سأستهل ما سأتناوله في هذه السطور . بالعنوان . عن بنغازي ولكن بهدوء . لان  ليبيا من وراء القصد , عندما اقول :-    ان البعض من الليبيين وكل متابع مهتم  . كان يحس ويلمس . خلال العقد الاخير من العقود الاربعة الماضية . التى سادت على الجغرافية الليبية . بعدما وضعت يدها على ادارة دواليب البلاد واحتفظت بها . على مدى تلك الاربعة الطويلة . بان الكيان الليبيى يتّجه الى اعادة التشكّل . الذى قد ينتهى به الى التفكيك. من خلال ما عايشه هذا الكيان . عبر هذه الفترة الزمنية التى تخطت العقود الاربعة   . 

   فلو تحسسنا ذلك فى المتداول من على الخريطة الثقافية الليبية . وما يروج له الاعلام حينها وبجميع ادرعه . من مفاهيم  ويجتهد لدعمها باشتقاقات وتخريجات . تسعى وبجدّ ظاهر (ميديا) تلك العقود الاربعة الفارطة . نحو انزالها للتداول فى اليومى من حياة الناس . مع تغيب وغياب ظهار لمفردة الوطن . وما يستتبع هذا الغياب . من اندثار لمضامينها بعدم حضوره فى اليومى من حياة الناس . وما  سيترتب علي هذا الغياب . فى زحمة ذلك الضجيج الاعلامى . من غياب للسلوك المسؤول تجاه الوطن ومواطنيه .  فتكون نتيجة كل هذا . ما قد لا يصدقه كل انسان . فمثلا للإيضاح لا الحصر  . كان ما انتهى اليه ذلك التوجه . فى التعاطي مع الوطن . كمفردة غائبة عن التداول  . بانه صار . ليس فى مقدورك (كجنوبي) بمفهوم الجغرافية الليبية . اذا اضطررت للذهاب الى المستشفى المركزى . بحاضرة الجنوب (سبها) . برفّقة مريض لتطبيبه وعلاجه . ان تغفل عن اصطحابك مع المريض ولمريضك . الفراش و الغطاء والماء واحيانا الدواء . هذا كله يحدث فى دولة إيراداتها النفطية . تتخطى عشرات المليارات من الدولارات شهريا . بتعداد سكاني بكثافة غير عالية . وفى هذا احد المؤشرات العديدة . التى يستطيع بها المتابع معّرفة المنتهى الذى تتجه اليه البلاد . بفعل واجتهاد تلك العقود المنصرمة . 

    واذا تحسسنا هذا التوجه فى غير الثقافى . نجده ظاهر وعلى نحو فاقع . من على الخريطة الديمغرافية الليبية . فى ما طرأ عليها من تغير . بفعل تخطيط ودعم مادى ومعنوى من تلك العقود الاربعة المنصرمة . فصار الجنوب بذلك . تغلب عليه سحنة ولسان ولهجة ولكنة , فضاءات جنوب الصحراء . يترافق كل هذا . مع تراجع ظاهر للملّمح الليبيى بلهجته الليبية  . 

      واذا تخطينا الثقافى والديمغرافى الليبيى . الى الجغرافى منه . لذات الغرض . يعترضنا نداء تلك العقود الاربعة . واستعدادها لاقتطاع مدينة اوبارى من الجغرافية الليبية . لصالح عاصمة ومركز ادرى . لعِرق له امتدادات اجتماعية . خارج وعلى طول الحد الجنوبى لجغرافية ليبيا . وكفى . ولكن دعونى اضيف . على نحو لا اجانب الصدق فيه . عندما اقول . بان محطة كهرباء اوبارى بموقعها الحدودى . جاءت واُنشأت ليس لتغذية الجنوب الليبيى بالكهرباء . بل لتغدية تلك الفكرة . وخطوة فى اتجاه التأسيس لخراب ودمار يطال ليبيا ومحيطها الاقليمى . لينتهي فى خاتمته . وفى وجه من الوجوه . فى خدمة وصالح الانجلوفرنكفونى على الصحراء وجنوب الصحراء . . 

         كنت احاول ان اصل بالقول . بان انتفاضة الليبيين مع بداية 2011 م . كان لها ما يسند انطلاقتها   من الواقع الموضوعى . الذى كان يتفاعل وينتج الحياة . من على الجغرافية الليبية . على نحو يدفع بالبلاد فى اتجاه بعيدا . عن مصلحة ليبيا والليبيين . مما استثار كل هذا . واستفز الحس الوطنى المتقدم على غيره عند الليبيين . فضجّة اولا . شوارع وميادين بنغازى معلنة انطلاق انتفاضة الليبيين مع بداية  2011 م . مدعومة ومسنودة بكل محيطها الاجتماعى القريب والبعيد فى ضواحي و مدن و قراي شرق البلاد . ومن ثم تحولت مهد الانتفاضة وحاضنتها . منصة لتحريض الليبيين واستنهاضهم . للالتحاق بركب المطالبة بفضاء واسع للحرية يحفظ للانسان كرامته . ويؤسس لتوظيف موارد ليبيا لصالح ليبيا والليبيين . ولتغليب مصلحة الوطن على غيرها من المصالح . 

