سأتناول بالحديث في هذا الفضاء .  تلك الفكرة  التي تخلّقت في رحم الكون . وانبعثت على دنيا الواقع في هيئة حراك . اتخذ من كامل جغرافية الجنوب الليبيى - فزان-  مسمّى له . فعرفناه  بمسمى (حراك فزان) . 

    * اعنى  تلك الفكرة التى اجتهدت وعملت على ان تتنزّل بنا من فضاءات الوهم واللامحّسوس واللامتعّين . وحطت على دنيا واقعنا المأزوم  بجغرافية فزان . لتجعل منها ارض ومنطلق لها  .  فنحتت وشكّلت من طين واديم جغرافية ذلك الاقليم الجنوبى .  مفردات وطنية . لهج بها  لسانها . تعبيرا وافصاح عن مضامين حراكها الوطنى . 

   * عن تلك الفكرة التى حاولت ان تقول من خلال فزان . بان لا مناص من القطيعة مع كل ما تخطاه الزمن . والذى تمتل حضورا وعلى ندار عقود من الزمن .  في استدعاء ثقافة الترّحال الدائم عبر صحراء التيه . سعيا وراء الماء والكلأ  .  في اعلان صريح وانحياز من هذه (الفكرة) الى الجغرافية كوعاء للاستقرار , واعتمادها أرضية صلبة  لكل بناء ونمو ونهوض . ووعاء يُصّنع فيه الماء والكلأ واشياء اخرى لا تخطر على بال . عبر ترويض العقل وامتطائه وتحفيزه وحثه للرحيل الى  المبّتغى والمأمول . 

  * عن تلك الفكرة التى كشفت لأهل فزان ولليبيين . بان ما يزيد عن 50% من انتاج النفط بليبيا يُنتج من حقلي الشرارة والفيل الغائرين في جوف هذه الرقعة الجغرافية   . وان طرابلس حاضنت مليشيات ما بعد الصخيرات وما قبلها . ترتوى وتغّتسل من مياه حوض مرزق العتيد  . كل هذا استدعى الى ذاكرتي من الماضى القريب . حديث تداولته  وتناقلته  . وتنقّل بين جلسات (مرابيع) مدن وقرى الجنوب الليبيى حينها . عن رد فعل احد وزراء النظام السابق . الذى كُلف - في ما يبدو – وفى خضم اجواء نوبت غضب هستيرية . من طرف رئيسه  . بالذهاب في زيارات ميدانية . يجوب خلالها قرى حوض مرزق . لاحظ  ذلك الوزير حينها . بان اغلب المطارح  التى مرّ وحل بها . لا يتجاوز ثأتيتها قُراها. عن طرق ترابيه لا تضاء ليلا . وبيوت من طوب تقبع في عزله تامة عن محيطها القريب والبعيد . ناهيك عن غياب شبكات الصرف الصحى . في بلاد تعد ايراداتها النفطية بالمليارات شهريا . رغم كل هذا لاحظ الوزير . بانه كلما مر او حل موّكب تنقّله العتيد . بأحد هذه القرى البائسة . يتفض أهالي هذه القرى في استقباله بالهتاف . ملوحين بقبضاتهم في الهواء . تكرر هذا المشهد امامه كثيرا  . فالتفت الوزير الى مرافقيه . مسّتفهما ومتسائلا بوجه يملأه الاندهاش والاستغراب يخالطه الم ظاهر . لماذا ولمن يهتف هؤلاء البسطاء ؟ !!! . وهل وصلهم شيء من ايرادات بلادهم الملّيارية ؟ ! ! ! .   

  * عن تلك الفكرة التى عرّت واظهرت امام الجميع وللجميع  . بان فزان متن أساسي في سفر التكوين الليبي . وليست خرّبشات على هوامشه . 

  * عن تلك الفكرة التى هزّت فزان . لإيقاظها من غفّلتها . فتجاوبت جنبات جغرافيتها رجّعا لصداها . من حوض مرزق حتى وادى الشاطئ ومن اكاكوس أوباري حتى ثلاثي البوانيس . 

   * عن تلك الفكرة التى مع ولادتها . اتخذت من جغرافية الوطن . ارضية ومسمى لها . فارّبكت بذلك اتلاف اجسام ما بعد الصخيرات . فأعلنت هذه الاخيرة . حالت النفير في مكوناتها . وسعت الى احتواء الفكرة في جسم هذا الحراك . مرة . باللقاء الجزرة امامه من خلال  وعود مفّتوحة . اعلنها اّلاتلاف من داخل حقل الشرارة النفطي . ومرة اخرى . وهذه المرة . من داخل ملاذه الآمن بلندن عاصمة بلاد الانجليز . شاهدناه وهو يلوّح بعصاه الغليظة في وجه هذا الحراك الوطنى . متوعدا بتجنيد مرتزقة من تلك البلاد النائية . ليسيج ويحمى بهم . ما اسماه منطقة خضراء يزعم انشاءها داخل الحقل . في تجاهل صريح وتسّفيه فاقع لأبجدية الوطن والمواطن . وانحياز فج الى خندق الشركات المتعددة الجنسية . 

   * عن تلك الفكرة التى جاءت كحجر القى في مستنقع الوطن . فتداعيات على اثره الاحداث بوثيرة عالية السرعة  . وصارت بها كلمة الوطن . حاضر في المشهد ولو بشكل خجول . 

   *عن تلك الفكرة التى نبّهت اهل فزان . بان تراص تنوّعهم وتعدّدهم في صف واحد فوق جغرافية الاقليم . ومخاطبة الوطن باسم الوطن . له مفّعول ومردود إيجابي على فزان الام . وليبيا الحاضنة . وهى ايضا الخطوة الصحيحة على الطريق الصحيح . نحو الحفاظ على الوطن . والتأسيس لدولة المواطنة . 

  * عن تلك الفكرة التى جعلت من الكثيرين . يذهبون الى تديل اسّمهم بمسمّى فزان . في حين كانوا في سابق الايام الغابرة . يتعففون عن ذلك . ولا اريد ان اقول اكثر من ذلك .                 

      عن تلك الفكرة . اود ان اقول . يجب على اهل فزان . وفى نخبهم خاصتا  . ان تجتهد في احتضان تلك الفكرة . والإبقاء عليها متّقدة . من خلال ابتداع سبل متنوعة . تجعل منها حاضرة في اليومي من حياتهم . فمثلا . ان تكون حاضرة في تواجدها اتنا احاديتهم في اوقات فراغهم . وفي تداولاتهم لإنضاجها داخل منتدياتهم  . وفي استدعائها الى تجمعاتهم العفوية والمنظّمة . وفي اقحامها الى داخل ملتقياتهم  الثقافية والاجتماعية . كل هذا وغيره . لكي تنضج (الفكرة ) وتكون اكثر تماسك وتناسق وصلابة وثأتيرا . ومن ثم حضورا داخل المشهد الليبيى بهم وفيهم . وان تتعلم بهم وفيهم   . سبل التفلّت من محاولات الاحتواء او الوأد  بأساليبه  , من ترغيب وترهيب  وشيطنة . وتجاهل وتعتيم . او بدفنها تحت مُراكمة الاحداث المتسارعة  . 

     كاتب ليبي