قفلت المصانع بعدة انواعها في العالم وسرحت عمالها وموظفيها مرغمة وليست طواعية حفاظا علي سلامتهم الصحية بسبب معركة تفشي وباء غامض الذي داهم الكون وفاجأ الانسانية كلها. ونذكر هنا بعض الامثلة وليس الحصر في كيفية مواجهة الوباء من وجه نظر بعض البلدان. فمثلا أضطرت ايران الي إعدام ستة عشر مليونا من صغار الدجاج لعدم القدرة علي تغذيتهم، بدلا من ايجاد حلا انسانيا لها . ومثلها  هناك بيوت للدواجن في الصين التي تعرضت لنفس القرار المحزن. حيث تخلصت هي كذلك من دواجنها لعدم حصولها علي فول الصويا كغذاء لها بسبب الوباء. و نري بأن  الدجاج   المسكين وبيضه تعرض لنفس المأساة   في احدي الولايات الامريكية التي اضطرت هي كذلك الي اعدام الدواجن باعداد كبيرة بما يقارب من مليونين دجاجة عن طريق الغاز للأسف، لكثرة انتاجها للبيض في هذه المرحلة العصيبة، ودمروا معها البيض كله ايضا. واتعجب من هذا القرار اللاإنساني من عدم  توزيعه علي الفقراء والمساكين لإظهار روح الانسانية في احسن صورها!  

 ومثلهم المزارعون  كذلك اضطروا من التخلص من البصل الوفير وغيره من الخضار الورقية بكميتها الهائلة، و بدون حتي فكرة عمل تخزين لها او توزيعها علي من يستطيع استخدامها، بل جروها بآلات لاعدامها في جوف الارض، نظرا لكثرتها وعدم وجود مستهلك لهذا الكم، كما كانت عليه العادة من قبل الوباء المفاجأ الذي اجتاح كل دولة في العالم بسرعة فائقة وبدون توقف!  فعجلة العرض اصابها شلل، ودائرة الطلب توقفت فجأة ممن كانوا يستخدمون ويستهلكون في هذا الانتاج الكبيرمن مطاعم ومدارس ومصالح حكومية اخري. هذا القرار القاسي في تفعيله يثقل القلب حقا لاهدار وأعدام هذا الكم الهائل من الخير والدواجن  وصغارها التي هي روح  ونفس!  وبخسارة مالية   كبيرة تقع علي المنتج والتاجر، فما بالك ما يحل بالانسانية من مآسي بسبب الوباء من اقتحام شرس لتنفسها الطبيعي لحد الموت و بمعدل العشرات من آلاف البشر في انحاء المعمورة! الناس يموتون يوميا باعداد تزعج القلب، والطب من ذلك في اندهاش غريب. حيث وصلت  اعداد الوفيات الي الملايين كمعدل عالمي بسبب جرثومة تاجية قاسية العدوي،والمشهورة بكوفيد 19 ولا زالت الاعداد تتزايد بشكل مخيف! فمعدل الموت الذي في الولايات المتحدة الامريكية مثلا وصل الي أكثر من 60 الفا (عند بداية كتابة هذه المقالة) وهو الان في تزايد كبير يوميا و محزن الي حد انه تعدي هذا الرقم بعشرات آلاف اخري في مدة ايام قليلة، لتأخرها في أخذ الاحتياطات اللازمة عند العلم   بالوباء في اواخر 2019 كما هو شائع.  

 مما جعلها تقع في القائمة الاولي من حيث عدد الوفيات، وهذا بالطبع لكثرة عدد سكانها الذي يعادل أكثرمن330  مليون انسان ! اي سكانها هو مايعادل تقريبا سكان شرق اوروبا (انجلترا والمانيا وفرنسا وايطاليا واسبانيا معا) ولهذا تقديرأعداد الوفيات هي نسبية لنسبة تعداد السكان في اي احدي من هذه الدول. اضف الي ذلك ان كيفية تعداد الوفيات قد يتراوح  في جردها   لكي تُحسب كاحصائيات دولية. فمنهم من يحصي الاموات في المشاف فقط، ومنهم من يحصيها في اماكن رعاية المسنيين، ومنهم من يجمع الاثنين معا. ولذا لا احد يستطيع من التأكد من الاعداد الصحيحة من تعداد الوفيات في اي بلد كان لعدم الدقة، او استعمال قياس إحصائي موحد ومتفق عليه للمقارنة العلمية مثلا. بل هي مجرد قياسات عشوائية  فقط و تقريبية والمسجلة عند كل دولة بطرقها الخاصة.  ولذا كل عدد الوفيات نراها  نسبة وتناسب لكل هذه الاعداد المثيرة للجدل.  فلنأخذ بلجيكا كمثل لهذا، فتعدادها 11 مليونا وزيادة، وما يقارب من اكثرمن ستة آلاف وفيات بسبب الوباء. فهذا الرقم ،اي إحصائيات موتاهم، نسبوها فقط الي وفيات المسنين في دار الرعاية، مما يجعل النسبة عندهم كبيرة ومخيفة مقارنة بنسبة عدد السكان فيها !

