المجتمعون في برلين تمسكوا وبقوة باتفاق الصخيرات رغم انهم يعترفون بأنه لم يتم تطبيق غالبية بنوده خاصة المتعلقة بتفكيك الميلشيات وإيجاد حل لمنتسبيها,لكنهم تغاضوا عن ممارسات الرئاسي وحكومته في اهدار المال العام, تفرد رئيس المجلس الرئاسي باتخاذ قرارات دون الرجوع الى بقية الأعضاء الامر الذي يعد مخالفة للنصوص المتعلقة بعمل المجلس الرئاسي وكان الاجدر بالبعثة الاممية اتخاذ موقف صارم عقب انسحاب اربع من اعضائه وذلك بإعادة تشكيله,الامر الذي ساهم في تغول رئيس المجلس وأصبح يمتلك السلطات الثلاث (تشريعية وتنفيذية ورقابية) يصدر ما يشاء من قرارات لم تكن في صالح الشعب,ووصل به الاستخفاف الى ابرام اتفاقيتان مصيريتان طويلتا الاجل مع تركيا يترتب عنهما التزامات للدولة الليبية احدثتا ردود سلبية بالساحة الداخلية واعتبر ارتماء في احضان تركيا الاستعمارية,اما دول الجوار فاعتبرته تدخلا سافرا بشؤونها الداخلية.

عديد القرارات صدرت مؤخرا عن مجلس النواب الليبي,ومنها تنصله من اتفاقية الصخيرات (اقرها بشروط) بحجة عدم الاخذ بشروطه من قبل المجتمع الدولي,وعدم تضمينها بالإعلان الدستوري وعدم نيل الحكومة الثقة من البرلمان مرتين متتاليتين,كما ان البرلمان اتهم كل من رئيس المجلس الرئاسي ومحافظ البنك المركزي بالخيانة العظمى,بشان جلب مرتزقة لمقاتلة الجيش الوطني وتبذير المال العام وأحالتهما الى النائب العام.

لقد شارك البرلمان بحوارات الصخيرات بأربعة اعضاء احدهم (النائب الاول لرئيس البرلمان) تم شراء ذمته حيث وقع على الاتفاق دون الرجوع الى مجلس النواب,وكافاه المجلس الرئاسي بان كلفه العمل بإحدى السفارات,اما الاعضاء  الثلاثة الاخرون فقد تم تغييبهم وللأسف كانوا بالمشهد مجرد ديكور. 

نعتقد جازمين وبعد مرور عقد من الزمن على التدخل الدولي الاجرامي بحق الشعب الليبي,ان الامم المتحدة تراهن على عامل الوقت لإعطاء جرعة انعاش لمجلس الوصاية ,فهي لم تفعل شيئا حيال التدخل التركي السافر في الشأن الليبي وإدخال السلاح والمرتزقة لمساعدة حكومة الاخوان في طرابلس,فاخترعت 3 محاور لحل الازمة (اقتصادي,سياسي,عسكري)

بخصوص المحور السياسي لحل الازمة الليبية فإن الامم المتحدة طلبت من البرلمان ومجلس الدولة ترشيح 13 عضوا عن كل منهما وتقوم المنظمة الاممية باختيار 14 عضوا من المجتمع المدني لإحداث نوع من التوازن على غرار حل الازمة السورية.للاجتماع في جنيف خلال الشهر الحالي (فبراير) لتشكيل مجلس رئاسي وحكومة موحدة.

يتبادر الى ذهن المواطن الذي لم يعد قادرا على الايفاء بحاجياته بسبب غلاء الاسعار سؤال:هل يقبل البرلمان التفاوض مع مجلس الدولة(جميع اعضائه من الاخوان),المنبثق عن الصخيرات (التي سحب اعترافه بها! ) والذي سعى طيلة الفترة الماضية الى ان يأخذ دور مجلس النواب كجسم تشريعي بدلا عن دوره كاستشاري للمجلس الرئاسي ليس إلا؟.وهل يقبل البرلمان بان تذهب تضحيات منتسبي المؤسسة العسكرية والقوى المساندة هباء منثورا,وان تتحول الانتصارات العسكرية الى انكسارات تكون لها عواقب وخيمة على مستقبل البلد ووحدته الترابية؟.

 اما الشأن العسكري فان حوار ما يعرف بـ(5+5) في جنيف لم يسفر عن شيء ايجابي,وهناك رغبة عن استئناف المحادثات لاحقا.والهدنة اخترقت اكثر من مرة من جانب مجلس الوصاية, وقد تنفس الصعداء بالمساعدات التركية المتمثلة في الاسلحة الثقيلة وآلاف المرتزقة السوريين, حيث كان قاب قوسين او ادنى من السقوط المدوي. 

مما لاشك فيه ان مهمة البرلمان صعبة ولكنها ليست مستحيلة,انها معركة مصير,المحور السياسي يقع على نواب الأمة وشرفائها,نتمنى ان تتم دراسة الامور بكل عناية وروية, واختيار اناس اكفاء يجيدون لغة التحاور وعلى معرفة تامة بدهاليز السياسة,لم يعد مسموحا بعد اليوم التهاون في التعامل مع الطرف الاخر,الذي جلب المرتزقة باعتراف رئيس المجلس الرئاسي, بأنه على استعداد لفعل اي شيء والتعاون مع اي كان لصد المعتدين عن العاصمة,وفي الحقيقة فان معركة طرابلس يعتبرها اخوان ليبيا ومن ورائهم التنظيم العالمي للإخوان المسلمين معركة وجود,سقوطهم في ليبيا ستكون له عواقب وخيمة على دول الجوار.

الآراء المنشورة ملزمة للكاتب و لا تعبر عن سياسة البوابة