الجزء الثالث


سياسة خلق العدو، كما ما كان الحال في العراق، وسياسة التأجير الحربي والوكالة كما كان الحال في افغانستان، وغيرها من حروب الكساد الإقتصادي والتي تتطلب علي الدوام خلق أزمات دولية أو حدودية لنقل الإشكال والأزمة من الداخل للخارج، كل الأنماط التي تم ذكرها وغيرها  الكثير، كانت ولا زالت مقود الدول الكبري وبعض الدول الطامحة، فالقوة ترغب دائماً لتحقيق الأهداف من أجل البقاء، ولن تبقي وترتقي وتنتشر  الا بحصولها علي المناخ الملائم ، وهو ما نستطيع إيجازه بكلمتين (المكان الإستراتيجي والإقتصاد). فمن يملك الطاقة يملك القارات (المكان الإستراتيجي)، ومن يملك المال يملك العالم (الإقتصاد).

بالإمكان أن نتعرف من خلال ما يدور في عالمنا الحاضر،   مقاومة الفشل والتردي للكثير من المؤسسات الدولية، وصناعة الحدث تقريرا وتوجيها، والتوجه الإستراتيجي المنتقي بعناية أو المندفع تحت تأثير (الفرصة والغنيمة)، كلها صفات تدفع للحرص علي البقاء، والخوف من التردي والإنهيار. 

في الحقبة الأخيرة، رأينا الكثير من الضعف في  نشاط وأهداف  حلف شمال الأطلسي، فـــ دوله او تحالفه افتقد القاعدة العريضة، فمن ناحية الأصل، فلم تعد الأمم المتحدة في مكانتها الأولي، ومن ناحية أخري، لم يعد مشاركاته تنتمي لقاعدة التفاهم والتقاسم، فــ علي سبيل المثال، تركيا لم تعد حليفاً عادياً، واصبحت تنظر لضعف الإتحاد الأوربي وبعض اعضاء الناتو من خلاله، كما أن الإمكانات المادية للحلف تخصفها رياح أمريكية لإنجاح حلف الولاء و البديل،الأفريكوم. 

لقد قرر حلف الناتو إختيار المكان الإستراتيجي بدخوله أوكرانيا ، والذي يري بأن هذا القرار  يسحقق  أمرين هامين، أولهما الريادة والتفوق، وثانيهما عودة الدعم الدولي، ورغم الحسابات الدقيقة لأعضاء الحلف، وأهمها قراءة الرد الروسي بدرجة أولي، الا أنه لم يعد للحلف مجالاً طويلا من الوقت، ولا مجالاً للتفاوضات و التردد، 

كما ركن قرار الحلف الأطلسي لتطمينات أمريكية " خادعة"، لتجد رداً روسيا – صينيا قاسياً، وتنفجر من ورائه خلافات وانشقاقات اوربية، تكشف الحقيقة بعدم التوافقات وتفاقم الخلافات، كما توضح الصورة الإقتصادية المتردية  بأوروبا، والمنهجية المشتتة فاقدة البوصلة لدول أوربية، وعلي رأسها المانيا، والتي تبرز العجز في الملائمة، وعودة التظاهرات، كما هو حال فرنسا، كما نستشرف من خلال السيولة الأوربية الكثير القادم، وفق مخطات منهجية، ومنها  تفاعل حركات الإنفصال كما الإيطالية والبلجيكية وغيرها، وتردي المنظومة المالية "اليورو" في مقابل البريكس و ما يستجد، و الإنسحاب من الإتحاد الأوروبي لعودة أوروبا ما قبله. وسنأتي للجهة المقابلة في هذه السلسلة لكثير من التفاصيل، في لقاء آخر.

للاطلاع على الجزئين الأول والثاني .. .. من خلال الرابط أدناه.