عطلت الجائحة عجلة الحياة والمصالح ، واعجزت الناس خوفا وأماتت ارواح  كثيرة، وعجت المستشفيات بمرضي الوباء، وكذلك حتي ممن يساوره الشك بحاله يذهب ايضا للتأكد ويتزاحم مع من يحتاج الرعاية الملحة!  فقلت السراير وادوات التعقيم وملابس الوقاية واقنعة الوجه،اي الكمامات، والمستلزمات الطبية الاخري بشكل يرثي له، واهم من كل هذا النقص في المستلزمات الطبية هي آلات التنفس الصناعي، والكشف الحراري لكل الناس لعلاجهم! و بسبب تأخرالعناية السليمة بالمرضي، ولقلة هذه المستلزمات زاد تفشي الوباء بارقام مذهلة، فالعالم اصبح يواجه حرب مبهمة!  فتوقفت الحياة بمفهومها المعتاد من جامعات ومدارس ومطاعم ومخابز ومقاهي، وغيرها من سبل الحياة  البسيطة والمعقدة والضرورية من انتاج ومنتج وخدمات وزبائن. اما المخازن فنقصت في مواردها، و تأتر بذلك  تجار البضائع والمواد الغذائية وبالأخص المصانع التي إنتاجها يومي وبكميات كبيرة، كمصانع الحليب مثلا فهي تنتجه بجالونات كبيرة يوميا ولا تستطيع تصديره وبيعه للمستهلك من التجار من غير بسترته . فأضطر مثلا  احد الفلاحين في الولايات الامريكية إلي كب انتاج ما يعادل من  30  الفا جالونا من الحليب علي وجه الارض بسبب توقف مصنع البسترة الذي كان يستخدمه بسبب الوياء. 

متأسفا علي خسارته ولعدم امكانية توزيعه حتي علي الفقراء لانه غير مبستر طبقا للقانون! ونري المصانع الاخري  توقفت عن صنع المزيد كمصانع لصناعة السيارات والطائرات و تحولت الي مصنع لاقنعة الوجه لسد الحاجة ولنقص تواجدها الشديد في المستشفيات والمدن والدول كما هو الحال في الولايات الامريكية وغيرها. فهذا مثلا بعض ما يدور في البلدان الكبري، فما بالك بالبلدان التي تُكني بالنامية واي نمو تعيش هي فيه الان  يا تري! فبهذا الحال من التأزم تدهورت الاسهم المالية، وهبط الاقتصاد وازدادت البطالة بدرجات كبيرة وملحوظة، وهذا اراه طبيعي بسبب الحجرالصحي المنزلي المفاجئ والاستلزامي. فأنتاب الناس ارتباك وخوف من الخروج من بيوتهم، فتعطلت بذلك المصالح الشخصية، وقفلت اماكن الرزق والاسترزاق، وخلت الشوارع من البشر.

وعلي الرغم من كل هذه السلبيات لا يمنع  بان نجد وجه ايجابي كما يراه باحثوا المناخ والبيئة، فاعلنوا بان جو المدن قد  تحسن من التلوث البيئ، الذي كان يحجب سماء الصين والهند خاصة ومدن  اخري التي تعاني من دخان المصانع . وايضا هناك الهدؤ المفاجئ الذي أسكن المدن مما جعل الطيورتحلق بكثرة غيرعادية في سمائها، واصبحت الحيوانات البرية والاليفة  تشعر بالأمان حتي انك تراها تتجول وتمرح في شوارع المدن بحرية وعدم ازعاج  يأتيهم من البشر! وكأنهم يسترجعون ما اغتصبه الانسان من ارض كانت يوما هي مأواهم وعشهم او لعلهم يبشرون بعصر جديد! و لكن للأسف ظهرت لنا مستجدات غير ايجابية وعامل جديد اُضيف الي ظواهر الوباء الشائع وهو تزايد الحالات النفسية عند بعض الناس، والتي اصبحت عاملا يقلق الصحة العامة في الكثيرمن مدن العالم. 

فتحصين الانسان بالحجر الصحي في منزله عامل ثقيل اضيف الي حياة البشر. فالتذمر والقلق النفسي والملل الشديد صار واضحا ويلعب جزءا كبيرا من المشكلة  الصحية العامة للانسان، لكون الحجرالصحي المنزلي جاء كعامل جديد وغريب عليهم و ليس اختياري مع صعوبة التعايش معه. وبمأن الارتباط العائلي يكاد يكون مفقودا في الكثير من دول العالم في الغرب خاصة، جعل من  اضرار كوفيد 19 يزداد حدة وتأزما. أضف الي أن اللقاح  لهذا الوباء لا زال في عالم البحث والتجارب، اي في علم الغيب ليومنا هذا،   فأصبح المكوت في البيت للحفاظ علي صحة الفرد وعائلته والناس عامة هو الاختيارالوحيد الان والمنطقي. 

اي  فمن لم تقعدة الجائحة تحت رحمة التنفس الصناعي، صارت حالته النفسيه تحتاج علاجا معنويا بسبب الامعروف والامفهوم!  فذوي الانفس الحساسة والضعيفة انتابتها الهواجس، وللاسف أستسلمت لهذه النوبات والهواجس النفسية والتشنج والضغط النفسي فقامت بانهاء حياتها! واصبح الناس في مخيفة من هول مضاعفات هذه الجائحة القاتلة علي الناس والغير مدروسة والجديدة والمتجددة في بلائها. حيث سجلت حاليا حالات مؤلمة بهذا الخصوص من ضحايا   كالدكاترة بسبب معالجتهم لمرضي الوباء، ولمشاهدتهم  للحالات الانسانية المؤلمة المستمرة التي تمر بهم من اموات بدون ذويهم وحرق جثامينهم، فحلت بهم ضغوط  نفسية و مقلقة لهم خوفا من انتشارهذا الوباء. أضف الي هذا الارهاق البدني بسبب ساعات العمل الطويلة والمتعبة نفسيا لعلاج مرضاهم  بدون توقف وباعداد كبيرة.  فالعلماء رجحوا مصدرهذا الارهاق النفسي الي كوفيد 19. لكونه من احدي اضرارهذا الداء المستجد علميا في كل شئ. ولو ان الدراسات والبحوث في هذا الملف النفسي لم يحضي بالدراسة وبالاهمية الكافية بعد.

