القاعدة الذهبية في العلاقات الدبلوماسية هي المعاملة بالمثل وعليه يجب إخطار سلطات المطار ومنفذ السلم البري والسفير الليبي في القاهرة بقرار منع سفر جميع أعضاء البعثة الدبلوماسية الليبية في مصر حتى يعود الدبلوماسيون المصريون المختطفون. 

إن مجهولين قد اختطفوا مساء الجمعة في طرابلس الملحق الإداري في السفارة المصرية لدي ليبيا حمدي غانم, وذلك وفقا للخارجة الليبية من مقر إقامته في طرابلس علي يد مجهولين, لقد جاءت تلك السلسلة من الاختطافات, بعد ساعات من إعلان السلطات المصرية القبض علي شعبان هدية الملقب بـ أبو عبيدة الزاوي' رئيس غرفة ثوار ليبيا في الإسكندرية,. 

ولكن علي أي حال فإن مسلسل خطف وتفجير البعثات الدبلوماسية المصرية علي يد تنظيم القاعدة والجماعات التابعة لها, يلقي الضوء علي جانب آخر من جنود مصر الذين وقفوا في الخارج للدفاع عن البلاد, وتعرضوا لانتهاكات مؤلمة من جانب الجماعات الإرهابية.

تصاعدت موجة الإرهاب الدولي حتى طالت المدنيين الأبرياء الذين أوجدتهم الظروف في أوضاع معينة سهلت على الإرهابيين اختطافهم أو احتجازهم أو التعرض لهم بأية صورة واستخدامهم كأداة ضغط على الدول والحكومات لفرض وإملاء شروط الإرهابيين الدوليين المدعومين من دول ما على الدول الراعية لهؤلاء المدنيين سواء كانوا أشخاص عاديين أم ممثلين لدولهم يتمتعون بحماية وحصانة دولية. 

وإذا كان الإرهاب الدولي كجريمة دولية معاصرة يجد له صورًا عديدة على الساحة الدولية حاليًا، إلا أن أعمال الإرهاب الموجهة ضد الأفراد المدنيين والموظفين الدوليين المتمتعين بحماية دولية تأخذ طابع خاص شديد التأثير على المجتمع الدولي.

كذلك نصت المادة الخامسة على إلزام الدولة التي يتمكن المتهم من الفرار منها بأن تخطر جميع الدول المعنية بكافة المعلومات المتعلقة بالمتهم ووقائع الجريمة، كما نصت المادة العاشرة على أن تقدم الدول الإطراف كل منها للأخرى أقصى قدر ممكن من المساعدة فيما يتعلق بالإجراءات الجنائية المتخذة بشأن تلك الجرائم. 

وقد جاءت المادة السابعة من الاتفاقية لتشير إلى انه إذا لم تقم الدولة الطرف في الاتفاقية والتي يوجد على إقليمها المتهم بتسليمه للدولة الطالبة، فعليها بدون استثناء أو تأخير غير ضروري أن تحيل القضية إلى سلطاتها المختصة لمحاكمته وفقًا للإجراءات التي تتفق مع قوانينها.

لا زالت موجة اختطاف الدبلوماسيين المصريين والأجانب لدى ليبيا مستمرة، وكان آخرها ظهيرة اليوم- السبت- والتي تمثلت فى اختطاف الملحق الثقافي بالسفارة المصرية فى العاصمة الليبية طرابلس مع موظفين آخرين يعملون بالسفارة، ليصل عدد العاملين المختطفين فى ليبيا إلى خمسة دبلوماسيين، حيث تم الجمعة اختطاف الملحق الإداري بالسفارة. 

ويبدو أن حوادث الاختطاف المتلاحقة، قد تضطر الحكومة المصرية إلى إعادة جميع أعضاء السفارة المصرية فى طرابلس إلى القاهرة، بعد أن أنشأت الخارجية المصرية غرفة عمليات لمتابعة تطورات الموقف أولا بأول، والتنسيق بين السلطات المصرية والسلطات الليبية بهذا الخصوص. تأتى حوادث اختطاف الدبلوماسيين المصريين وغيرهم من الدبلوماسيين الأجانب على خلفية الصراعات الدامية التي انتقلت من جنوب ليبيا إلى غربها بين القبائل العربية وبين مقاتلين من عرقيات إفريقية مختلفة، مرورا باشتباكات مسلحة بين العرب والأمازيغ فى عدة بلدات فى غرب البلاد. 

