منذ تدخل حلف الناتو   والولايات المتحدة الأمريكية للإطاحة بنظام العقيد الليبى الراحل معمر القذافى فى 2011 تحولت ليبيا من دولة كانت تتحكم فى منطقة من بوركينا فاسو حتى درافور إلى دولة فاشلة فاقدة لسيادتها لاتملك قرارها السياسى ، فهناك أكثر من مليون مهجر خارج البلاد وداخلها وحاليا يوجد بسبب المعارك بين الجيش الليبى وحكومة الوفاق فى غرب ليبيا حوالى 130 ألف مهجر داخل العاصمة طرابلس مؤشرات اقتصادية متراجعة  لاشىء يعمل فى ليبيا سوى تصدير النفط واستيراد المواد الغذائية والاستهلاكية والاسلحة وتهريب الأموال للخارج  ويقوم بهذه العمليات  شركات الدول التى اطاحت بنظام العقيد القذافى أو الفصائل المسلحة التى سيطرت على السلطة حيث لايوجد دليل حتى يومنا هذا أن تدخل حلف الناتو وأمريكا كان لصالح حماية المدنين فى ليبيا.

خلفية الصراع التركى المصرى فى ليبيا

زادت وتيرة الصراع بين مصر وتركيا عندما قامت الأخيرة بدعم فصائل مسلحة فى غرب وشرق ليبيا ضد قوات الجيش الليبى الذى يخوض عملية عسكرية منذ 2014 ضد الارهارب وتوحيد البلاد تحت سلطة الدولة الليبية ، لم تعمل تركيا فقط على تسليح الفصائل المسلحة فقط وأنما هدفت للسيطرة على السوق الليبى مما شكل عائقاً كبيرة للمنتجات المصرية ، حيث تصدر تركيا إلى ليبيا بحوالى 21 مليار دولار سنوياً كما تحصل  على النفط الليبى من موانىء غرب ليبيا بسعر 10 دولار للبرميل أو أقل

اشتدت حدة الصراع بين مصر وتركيا عندما منعت حكومة شرق ليبيا عام 2015 دخول الاستثمارات التركية فى المناطق التى تخضع لسيطرة الجيش الوطنى الليبى تحول بين البلدين إلى صراع  جيوسياسى ترتب عليه دفع البلدين إلى استعراض قواتهما العسكرية وتسليح الفصائل الموالية  لكل طرف من أجل كسب أوراق يمكن التفاوض بها فى المستقبل على طاولة مفاوضات إعمار ليبيا مع اختلاف أن مصر لديها روؤية من دعم قوات الجيش الوطنى الليبى وهو عودة الأمن والإستقرار للدولة الليبية.

روسيا وشعار المصلحة أولا

بعد شهر من بدء هجوم الجيش الليبى على العاصمة طرابلس زادت حدة الصراع والتنافس بين الدول الفاعلة فى الأزمة الليبية على عقود الأعمار فى ليبيا، ومن هنا عملت روسيا على إتباع سياسية توازنية بين دعمها للجيش الوطنى الليبى ومصالحها مع حكومة الوفاق ، حيث لروسيا عقود مؤجلة مع نظام العقيد القذافى  لتوريد أسلحة ومعدات روسية وعمليات تدريب بقيمة 4 مليارات دولار كما ترغب الشركات الروسية فى الفوز بتنفيذ مشروع  خط سكك حديد يربط بين بنغازى ومدينة سرت فى غرب ليبيا تقدر تكلفته بحوالى 2.5 مليار دولار من شأنه أن يعزز النفوذ الروسى على البحر المتوسط .

الصين وسياسة الحياد من أجل المصلحة 

وفقا لوزارة التجارة الصينية كان لدى الصين قبل تدخل الناتو وأمريكا لإسقاط نظام العقيد القذافى حوالى75 شركة تعمل لتنفيذ 50 مشروع فى ليبيا وحوالى 40 ألف عامل بإستثمارات تقدر بحوالى 1,5مليار يوان بما يعادل 277 مليون دولار، لذا تتبع الصين سياسية التوازن بين الأطراف فى ليبيا خصوصاً بعد تدخل إيطاليا وتركيا وقطر لإحباط هجوم قوات الجيش الليبى على العاصمة طرابلس لذا عملت الصين حالياً على توسيع استثماراتها سواء فى المناطق الخاضعة  لسيطرة حكومة الوفاق او لسيطرة الجيش الليبى حيث تهدف الصين إلى أن تكون ليبيا جزء من مشروع طريق الحرير وهدفاً للاستثمارات الصينية فى منطقة تتميز بأنها ذات نمو اقتصادى سريع.

السعودية والامارات وتقليص دور قطر فى ليبيا

يعد الهدف الأول من من دعم السعودية والامارات لقوات الجيش الليبى هو دعم واستقرار ليبيا بالإضافة إلى تقليص النفوذ القطرى فى ليبيا ، كما تعمل السعودية والامارات فى المساهمة فى إعمار ليبيا من خلال المساعدات ورصد الاستثمارات المستقبلية  بالشراكة مع مجلس الأعمال الليبى  حيث هناك مقترحات من دولة الامارات بإنشاء خط ملاحى مباشر يربط بين موانىء البلدين.

أما بالنسبة لدول الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا وفرنسا وايطاليا فهذه الدول لها نصيب الأسد من الكعكة الليبية المتمثلة فى عقود اعمار ليبيا وتقوم أيضا بدعم جميع الأطراف فى ليبيا من أجل المصلحة حيث تقوم شركات هذه الدول برصد المواقع وعقد الاتفاقيات سواء مع حكومة الوفاق فى غرب ليبيا أو مع الحكومة المؤقتة فى شرق ليبيا .

نلخلص من هذا المقال إلى أن الصراع الدولى والإقليمى فى ليبيا صراع مصالح بالمقام الأول رغم أن هناك دول إقليمية تعمل على دعم الجيش الليبى من أجل عودة الأمن ومؤسسات الدولة الليبية ، قد تنهى الحرب ويتم تقسيم الكعكة  لكن إذا لم يتوقف الصراع  الجيوسياسى بين أطراف الصراع فى ليبيا فهذا سيؤدى إلى تقويض عملية الاعمار الحقيقى فى ليبيا وتحطيم آمال الليبين فى دولة مزدهرة متقدمة ومستقرة.