كل العادات المألوفة والعادية لدي البشر للتعايش الاجتماعي والانساني الطبيعي بينهم  قد اشابها التغيرالحاد والسريع  لحفظ سلامة كل فرد. فالالتزام بالقواعد الصحية المطلوبة والملحة للمسافات الاجتماعية التي بدأت بثلاتة اقدام، اي مسافة البعد بين الانسان والانسان، وتحولت مع استمرار نشاط وسرعة الجرثومة في مسارها المميت الي ستة اقدام هي مسافات  قد تضمن عدم ايذاء الانسان لاخيه الانسان! وهكذا تزداد المسافات بين البشر لعدم وجود حل لتوقيف سرعة نفث سم الداء في كل شئ  حتي الان. فعلي حسب الاحصائيات وجدوا ان  كوفيد 19 معدي علي سطح الاشياء لمكوته من اربع ساعات الي   48  ساعة او قد يكون اكثر واقلها ساعة،  باختلاف مكان وجوده علي الاشياء مثل البلاستيك او علي الاسطح الصلبة مثل النحاس، و هذا في اوجه انتقالها كما اتت به منظمة الصحة العالمية.  بل  أن اثار العدوي حاليا  تنتقل عبر الهواء ( يا للهول) كما اتي بها احدي الدكاترة في علم الجراثيم ومشتقاتها في المانيا. 

حيث اسرد بان الوباء يكثرفي الانتقال في الازدحام ،والاماكن التي ليس بها تهوية جيدة او مغلقة، واهمها تلوث الهواء في مدن التي تكثر فيها المصانع مثل الصين ونيويورك علي سبيل المثال وليس الحصر. فكوفيد19  يختلف عن اي جرثومة عرفها الخبراء، بسبب سرعتها الغير مرئية في انتقال العدوي. فأضرارها القاتلة هو الالتهاب الرئوي القاتل الذي فاق الانفلونزا في ذلك، ولا يري تحت المجهر، والا لكان قتل الجرثومة بالمطهرات وبالمضادات والحد من انتقالها في الجو مقدورعليه برأي الخبراء. فلذا هو اخطر من الانفلونزا ،كما شرحه   دكتور كول في مايوو كلنك.  فيا تري ما السحر في هذه الجرثومة التي لا تريد التوقف!   حتي الجنود البيض كالدكاترة وملائكة الرحمة ،والعاملين في الاسعافات الاولية وقفت هذه الجيوش باسلحتها عاطلة حائرة يائسة و بائسة ولا تدري ما الامر! ثم  نجد بأن بعض شعوب الدول جادة و حريصة علي اتباع النصائح والبعض الاخر يقلل من خطورة كوفيد 19 ويعلن اضرابه وتحديه بدون عقلانية. والاخري وجدت صعوبة في تنفيذ واتباع لوائح وقواعد الصحة العامة حتي في وقاية انفسهم من الجائحة. وخاصة في المدن التي تشكو من الفقر والمجاعة والاهمال الدولي 

وانعدام التوعية الصحية والمساكن الصحية   بسبب ما يجري من كوارث وحروب في اراضيهم. فمعالجة البشر للاشياء تختلف لا شك، وخاصة في كيفية الاهتمام بالعناية الشخصية والصحة العامة والحالة الاجتماعية، وهذا اما  لعدم الاهتمام اوالالتزام او لقلة الاكثرات بما يجري من امور فادحة الخطورة في محيطهم . وهذا بسبب اللا وعي الذي سببه الجهل او الفقر او قلة الحاجة او لعادات وثقافات اجتماعية سيئة او شخصية او كلها معا، حتي بقت العادة راسخة فيهم. مما جعل الاصابات بالوباء يكثر ويختلف من بلد الي اخر كما حل من مأسي في ايطاليا واسبانيا وايران والصين وامريكا بالذات. فحرية التواصل الاجتماعية المعهودة من سلام باليد وعناق، وعج الاماكن بالاجسام البشرية كتفا بكتف في اي مناسبة كانت، والجلوس جنبا الي جنب في اي مكان كان لعلنا نقول بان هذا أصبح من الماض (الجميل)!  

حيث ان هذه التصرفات والعلاقات الاجتماعية الان أصبحت مدمرة للصحة الشخصية والعامة. وهذه الاحتكاكات والاختلاط البشري يجلب الان للفرد وسوسة فكر وقلقلة نفس،و خوف وشك مما سيحدث من اذي جرثومي بجلوسه بجانب اخيه الانسان والتي قد تؤذي بحياته!  اي العطس والتنفس في وجه الاخر حتي بدون عمد اصبح رذاذه من اسلحة  الدمار والموت المخيفة! و كما اسلفنا فالبقاء في البيت كعلاج وقائي وملزم هو إذن القرار الحكيم وهو اللقاح الارجح الي ان يأتي لقاح طبي سليم و فعال يشفي صاحبه بدون اعراض جانبية قاتلة له.  وبذا أصبح العالم اغلبه الان في تسابق  كبيرلاختراع لقاح جديد يشفي المريض بكوفيد 19.  ولصعوبة وجوده الان لجأوا الي استعمال لقاحات قديمة مثل الذي استعمل في داء حمي الايبولا الخطير وغيره كتجربة علي الانسان المريض وللتسابق مع الوقت. اي اصبح الانسان معمل للتجارب (ومن يريد فاليتقدم) مجازفا بحياته لقلة حيلته مع المرض! فعامل الوقت يلعب دورا رئيسيا في كل مجريات هذا الوباء الغريب، ولذا اللقاح والوقت هما مشكلة العصر في مواجهة هذه الجرثومة الذكية في اخفاء نفسها!