فى الوقت ذاته، نشبت اشتباكات مسلحة فى منطقة جبل نفوسة بين الثوار وفلول نظام القذافي، فى إطار حملات الانتقام من ثوار مصراته ضد الذين قاتلوا إلى جانب القذافي. 

ويبدو أن تلك الصراعات هي حصاد فترة حكم القذافى التي امتدت لأكثر من أربعين عاما والتي تم خلالها تكريس القبلية والعشائرية وإشعال الفتن بين مكونات الشعب الليبي؛ من عرب، وأمايزيغ، وأفارقة، وتعزيز الانقسامات داخل هذه المكونات بهدف إطالة أمد حكمه. 

كانت منطقة بني وليد هي المعقل الأخير للقذافِى قبل أن ينتقل هو وأتباعه إلى سرت حيث واجهوا مصيرهم المحتوم، فهذه البلدة رغم دخول الثوار إليها إلا أنها عمدت خلال الفترة الأخيرة إلى طرد الثوار ودانت السيطرة عليها لصالح فلول القذافي.

وتكرر الوضع فى مدينة سرت لكن بصورةٍ عكسية، حيث تعرضت لإجراءات انتقامية من جانب الثوار بعد أن ظلت تمثل حاضرة ليبيا طوال أربعة عقود من حكم القذافي. 

من ناحية ثانية، تؤكد الدلائل أن فلول القذافى يسعون لتزكية هذه الاضطرابات والابتعاد بالبلاد عن الاستقرار الذي يضعف من أي دور سياسي لهؤلاء الفلول، بل ويفتح الباب على مصراعيه لمحاسبتهم على جرائمهم في حق الشعب. 

كما يؤدى فلول القذافى دورا أساسيا فى إشعال الصراعات بين قبائل التبو والعرب؛ الذي يسعى كليهما للسيطرة على المناطق الإستراتيجية فى الجنوب الليبي ومن أهمها مدينة سبها وواحة الكفرة باعتبارهما معقلا للتهريب بين المناطق الحدودية فى تشاد والنيجر. 

يذكر أن قبائل التبو الإفريقية تعرضت لإجراءات تعسفية طوال فترة حكم القذافى فى مقابل دعم القبائل العربية مما أجج النزعات الانتقامية لدى هذه القبائل تجاه الوجود العربي بهدف تصفية الحسابات وبسط نفوذهم فى الجنوب الليبي، وهو ما دعا المجلس الانتقالي إعلان الجنوب منطقة عسكرية بعد تحوله إلى شوكة فى خاصرة المجلس الانتقالي والدولة الليبية برمتها. 

ويبدو أن القلاقل التي يشهدها الجنوب الليبي تهدف إلى تقسيم ليبيا إلى ثلاث أقسام الأولى فى برقة وطرابلس وفزان، وهى أهداف تصب مع رغبة فلول القذافى فى إشعال الفتن القبلية والجهوية، مستغلين غياب سلطة الدولة وسيطرة المليشيات على الأوضاع وفرض وجودها على مناطق عدة والعمل على تكريس نزعات الانتقام بين الثوار وفلول القذافِي، خاصة بعد وقوع عمليات سلب ونهب واغتصاب من مناطق كانت موالية لنظام القذافي. 

وتشير كافة الدلائل أنه كلما ضعفت قبضة الحكومة المركزية على منطقة تحاول القبائل ملء هذا الفراغ الذي تركته الدولة وتحقيق أكبر قدرٍ من المكاسب فى ظل الفراغ الامنى الذي تعانى منه البلاد وسطوة للمقاتلين والثوار ومحاولتهم فرض القانون بطريقتهم الخاصة.

 

شبكة الاخبار الليبية