اعلان توصل المؤتمر الوطني العام الى ما اسماه ( توافق عام ) حول  خارطة الطريق ، لا يشكل في حقيقته سوى صفقة سياسية لتمرير خطة التمديد للمؤتمر المنتهية ولايته يوم 7 فبراير وذلك لدورة برلمانية اضافية ... وقد لعبت بعض القوى المؤثرة داخل المؤتمر ، دورا محوريا من اجل تمرير الصفقة بحصولها على الاغلبية المطلوبة .. هذه الخارطة لم تلبي الحد الادنى من الشواغل التي اعرب عنها الشارع الليبي ، ولم تتضمن ايا من المقترحات التي تناولتها مبادرات القوى الوطنية الاخرى ومؤسسات المجتمع المدني .. هذه الصفقة كان شغلها الشاغل هو ضمان التمديد للمؤتمر الوطني لفترة اضافية والالتفاف حول المطالب الحقيقية التي تعكس نبض الشارع الليبي ..

على اي حال ، فقد يبدو ان المتنفذين في المؤتمر العام نجحوا في فرض سياسة الأمر الواقع على الشارع الليبي ، الذي لم ولن  يجد بدا من القبول بهذا الأمر الواقع في سبيل الحفاظ على الشرعية واستمرارية عملية التحول بوسائل ديمقراطية وتحقيقا لمبدأ التداول السلمي للسلطة ، ولكن يظل التساؤل الشرعي الملح قائما حول كيفية والية عمل المؤتمرالوطني العام خلال المرحلة القادمة ؟ 

وهنا لابد من الوقوف عند الممارسات غير الدستوريه ( طبقا للاعلان الدستوري) من جانب المؤتمر الوطني العام - على المستويين التشريعي والتنفيذي- التي كانت متبعة طيلة المرحلة السابقة ، والتي اوصلت العملية السياسية الى طريق مسدود ، حيث شهدت المرحلة السابقة تداخلا وتزاوجا مابين العمل التشريعي والعمل التنفيذي وغيابا كاملا للدور الرقابي من جانب السلطة التشريعية على السلطة التنفيذية .... وحصريا يمكن تحديد تلك الممارسات غير الدستورية في : التلاعب بالترتيب الزمني للقضايا الجوهرية التي نص عليها الاعلان الدستوري ، وارجاء النظر في اهم القضايا الجوهرية والخلافية وترحيلها الى الشهور والاسابيع الاخيرة من عمر المؤتمر ، والتدخل في صميم الاختصاص التنفيذي للاجهزة الحكومية على الصعيدين الداخلي والخارجي ، وعدم مراقبة الحكومة او مساءلتها ..

وحتى لا يلدغ المؤمن من الجحر مرتين ، فلابد من تحديد جدول اعمال موضوعي وزمني للمؤتمر الوطني العام بحيث لا يتجاوز الاختصاصات التشريعية المنصوص عليها في الاعلان الدستوري ، وهي : الاستحقاق الدستوري والانتخابات البرلمانية والرئاسية خلال جدول زمني محدد .