جعلت كورونا المستجدة هذه تنشر حتي الفتن والنظريات بين الناس لجهل العلم  بجينات تكوينها وسبب مصدرها. فهناك من يقول( وهم اكثرهم من عامة الناس ولكن يشاطرهم في الرأي ايضا قلة من الرؤساء العالم ،وقلة من المتخصصين في قطاع علم الجراثيم والاوبيئة ايضا) بانها غلطة انسانية في مخبرالتجارب معروف عن تجاربه في البحث عن اللقاحات وبتجاربه العلمية، للوصول الي لقاحات فعالة لمحاربة الجراثيم العدة التي تعيش وتحلق بيننا من كل جانب، وكذلك بتجاربه علي الخفافيش لكثرة وجودها. والفكرة هذه  تزداد ارجاحا وخاصة من قبل امريكا. 

ولعل هذا التخابط  من التخمينات يلبس حلة سياسية محضة! والمخبر المقصود هنا يوجد في ووهان وهي مدينة كبيرة في بلاد الصين وبها مخبرعلمي عالمي كبير. والذي يمون هذا المخبرالعالمي هو فرنسا، ولكنها تركته بدون متابعة خبراء واشراف علمي وطبي من بلادها   كما هو المفروض، حتي يكون الاشراف الطبي والعلمي من جانبها علي دراية باي تجارب تُجري هناك.

 فتخلي فرنسا عن هذا سببه غير مصرح به بحسب المعلومات المطروحة عن هذا المخبر العالمي مما  اثار الشك. ولذا بقت ووهان هي المصدرالذي انتشر منه الداء علي حسب التداعيات المطروحة في الساحة. وهناك من يقول مؤامرة وابطالها امريكا والصين لحربهما الاقتصادي، والذي بدأته الولايات الامريكية  ضد الصين قبل الجائحة بشهور قليلة، وذلك برفع الرسوم الجمركيه العالية ضد الصين بأكثرمن ضعفين عما كانت عليه لتحد من نشاطها ومركزها الاقتصادي في العالم. 

ولكن الجائحة جعلتهما يتصدران العالم بنسبة عدد الاصابات والاموات، وهذا يجعلك تحك رأسك اوترفع حاجبيك عجبا وليس شكا ! و بهذا تحول الداء الي جائحة سياسية في نظري بل قاتلة ومؤذية انسانيا وعالميا بدون تحيز. و بهذه الموجة السياسية القذرة ازدادات العنصرية في الولايات المتحدة علي ما هي عليه لتوجيهها بالاتهامات علي الصين وحدها، لكونها اول موطن لانتقال الجائحة الي العالم، مع العلم ليس هناك ما يبرهن بالدليل القاطع علي اي من ذلك الي حد الان، فالتسرع بأصبع الاتهام علامة استفهام وشك ترجع الي صاحبها! واخرون اي علماء الجراثيم والامراض المعدية، يرجحونها الي كونها من سلالة الكرونا -2 ( اي  السار والمارس المعديان) لتواجد تشابه ولو قليل جدا في الجينات لكوفيد 19. 

ولكن كل هذا مجرد نظريات تنقصها التطبيقات العلمية الراجحة، والفرد العادي منا واقفا  منزعجا وحائرا بين هذا وذاك و ما العلاج الا من عند الله ! وهكذا تستمر البحوث  كتصارع علمي كبير عالمي باعداد الملايين الان من الخبراء في حقول البحث والتجارب في العالم، واكبر هدف الكثيرون منهم هو لكسب الجوائز المالية او للشهرة واعتقد  اغلبها   كذلك وليس انساني بحث. والا لماذا   توقف الخبراء ولم يستمروا في البحوث والتجارب علي اي فكرة تشابه في الجينات بين الجراثيم الموجودة  كالسار و مارس او غيره من قبل  نزول هذا الكرب الشديد؟! وها هي الانسانية مع كل هذا وذاك في انتظار كشف الغمة بلقاح فعال بيأس وترقب!  

والعجيب في الامر أن من خلال مواجهتنا  الشرسة لهذه الجائحة التي عمت الكون، تري بأن الدول التي اتحدت لكي ترقي معا، كما هو الحال في اتحاد اوروبا، والتي تتباهي باتحادها جازمة بأنه نظام متحد ومتكامل و يرفع من اقتصادها ،ويزيد من التعاون والتعايش السلمي بينهم، وينمي من مستوي سبل الحياة الاخري، نري الوباء له نظرة غير تلك التي يراها الاتحاد عن نفسه! 

