لا أعتبر نفسي مثقفا ان كنت أتبع القطيع نحو الهلاك و المذبحة أمامي المثقفون هم من خانو شعوبهم ، كلمة حق قالها رجل سياسي مفكر ، عبد الحميد مهري يوما ما و ان كنت من جيل أبنائه أو أحفاده و لكنني أستلهم من نظرته العديد من القيم ، شأنه شأن العديد من الرجال حين ما كانت العقول المنيرة بالعلم تنضح سياسة و ثقافة و علما.

الكثير من أشباه المثقفين و السياسيين اليوم ، و في زمن الحراك وجدوا أنفسهم منظرين أمام شعب تائه نسبيا ، غير واع كلية بالمخرجات التي ستؤول اليها الجزائر في حال بقاء النزاع الفارغ من أي تقدم واضح في حراك الجزائريين ، والأمر في هذا أيضا أن هؤلاء المنظرين واقعون في متاهات فكرية و حضارية و سياسية أمليت عليهم بسبب تبعيتهم المالية لأجنحة متناحرة في ما بينها لتفرض نفسها بنفس القيم والأساليب البالية

هل هو زمن الرداءة ؟ ان لم يكن العلم و التخصص حاضرا و النتائج و الارادة موجودة لا خير في قوم يقولون ما لا يفعلون.

لهذا ان الجزائر اليوم تحتاج من كل شبابها المثقف و الواع حقيقة بكل الحدود و التضاريس السياسية و الاقتصادية أن يخرج و يؤطر التجمعات و المجموعات و القنوات و حتى الحراك ، ليصحح المفاهميم للغافلين قبل أن يسقطوا في شراك المتنمرين المختفين تحت عباءة الديمقراطية و الاسلامية ، هاتان العباءتان أصبحتا اليوم شفافتين لا تستران كل من يلبسهما و فاضحة لعيوبه و متجلية للعيان . 


إن العمل من أجل بناء وطن ليس صراخا في شوارع ، و لا تنكيلا بالصور ، و لا تخوينا للناس و انما هو اصلاح الفرد لنفسه ومن هنا يكون التغيير ، بما أن تعريف الفرد في علم الاجتماع  أنه ابن بيئته فهو كذلك في التغيير بطريقة عكسية ، فان أصلح كل واحد منا نفسه صلحت الأسرة و الحي و الولاية و البلد ، أما و نحن في زمن كثرت فيه الخصومات و التعدي و النفاق و كل أنواع الشرور فلا خير فينا و لا ننتظر التغيير و لن تتغير حكامنا و لا بلداننا ولا اقتصاداتنا و لن نكون يوما ما مثل أوروبا في جمالها مثلما يحلم شبابنا اليوم و لا في عدلها . 


لأن العدالة تبدأ منا كأفراد في المجتمع ، وهذا البناء قل ما نجده في الطبقة المثقفة التي كان من المفروض عليها ، أن تعمل لبناء أسس اجتماعية و ثقافية ، و ترسم منظومة اجتماعية متطورة فكريا لتنتقل العدوى الى مجالات أخرى.


اذن ، ان كنا نبحث التغيير و بناء بلداننا و جعلها أفضل يجب اليوم على كل واحد منا ،أن يتوقف و يستمع للآخر و يفهمه جيدا ، لأننا جميعا نريد أن نصل الى نفس الهدف ، الا أن اختلاف زوايا نظرنا جعلتنا نتناحر بسبب أننا لم نعلم أننا في نفس الطريق ، و الأمر أن البعض منا اختار طريقا آخر و يريد الوصول معنا الى نفس الهدف و هو أمر ستحيل .


لهذا كان لزاما على كل مثقف و انسان واع أن يبذل جهدا و لو بسيطا لينير من حوله ، لأن السفينة إن خرقت سنغرق جميعا.


الآراء المنشورة ملزمة للكاتب و لا تعبر عن سياسة البوابة