موضوعي هو بدايات تنفيذ مخطط ضرب الإسلام بالإسلام لصالح الرأسمالية وضرب السنوسية ودورها الديني في مقتل بضرب آخر أبطالها السيد المجاهد أحمد الشريف وصولا إلى المملكة الليبية المتحدة وعلاقتها بجماعة ( الإخوان المسلمين) ودور الإخوان في ليبيا .. 

لقد كان القائد التركي مصطفى كمال اتاتورك الذي أتى من تركيا وقتها ملتحقا بالقائد العثماني أنور باشا في ليبيا ضد إيطاليا وبقي في درنه أبرز القادة الذين تحالفوا مع السنوسية كوحدة اسلامية واتفقوا مع موقف السيد أحمد الشريف مبدئيا والذي موقفه كان واضحا فقد رفض أن يتحالف مع أي جهة غير مسلمة ، فهو كان يريد المواجهة منذ البداية واضحة وبلا مواربة بين المسلمين والصليبيين كما كان يرى ، وهذا ما كان أتاتورك يرفضه لأن أتاتورك يريد توجيه دفة الصراع ضد إيطاليا لصالح الانجليز متجها لتفكيك الدولة العثمانية ، وكان السيد أحمد الشريف السنوسي في فترة من فترات إمارته للحركة السنوسية والمجاهدين الليبيين قاد حروبا ضد الانجليز متحالفا مع العثمانيين وكان استنجد بمصطفى كمال اتاتورك عام 1917 لكنه تفاجأ بأن مصطفى كمال كان يعمل لصالح الإنجليز وأنه علماني فتحالف اتاتورك الذي كان يعمل على تفكيك الدولة العثمانية كدولة اسلامية كما أسلفت لتوجهه العلماني كعميل مع الانجليز واليهود فوقف ضد السيد أحمد الشريف الذي هزمه الانجليز ، ليتنازل المجاهد أحمد الشريف لابن عمه محمد إدريس السنوسي عن القيادة عام 1922 ، فقد كان الملك ادريس السنوسي هاجر من ليبيا إلى مصر عام 1922أي في نفس العام الذي هزم فيه السيد احمد الشريف والعام نفسه الذي تم  فيه  إلغاء الحماية البريطانية على مصر والاعتراف باستقلالها ومن هنا بدأت العلاقات السنوسية الانجليزية لتنتقل علاقة السنوسية من علاقة موقف ديني موحد مع العثمانيين قاده المجاهد أحمد الشريف إلى موقف ملكي سنوسي سياسي عسكري رأسمالي علماني توظفه بريطانيا لصالحها مع محمد ادريس السنوسي كانت بدايته من خلال ربط الأمير ادريس بالقبائل الليبية في المهجر المعادية للعثمانيين  وربطها بما تبقى من حركة الجهاد ضد إيطاليا وصولا لتنصيبه ملكا واعلان استقلال ليبيا دولة علمانية ، والجدير بالذكر أن العلاقة التي كانت تربط السنوسية بالعثمانيين هي الصوفية التي تعتبر أساسا من أسس الرابط الديني بين السنوسية والعثمانيين والتي كان يعمل ضدها مصطفى كمال أتاتورك وقد ضعفت فترة الحكم الملكي في ليبيا ، فقد كانت في الدولة العثمانية تركيا الحالية قد ظهرت العديد من التنظيمات والحركات التي في أساسها صوفية ترفض التمدد العلماني الذي يتبناه أتاتورك القائد الذي نشأ في مدينة ( سالونيك ) مقر يهود تركيا وهذا ما جعل اليهود يقفون خلفه ويدعمونه حتى فكك الدولة العثمانية من الداخل ومكنهم من السيطرة على فلسطين التي اعترف بها عام 1949 وكانت تركيا أول الدول الإسلامية اعترافا بما سمي اسرائيل بعد عام من ادعاء تأسيسها .