 فظهر لنا  بالفعل علي انه مبني بخيوط من العنكبوت، ولوان العنكبوت له بناء جد متقن الخيوط و متماسك  بجمال فن رائع في عقدات خيوطه بنسيج يد فنان، والتي تساعده علي صيد طعامه ليكفي قوته بنفسه و بمهارة! فقمة الاتحاد المتفاخرة هذه تتمسك بمبادئ اسستها، وفيها عواقب مالية لمن يريد التفكك منه وبشروط، و قد  تسمح ولا تسمح كما تشاء بقبول اي عضو في الاتحاد، وتطرد من لا يناسبها فخرا وتكبرا، كما هو الحال مع محاولات تركيا التي رفضت  القمة عضويتها لحسبها انها من الشرق الاوسط ولا تمت لاوروبا، مع ان جزئها الجنوبي الشرقي يقع في اوروبا، مما يجعلنا نرد هذا علي انه مجرد عنصرية وتحيز!  فيا هل تري الاتحاد الافريقي المتأمل في الوحدة الخيالية، لا زال يريد تقليد ذلك الاتحاد المقيد والخاذل. فالموضوع  في هذا معقد من نواحي عدة واهمها ناحية استقلالية وحرية الاوطان في مجري حياتها وخاصة السياسية منها، بل اهمها إدارة مصالح الشعوب، ومد ي جدية الاجتهاد بمعرفة عادات وتقاليد البلدان الافريقية المتشعبة والمتنوعة في اعرافها وعاداتها الاجتماعية و طرق تفكيرها وخاصة لغة الحوار، حتي يرفع ويساعد من سبل التعاون فيما بينهم! فهناك مشاكل ملتوية تحتاج من التمحيص والانتباه   بمقدار جد كبير. وخاصة في توحيد العملة وهذه طامة اراها للاقتصاد خاصة عند نزول قيمتها في السوق العالمي، و بهذا كل من في الاتحاد سيتضررلا محالة. 

وأضف الي ذلك  الدراية في فهم علوم الاقتصاد العملية بينهم، والاجتماع و مرافق الصحة والعلوم الاخري والثقافات وطرق التعامل الانساني و خاصة  في سبل التعاون  بينهم لنجاح الاتحاد.  ولم نري اتحادا من هذا المفهوم منذ  نشأته1963 حيث نجده قد نكس في التسعينات لبضع سنيين، ثم  رجع رسميا الي الحياة كلقب فقط سنة 2002! فهل هو إذن كان مجرد حلما او جاء لأهداف!  فإذا كان الهدف هو تحقيق الحلم الافريقي كحلم افريقيّ بتأكيد حرف (الكاف)  فإذن هو مجرد حلم  يقظة وسيبقي كذلك! فهي  قارة لها مشاكلها السياسية المتشابكة والخاصة في المفاهيم العالية القيمة كالديمقراطية، والشفافية والمعاملات الانسانية، وفي طرق تنفيذ الاجراءات في بلدانها، وأهمها في كيفية أخذ وتنفيذ الاولاويات، لتفادي ارباك حياة الانسان من خلالها وخاصة في حالة الكوارث. 

واني لأراها شبه مستحيلة علي ارجح التفكيروالدليل امام اعيننا الان! ان الاتحاد لا يأتي بالجلوس علي الكراسي او من وراء المكاتب بدون تفعيل الاعمال التي خططت اوموافقة الشعب واستعداده  للتغيير كهذا.   زد علي ذلك الم يري ما جري ويجري لبريطانيا بمحاولاتها المتكررة في سلب نفسها من اتحاد اوروبا، الذي قيدها وقيد عملتها، والوقوف امام ارادتها من التنصل والتخلي عنه بدون خسائر ولكن بلا جدوي لصالحها!   فهي تريد ان تبقي مستقلة في كل شؤونها الحياتية والسياسية وخاصة مع عملتها ايضا،بغض النظرعن العقوبات المالية الهائلة الملقاة عليها. ولكن الجائحة  لها حكم أخر!

فنجد الدول وفي مقدمتها الدول الكبري مثلا   كالصين وامريكا والمانيا وروسيا   وفرنسا والهند بكل ما لديهم من اختلاف في نظامهم السياسي والنظم والقوانين فاولاوياتهم لا شك اذن تختلف باختلاف تقييمهم الانساني لكرامة شعوبهم، وفي كيفية معالجة امورهم عند الطوارئ. هذا الاختلاف قد يلعب دورا انسانيا في مظهره ولكن في طياته يحمل دورا سياسيا كبيرا وخطيرا في تغيير نظرة العالم لهم. فتري الصين مثلا  بالرغم من نظام الحكم السياسي المختلف لديها، تري لها حكمة وادارة وبناء ونظام وقيادة سياسية تلفت النظر فعلا مقارنة بالدول الكبري الاخري وخاصة في المحن والطوارئ الشديدة القسوة تجاه شعبها، و كيفية تفعيل وأخذ القرارات الحاسمة في مواجهة الوباء. مثلا كقفلها لسوق الاسماك في ووهان علي الفور، وإحضار كل الدكاترة من 29 مقاطعة واقليم  فيها للعمل الفوري. وعينت  أشهرالشركات المتخصصة في استعمال التكنولوجيا والتقنيات في علم تسلسل الجينات،علي الرغم ما لديها هي نفسها من التقنيات التكنولوجيه الدقيقة.  

وتراها ايضا في الصبروالتفعيل الجاد مما ابهرت به العالم، وخاصة عندما صنعت مستشفيان مبنيان ومجهزان في المصنع في خلال اقل من اسبوعين لتسد الحاجة الملحة لكثرة عدد زيادة الوفيات عندها بسبب الجائحة. والغرض منهما الا مؤقتا وخاص لمركز مدينة ووهان وبأسرة عددها ألفان وست مائة سرير جاهزا للاستخدام! ولعلنا نقارن بهذا الولايات المتحدة الامريكية المركزة علي صنع الاسلحة واهمالها وتعقيدها لقطاع الصحة او في القطاعات الاخري الانسانية. 

