تعليقاً على مطالبة المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا، بتسليم الأخ/ سيف الإسلام معمرالقذافي، إلى المحكمة الجنائية الدولية، يجب الإنتباه إلى أن هذه المطالبة ليس لها أي أثر قانوني على أحقيته في التقدم للترشح للإنتخابات الرئاسية الليبية المزمعة، وليس بوسع المحكمة الجنائية الدولية الاعتراض على ذلك مع أن المطالبة بتسليمه ستظل قائمة حتى حال فوزه بالرئاسة إلى حين الوصول إلى تسوية بينه وبين المحكمة.

وهذا ما حدث في حالة " اوهورو كينياتا " نجل الرئيس الكيني السابق ، ونائبه " وليام روتو " اللذان كانا مطلوبان لدى المحكمة الجنائية الدولية منذ سنة 2010، ولم يحول ذلك دون خوضهما للإنتخابات الرئاسية الكينية سنة 2013 حيث فاز الأول بالرئاسة وأصبح الثاني نائباً له، وبعد ذلك حدثت تسوية بينهما وبين المحكمة الجنائية الدولية انتهت بإسقاط مطالبتها بتسليمهما.

وكذلك الحال بالنسبة للرئيس السوداني عمر البشير المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية منذ سنة 2009، ومع ذلك خاض انتخابات الرئاسة السودانية سنة2015 وحازعلى فترة رئاسية جديدة لمدة 5 سنوات أخرى بعد 26 عاماً في الحكم. مع ملاحظة أن مجلس الأمن الدولي وكبريات الدول الغربية التي تدّعي " اعلامياً " انزعاجها من تصرفات الرئيس السوداني " عمر البشير" لم تعترض على تجديده لرئاسته ومازالت تتعاطى معه ومع حكومته دونما تحفظ رغم اصدار المحكمة الجنائية الدولية لعدة مذكرات اعتقال بحقه.

مع العلم بأن تقرير المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا ، لا يُعبر عن رأي هيئة المحكمة الجنائية الدولية التي لم تنظر بعد في مذكرة هيئة الدفاع عن الأخ/ سيف الإسلام معمر القذافي، وان الدائرة التمهيدية للمحكمة سبق وأن قضت في 11 أكتوبر2013 ، بأن ليبيا يمكنها محاكمة رئيس الإستخبارات العسكرية اللواء عبدالله السنوسي داخل ليبيا مسقطة بذلك طلباً بتسليمه للمحكمة، وأكد قضاة المحكمة أنه " بسبب محاكمة عبدالله السنوسي في ليبيا فلا يجوز أن تنظر المحكمة الجنائية الدولية في القضية عملاً بمبدأ التكامل". ومعلوم أن الأخ/ سيف الإسلام معمر القذافي مطلوباً للمثول أمام المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية رفقة الأخ/ عبدالله السنوسي في نفس المذكرة ولنفس الأسباب، وأن السلطات الليبية المنشأة على اثر الحرب الظالمة على ليبيا سنة 2011 هي التي رفضت تسليمهما للمحكمة الجنائية الدولية واصرت على محاكمتهما داخل ليبيا، وقد أصدرت بحقهما مع اخرين محكمة استئناف طرابلس حكمها يوم 27 يوليو2015 . 

 ووفقاً للاختصاص التكميلي الغرض من المحكمة الجنائية الدولية  أن تكون محكمة ملاذ أخير، فتحقق وتحاكم فقط في حالة فشل المحاكم الوطنية في القيام بذلك، وهو ما لا ينطبق على الحالة الليبية ، وهذا المبدأ اعتمدته المحكمة الجنائية الدولية - كما أشرت أنفاً - في حكمها الصادر يوم 11 أكتوبر2013 القاضي بالسماح لليبيا بمحاكمة الأخ/ عبدالله السنوسي داخل ليبيا ، حيث قالت الدائرة التمهيدية للمحكمة " ليبيا مستعدة وقادرة بصدق على اجراء مثل هذا التحقيق" . 

بالتالي ووفقاً لـ ( قاعدة عدم جواز المحاكمة مرتين على جريمة واحدة) ، فمن المفترض أن تسقط المحكمة الجنائية الدولية طلب المدعية العامة للمحكمة الخاص بتجديد طلب تسليم  الأخ/ سيف الإسلام معمر القذافي، خاصة وأن المدعي العام السابق للمحكمة " لويس مورينو أوكامبو " لم يجر أي تحقيقات فعلية داخل ليبيا، وأعتمد معياراً مزدوجاً بشأن الصراع الداخلي الليبي والتدخل العسكري الأجنبي في ليبيا سنة2011 ، من خلال تلفيق الاتهامات غير المستندة إلى أدلة لبعض الشخصيات الليبية المعروفة كوسيلة لإستخدام المحكمة كأداة ضغط على النظام الليبي الرسمي بغية تبرير التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية الليبية وشرعنة الحرب الظالمة على ليبيا.  

لذا وباختصار : لا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون– بإذن الله.

الاراء المنشورة ملزمة للكاتب و لا تعبر عن سياسة البوابة