   وعندما غطت موجة واسعة من الاغتيالات مدن شرق البلاد . شعرت مهد الانتفاضة . بان المسار بهذا الفعل . ابتعد عن المأمول الوطنى . وقد ينتهى به الى وأده . فبادرت بنغازى فى مجموع نُخبها . الى السعى وبجد نحو تشكل دراع عسكرى . يحظى ولو بحد ادنى من الحرفية . تُوكل له محاصرة وتفكيك آلة الاغتيالات والدمار . ويكون فى ذات الوقت مشروع نواة لجيش وطنى . ونجحت مبادرتها فى تفكيك آلة الاغتيال والدمار فى شرق البلاد وجنوبها . 

       وعندما تمكنت طرابلس المليشياوية . من وضع يدها على المدينة . وشرعت تعمل وباجتهاد ظاهر وخفى . على توظيف موارد الليبيين . من عائدات نفطهم  فى تغدية آلة الدمار والخراب داخل البلاد . عاودت بنغازى . بالذهاب وهذه المرة . نحو خلق جسم مدنى . تستطيع به وضع يد الليبيين على منابع النفط وموانى تصديره . وطالبت فى الان نفسه . بتوظيف ايراداته فى صالح ليبيا وخدمة الليبيين . والابتعاد به عن تغدية آلة الخراب والدمار على الجغرافية الليبية . 

      فبنغازى ومن خلال حراكها هذا . مند انطلاق انتفاضة الليبيين وحتى يومنا هذا . تتخطى به المحسوس والملموس . الذى يُؤطرها مدينة كباقي المدن . الى آمال مُشبّعة بنزوع وطنى . تسعى للتجسد والتشكل على الوقع الليبيى . فى محسوس وملموس . فوق وعلى اتساع رقعة الجغرافية الليبية .   

     كنت احاول ان اقول . ان كل من يسعى ويريد وبجد تفكيك التأزم الليبيى . واحتواء ارتداداته المدمرة على المحيط الاقليمى وحوض المتوسط . ليس من الموضوعى فى شيئى  . اثناء مقاربته لهذا الشأن المأزوم  . الاغفال عن كل ما سلف . وهو الذى يستند الى شرعية وطنية ذات صبغة شعبية . عٌجنت بدموع واديم ودماء هذا الوطن . ويذهب للتحجج  بغطاء الشرعية الدولية . ليقول بما يقول به . عرّاب مؤتمر الصخيرات . وما جاء به من اجسام - رئاسى . اعلى . نواب ما بعد الصخيرات  . ليفتك به وبهم . شأن الليبيين من بين ايديهم . وليحتفظ به لنفسه . وليديره بما يتوافق ومصلحته . بعيدا عن مصلحة الوطن وساكنيه . 

    وهنا اصل الى استفهام سيضع استفهام على الكل الموجه اليه . عندما يقول :- لماذا المحيط الاقليمى لليبيا . سوى فى امتداده المغاربى , وما يشاطئه  من دول غرب حوض المتوسط . وكل المنظمات التى تغطى هذا الفضاءه الجغرافى الواسع . بدأ من الجامعة العربية مرورا بالاتحاد الأفريقي ومؤتمر الدول الاسلامية . ناهيك عن الهيئة اممية وتفريعاتها العديدة . لماذا هذا الكم ؟ . لا يحاول الاقتراب فى مقارباته للتأزم الليبيى . مستندا على هذا الموضوعى . الذى يستقى مصداقيته من الواقع المحلى الاقليمى الدولى . ويستند على شرعية ذات صبغة وطنية شعبية انسانية . عجنت من معاناة الناس وحسراتهم . ويكتفى هذا الكم فى مقارباته وفقط  . على مفردات ما خطه عرّاب مؤتمر الصخيرات . الذى لا تربطه رابطة بجغرافية شرق المتوسط وجنوبه . الا عبر ما جاء فى ما عرف حينها وحتى الان بمعاهدة (سايس- بيكو) التى مكّنته من استنزاف كل ما على جغرافية شرق المتوسط وجنوبه معنويا وماديا . أمْ ان هذا الكم الذى عددناه سلفا ؟ . لا يتخطى كونه جزأ من تأتيت مطلوب ومرغوب لتكتمل به صورة (سايس- بيكو) القديمة الجديدة . 

    ولكن الاستفهام الحاضر الغائب عن الجميع . يقول :- آلا يدفع هذا التجاهل لكل هذه الحقائق فى مرحلة ما ؟ .  بان تكون هذه ارضية صلبة . لاستنهاض واستنفار وعى مشبع بعنف مدمر . سيطال بغضبه . كل هؤلاء المتداكين . على هؤلاء المغبونين . الذين يجترون معاناتهم السرمدية . مع طلوع كل شمس وغيابها . من على جغرافية شرق المتوسط وجنوبه . والذى بدأت ملامح ارهاصاته تلوح للناظر . هنا وهناك . كان اخره محاولة طعن . اتت على ثلاثة من الانجليز فى مدينة ريدنج  .     

الآراء المنشورة ملزمة للكاتب و لا تعبر عن سياسة البوابة