 فنجدها  مثلا متباهية في اقصي رباع المعمورة بانها  تحكم بنظام ديمقراطي قوي ومحكم وعلي اهبة الاستعداد لكل الظروف والطوارئ ولكن الوباء   له قول أخر في هذا! فالحكم الفدرالي برهن لنا مرارا  تقاعصه واهماله عند الكوارث، وتجد ذلك بصورة واضحة الان امام معالجته للجائحة. فالدولة الفدرالية دائما معتمدة علي الولايات التي في اتحادها بأن تكفي باحتياجاتها بنفسها، حيث تدعها تتصرف كثيرا في سياسة الولاية، وقد يكون هذا اداريا لا غبارعليه و إجراء روتيني خاصة في حالة الظروف العادية والمألوفة لإدارة حياة الشعب ومستلزماته يوما بيوم،  ولكن لا ادارة حكيمة بدون متابعة مجريات الامور في البلد ككل، وإدراك  لمدي  قوة   حسن فاعلية العمل في اي ولاية او العكس . 

  فمثلا لكل ولاية ميزانية خاصة بها لتسد بها احتياجاتها، اما عند الطوارئ  سواء  كانت عواصف ثلجية او فيضانات او اعاصيرالتي تدمر البيوت ومن فيها، او  كارثة من ارهاب كبير او وباء  قاتل، فتستند علي الحكومة الفدرالية لسد التقص في اغلب الاوقات.   ولكن فاعلية  العمل بالاسراع  لتغطية الاحتياجات ومساعدة  لكل ولاية   محتاجة ، والتي تتعرض لمأساة طبيعية   نري بانه ضعيف ومقصرومرتبك. فهناك الكثير من الولايات التي تعاني من العجز في الميزانية ، وهذا  العجزلا شك يظهر لك مدي حسن او سؤ ادارة والي مدينته وحاكم الولاية نفسها في استعمال الميزانيه العامة للولاية حتي لا تواجه العجز المفاجأ. اضف الي هذا مدي  درجة قوة علاقة وحسن  سياسة الاتصالات والمتابعة، بين قمة الهرم وما اسفله بمعرفة اي تقاعص اداري لتفادي مشاكل   قد تضر بشعبها في اي ولاية. 

اي قبل الوقوع في مأزق امام العجز في الميزانية عند الطوارئ!  وبهذا تري هناك تفاوت في درجات  الفقر والتشرد والمجاعة  بين ولاية واخري علي حسب عدد سكانها و حسن قوة ادارة من يحكمها . وهذا  لعلي اراه ايضا احدي الجوانب الضعيفة في الحكم الفدرالي في عمومه اداريا، من اعلي السلم من اعضاء المجلس الذي يضم الشيوخ والنواب الي رئيس الدولة   كمسؤولون عن الشعب كله ككتلة شعب واحد وذلك بسبب غياب المتابعة  اللازمة.  

 ولذا اظهرت الجائحة ضعف ملحوظ في الاولاويات وفي الادارة العامة في معالجة الامور المستعجلة عند الدول الكبري، مقارنة بما تسكبه هذه الدول من اموال بالمليارات لمجرد ضمان مركزها كقوة كبري في العالم، بصنع الاسلحة او في اختراع جديد لاسلحة دقيقة في مدي سرعة اندفاعها   للوصول الي هدفها المدمرالقاتل للانسان والقاضي علي حضارته وثقافتة. وبهذا تري مدنها وشعوبها تعيش في الفقروالتشرد والحاجة !  ولذا اذا ما نظرت الي العالم  باسره تجد فيه من الفقر والاهمال الانساني الي ابعد مما تتصور وثرواتهم تصرف بعيدة ما عن شعوبها وبدون موضوعية.  فمن الاحصائيات المطروحة لنا يوجد ما يقارب من ثلاثة الي اربعة  بليون ( وليس مليون)جائعا فقيرا بيننا في عالمنا الارضي . فهناك مثلا في الولايات الامريكية وحدها ما يقارب من 39 مليون نسمة تعيش في الجوع والفقر ولا ضمان صحي يقيهم من الامراض، ولا مسكن صحي انساني يجنبهم من مشاكل البرد القارص او الحر الشديد، اي ما يقارب بسكان كندا او العراق  فتخيل العدد! وهذا ايضا ما تعانية القارة السمراء من مجاعة وفقر، و تري اطفالها يعانون من النمو الصحي الذي سببه سؤ التغذية والفقر، فمعدل الفقر فيها يقارب من % 41 هي لوحدها . فالجائحة برهنت لنا ان هناك سؤ ادارة فادحة وتفارق في اوجه الاهتمامات والاولاويات  تجاه الشعب المسكين في العالم .

فإذا ما التفتنا الي قطاع ومجالات البحوث العلمية المتبعثرة في انحاء العالم  مثلا هي ايضا خيبت امالنا، فاللقاح  المنتظر يحتاج الي  العديد من آلاف التجارب ووقتا كبيرا حتي يكون لقاحا نافعا ولا يضر الانسان. والجرثومة ذات السلاح المبهر في قوتها وسرعتها اصبحت اقوي من اي سلاح نعرفه، وباء محير اقعد دول في كل القارات! فالجرثومة الان بمثابة السلاح النووي العالمي الجديد ولكن من غير سلاح ذري ولا مدرعات ولا تقنيات، بل هي كطاقية الاخفاء لا تري تحث المجهر ولا تشم ولا تعرف. ومن هنا تأتي الاسئلة  المتفائلة جدا ولعلها هي كذلك أسئلة آملة راغبة في اي تتغير انساني تجاه البشر، ولذا قد يراها البعض خيالية، اومستحيلة اوشبه مستحيلة اوغير واقعية عند الاخر، او حتي ان فيها من سذاجة فكرو بسيط  في العشم ,,,اي في تغيير ايجابي لاي شيء كان... وربما لن يتحقق! ولكن لتكن هي كذلك الان حتي تري شعاع مضئ علي يد انسان  شجاع   قوي العزيمة رشيد العقل  ملتزم و يؤمن بالانسانية  لحبه للخير والتعايش السلمي كحل  وهدف...وإن كان عالمه غيرالعالم! فمثلا هل ستجلب هذه الجرثومة من وراء فاجعتها وسلبياتها القاتلة أناس يدركون معني قيمة الحياة بمنطق روح الانسانية والتعاون والتعايش السلمي وليس الظلم والضلال والاستعمار بانواعه المقعدة؟ فهل الجرثومة الذكية هذه تبقي هي دافعهم الملح  للتغيير، وتجعل العالم يعيد حساباته وسياساته التي أضرت بالعالم؟  أي هل الانسان سيعيد تقييم مفاهيمه الخاطئة ويطرد من قواميسه التمييز والتفرقة العنصرية، ويتعايش بحضارة  فكر مع اخيه الانسان بغض النظرعن دينه وجنسه وعرقه ولغته ولونه؟  