لذلك كان أتاتورك يحارب كافة التيارات الدينية العثمانية وعلى رأسها الصوفية التي منها الجماعة النورسية تأسست عام 1896م على يد سعيد النورسي الذي تم أسره من قبل الروس في الحرب العالمية الأولى وتمكن من الهرب عام 1919 م وهي الجماعة التي وضعت أساس التيارات الإسلامية الحديثة في تركيا وهي أقرب للصوفية والنقشبندية منها التي تمتد جذورها بقوة في جمهورية مصر العربية حتى يومنا هذا ، وهنا يكمن الخطر التاريخي لجماعة الإخوان المسلمين على الإسلام حتى يومنا هذا ، فقد عملت المخابرات الإنجليزية على قطع الطريق أمام أي تيار يمكن أن يسلك مسلكا اسلاميا لدعم الدين الإسلامي بالشكل الذي جاء به الإسلام ألا وهو المودة والرحمة والتسامح فقد وظف الانجليز الجانب الديني لصالحهم من صلب الصوفية بظهور حسن البنا من (مدرسة دار العلوم) التي يرجع تاريخ إنشائها إلى عام 1872 والتي تطورت إلى أن أصبحت إحدى المدارس العالية ، وهي التي تخرج منها  (حسن البنا) و (السيد قطب) عام 1927وأسس بعد عام من تخرجه أي عام 1928 جماعة (الإخوان المسلمين) وقد كان له موقفه المحدد من تأسيس الجماعة ألا وهو إقامة الخلافة الإسلامية وضرورة عودتها إلى تركيا مرة أخرى باستخدام القتل والاغتيالات سبيلا وما نعايشه من جماعات ارهابية من داعش وغيرها كانت هذه أسسه الارهابية باسم الدين لتعزيز القيم العلمانية بشكل غير مباشر لضرب الإسلام كردة فعل  ، فقد تم تأسيس الجماعة بعد عام من تأسيس مؤتمر أقيم في القاهرة تم فيه إنشاء (جمعية الشبان المسلمين ) وفي حقيقة الأمر أن كل هذه الجمعيات والجماعات تهدف لإظهار القوى الإسلامية للقضاء عليها علمانيا بشكل مدروس ومتقن كما أسلفت.

ولتأكيدي للعلاقة بين أتاتورك في النهج العلماني الحديث وبين نهج المملكة الليبية كان علي البحث فوجدت أن السيد أحمد الشريف قد هاجر إلى تركيا عام 1923، وقد تزامنت هجرة الملك ادريس السنوسي إلى مصر مع هزيمة السيد أحمد الشريف ومع بروز مصطفى كمال أتاتورك كحليف تركي للإنجليز وتأسيس حسن البنا بعد اربع سنوات لجماعة الإخوان وهذا المشهد تتبلور فيه بشكل واضح وتتجانس التكتيكات الإنجلييماسونية على رقعة الشطرنج في المنطقة بضرب الإسلام بالإسلام في سياسات مستمرة حتى يومنا هذا وتنساق خلفها الأمة بغباء ، حيث كان مصطفى كمال أتاتورك أهم حلفاء الإنجليز وكذلك يماثله الملك ادريس السنوسي الذي قام ببناء ليبيا بناء علمانيا تماما كالذي أقامه أتاتورك في تركيا بدراية أو بدون دراية المصاب واحد ، فانتشار الخمارات والمراقص والملاهي والزنا وإعطاء التراخيص لصناعة الخمور وبيعها كان من أول ما صدر من تشريعات ذاك الوقت في ليبيا.

ولازال التلاعب بالعقل المسلم مستمرا .. فقد جعلت الماسونية العالمية بين العلمانية والإسلام شعرة تحافظ عليها للقضاء على ما تبقى من عقيدة للمسلمين بدينهم وفق سياسات مدروسة توظف لها كل ما تصل إليه من تطور وتقدم ، لهذا وحفاظا على هذه الشعرة استطاع حسن البنا التقرب من عدد كبير من السنوسيين ممن تمت تسميتهم (أخوان السنوسية) وهم من احتفظوا بتمسكهم بالجانب الديني للحركة السنوسية وبنوا أساسا لهذه العلاقة فيما بعد مع تركيا الحديثة التي أقام حسن البنا أساس حركته على عودة الدولة الإسلامية وتكون مقرها ، وهذا يغري الأتراك حتى يومنا هذا ممن ينساقون خلف هذا الحلم و يوظفون ماسونيا لصالح الرأسمالية العالمية التي يقودها أردوغان للدخول في الاتحاد الأوروبي بالتضحية بكل شيء يخص المسلمين لصالح الصهاينة مقابل المال.

