لعل ما يصادف الدول النامية من عقبات تقف في طريق استقلالها و نموها هو هيمنة الدولار على مقدرات الشعوب النامية التي ترزح اليوم تحت وطأة الفقر و عدم الكفاية الاقتصادية لشعوبها .. تلك الورقة الخضراء لم تعد تجدى نفعا لشعوب العالم الثالث خاصة بعد انهيار ( بريتون وودز) و تحول الدولار الى ورقة عائمة في الأسواق العالمية لم يعد يحمل امتيازه القديم بل حمل التضخم للدول خاصة المصدرة للمادة الأولية مثل النفط في ليبيا وفى الدول الأخرى التي تعتمد على مصدر واحد .. 

اليوم العملة الأمريكية تعانى بسبب العجز المستمر في قيمة الدولار بعد انهيار ميزان المدفوعات في أمريكا وبعد شعور حكام أمريكا بأن حرية التجارة العالمية أمر مقوض للاقتصاد الأمريكي .. قادت برفع الرسم الجمركي في وجه السلع الواردة بضرب سوق التجارة العالمية و حاصرت اوربا و الصين خاصة .. أمريكا يعانى حسابها الجارى بألاف المليارات فهى اليوم تحت وطأة العجز المالى .. كل ذلك سوف يدفع التضخم في الداخل و في الخارج الى ارقام فلكية اليوم سعر برميل النفط هو 400 دولار و ليس 66 دولار للبرميل لقد انخفض الحساب الجاري لدول النفط الى اكثر من 6 اضعاف نتيجة ماأصاب الدولار الأمريكي من تضخم يرتفع يوما بعد يوم  .. أن المعضلة التي تواجه الدول النفطية هي عدم قدرتها الى تحويل المادة الأولية الى سلع تحد لها سوقا بعيد عن تصديره كمادة أولية لقد تحدثت الى وزير النفط الليبي السابق و عاصة السيد / الشكماك حول إمكانية تصنيع مادة النفط محليا حتى و لو جزئيا فبرميل النفط بسعره الجاري يولد من مشتقاته اكثر من 400 دولار للبرميل صناعيا .. 

نحن اليوم جزءا من الدول النامية التي تعانى حصارات خانقة و الصورة القريبة ( ايران ) .. الذى يزخف شعبها نحو الحاجة من جراء الحصارالأمريكى ..لم يكن تحرير التجارة مقوض للدول النامية بل أيضا سيطرة سوق المال الأمريكي على مقدرات الشعوب الأخرى لقد اصبح مركز ( نيويورك ) هو همزة الوصل في الحراك النقدي العالمي لا يتحرك درهم واحد للخارج الا عبر بوابة ( نيويورك ) ..

 أصبحت السياسة النقدية حول العالم في قبضة أمريكا .. و ما الخلاص للهيمنة الأمريكية التي بدلت الاستعمار القديم باستعمار جديد ..بل انه أشرس من الاستعمار القديم لأنه يعرض ملايين الناس الى الفقر و المرض .. ويمس قوت الشعوب و أنتشار المجاعات الغير مسبوقة و الهجرة المتزايدة نحو الدول الأكثر نموا و بناء الأسوار كما يحدث ما بين أمريكا و المكسيك ووقوف عجلة التنمية لشعوبها ..فهل هناك إمكانية للتخلص من هذ الكابوس الذى جثم على صدور الشعوب ..و هل علماء هذه الشعوب قادرون على خلاص شعوبها من هذه الهيمنة الرهيبة .. أن شعوب العالم الثالث قادمة على مجاعة رهيبة و تخلف مميت بسبب هيمنة أمريكا على مقدرات الشعوب ..

 الخلاص الحقيقي للدول النامية هو البحث عن كسر الطوق الأمريكي الذى يلتف على رقاب الشعوب .. لا حرية و لا تقدم في ظل الطوق الأمريكي .. أن تعويم الدولار و الربط النقدي في ( نيويورك ) .. هما العاملان الرئيسان في تدهور حياة الشعوب .. أن الاستعمار الجديد هو هيمنة العامل المالي ..فالسياسة المالية هي التي هيمنة على الشعوب .. أن الاقتصاد العالمي أصبح اقتصاد النقد ..فلم يعد أنتاج السلع هو العملة الممكنة للتجارة العالمية .. بل السوق المالي .. فالخطر الذى يواجه العالم الثالث هو تمدد السوق المالي و ليس تجارة السلع .. 

لنبصرمايحدث اليوم في ( ايران ) وفى( سوريا ) و ما حدث من قبل في كثير من بلدان العالم الثالث ..لقد أستبدل الاستعمار القديم باستعمار جديد كان أكثر وطأة على شعوب العالم الثالث من ذي قبل؟؟..  

الآراء المنشورة ةملزمة للكاتب و لا تعبر عن سياسة البوابة