 فهل سياسة البلدان ايضا تجاه مرافقها الانسانية  تكون في اولي اهتماماتها  لصالح شعوبها، كمرافق الصحة  مثلا بما فيها من مستشفيات ودكاتره وملائكة الرحمة والمساعدون في حقل التمريض والاسعافات الاولية وغيره ،ويعطي لهم الاحترام والاهتمام اللائق بهم . ليبقي  قطاع الصحة المرفق الرئيسي الاول في كل دولة، وتصرف عليه الاموال اكثرمن تسخيرها في الحروب والاسلحة المدمرة التي لا تجني الا الشر والبغضاء   والعداوة بين الشعوب؟ اي هل سيصبح   قطاع الصحة  كامل متكامل كبير بمستلزماته وتقنياته الألية، والاهم من ذلك جعله ميسر ومجانا  لكل فرد بدون اسثتناء للحفاظ علي  قيمة الانسان و الصحة العامة للشعب في وطنه؟ 

و من هنا  نتطرق الي  مجال الاقتصاد الذي هو مصدر فشل وشقاء الامم، ولعبة  البلدان الكبري الشرسة للتنافس الغير شريف فيما بينهم علي حساب الشعوب المهضوم حقوقها.  فهل يتحول من اتجاهات الاستحواذ العالمي المسيرعند بعض الدول الي تبادل وتعاون وتفاهم، ومن ثم  يختفي الاستغلال، ليتعدل بذلك ميزان القوة ومعه الرسومات الجمركية المقيدة كحجرة عقبة، والتي مقصدها هوالا يكون هناك اكتفاء ذاتي عند الدول النامية خاصة او من ينافسها في قوتها؟   وايضا يا هل تري يتغير العالم ولو ببطئ من التمركز في الحكم والانتهازية والشجع  والعنصرية والانحيازية وإذلال الشعوب الي مفهوم احترام  ثقافة الشعوب من اجل الانفتاح والتعاون والبناء؟  فهل مثلا مفهوم الايدي العاملة الذين يبنون المدن وينهضون بالزراعة  والفلاحة   لتوفير الغذاء العالمي، والذين يعملون في المصانع لتحسين وتسهيل سبل الحياة  لنا سيكون لهم نصيب من القيم الانسانية  كالاحترام والاهتمام  والاكرام والتشجيع ؟ اي هل نري تغيير في مناهظة الشعب في كل مجال ومراكز الحياة الانسانية بتخصصاتها ايضا، كالاهتمام بالشباب والمتفوقون،  لنشرالعلوم والرقي بالعلم وايجاد الادوية واللقاحات للامراض الخبيثة المستعصية بتشجيع وتموين  مستمر للبحوث والتجارب؟

اليس الشعب هو من يديرهذه الدول بمصانعها ومراكزها وتجارتها وتقنياتها ومستشفياتها وبرها وبحرها وسمائها ومن غيرهم تنشل الحياة! اليس العامل فيهم هو بمثابة الجندي المجهول؟ و بذكر المجهول فلا يمكن ان نغض النظر هنا عن كارثة وغياب الانسانية في معاملة الاطفال الذين تركوا للمستغلين الاشرار من التجار. وذلك بأستغلال جهودهم وعرقهم في المصانع والمزارع والفلاحة في اماكن عدة من المعمورة، وهم  ما دون سن الرشد والعالم مغمض الاعين عن ذلك الظلم!   فالاطفال استعملوا كآلة بدون توقف في اعمال مجهدة وشاقة لاجسامهم الصغيرة وبدون رحمة وشفقة، وباجور بخيسة قليلة والتي لا تتساوي مع الاعمال الشاقة التي يساقون اليها، بدون مراعاة لصحتهم وحرمانهم حتي من عيش حياة  طفولتهم. 