 لقد تمكن البنا من نشر أفكاره في تركيا بترتيب لقاء بين أحد الاشخاص الأتراك الذين اعتنقوا الأفكار الإخوانية وبينه أثناء رحلة للحج عام 1946م ، مطالبًا العرب والمسلمين بجهد في إحياء العربية بتركيا وعمل تنظيما في تركيا لجماعة الإخوان المسلمين في نفس الفترة تقريبا التي كشفت علاقة الإخوان بالسنوسية فقد وجدت إنها تجلت واضحة نهاية أربعينيات القرن المنصرم فقد لجأ إلى ليبيا شخصان اتهما باغتيال محمود فهمي النقراشي وزير داخلية مصر آنذاك عام 1948 وكان محمد ادريس السنوسي أميرا لبرقة وبضغط من أخوان السنوسية ممن تعاطفوا مع القاتلين قام الملك إدريس بحمايتهما ورفض تسليمهما لمصر التي كانت تحارب الإخوان تلك الفترة مما تسبب في توتر العلاقات إلى درجة إغلاق الحدود بين ليبيا ومصر ، غير أن العلاقة بين الملك ادريس والإخوان بعد ذلك توترت بمقتل إبراهيم الشلحي المقرب من الملك فقد تم اتهام قاتله الشريف محي الدين السنوسي بأنه على علاقة بجماعة الإخوان فتم حظر الجماعة .

 ومما تجدر الإشارة إليه من معلومات أن الشلحي التحق بالملك ادريس السنوسي في جمهورية مصر العربية عن طريق يعقوب منشه الذي صار فيما بعد طبيبا للملك وهو من أصحاب الديانة اليهودية وعائلته تشرف تاريخيا على أكبر معبد موجود حاليا لليهود في مصر باسمهم (منشه) وابنه شاؤول منشه لازال موجود في الاعلام الصهيوني ، وبعد مقتل الشلحي تم حظر جماعة الإخوان كما أسلفت حتى قامت ثورة الفاتح 1969 وحلت جماعة الإخوان نفسها مرغمة واندمجوا في النظام فمنهم من شارك في الوزارات التي أنشئت عام 1973 في ليبيا لكنهم ظلوا على تواصل بشكل سري في الداخل والخارج حتى تم كشفهم عام 1998 وتم اعتقال أكثر من 152 عنصرا منهم وفي 16 فبراير من 2002 أصدرت محكمة الشعب التي حكمها بالإعدام على المراقب العام للإخوان المسلمين في ليبيا عبد القادر عز الدين ونائب المراقب سالم أبو حنك وحُكم على ثلاثة وسبعين متهما آخرين بالسجن المؤبد . 

لكن الجماعة شيئا فشيء وجدت نفسها في خطر في نفس الوقت الذي وجدت فيه أن لها خلايا في معظم أجهزة النظام ومؤسساته حيوية ويمكن توظيفها  فعملت على توظيف ذلك مع المخابرات العالمية لتتم عملية نقل قوتها القتالية بالداخل متحالفة مع الإنجليز والأمريكان وقطر وفرنسا وتركيا التي كان يتزعمها حزب العدالة والتنمية الذي يعد الامتداد الفكري لجماعة الإخوان المسلمين حاليا في ليبيا ويتبنى الحزب رأسمالية السوق ويسعى بقوة لانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي ، وقد تم تشكيل الحزب من قبل النواب المنشقين عن حزب الفضيلة الإسلامي الذي كان يرأسه نجم الدين أربكان بعد تفكيكه من الداخل لصالح العلمانية الرأسمالية ، فهؤلاء عملوا سرا مقابل اعتراف ليبيا بدولة الصهاينة على اختراق النظام من خلال عملية المراجعة التي تم خداع النظام بها عن طريق الجماعة الاسلامية المقاتلة ، فقد وظفوا ما قاموا به لسنوات من عمليات ارهابية لخلق الاحتقان داخل النظام طريق القاعدة فتم اغتيال ضباط ورجال أمن بدعم مخابرات عالمية انجليزية وغيرها مما اضطر النظام إلى سجن معظم المشبوهين في سجن بوسليم وبعد محاولة عدد من السجناء الفرار في التسعينات تم قتل العديد منهم في مواجهة مسلحة داخل السجن ، وظفت المعارضة والجماعات الإخوانية التابعة لها القضية عالميا سنين حتى انجر الشارع الليبي خلفهم خصوصا بعد أن تمكن الإخوان عن طريق فلسطيني من حقن أطفال بمرض الإيدز داخل مستشفى الأطفال ببنغازي ليزداد الاحتقان ضد النظام الذي تم تمكنهم من اختراقه منذ عام 73 حيث عملوا بشكل منظم خبيث على تدمير البنية التحتية للنظام الاشتراكي لسنوات متتالية فالنظام قام على أساس اشتراكي فالدولة تتبنى الاشتراكية في المصانع والشركات التي سيطروا عليها ودمروها تباعا منها شركة الجبل الأخضر للأثاث والأسواق وغيرهما ومصانع كالتن وغيره وتعطيل العمل داخل المستشفيات وقاموا بتهجير العقول ودعمها خارج ليبيا مع المخابرات العالمية والاستلاء على العمل المصرفي في الداخل فهم على سنوات كانوا يزرعون عملاءهم لدراسة الاقتصاد والمحاسبة في الجامعات الليبية ليتم زرعهم تباعا في النظام العام للأمانات والوزارات والمصارف فيما بعد 2011 وهم من يفتعلون الأزمات المالية اليوم  ويتحكمون في إدارتها بكل يسر لصالح فك الأزمة المالية العالمية الخانقة لدول الماسونية العالمية الرأسمالية.

