو الانهيار بعينه وأن ليبيا في حالة سقوط مريع غايتها المرجحة شعبا يتبدد وبلادا لن يكون لها وجود . 

السقوط السياسي 

لقد تورطت ليبيا في حكومات تشريعية وتنفيذية متعاقبة لم تكن لها غاية النهوض بليبيا أو المبادرة لفك أسر ليبيا من تعقيدات تدفعها نحو السقوط وتجعل حاضرها سراب وتقطع عنها المستقبل بل كانت هذه الحكومات تساير الأوضاع المزرية وتجامل حالة السقوط وكأنها تعاضد حالة السقوط وتدفع هى الأخرى له ولا أتصور مسؤولا ليبيا يدفع بما دفع غيره البلاد نحو السقوط إلا أن يكون عدوا لبلاده وضع مسؤولا عليها تشريعيا وتنفيذيا ، ولم تكن لهذه الحكومات على تعاقبها أو على تمدد التشريعية منها أي اداء أو أي مبادرة للنهوض بليبيا إلا مطالبة أو تشريع أفراد هذه الحكومات بقبض أعلى المرتبات وحصد المزايا دون اداء حكومي أو وظيفي وإذا ماطفحت بادرة لانتقال ليبيا من وضع سياسي الى آخر يعرقلون الانتقال ليس لصالح ليبيا بل لأجل مرتباتهم ومزاياهم ، وبكل أسف وعن تجربة وعن احتكاك ببعضهم فإن من تورطت فيهم ليبيا هو أمر مؤسف حقا فمنهم الاحمق ومنهم الجشع ومنهم الأبله ومنهم من ينتمي لتيار ديني أو سياسي ولا إنتماء له لليبيا والوطنيين منهم قليلا جدا وهم ضعفاء أمام حشدا متورطة فيه ليبيا .

السقوط الاقتصادي 

ليبيا تعتمد على مصدر واحد في دخلها وهو النفط دون فتح مصادر أخرى للدخل عبر النفط وهذا في الحقيقة كالمهرج غير المتدرب في السيرك الذي يمشي في الأعلى على حبل واحد وسقوطه لامحالة . الصادم في ليبيا أن كل الحكومات المتعاقبة فتحت أوجه إهدار وبنود صرف غير معقولة وهذا كالسفيه الذي يملك مالا لايتجدد ويصرفه حتى يصل الى زمن فقره ، ما يحدث في ليبيا أن مايورد من ايرادات النفط تصرف في حينها وبانتظار مايورد من جديد لصرفه مع اللجوء للاحتياطي بين الحين والآخر أي بمعنى لايوجد ادخار ولايوجد توريد للاحتياطي بالمطلق وكل الأموال التى يأتي بها النفط تصرف في الحين سفاهة فأي مستقبل اقتصادي لمثل هكذا بلاد ؟ ، زيادة مفجعة على ذلك انهم لايستطيعون الحفاظ حتى على المصدر الوحيد وهو النفط وذلك بصيانة وتفعيل منشآته بل أن العديد من حقول النفط أقفلت لأنها كانت بحاجة لصيانة وتجديد  والأفجع من ذلك هو هيمنة الفساد هيمنة مطلقة فأغلب الميزانيات المقرة للحكومات هى ميزانيات منهوبة تماما من طائفة فاسدين ولم تبلغ منها حتى 1%‎ للبلاد وتتكون هذه الطائفة المهيمنة الفاسدة المفسدة من مسؤولين تشريعيين وتنفيذيين ومن عصابات مسلحة مشرعنة ومن تيارات دينية وسياسية ولا وجود لرقابة أو محاسبة أو قانون يضبط ويلاحق النهب المتلاحق لأموال الليبيين والتى نضبت نهبا والأمر عادي جدا في ليبيا أن تجد من نهب وسرق واختلس الأموال العامة يتمتع بالأموال التى نهبها دون محاسبة مما يشجع غيره على الفساد ولم تكتف هذه الطائفة الفاسدة بنهب الميزانيات لتحول معيشة الشعب الليبي الى صفحة من صفحات الجحيم الأرضي وذلك بالمضاربة والاحتكار والاستحواذ على سلة العمولات النقدية الأجنبية مما اطلق حالة من الغلاء والارتفاع السعري في كل شيء وعجز تام لأغلب الليبيين عن حاجاتهم كالغذاء والدواء والكساء .

السقوط الاجتماعي 

عشر سنوات من حكم السفاهة والبلادة وعذرا لهذين الوصفين فهو أقل ما يقال عن حكم دمر وأهلك مجتمعا فكانت هذه السنوات كفيلة أن تشحن المجتمع الليبي بحالات نفسية من القلق والتوتر وأن تشحنه بامراض نفسية منها الاكتئاب والاضطرابات الناتجة عن الصدمات وأن توقظ فيه الاحقاد والثأرات بين بعضه وأن تنحرف بالسلوك الاجتماعي العام وأن تفجر فيه ظواهر غريبة عجيبة ماكانت بهذا الانفجار وهى ظواهر سأكتفي بها هنا دون إمعان في سوق الوقائع ولابد من دراستها دراسة اجتماعية لأن نتائجها ستستمر اجتماعيا حتى اجيال ، ولكن أين هى الحكومة الحضارية في ليبيا التى ستؤسس لدراسة هذه الظواهر ؟ ، فالظواهر التى انفجرت في الاجتماع الليبي مع حكومات السفاهة والبلادة ، منها انفجار جرائم القتل وجرائم الاختطاف واغتصاب الأطفال والتعدي على النسوة اغتصابا وابتزازا وتحقيرا وقتلا وانتحار لفتيان و شباب وحتى كهول والهجرة غير الشرعية لشباب وعائلات ليبية عبر القوارب لدول أوروبا وانتشار مفتوح لجميع انواع المخدرات ولم يتوقف انتشارها محليا بل تحولت ليبيا في خلال هذه السنوات الى سوقا رئيسيا عالميا لتجارة ونقل المخدرات وهذا بالوقائع وليس سوقا للكلام وولادات غير شرعية ورمي للمواليد في مكبات القمامة وأمام المساجد والمستشفيات أو دفنهم في التراب وزيادة تصاعدية في معدلات الوفيات واسبابها حوادث سير وحروب و أمراض مستعصية وأوبئة وانتشار للسلاح وتلوث في الغذاء .