فلما تُركوا الاطفال يعملون في معامل غير صحية، وكأداة  لارباحهم بدون انسانية ولا ساعات راحة كافية، اي بدون حقوق   قانونية كعمال إذن؟! فمتي يدركون بان الشعوب هي الدول وهم الآلة التي تحرك النمو فعلا وتحرك عجلة الحياة، فهم  صانعوا الاقتصاد في اساسه، وها هي الجائحة قد برهنت ذلك لحكام الشعوب بدون اعطاء محاضرة في ادراج احدي الجامعات او في مجلس محاورة   كلام  او نقاش!  فهل يا تري بمجرد ان تنتهي الجائحة من الوجود ولو لحين، ترجع الامور كما كانت عليه من عنصرية وظلم وفساد وابتزاز لجهود الاطفال والشعوب؟ أي هل يا تري دورالراعي لرعيته يتغيرمن مفهومه القديم، كدور الحاكم والسيد الذي يأمر ويقرر، ويضع شعبه في مواقف تضر به و ببلاده في حروب خاسرة وقرارات بعيدة عن مصلحه افراد الشعب، اي منفردا برأيه مستغلا مركزه؟  اي هل سيتغير دوره إذن الي مفهوم الخادم المسؤول عن رعيته ويبقي كبقية الايدي العاملة في قطاع العمل، ومفهوم التأمر والتآمر يتبدل الي مفهوم المحاسبة والمسائلة و الشفافية والتقدير. اي تقدر خدمته بكمية الانتاج والنمو والاصلاح  في البلاد كنتيجة نهائية لعمل لصالح بلاده.  مثله كمثل العامل في محل عمله، و يُعامل ويُقيم   بنفس مسطرة التقييم؟ لأن عندما يكون العامل مهما  محترما في محيط عمله و يكافأ براتب كريم، اويملك بعض او اكثر من الاسهم كميثاق في كسب العمل، سيحفزه  ذلك ليجد ويكدح، وبهذا يكثرالانتاج وتختفي الاتكالية، ويكثرالانضباط الذاتي. وينتهي بذلك التكاسل عن العمل ويحترم الوقت، وتتواري العادات السيئة في العمل من غياب   متكرر واستغلال ورشاوي وسرقة. أي الربح والخسارة تكون شاملة، بدلا من الريس الذي يستعمل ثروات الشعب ويصرفها علي ادوات لعبه السياسية الخطيرة الفاشلة بدون محاسبة، والتي تدمر اقتصاد بلاده، او يستهلكها في حروب  ضالة ضد مصلحة الشعب والوطن  اوفي اسلحة مدمرة.

فإذن هل المفاهيم القديمة البالية حان وقت تغييرها الي ما يفيد الانسان كإنسان بانسانيته وكرامته  وعزته اينما كان. فهل مثلا طبقة الاغنياء وفحش الغني سيتواري وينقرض و بذلك تتوسع وتتسهل طرق   فرص العمل والكسب لتنمو الشعوب ؟ وهل االفقر بالتالي يتقلص و ينتهي، اويزدادوا الاغنياء غني والفقراء فقرا، ومن ثم حياة الفقراء تتستمر كما هي عليه في عيش غير انساني وغير صحي، كما هو الحال في الكثيرمن المدن في كل القرات بالبلايين يعيشون تحت خط الفقر... ولربما لا خط لهم؟ وهل   ستتلاشي البطالة ولايبقي لها وجود في قاموس اللغات  وتتوفر سبل الرزق الطيب؟ فيا تري هل هذه الجائحة ستغيرمن منطق القوة والتسيطر الي منطق التعايش السلمي لترقي الشعوب ويرقي بها العالم … 

وهنا اقول بأن في هذا التأمل شيء من السذاجة والعشم ؟ اي اني  لأري بأن الكل " سيغني علي ليلاه كما كانوا " وكأن شيئا لم يكن، او كأن لم يمت الملايين كما حدث مع الاوبيئة الخطيرة السابقة!  ولكن كم جرس من الطبيعة سيلقي اذانا إنسانية وصاغية ،و كم من تعقل القلوب ستدرك بأن التغيير لابد منه ؟!  فيا هل تري وجود هذا الوباء ما هو الا امتحان لمعرفة قيمة وكرامة البشر في كل العالم وتدفعه بالتالي للتعايش السلمي كحل؟ آلا اني اراه  الوقت الحاسم لتغييرالكثير من المفاهيم الخاطئة  واولها تقييم الشعوب بالنسبة لمن يفرض  قوانينه عليهم والتي افسد بها قوانين الكون؟ فمثلا هل يتغير الجوع   في البلدان الي  اكتفاء ذاتي، وهل الشر في العالم سيواجه  عدالة الجزاء والردع و التساوي في القصاص بين الدول   الطامعة الظالمة والمعتدية والمستغلة؟ 

وايضا هل مفهوم  الحقوق والواجبات  التي فرضت علي الشعوب  تتعدل معناها بدلا من  قوانين جوفاء مقعدة لاي نجاح وتقدم، و التي فاقدة  لروح العزم والبناء، والنمو والنضج القومي والانساني والعلمي عند الشعوب، بحيت انها بقت  تُأمر ثم تُنفذ ولا تفكر؟! فالدول  كما نراها كلها تدور حول نفسها ولكن بأمر وحكم وتفكيرمن يجلس علي كرسي السلطنة اي "العرش البالي"، و نري الشعوب بهذا  تدورمعه في دائرة ضبابية في اقل تقدير، وهي مسيرة وغيرمخيرة بل ايضا غير مغيرة! فهل عشمنا اذن في تغيير اي شيء سلبي اي كان نوعه هو شيء من غرائب   الساعة!  فإن لم تغيرالانسان حتي جرثومة كهذه التي لا تعرف العنصرية و لم تميز بين كهل  و شاب و طفل ، ولا بين مركزه وشأنه ا وفي اي قارة يعيش، او من اي دين هو وفكر... الكل تساوو في نظرها!  وباء حل علي العالم  بنفتة لا تُري وبها أماتت اخيه الانسان في كل جهة من الارض بذكائها الخارق …لعلها جرثومة جأت تحمل برسالة هامة للعالم كله فمن يفهم مضمونها يا تري..او ما يغرنك يا إنسان؟!

الآراء المنشورة ملزمة للكاتب و لا تعبر عن سياسة البوابة