 وبالعودة إلى السنوسية فقد أعادوا ربط العلاقة بين الدولة العلمانية التركية عن طريق حزب العدالة والتنمية الذي يقوده أردوغان وبين أتباع السنوسية من خلال ما سمي بالربيع العربي في ليبيا ، فالسنوسية قد لا يعلمون أن أردوغان زار ما يسمى إسرائيل فى العام 2005، ووقف على قبر هرتزل الذي وضع برتوكولات بني صهيون والذي مارس ضغوطا على السلطان عبد الحميد ليعلن حق اليهود في فلسطين لكن السلطان عبد الحميد رفض فتم زرع مصطفى كمال اتاتورك للقيام بذلك بتفكيك الدولة العثمانية ، وكأن أردوغان في زيارته لقبر هرتزل يعتذر على عدم قبول السلطان العثمانى عبدالحميد لمنح اليهود فلسطين ويؤكد بذلك أنه يتضامن مع مسيرة هرتزل لقيام دولة اسرائيل الكبرى من خلال تمكين الماسونية من النظام الرأسمالي العالمي الذي تبناه النظام الملكي السابق في ليبيا والذي يتبناه أيضا الإخوان اليوم وقد تم التحالف بينهما معا علانية لخدمة هذا المشروع الرأسمالي ليتم توظيف الرأسمالية باسم الدين بثوبها العلماني كالذي نشاهده للمسلسلات التركية المدبلجة لتصلي المرأة بالرجال مثلا.. وتستمر حماس في ضرب المناطق المحتلة استنزافا لقدرات الشعب الفلسطيني دون أدني مستوى من تحقيق أي انتصار في وقت للأسف تجد الجيوش العربية فيه نفسها تقاتل أبناء شعبها ممن غرر بهم باسم الإسلام وهؤلاء لا يعلمون أنهم وقود حرب تفتك بالإسلام ضربا للإسلام بالإسلام لصالح العلمانية والرأسمالية العالمية في خطط ماسونية شيطانية ..

قبل الختام لم يتم ذكر المجاهد احمد الشريف في بيان ثورة الفاتح من عام 1969 إلا انتصارا للسنوسية الحقيقية التي استكملت ليبيا مشروعها الديني عن طريق جمعية الدعوة الاسلامية وما صلاة الشهيد معمر القذافي في تشاد والنيجر ومالي إلا رسالة للماسونية العالمية التي انحرفت بمسار العروبة الديني كأصحاب رسالة تجاه تحويلهم إلى عصابات متناحرة فيما بينها اليوم كأصحاب رأس مال ماسونية عالمية أتمنى أن يكون الله عزوجل وفقني لفك طلاسم بعض خطوطها.

الاراء المنشورة ملزمة للكاتب و لا تعبر عن سياسة البوابة